أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - عزازيل : صراع الكنائس حول طبيعة المسيح؟















المزيد.....

عزازيل : صراع الكنائس حول طبيعة المسيح؟


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 4601 - 2014 / 10 / 12 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


عزازيل : صراع الكنائس حول طبيعة المسيح وتمرد الجسد على قيود الشريعة !
* البطش والسحل لإعلاء مذهب على آخر .
* زيدان يعتمد بناء " اسم الوردة " لتأليف روايته
محمود شاهين
بين يدي الطبعة الثانية والعشرون من رواية عزازيل وهي صادرة عام 2011،ولا شك أنها قد تكون الرواية الوحيدة في الأدب العربي التي نالت هذا القدر من إعادة الطبع .
تدور أحداث الرواية في مصروسورية وفلسطين أوائل القرن الخامس الميلادي ، مع بداية تأجج الصراعات بين المذاهب المسيحية الناشئة حول طبيعة المسيح ، فهل هو الله أم ابن الله أم تجل لله في إنسان ، أو أحد أضلاع الأقنوم التي تشكل الألوهة : الآب والإبن والروح القدس . فثمة من كان يرى أن مريم العذراء هي أم للمسيح وليست أما لله ، فالله لا أم له ولا أب ولا ولد أيضا ، رافضا أن يكون الله أحد ثلاثة أو أنه يتشكل من أقنوم ثلاثي ! وقد ظل هذا الصراع محتدما لأكثر من ألف عام بعد ذلك إلى أن أودى بحياة الملايين من البشر ، ولم يتوقف إلا بعزل الدين عن الدولة في أوروبا .
كما تتناول الرواية صنوف الإضهاد والقتل الذي تعرض له أتباع العبادات الأخرى من وثنية ويهودية على أيدي المسيحيين الأوائل . ففي خمس صفحات يصف يوسف زيدان ببراعة مشهد سحل وحرق عالمة الرياضيات والفلسفة في الإسكندرية هيباتيا . ومما جاء فيه :
" .. وجروا هيباتيا بعدما صارت قطعة، بل قطعا ، من اللحم الأحمر المهترىء،عند بوابة المعبد المهجور الذي بطرف الحي الملكي البرخيون . ألقوها فوق كومة كبيرة من قطع الخشب ، وبعدما صارت جثة هامدة .. ثم .. أشعلوا النار .. علا اللهب وتطاير الشرر،وسكتت صرخات هيباتيا ، بعدما بلغ نحيبها من فرط الألم عنان السماء .. " (ص 159)
المحور الثالث الذي تتناوله الرواية هو مكابدات الجسد في مواجهة قيود الشريعة
التي تحد من الجنس بل وتصب جام غضبها على المرأة وتنشد الإبتعاد عنها والدخول " في الرهبنة حيث الطهر والصفاء وهجران للدنيا الفانية ، ومن أهم علاماتها العزوف عن النساء " جاء في الرواية عن يسوع المسيح :
" من استطاع أن يحتمل عدم الزواج فليحتمل !" وقول بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثه " حسن للرجل أن لا يمس امرأة " ( ص 221)
واضح أن زيدان يطرح أسئلة جوهرية حول هذه المفاهيم الدينية ،متسائلا عن مبررات كل هذا الكره للمرأة ، ومخالفة طبيعة الخلق في ممارسة الجنس
والتكاثر. خيار الكبت هذا لا يصمد أمامه بطل الرواية الراهب الشاب هيبا ، في أول فرصة في حياته لممارسة الحب مع اوكتافيا :
" كانت طريقتها أن أريح خدي الأيمن على نهدها الأيسر ، حتى يلتصق شق وجهي بنعومة صدرها الممتلىء..لم أشعر قربها بخطر الخطية ، وإنما شعرت بأنني أغوص فيها وأنسى ما عداها " ( ص 82)
ولم تكن الفرصة الثانية مع الشابة مرتا إلا امعانا في اقتراف متعة الخطيئة مع فتاة
كان هيبا يراها أجمل فتاة في الدنيا :
: " لمست صدرها بباطن كفي، عصرت بيديها يدي ، فعصرت ما تحتهما . لحظتها ،اندفقت أنهاري الكامنة كمثل شلال آت من أزمنة سحيقة ليروي أرضا تشققت جفافا عشرين عاما .. ارتجفت مرتا تلك الرجفة التي عاينتها قبل عشرين عاما في قبو النبيذ .. " ( ص 310)
ولم يتوقف الأمر على اقتراف هيبا للخطيئة .. فقد صادف في إحدى رحلاته شابا اعترف له بفظائع لا يمكن تصديقها . فقد مارس الشاب الجنس مع الماعز ومع أمه ومع أخته ، وقد حملت أخته منه .. هرب هيبا من الشاب الذي راح يلاحقه باعترافاته المخيفة ، ظانا أنه عزازيل ( الشيطان ) وقد حضر له في شخص الشاب .( 257- 258 )
يحضرني هنا كازنتزاكي في مذكراته ، حيث أمضى عمره في البحث عمن رأى الله ، إلى أن عثر في دير على راهب اعترف له أنه رأى الله يقف فوق سريره في صبيحة اليوم الذي مارس فيه الزنى مع امرأة فلاحة . فالتواصل مع الله يتم عبر ما يعتبر خطيئة في نظر الكنيسة !!
الشيطان ( عزازيل ) الذي حملت الرواية اسمه والذي يظهر كبطل في أعمال أدبية كثيرة كفاوست وغيرها وخاصة النصوص الدينية ، يقدمه زيدان في روايته كصنو لشخصية هيبا لا ينفصل عنها فهو جزء من دخيلته الباطنية . وكثيرا ما يتحاور معه أو يقطع تأملاته .
