|
الاستنساخ
سمير إبراهيم خليل حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1294 - 2005 / 8 / 22 - 06:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإهداۤء
إلى زوجتىۤ إيمان. ٱلإنسانة ٱلّتى تفيض بٱلصدق وٱلإحسان وٱلأمل وٱلمحبة. وٱلتى تدفع إلى ٱلقيام وٱلعزم وٱلانطلاق إلى ٱلأمام بحثًا عن ٱلحقِّ فى ٱلحياة ٱلخيّرة ٱلمتجددة دائمًا. وإلىۤ أولادى زياد وزاريا وعماد وزين وجاد. أسأل ٱللَّه ٱلهداية لكم إلىۤ سبيل ٱلإيمان ٱلحقّ ٱلمتطهر من ٱلوهم. وأن تكونوا نسبًا وصهرًا صالحين.
سمير إبراهيم حسن
كلمة أولى
إن ٱلمأرب من ٱلبحث هو ٱلدعوة إلى سبيل ٱللَّه. وسبيل ٱللّه هو ٱلممرّ ٱلذى يخلو من ٱلعسرات وٱلتضييق. وسبيل ٱللّه يبينه لنا ٱلبلاغ "لا ٱلإكراه فى ٱلدين". فٱلناس أحرار فى مواقفهم لهم أن يومنون بٱللّه ولهم أن يكفروا من دون عدوان. وٱلحرية مسئولية كما يرى جان بول سارتر وفى ٱلحرية تجد ٱلنفس طهارتها من أفعال ٱلوحش. وإنّ ٱلدعوة إلى سبيل ٱللَّه هى دعوة لحرية ٱلناس فلاۤ إكراه فى ٱلدين. وما هىۤ إلا تحريض كما يبين ٱلأمر ٱلإلٰهى: "فقـٰتِل فى سبيلِ ٱللَّهِ لا تُكَلَّفُ إلاّ نَفسَكَ وَحَرِّضِ ٱلمؤمنينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بأسَ ٱلَّذين كفرواْ وٱللَّهُ أَشَدُّ بأسًا وأَشدُّ تنكيلاً" 84 ٱلنساء. ٱلمؤمن ٱلحقّ يكلِّفُ نفسهُ وهو لا يكلِّفُ غيره. لأنّ فى تكليف ٱلغير إكراه.
مدخل إلى ٱلبحث
ٱلاستنساخ ٱلبشرى وٱلهندسة ٱلجينية يتقاسمان ٱليوم ٱلصدارة فى بحوث ٱلعلم. وكل منهما من أعمق وأصعب ٱلبحوث ٱلعلمية ٱلتى توصل إليها وعمل عليها ٱلإنسان فى مسيرته ٱلمعلوماتية ٱلتى بدأت مع ٱلإنسان ٱلأول وما زالت تتطور وتزداد حتى يومنا هٰذا. لقد ثار جدل كبير حول ٱلاستنساخ ٱلبشرى. ونُشرت بيانات تستنكر مثل هٰذا ٱلتوجه فى ٱلعلم وتطالب بمنعه. ومن ٱلمستنكرين رجال دين وسياسيون ومنهم رئيس ٱلولايات ٱلمتحدة ٱلأمريكية وليم جفرسون كلينتون. فى أواخر عام 1998 قام علمآء من كوريا ٱلجنوبية بإجرآء تجربة على ٱستنساخ بشر. وبعد ٱنقسام ٱلنسخة إلىۤ أربعة خلاياۤ أوقفوا ٱلتجربة. بٱنتظار ٱلموافقات ٱلدينية وٱلتشريعية (ٱلقانونية). لقد قال رجال ٱلدين كلمتهم وطالبوا بمنع هذا ٱلعلم. وتأسست فى بريطانيا جمعيـة طبية إسلامية لمكافحة ٱلاستنساخ. وأَزرهم رئيس أكبر دولة علمية فى ٱلأرض. فمن أين ستكون ٱلموافقات ٱلدينية وٱلقانونية ٱلتى ينتظرها علماۤء ٱلاستنساخ ؟ ولخطورة هذه ٱلمسألة وجدت نفسىۤ أنظر فى كتاب ٱللَّه (ٱلقرءان). ومأربى هو فى معرفة حدود ٱلعلم بٱلنسبة للإنسان. وقد أوقفنى ٱلأمر: "قُل سيرواْ فِى ٱلأرضِ فٱنظُرُواْ كيفَ بدأَ ٱلخَلقَ ثمَّ ٱللَّه يُنشِئُ ٱلنَّشأَةَ ٱلأخِِرةَ إنَّ ٱللَّه على كل شىءٍ قدير"20 ٱلعنكبوت. وفيه وجدت مسألتين. ٱلأولى أمر بٱلبحث ٱلعلمى. نوصل به إلى معرفة ٱلسّنّة ٱلتى بدأ ٱلخلق تسويته بها. وقد وجدت بلاغًا يبين حتمية معرفتنا بهذه ٱلسنّة: "ولقد علمتم ٱلنَّشأَة ٱلأولى فلولا تذكّرون" 62 ٱلواقعة. لقد جاۤء فى ٱلبلاغ أن علمنا بٱلمسألة محتوم "لقد علمتم" وهو قول يظهر توكيد ٱنتهآء علمنا بها بدليل ٱلفعل ٱلماضى. وٱلمسألة ٱلثانية هىۤ إعلامناۤ أن ٱلنشأة ٱلأخرة لا يدخل ٱلعلم بسنّتها فى دآئرة قوتنا ٱلعلمية. وأن ٱلعلم بٱلنشأة الأخرة هو من علم ٱللَّه وحده. ٱلاستنساخ ٱلبشرى هو علم فى وسيلة للتناسل من موقع تطور محدد من دون ٱعتماد على ٱلاتصال بين ذكر وأنثى. وهذا ٱلعلم يدخل فى داۤئرة ٱلأمر "فٱنظروا كيف بدأ ٱلخلق" ولا يخرج عنه. وهذا ٱلعلم لا يزال بعيدًا عن كمال ٱلطلب ٱلسآئل "كيف بدأ ٱلخلق". فإذا كان ٱلأمر ٱلإلٰهى للإنسان يطلب منه ٱلسير وٱلنظر وٱلوصول إلى ٱلعلم بكيف بدأ ٱلخلق. وإنّ فى ٱستنساخ ٱلبشر وغيره من ٱلكآئنات ٱلحية سبيله إلى هذا ٱلعلم. فلماذا يعارض رجال ٱلدين هذا ٱلأمر كلما وصل ٱلإنسان إلى منعطف علمى جديد يسوق إلى تحقق هذا ٱلطلب ؟ !! وما هو سندهم فى ٱلمعارضة وٱلاستنكار؟ فى كتاب ٱللَّه ٱلقرءان مسألتان رئيستان. ٱلأولى بلاغ لنا عن بداية ونهاية ٱلكون وعن خلقنا وخلق كل ألوان ٱلحىّ وٱلميت وتسويتها. وٱلثانية هىۤ أوامره لنا ومنها ٱلأمر بٱلسير وٱلنظر وٱلعلم كيف بدأ ٱلخلق. ويبين لنا كتاب ٱللَّه أنناۤ أحرار فى طاعة الأوامر وفى ٱلفسق عليها "لاۤ إكراه فى ٱلدين". وإنّ طاعتنا تمثل ركوعا وعبادة للَّه. كماۤ أنّ إهمالنا وتركنا لها هو فسق وعبادة لأهواۤئنا. ولكل من ٱلموقفين ما يقابله من مكافأة أو عقاب عند ٱللّه يوم ٱلحساب. وإن فهمنا للمسألة ٱلأولى إذا ٱقترن بتصديق ٱلنبـإِ بفعل ٱلعقل بينه وبين أعمالنا ٱلعلمية يسوقنا إلى ٱلالتزام بٱلمسألة ٱلثانية. حيث أن أوامر ٱللَّه يطيعها ٱلناس فى نور فهمهم ٱلأنبآء ٱلتى تثيرها ٱلمسألة ٱلأولى. لماذا ربط ٱللَّه أوامره بٱلأنباۤء ؟ فى ٱلنبـإِ ٱلدليل وٱلإرشاد إلى ٱلحسى فى ٱلوجود وفىۤ أنفسنا. وٱلإنسان من بعد زيادة علومه ٱلحسية عن ٱلوجود وعن ٱلنفس ٱلحية يستطيع إدراك ٱلنبإ وتصديقه عن طريق ٱلعقل بينهما. وٱلنبأ فى ٱلقرءان يتناول ٱلوجود وٱلنفس معًا. وعلم ٱلإنسان إمّاۤ أن يكون مصدقًا للنبأ أو أن يكون مكذبًا له. فإذا صدّق علم ٱلإنسان ٱلنبأ دفعه تصديقه إلى ٱلالتزام بٱلأمر ٱلإلٰهى. وإذا كـذبـه طرح أوامر ٱللَّه جانبًا ولا يعود إليها. وهذا ـ ٱلتصديق وٱلتكذيب ـ لا يخرج أىّ منهما عن سنّة ٱللَّه فى ٱلخلق ٱلتى يبينها ٱلبلاغ: "ونفسٍ وما سوَّـٰها /7/ فأَلهَمَهَا فُجُورَها وتقوـٰها/8/" ٱلشمس. فتوجه ٱلنفس وجهة ٱلفجور أو وجهة ٱلتقوى لا يبدّل سنّة ٱللَّه فى ٱلخلق. ولا يدعو أحدًا للمعارضة وٱلاستنكار لأن توجه ٱلنفس يحتمل ٱلوجهتين بٱلخلق. وهناۤ أجد نفسىۤ أسأل هل يوجد علم إنسانى يكذب ٱلنبأ فى ٱلقرءان ؟ نسوق أمثلة تتعلق بٱلجواب على سؤالنا: "وَتَرى ٱلجبالَ تَحسَبُها جامدةً وهى تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحابِ صُنعَ ٱللَّه ٱلَّذى أَتقنَ كُلَّ شىءٍ إنَّهُ خبير بما تَفعَلُون" 88 ٱلنمل. ويقول لنا علم ٱلإنسان أن ٱلأرض تتحرك حول نفسها وكذلك تجرى فى فلك حول ٱلشمس. وفى حركتها وجريها هل تبقى ٱلجبـال جامدة ؟ وهل تمرُّ مرَّ السحاب ؟ وفى ٱلأنبۤاء ٱلتالية بيان لزوجية ٱلأشياۤء: "ومن كُلِّ شىءٍ خَلَقنَا زَوجَينِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُون" 49ٱلذاريات. "سُبحٰنَ ٱلَّذى خَلَقَ ٱلأزواجَ كُلَّها مِمَّا تُنبِتُ الأَرضُ ومِن أَنفُسِهِم ومِمَّا لا يَعلَمُونَ" 36 يس. وتقول ٱلفيزياۤء ٱلجزئية أنَّ هذه ٱلزوجية سمة أساس فى ٱلوجود (كوارك وكوارك مضاد) له ٱلهيئة (ٱلكتلة) ذاتها وخواص كهرباۤئية معاكسة. ويقول علماۤء ٱلحياة أن ٱلماۤء أساس ٱلحياة وقد جاۤء فى ٱلنبـإِ: "وجعلنا مِنَ ٱلماۤءِ كُلَّ شىءٍ حىّ" 30 ٱلأنبياء. "وٱللَّه خَلَقَ كُلَّ داۤبّةٍ من ماۤءٍ" 45 ٱلنور. وتجمع نظريات ٱلتطور علىۤ أن جميع ٱلكائنات ٱلحية نشأت من ٱلتراب (عناصر ٱلطبيعة) بما فى ذلك ٱلإنسان. وأن ٱلحياة بدأت من وحيدات ٱلخلية ثم تشعبت عبر مراحل تطور طويلة إلىۤ أن وصلت إلى متعددات ٱلخلايا ثم إلى ٱلذكر وٱلأنثى. وقد جاۤء فى ٱلنبـإِ: "وٱللَّه أَنبَتَكُم مِنَ ٱلأرضِ نباتًا" 17 نوح. وٱلنّبت هو نشوء ٱلمادة ٱلحية ٱلأولى ومصدرها ٱلأرض وليس مكانًا أخر. وبين ٱلمادة ٱلحية ٱلنابتة وٱلكاۤئن ٱلبشرى أزمنة متعددة ومراحل متعددة يوكّدها ٱلنبأ فى ٱلقرءان: "وقَد خَلَقَكُم أطوارًا" 14 نوح. من هذه ٱلأمثلة نجد أن ٱلعلم ٱلإنسانى يصدّق ٱلنبأ فى ٱلقرءان ولا يخرج عنه. وما نجده أن