|
النموذج الصراعي والنموذج المقاوم في الشخصية المسرحية
أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 4601 - 2014 / 10 / 12 - 01:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الشخصية المسرحية والفعل الدرامي بين النموذج الصراعي والنموذج المقاوم دأبو الحسن سلام من المعارف المسرحية المستقرة أن الشخصية الدرامية لابد أن تكون شخصية صراعية في تكوينها الثقافي وفي فكرها وفي فعلها (سلوكها) محمولا على علاقاتها وعلى دوافعها . وقد يتخذ صراعها منحي التحويل التوتري على النحو الذي حدده فرويد بما أطلق عليه ( النموذج الصراعي) قي نظريته " حيث يرى السلوك على أنه نتاج لسلسلة متتابعة من الصراعات " وفي المسرحية الشكسبيرية الشهيرة ( عطيل) للشاعر المسرحي الإنجليزي الشهير " وليم شكسبير " نموذج للصراع يختلف عن النموذج الصراعي الذي حدده فرويد الذي يرى فيه فرويد إنه عندما " يستثار حافز ما فإن ذلك ينتج عنه توتر في نظام الشخصية ، حيث أن الفرد حينئذ يعمل على إشباع هذا الحافز بطريقة ما حتى يقضي على هذا التوتر . "ومع تكرار ذلك التوتر فإن نشاط تلك الحوافز ينتج عنه صراع بين الدوافع الداخلية والدوافع الاجتماعية " فعطليل تموذج صراعي ثلاثي الأبعاد فهو في حالة غرامه الملتهب بديدمونة تلك الفتاة البيضاء إبنة عضو مجلس الشيوخ بإمارة البندقية يتشكل في هيئة الـ (هو) العاشقة لـ ( هوالآخر / ديدمونة) وهو مع نفسه يعيش حالة الـ (أنا / المكانة الاجتماعية والسياسية) بوصفه القائد العسكري لجيش البلاد وصاحب الانتصارات الحرؤبية على أعداء البندقية ، هو الذي أحبته (ديدمونة) أجمل فتيات الإمارة وأكثرهن غنى وعراقة ؛ هو الذي اختارته هي ؛ دون غيره زوجا ، وبدون علم أبيها حتى أنها هربت معه من قصر أبيها ليلا وتزوجته سرا . وهذا الاختيار والتمييز على الرجال البيض من بني جلدنها ؛ وكان اختيارها له دون غيره وهو الأسود العنيف أخذ ينقر في رأس الأنا الأعلى عنده ؛ منذ أن تزوجته ؛ ما بين وقت وآخر ؛ خاصة في كل مرة تصطدم فيها كل من الـ (أنا) العرقية ؛ خاصته – عندما يفكر في كونه مغربي الأصول ، أسود اللون ، فيقارن ما بين : الـ (أنا) المغربية ، والـ (هو) لديدمونة ؛ على إثر مثير خارجي من (ياجو) – المحرك الدرامي للصراع في الحدث المسرحي - هنا تقفز الغيرة من تلك الـ (أنا الأعلى) فيتحول إلى كائن بدائي يشتعل بالغيرة التي تحرق في لحظة وبشكل فجائي كل من الـ (أنا ) الرومنسية، والـ (هو) بداخله ، ويظهر ( أناه العليا ) قناعا يواجه به كل ما تمثله ديدمونة بالنسبة له الـ ( هو/ الأنثي /المحبوبة) ، والـ (هو/الزوجة) فلا يرى منها سوى الـ (الأنا/ الأنثى/ البيضاء ، الاختيار الخطأ ) ، وعبثا يخرج من الأنا الأعلى / العرقية تلك إلا بعد حالة صراع نفسي عنيف ؛ ما يلبث أن يعود إليها ؛ بإثارة جديدة من (ياجو/ ياوره السابق المعزول) الذي ينقم عليه بسبب عزله له وتعيين (كاسيو/ أحد المحاسبين ياورا بديلا خنه ) فضلا على شك ( ياجو ) نفسه ، أن ثمة علاقة جنسية بين قائده المغربي (عطيل) وزوجة ياجو ( إميليا) : فكان بثه روح الشك في نفس عطيل نحو إمرأته ديدمونة سبيله للإنتقام منه ؛ وهذا الشك كان المثير الذي يحول الأنا عند عطيل عن ال " هو" الخاصة به نحو انفراد الأنا الأعلى عنده بالفعل العرقي ؛ لتلك الأنا العليا القبيلية × بحيث لا ترى من حبيبته /زوجته الأنا التي أحبها فيها ، ولا ترى فيها الـ (هو / نموذج التبل الطبقي والعرقي) بل ترى فيها (الأنا الأنثى البيضاء) الأنا الاختيار الخطأ ، الأنا الإستثناء ، لأن الأصل أن تتوحد الأنا /البيضاء مع الأنا الذكر الأبيض ، فالـ :"هو" الطبقية العرقية عند ديدمونة كسرت القاعدة بهروبها معه والزواج به من وراء ظهر أبيها ؛ وتلك سقطة أوصلتها إليها رغبة دفينة في لاوعيها بالخيانة ، وجدت متنفسا في معشرة قرين من جنسها (كاسيو) تصديقا لمثير خارجي _ بذرة الشك التي بذرها في نفسه ياجو – وقد توافقت نع رغبة مكبوتة في لاوعيه الطفولي – فغيرت سلوكه نحو ديدمونه من حبيبة إلى أنثى خائنة . تحن إذن بإزاء نموذجين صراعيين The conflict Model عطيل الأنا – الـ"هو" الأنا الأعلى في مواجهة مثير تشكيك ياجو (الأنا – الـ " هو" : الصفة الوظيفية المنزوعة عنه ) تشكيكه في