تطرح الرواية أسئلة فلسفية ووجودية عميقة عبر تأملات وحوارات مختلفة ، تستند إلى ثقافة زيدان الثرية .
تنتهي الرواية بأن يترك هيبا الرهبنة ويعود إلى حريته ليعيش الحياة بجمالها :
" ولسوف أدفن معه ( المخطوط ) خوفي الموروث وأوهامي القديمة كلها ، ثم أرحل مع شروق الشمس حرا " ( ص 368)
*البناء الفني في الرواية :
لا شك أن يوسف زيدان يحمل ثقافة تاريخية غنية كما أسلفنا فهو باحث بالدرجة الأولى في تاريخ الأديان والعقائد والأساطير وكان دخوله إلى عالم الرواية متأخرا نسبيا ، وربما شعر آنه في حاجة إلى ثقافة في فن الروي ، تمكنه من تأليف خطاب روائي متين ، وربما فكر في ما حوته ذاكرته من أساليب وفنون الروي ، وربما بحث ، إلى أن وجد أن أسلوب " أمبرتو ايكو " في "اسم الوردة " هو الأفضل لديه ، فاتبعه . اتبعه إلى حد تقصي خطواته في بعض الفصول . فقد اختار أن يستند إلى ترجمة مخطوط قديم كما عند إيكو..
تتبع الأسلوبين في الكتابين يحتاج إلى دراسة خاصة لمعرفة كيف أفاد زيدان من نص إيكو. لكن في الإمكان إيراد الملاحظات التالية .
البطلان في الروايتين راهبان شابان مع بعض الإختلافات في عملهما . ولكل منهما أستاذ أو عالم قدوة .
الراهبان دونا الوقائع التي عاشاها حول صراعات المذاهب الكنسية . الراهبان بدءا نصيهما بالتطرق إلى المخطوطين الأصل . الراهبان مارسا خطيئة الزنى . الراهبان انتهيا إلى الحرية ،وإن كانت حرية آدسو ذهاب في المطلق " وستنسى ( روح آدسو ) كل الفوارق . سأكون في الآس المجرد وفي الصحراء الصامتة ، التي لم ير فيها أبدا اختلاف وفي الجوهر الذي لا يجد فيه أحد نفسه في مكانه ، سأسقط في الألوهية الصامتة واللامسكونة ،حيث لا عمل ولا صورة " ( ص 538 )
المؤلفان قدما نفسيهما كمترجمين للنصين . المؤلفان يحملان فكرا فلسفيا وإن كان الفكرالذي يحمله آدسو أشمل وأعمق ولا يخلو من غموض أحيانا .. المؤلفان أرادا إدانة التاريخ الذي يكتبان عنه ، من أجل ما هو أفضل .
وسأتطرق إلى البداية عند الكاتبين :
يمهد إيكو للشروع في روايته بنص ديني :
" في البدء كان الكلمة ،والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله .. " (ص 29)
ويبدأ زيدان تدوينه بابتهال ديني :
" الرحمة يا إلهي الرحمة والعفو يا أبانا الذي في السموات .. " ( ص 13 )
يسعى إيكو للتقرب إلى الله من تدوينه :
" أنتظر أن أغيب في فضاء الألوهية اللامتناهي والصامت لأتحول إلى نور يستمد
نوره من الملائكة " ( 29 )
ويسعى زيدان للتقرب إلى الله كذلك :
" وكنت أنوي أن أدون فيها ابتهالاتي التي تقربني إليك " ( 13 )
وبتتبع النصين يمكن اكتشاف التشابه في التناول مع اختلاف اللغة والوقائع ، فلغة النص تبدو أحيانا عند زيدان أقوى وأقرب إلى النفس من لغة الترجمة إلى العربية في نص ايكو. الذي لا شك هو نص كبير ،ويحوي فصولا غاية في الدهشة والإمتاع ،وقد يكون لنا معه وقفه في مقالة لاحقة .
م. ش.



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا فعلت بعلاء الأسواني في نادي السيارات ؟!
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (12)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (11)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (10)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (9)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (7)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (8)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (6)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (4)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (5)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (3)
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (2)
- النبي محمد لم يكن أميا !
- شاهينيات :في الخلق والخالق والمعرفة (1)
- اسلامان أم إسلام بلا حدود ؟ أي اسلام يريد المسلمون ؟
- الإنسان من أين وإلى أين ؟! (4) من(4)
- الإنسان من أين وإلى أين ؟! (3)
- الإنسان من أين وإلى أين ؟! (2)
- الإنسان من أين وإلى أين ؟! (1)
- أيوب التوراتي وفاوست جوته ( دراسة مقارنة ) (14)


المزيد.....




- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - عزازيل : صراع الكنائس حول طبيعة المسيح؟