النبـأ فى ٱلقرءان أكثر بيانًا من ٱلأنبآء ٱلتى توصلت إليها نظريات ٱلنشوء خصوصًا نشوء ٱلإنسان ذاته. فقد جاۤء فى ٱلقرءان أنبآء تفصِّل فىۤ أطوار نشأة ٱلإنسان: "فإنِّا خَلَقنٰكُم من تُرابٍ" 5 ٱلحج. وفيه تحديد ٱلمكون ٱلأساس ٱلذى يدخل فى تسوية خلق ٱلبشر وهو أساس ميّت (تراب). وجاۤء فى نبـإٍ أخر: "وهو ٱلَّذى خَلَقَ مِنَ ٱلماۤءِ بَشَرًا" 54 ٱلفرقان. يبين أساسًا أخر هو أساس كل شىء حىّ. وفى ٱلنبإ ٱلتالى: "وبَدَأَ خَلقَ ٱلإِنسٰنِ من طينٍ"7 ٱلسجدة. يبين علاقة ٱلمآء بٱلتراب وجعله طينًا. حيث أن أسس تسوية ٱلخلق هى من ٱلتراب وٱلمآء وأن تسوية خلق ٱلإنسان تبدأ من مكون ترابى مآئى هو ٱلطين. وهو تكوين تجرى فيه أفعال ٱلفيزياۤء وينجم عنها شىء حىّ يبينه ٱلنبـإِ ٱلتالى: "ولَقَد خَلَقنا ٱلإِنسٰنَ من سُلـٰلةٍ من طينٍ" 12 ٱلمؤمنون. "من سلـٰلة" مصدرها ٱلطين. وٱلسلالة هى ما يُستَلَّ ويُنتزع كٱلنبات ٱلفطرى ٱلذى ٱستُلَّ من ٱلطين من دون بذور. وهو ما يمثل منطلق ٱلحياة ٱلأول. ويزداد ٱلنبأ ٱلقرءانى تحديدًا: "ولَقَد خَلَقنا ٱلإِنسٰنَ من صَلصَـٰلٍ من حمإٍ مَسنُونٍ" 26 ٱلحجر. "من صَلصَـٰلٍ من حمإٍ مَسنُونٍ" هو نوع من ٱلطين ٱلأسود ٱلساخن ٱلجارى. فٱلصلصال لون من ٱلتراب. وٱلحمأ لون من ٱلكربون ٱلساخن. وقد ٱختلط ٱلاثنين بفعل ٱلمآء ٱلمسنون. وهو ٱلطين ٱلساخن ٱلمندفع من جوف ٱلأرض. مكونًا ٱلتركيب ٱلفيزيآئى ٱلشبيه بتكوين "ٱلسيان". من هذه ٱلأمثلة للأيات ٱلمرتلة لهذه ٱلمسألة نجد أن ٱلنبأ ٱلقرءانى يُعلمنا عن ٱلنشأة ٱلأولى للإنسان وأصلها ٱلأرضى. أمّا متابعة ٱلخلق بدءًا من وحيدات ٱلخلية إلى متعددات ٱلخلايا ثم إلى ٱلذكر وٱلأنثى فقد جاۤءنا ٱلبلاغ بما يلى: "خَلَقَكُم مِن نَفسٍ وٰحِدةٍ وجَعَلَ مِنها زَوجَها" 6 ٱلزمر. وٱلنفس ٱلواحدة هى كل ٱلكاۤئنات وحيدات ٱلخلية. وتسميتها بٱلنفس جاۤء من ٱلفعل ٱلفيزياۤئى ٱلجارى فيها بتبادل ٱلأجزآء ٱلدخانية (ٱلغازات) مع هواۤء ٱلجو. هذه ٱلنفس ٱلواحدة ٱلتى نشأت من سلالة من طين. جرى تغيير فى تسويتها بفعل ٱلجعل وبه صارت "زوج" نفسان كل منهما زوج ٱلأخرى وهو ما يبينه لنا ٱلنبـأ: "هو ٱلَّذى خَلَقَكُم مِن نَفسٍ وٰحدةٍ وجَعَلَ منها زَوجَها لِيَسكُنَ إليها" 189 ٱلأعراف. لقد تمايزت ٱلنفس ٱلواحدة بقوة ٱلفعل جعل إلى نفسين وٱنتقلت من بعده إلى خلق جديد نجم عنه زوجين ذكر وأنثى: "وأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوجَينِ ٱلَّذكَرَ وٱلأُنثى" 45 ٱلنجم. وعن