إخلاص زوحته ديدمونة له ، بحيث تمكن من تغيير سلوك الأنا عطيل ، والـ " هو" عطيل ، ليتصدر الأنا العليا العرقية عطيل المعربي القبلي قناعا في مواجهة الأنا ديدمونة الأنثقى البيضاء الاختيار الخاطئ الاستثنائي عن سوء نية مبيتة تنفيسا عن رغبة مكبوتة منذ الطفولة في الخيانة – وذلك تفسير الأنا العليا (العرقية) عنده ، الأمر الذي دفعه إلى قتلها ردا لشرفه ، بعد أن ظهر له دليل هو ( منديل أمه ) الذي سبق وأهداه لديدمونة ؛ فوجده مع (كاسيو) البرئ ، الذي لم يكن يعلم أن ياجو قد دسه في جيب سترته ، بعد أن سرقه من وراء إميليا زوجته وثيفة ديدمونة . تتحول الأنا العرقية العليا لعطيل إلى الأنا عطيل بعد أن عرف بحقيقة خطيئة قتله لزوجه وحبيبته البريئة الوفية المخلصة من إمليا وصيفتها ، لكن بعد فوات الأوان ، بعد أن أزهق روحها خنقا ، وهنا تنتفض الأنا العليا ( الضمير) عنده فيطعن نفسه بسيفه ، تطهيرا لروحه التي ارتكبت ذنبا لا يعتفر نتيجة مثير خارجي باعثه الحقد تاذي أصاب الأنا العليا لعطيل بحالة ارتباك متكررة ؛ نتيجة لتكرار المثير المربك (الشكوك التي يبذرها الشرير ياجو ردا على عزل عطيل له من وظيفته ياورا للقائد الأعلى لحيش البندقية / فينيس ، من ناحية ، وشكه في أن عطيل قد وطأ زوجته إميليا. ومن الأمثلة الأخرى للنموذج الصراعي في الميرح ، شخصية العروس في مسرحية (لوركا) : ( عرس الدم) فالعروس تسلك مسلكا مرتبكا في ليلة عرسها ، نتيجة إثارة حبيبها السابق ( ليوناردو) الذي هجرها وتزوج بإبنة عمها وأنجب منها ، فلما خطبت لشاب من قبيلة لها ثأر عند قبيلته قبيلة فيلكس ، حام بحصانه ليلة بعد الأخرى حول بيت العروس الواقع في أحضان الجبل منعزلا عن العمران في القرية ؛ موهما إياها بأن أشواق حبه القديم لها باتت تعاوده وتدفعه دفعا لمعاودة الإرتباط بها . وهذا الارتباك يحرك رغبة مكبوتة لديها في الهروب نحو حضن حبها الأول تعويضا عن إحساس الأنا الأعلى عندها بالفقد ، خاصة وأنها فقدت أمها ، التي سبق وأن هربت من بيت زوحها (أبيها) إلى غير رجعة ، وهب حالة الفقد نفسها التي شعرت بها ديدمونة الفاقدة لأمها ، والتي كانت تعيش وحيدة مع أبيها الكونت ، تماما مثلما تعيش العروس وحيدة مع أبيها منعزلة . فحالة هروب الأنا متقنعة بقناع الأنا العليا (الأنا المكبوتة رغبتها في اللاوعي) عند كل من الأنا ديدمونة والأنا ( العروس) من الـ "هو" ابنة الكونت في ( عطيل) والـ "هو" ( العروس ) في ( عرس الدم) الأمر الذي ينتهي بمقتل كل من المرأتين ؛ الأولى قتلا ماديا حقيقيا والثانية قتلا معنويا بعد قتل كل من الحبيب القديم والخطيب كل منهما بيد الآخر . هكذا مع أنهما بريئتان ، فلا ديدمونة خانت زوجها ، ولا كان هروب العروس هروبا حقيقيا ، بل هو حالة هروب جزئي لأنا العليا (اللاواعية من الـ "هو" العروس ، لبعض الوقت خارج البيت للترويح أو للتأمل المتروى لما ستقدم عليه في حياتها الزوجية . لقد مرت الشخصيتان fسلسلة متعاقبة من حلقات الصراع ، انتهت بالأولى إلى موقف الدفاع عن نفسها ، دفاعا عن نقائها وطهارتها عبثا أمام ارتباك الأنا العليا /البدائية لزوجها
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفاعل السينوغرافي في فن التمثيل
-
نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة -
-
هوية التعبير
-
التعبير الحركي وإنتاج الدلالة
-
مدخل لورشة كتابة مسرحية
-
رجل من طينتنا
-
الطاقة النغمية لألحان سيد درويش وعلاقتها بالطاقة التعبيرية ل
...
-
حيوات النص في مفترق القراءات النقدية
-
عم صباحا .. عم مساء
-
الدائرة المغلقة بين قضاء الدولة المدنية وسدنة الافتاء الديني
...
-
صورة المرأة بين الروعة والتشويه - مسرح صلاح عبد الصبور -
-
تربية الإرهاب في المسرح
-
جماليات الأداء بين التمثيل والغناء
-
مباهج الفرجة والتوظيف الخيالي بين قراءة النص المسرحي وعرضه
-
فن الأداء التمثيلي بين الدرامية والخطاب المباشر
-
مباهج الفرجة والتوظيف الخيالي - زنوبيا في موكب الفينيق -
-
دلالة الإيماءة في دراما الرقص التعبيري الآسيوي
-
الفن والإنسان بين التمدن والسلفنه
-
ثنائية المقدس والمدنس في فن المسرح من أفلاطون إلى بريخت
-
في مناهج التمثيل
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|