أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - سليمان جبران:على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربيّة، مجمع اللغة العربيّة، حيفا 2009














المزيد.....


سليمان جبران:على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربيّة، مجمع اللغة العربيّة، حيفا 2009


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 4601 - 2014 / 10 / 12 - 18:23
المحور: الادب والفن
    


سليمان جبران:على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربيّة، مجمع اللغة العربيّة، حيفا 2009.

(عوامل التجديد وهواة التقييد ص.95 – 97.)
سألني معلّم صديق، يعمل في ترجمة الموادّ التعليميّة من العبريّة إلى العربيّة : " كيف تطوّرت اللغة العبريّة، في مدّة قصيرة نسبيّا، من "لغة ميّتة" إلى لغة عصريّة تماما، بينما تعرج لغتنا وراء الحضارة المعاصرة بصعوبة؟ أترجم من العبريّة إلى العربيّة فأجد عشرات بل مئات من المصطلحات الحديثة وجدوا لها البديل العبري حتى شاع على الألسنة، بينما يصعب وأحيانا يتعذّر عليّ إيجاد البديل العربي المناسب، رغم استعانتي بكلّ القواميس المتاحة؟".
الواقع أنّ العبريّة أيضا تعاني كثيرا في لحاقها بالثورة الفكريّة والتكنولوجيّة المعاصرة، وغالبا ما يثور الجدل هناك أيضا بين المجدّدين والمحافظين، بين من يتبنّى المصطلح الأجنبي، على علاته، ومن يحاول الحفاظ على العبريّة و"نقائها" دون هوادة. وفي كلّ يوم تظهر فيه مصطلحات جديدة في اللغات الأوربيّة، يحاولون ابتكار بدائل لها أو تبنّيها بعد "تعبيرها" ! مع ذلك، علينا الاعتراف أنّ العبريّة تطوّرت فعلا أكثر من العربيّة، في المئة سنة الأخيرة، كما ذكر الصديق.
الدليل على ذلك أنّ الترجمة من اللّغات الأجنبيّة، الإنجليزيّة مثلا، إلى العبريّة أسهل بكثير من الترجمة إلى العربيّة، سواء من حيث المصطلحات، أو مباني الجمل أيضا. لا مناص أمامنا من الاعتراف بهذه الواقعة إذا توخّينا الصدق والموضوعيّة، دونما التفات إلى المباهاة الجوفاء بلغتنا، والمدائح المغالية فيها، كأنّما هي "أمّ اللغات" وأجملها. بل لعلّ في هذه المفاخرات الفارغة بالذات ما يوهم كثيرين بأنّ العربيّة بألف خير، لا حاجة إلى تطويرها وتجديدها في هذا العصر العاصف. يعترف بتطوّر العبريّة السريع هذا بعض الباحثين في البلاد العربيّة أيضا، راجين في قرارة نفوسهم، ربّما، لو استطاعت العربيّة أيضا قطع هذا الشوط الباهر على طريق التطوّر ومجاراة العصر: "ما يلفت النظر في التجربة اليهوديّة السرعة المذهلة في تنفيذها وفاعليّتها وشمولها بدرجة جعلت هذه اللغة شبه الميّتة – في وقت قصير لا يزيد على مائة عام – هي لغة الحياة ووسيلة الاتّصال داخل الدولة الحديثة، ووافية بالمراد لكلّ الأفراد من كلّ الجنسيّات ولجميع الأغراض، سواء كانت اجتماعيّة أو تقنيّة في مجتمع متقدّم" [أحمد مختار عمر، أزمة اللغة العربيّة المعاصرة، قضايا فكريّة، القاهرة، 17 – 18، ص. 66] .