ٱلمراحل ٱلتى مرت فيها حياة ٱلزوجين حتى ٱكتملت تسوية خلق ٱلبشر ثم ٱلمراحل ٱلتى تحوّل فيهاۤ إلى إنسان جآءنا ٱلبلاغ ببيانه: "هو ٱلَّذى خَلَقَكُم من طينٍ ثُمَّ قَضَىٰۤ أَجَلاً وأجل مسمّىً عِندَهُ ثُمَّ أَنتُم تَمتَرونَ" 2 ٱلأنعام. وفى هذا ٱلبلاغ إعلامنا عن أجلين. ٱلأول يتعلق فىۤ إكمال عمليات تسوية ٱلخلق ٱلفيزيولوجى للبشر. وٱلثانى يتعلق بتحوله إلى مكتسب للمعلومات وخازن لها فى ذاكرة. وبفعل ٱلذاكرة يتخذ موقف ٱلمتر ٱلذى يدل على موقف ٱلامتناع عن الالتزام بٱلأمر وٱلفسق عليه. لقد بين علم ٱلإنسان أن عمليات ٱلتكوين ٱلفيزيولوجى للإنسان ٱستمرت أزمنة طويلة جدًا حتى ٱكتملت وصارت بشرًا. وهو ما نجده فى ٱلبلاغ "ثُمَّ قَضَىٰۤ أَجَلاً وأجل مسمّىً عِندَهُ". وحتى لا تعود تسوية ٱلخلق فى كل مرة إلى ٱلبدء ثم يقضى أجلاً طويلاً حتى يكتمل مرة أخرى جرى خلق (تصميم) جديد لا يحتاج إلى عودة إلى ٱلبدء من طين. فقد جعل ٱللَّه جميع أفعال ٱلأجل ٱلأول منهاجًا حيًّا مسجلا فى كتاب كما هو ٱلتسجيل علىۤ ألواح ليزرية. وهو ما يظهره ٱلبلاغ ٱلتالى: "ولقد خَلَقنا ٱلإِنسـٰنَ من سُلـٰلةٍ من طينٍ/12/ ثُمَّ جَعلنٰهُ نُطفَةً فى قَرارٍ مكينٍ/13/" ٱلمؤمنون. ٱلخلق (ٱلتصميم) بدأ من طين ثم صار سلالة. ولكنه لم ينته عند هذه ٱلبداية. بل مرّ فى مراحل عديدة ثم تحوّل ٱلخلق بفعل ٱلجعل (ٱلطفرة) إلى منهاج حيوى (نطفة) سجلت فيه جميع عمليات ٱلخلق بدءًا من تراب. وبعد ٱلتسجيل فى منهاج حيوى (نطفة) يتابع ٱلخلق أطوارًا حتى يوصل إلى ٱلبشر: "ثُمَّ خَلَقنا ٱلنطفة علقةً فَخَلقنا ٱلعَلَقةَ مُضغَةً فَخَلَقنا ٱلمُضغَـةَ عِظامًًا فَكَسَونا ٱلعظمَ لَحمًا ثُمَّ أَنشأنٰهُ خَلقًا ءَاخَرَ فَتَباركَ ٱللَّه أَحسَنُ ٱلخٰلقينَ" 14 ٱلمؤمنون. ٱلنطفة تضمّ كل أفعال تسوية ٱلخلق وٱلمراحل ٱلتى تسبقها بدءًا من ٱلتراب. كما تضمّ مناهج أفعال تسوية ٱلخلق ٱللاحقة على ٱلنطفة. ويوكّد اللَّه على ٱلربط بين ٱلتراب وٱلنطفة ثم متابعة أفعال تسوية ٱلخلق إلى مراحلها ٱلعليا وفيها كمال تسوية ٱلبشر: "فإِنَّا خلقنـٰكم من تُرابٍ ثُمَّ من نُطفةٍ ثُمَّ من علقةٍ ثمَّ من مُضغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وغَيرِ مُخَلَّقةٍ لِنُبَيِّنَ لكم ونقِرُّ فى ٱلأرحامِ ما نشاۤءُ إلىۤ أجلٍ مُسمًّى ثُمَّ نُخرِجُكُم طِفلاً ثُـمَّ لِتَبلُغُوۤاْ أَشـُدَّكُم" 5 ٱلحج. ويوكِّد اللَّه تعدد ٱلخلق (ٱلتصميم) وتسلسله وفق منهاج حىٍّ مسجل: "يَخلُقُكُم فى بُطُونِ أُمَّهـٰتِكُم خَلقًا من بعدِ خَلقٍ" 6 ٱلزمر. فى الأية /5/ من سورة ٱلحج تقسيم بيّن لأفعال تسوية ٱلخلق ٱلتى يرتبط بعضها ببعض فما أن تكتمل مرحلة حتى تبدأ ٱلمرحلة ٱلتالية تسوية منهاجها. ما تقدم من ترتيل لبلاغات وأنبآء من ٱلقرءان يبين لناۤ أنّ علم ٱلإنسان يجعله قادرًا علىۤ أفعال تسوية ٱلخلق ٱلمبينة له فى كتاب ٱللَّه بدءاً من ٱلنطفة. سواۤء ءكان بوسيلة نكاح ذكر وأنثى. أم بوسيلة توسيط صناعى كما هو فى ٱلأنبوب. كماۤ أنّه يستطيع ٱلانتقال إلى ٱلمرحلة ٱلتالية على ٱلنطفة وهى ٱلعلقة (ٱلزيجوت zygote). وهنا لا يلزمه نكاح ذكر وأنثى وبذلك يكون قد تجاوز مرحلة خلقية كاملة. وبعمل ٱلإنسان هنا لا يوجد أى خروج عن ٱلعلم ٱلذىۤ أحطنا به من قبل ٱللَّه. ونستطيع ٱلقول أن نظريات ٱلنشوء ٱلتى وضعها علماۤء أحياۤء جميعها تصدّق ٱلأنبآء وٱلبلاغات ٱلقرءانية ٱلتى رتلناها. وهى لا تخرج عنها فى شىء. وكان ٱللَّه قد أعلمنا فى بلاغه أننا سنتوصل بعلمناۤ إلى كل ذلك "ولقـد علمتـم ٱلنشـأة ٱلأولى". وإن نظريات ٱلنشوء لم تستطع أن تكشف عن ٱلوسيلة ٱلتى ٱنتقل بها ٱلبشر إلىۤ إنسان. أما ٱلبلاغ فنجد فيه بيان ذلك: "فإذا سَوَّيتُهُ ونَفَختُ فيهِ من روحى فَقَعواْ لهُ سـٰجدينَ" 72 ص. ٱلتسوية هى ٱلتنفيذ. وتسوية ٱلخلق هى كماله من دون نقص. هذا من ٱلجانب ٱلفزيولوجى. أما من ٱلجانب ٱلمرتبط بٱلوعى وٱلفكر فقد جاء عنها فى ٱلقول "ونفخت فيه من روحى" وبيّن ٱلمسألة فى بلاغ أخر: "وعَلَّمَ ءَادمَ ٱلأَسماۤءَ كُـلَّها" 31 ٱلبقرة. ونجد فى ٱلقول "ونفخت فيه من روحى" ما يدلّ على تزويد ءادم بٱلقوة ٱلحركية ٱلمتعلقة بٱلمعلومات. فٱلروح هو ٱلقدرة على ٱلحركة وكسب ٱلمعلومات وحفظها (ذاكرة). وزيادتها يأتى به ٱلكسب ٱلمتواصل. وفى ٱلبلاغ بيان عن فعل ٱلروح: "ويَسئَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قل ٱلرُّوحُ مِن أَمرِ رَبّى وماۤ أُوتِيتُم مِنَ ٱلعِلمِ إلاَّ قَليلاً " 85 ٱلإسراء. وفيه أن ٱلروح هو بعض أمر ٱلربّ. وٱلأمر لا يكون إلاّ معلومات. ولبيان ٱلدليل علىۤ أن ٱلروح هو بعض علم. أى علم قليل جآء فى ٱلبلاغ "وماۤ أُوتِيتُم مِنَ ٱلعِلمِ إلاَّ قَليلاً". وكيل ٱلقلَّة هنا بٱلنسبة إلى علم ٱللَّه ذاته ٱلذى جاۤء عنه فى ٱلبلاغ أنّه: "وَسِعَ كُلَّ شىءٍ عِلمًا" 98 طه. "وٱللَّه يَعلمُ ما فى ٱلسَّمـٰوٰتِ وما فى ٱلأَرضِ وٱللَّه بكُلِ شىءٍ عليم" 16 ٱلحجرات. "إن اللَّه قد أحاطَ بكُلّ شىءٍ علمًا" 12 ٱلطلاق. وجاۤء فى