السبب الأوّل في تطوّر العبريّة السريع، وهو ليس الأهمّ بالضرورة، أنّ العبريّة أكثر طواعية من العربيّة. فالعبريّة "تخلّصت" منذ عهد بعيد من حركة الآخر وعلامات الإعراب الأخرى، كما حدث في لغتنا المحكيّة. وعلامات الإعراب، كما لا يخفى على كلّ مهتمّ باللغة، عبء وأيّ عبء، على الكاتب والقارئ والمترجم. ثمّ إنّ نحو العبريّة الحديثة سهل طيّع، تكاد تصوغ الجملة فيه كما ترغب، دونما خوف من الوقوع في "المحظور"، أو الخروج على المألوف. هنا أيضا يمكن مقارنة نحو العبريّة الحديثة بنحو لغتنا المحكيّة في سهولته وطواعيته، بحيث يستوعب كلّ مبنى للجملة يخطر في البال تقريبا. أمّا نحو لغتنا المعياريّة فقد بقي صارما عسيرا، تحكمه القواعد التي وضعها سيبويه وأقرانه منذ مئات السنين، فيما عدا تغييرات طفيفة أملتها الحياة المعاصرة، ويعتبرها "الغيورون" خروجا على اللغة طبعا! هل هناك لغة حديثة يحكمها نحو وضعوه قبل أكثر من ألف وأربع مئة سنة، ولم يؤلًّف فيها بعد نحو حديث يتناول ضبط الكلمة الحديثة؟ كيف يمكن للغتنا أن تخضع لأحكام سيبويه والكسائي، في القرن الواحد والعشرين؟!
السبب الثاني، وهو الأهمّ في نظرنا، هو سبب إنسانيّ. فالقائمون على اللغة العبريّة، والفكر عامّة، في إسرائيل يتّصلون بالغرب واللغات والثقافات الأجنبيّة اتّصالا مباشرا، ونقل الحضارة الغربيّة، من تكنولوجيا وثقافات وآداب، يكاد يتزامن مع نشوء هذه الحضارة في مجتمعاتها الأصليّة هناك. ثمّ إنّ المجتمع الإسرائيلي مجتمع ضيّق، محكوم إلى حدّ بعيد بوسائل الاتّصال على اختلاف أنواعها، بحيث يسهل تماما نقل المستحدثات في اللغة وترويجها بين الناس على اختلاف طبقاتهم، لتصل بسرعة إلى رجل الشارع أيضا. وفي إسرائيل أخيرا تعمل أكاديميّة اللغة العبريّة بجدّ، وصوتها مسموع تأخذ به معظم المؤسّسات التعليميّة والثقافيّة والاتّصاليّة، رغم أنّ توصياتها غير ملزمة طبعا.
أمّا لغتنا العربيّة فيختلف وضعها تماما عمّا وصفناه آنفا: عالم مترامي الأطراف، دول كثيرة مستقلّة وعدد هائل من السكّان، ومؤسّسات وإذاعات وفضائيّات وصحف لا تعدّ فعلا، ومجامع لغويّة، بدل مجمع واحد مشترك، لا تكاد تعمل، وإذا عملت فلا تكاد تُسمع. لذا فإنّ اللغة العربيّة لا تتطوّر بمساعدة المؤسّسات والهيئات، بل يمكن القول إنّها تتطوّر رغم المؤسّسات ورغم "الغيورين" الذين يعترضون على كلّ تجديد في المعجم أو النحو، كما لو كان التجديد عملا منكرا، متذرّعين دائما بأنّ هذا اللفظ أو هذا المبنى لم يردا في المعاجم والمراجع الكلاسيكيّة. كأنّما التجديد يمكن أن يرد في المعاجم وكتب اللغة الكلاسيكيّة، ويظلّ تجديدا أيضا!
لغتنا العربيّة تتطوّر رغم كلّ المعوّقات والمعوّقين، لأنّ التطوّر سنّة الحياة، إلا أنّ تطوّرها بسبب العوامل المذكورة يظلّ تطوّرا بطيئا، تحكمه الفوضى في أحيان كثيرة، وهو أمر يؤسف له حقّا!!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مات وعينه على سحماتا
- كيف تقول كلّ شيء يا أبو مازن
- يا أصحاب العربيّة، كونوا على حذر!
- سليمان جبران: كيف نترجم מ-;-ת-;-ח-;-ם ...
- لائحة الدفاع!
- أحمد فؤاد نجم و شعر المحكيّة
- كيف نقول Traffic Jam او פ-;-ק-;-ק-;- بالعر ...
- ...علمتَ شيئا وغابت عنك أشياءُ!
- حكاية الفيل والنملة
- الطريقة الأكيدة للقضاء على غزة العنيدة
- الأستاز!
- أشهر من الحمص؟!
- اسمعوا الحكيم!
- فإن تهدموا بالغدر داري..
- سليمان جبران: إنّا نغرق.. إنّا نغرقِ!!
- -بعيد استقلال بلادي-!
- -لحن الخلود المقدس- في غنى عن التغيير والتطوير!
- عناصر كلاسيكية في شعر المهجر*
- الصمت رصاص!
- -شبه نظريّة- للإيقاع وتطوّره في الشعر العربي


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليمان جبران - سليمان جبران:على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربيّة، مجمع اللغة العربيّة، حيفا 2009