ٱلبلاغ عن علمنا ٱلقليل: "ولا يُحِيطونَ بشىءٍ مِّن عِلمِهِ إلاَّ بِما شاۤء" 225 ٱلبقرة. وهكذا نجد أن ٱلروح ٱلمعطى لنا هو مقدار ٱلمعلومات ٱلتى شاۤء ٱللَّه أن نحصل عليه بدءًا من "ونفخت فيه من روحى" وحتى قيام ٱلساعة. وبه نعلم أنّ سلوك ٱلإنسان يبتعد عن سلوك ٱلبشر كلما ٱزداد مقدار ٱلروح فى قلبه وإلىۤ أن يوصل إلى مقدار "بما شاۤء". لقد أبلغنا ٱللَّه أنّ سنّة ٱلخلق بكل ألوانه لا تبديل لها: "فلن تَجِدَ لسُنَّتِ ٱللَّه تبديلاً ولن تَجدَ لسُنَّتِ ٱللَّه تحويلاً" 43 فاطر. كماۤ أبلغنا عن ٱلسبب: "وما خَلَقنا ٱلسَّماۤءَ وٱلأرضَ وما بَينهُما لٰعبينَ"16 ٱلأنبياء. فخَلقُ اللَّه لا يبدَّل ولا يُحّول لأنه ليس لعبًا. وٱللعب هو ٱللَّهو وٱلسخرية وٱلعبث. وتبديل أى سنّة فى ٱلوجود يغير مناهج تكوينه. ويغرق كل شىء فى ٱلعبث وٱلضياع. ولذلك وكَّد ٱللَّه على ثبات وحزم فى سنّته: "لا مُبَدِّلَ لكلمـٰتِهِ" 27 ٱلكهف. ٱلأنبآء فى كتاب ٱللَّه كثيرة. وجميعها تدخل فى دليل ٱلقول "وماۤ أوتيتم من ٱلعلم إلاّ قليلاً". وإنَّ جميع أنباۤء ٱلكتاب يمكن للإنسان أن يعلمها ويبيّنها بٱلنظر وٱلبحث. وهذا لا يكون دفعة واحدة من قبل ٱلناس. بل يخضع لربوّ علم ٱلإنسان وتطور نظره وبحثه. وعن هذا ٱلأمر جاۤء ٱلنبأ: "لِكُلِّ نبإٍ مُّستَقَـرّ وسوفَ تَعلمونَ" 67 ٱلأنعام. "ولتعلّمُنَّ نبأهُ بَعـدَ حين" 88 ص. وننتهىۤ إلى ٱلقول أن ٱلأنبآء ٱلموجودة فى كتاب ٱللَّه جميعها وٱلمتعلقة بٱلكون وتسويته وٱلإنسان وتطوره وعلمه تحتاج إلى طاعة ٱلأمر "قُـل سيرواْ فى ٱلأرضِ فٱنظرواْ كيفَ بدأ ٱلخلقَ" وهو أمر بٱلبحث ٱلعلمى يطيعه ٱليوم علماۤء ٱلبيولوجيا وٱلفيزياۤء وغيرهم.
ٱلاستنساخ لكلّ علم سنن خاصة به. وٱلاستنساخ علم فى ٱلحقّ ٱلحىّ له سنته وبيّناته ٱلحسيّة. ومن خلال هذا ٱلعلم يمكن تكثير ٱلبشر وغيرهم من ٱلكائنات ٱلحية من دون ٱللجوء إلى فعل نكاح. ويستند هذا ٱلعلم على ٱلعلم وٱلمعرفة بمراحل تسوية ٱلخلق ٱلمبينة فى ٱلأية /5/ من سورة ٱلحج. حيث يبدأ ٱلتكاثر من ٱلعلقة أو ٱلمضغة بدلاً من ٱلنطفة. ويوجد فى كتاب اللَّه أنبآء عن تسوية خَلقِ إنسانٍ وفق سنّة لا يألفها ٱلناس فى حياتهم ولكنها لا تخالف البلاغ "لا مبدل لكلمٰته". وهناك ثلاث عمليات تسوية خلق خالفت ما يألفه ٱلناس: ٱلأولى ولادة إسحـٰق ٱبن إبرٰهيم من ٱمرأة عقيم. وٱلثانية ولادة يحيىٰۤ ٱبن زكريا من ٱمرأة عاقر. وٱلثالثة ولادة عيسى ٱبن مريم من عذراۤء. ونبدأ بٱلأولى ونرتل ٱلأيات ٱلتى حملت لنا ٱلنبأ: "قَالُواْ لا تَوجَل إنَّا نُبَشّرُكَ بِغُلـٰمٍ عَليمٍ" 53 ٱلحجر. "فَأَقبَلَت ٱمرأَتُهُ فى صَرَّةٍ فَصَكَّت وَجهَهَا وقَالَت عجوز عقيم" 29 ٱلذاريات. "وٱمرَأَتُهُ قآئِمَة فَضَحِكَت فَبَشَّرنٰها بإسحٰقَ ومن وراۤءِ إسحـٰقَ يعقوبَ/71/ قَالَت يٰويلتى ءَأَلِـدُ وأَنا عَجُوز وهذا بَعلى شَيخًا إنَّ هٰذا لشىء عَجيب/72/" هود. فى هذه ٱلأيات نرى ٱمرأة عجوزًا عقيمًا. وٱلعقيم لا يلد بسبب فقدان بذور ٱلحياة لديه. وفى ٱلتعقيم إبادة للكاۤئنات ٱلحية الصغيرة. ومع ذلك نرى بشـارة "بغلٰم عليم" ٱسمه إسحـٰق. ونجد فى الأية /72هود/ أن ٱمرأة إبرٰهيم تعجب من ٱلبشارة بسبب معرفتها أن ٱلعقيم لا تلد وكذلك ٱلعجوز. فكيف ستلد من كانت عجوزًا عقيمًا ؟! وهو عجب مشروع بٱلنسبة لامرأة إبرٰهيم بسبب علمهاۤ أن ٱلعقيم وٱلعجوز لا تلد. وهل يستطيع رجال ٱلدين وٱلسياسيون ٱلذين يعارضون ٱلاستنساخ أن يقولوا لنا كيف يمكن للعقيم وٱلعجوز أن تلد فى يومنا هذا ؟. لقد أنبأنا ٱللَّه عن تسوية ٱلخلق ٱلأول وحدّده من ٱلتراب ومن ٱلماۤء. ومنهما يتكون ٱلطين. وهو ليس ماۤءً ولا ترابًا. إنه كينونة جديدة تجرى فيهاۤ أفعال ٱلفيزياۤء ويتولد عنها "اللبنات الجزيئية الأولى للحياة العضوية". وبيّن لناۤ أنه "قضى أجـلاً" تَتَابع وتَسَلسَلَ من بعده فى تسوية ٱلخلق حتى وصل إلى ٱلحال ٱلفيزيولوجى ٱلتى عليها ٱلبشر. ثم بيّن لناۤ أنه سجّل كل ٱلأفعال ٱلتى جرت بدءًا من طين إلى ٱلبشر فى سجلٍّ حىٍّ داخل ٱلنطفة. وبين بذلك أنه لا حاجة للعودة فى كل مرة إلى ٱلبدء من ٱلطين لتسوية ٱلخلق. ثم بين لناۤ أن تسوية ٱلخلق من بعد ٱلنطفة ينطلق من ٱلعلقة (ٱلزيجوت zygote) وهو لقآء نطفة ٱلمنىّ بٱلبويضة. ويبيّن لناۤ أن تسوية خلقنا بعد ذلك تبدأ من ٱلعلقة: "خَلَقَ ٱلإِنسـٰنَ مِن عَلَقٍ" 2 ٱلعلق. ٱلأيات ٱلتى رتلناها عن ٱلبشارة "بغلـٰم عليم" تبين لناۤ أنه يمكن ٱلتوالد فى حال "عجوز عقيم" ويتابع ٱللون ٱلحىّ طريقه فى ٱلحياة من دون ٱنقراض بسبب ٱلعجز وٱلعقم. وهذا يتوقف على طاعتنا للأمر "قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق" وٱلوصول إلى ٱلمعرفة وٱلعلم بٱلسنّة ٱلمتعلقة بالتوالد من دون نكاح. لقد جاۤء ٱلدليل ٱلذى يبين أنّ ٱلعقم لا يكون سببًا لانقراض ٱللون ٱلحىّ من بعد ٱلعلم بسنة تسوية ٱلخلق من ٱلعلقة "فبشرنـٰها بإسحـٰق ومن وراۤء إسحـٰق يعقوب" وفيه نبأ عن مواصلة ٱلتوالد من دون توقف. كيف يحدث ذلك ؟ يقول لنا ٱللَّه أن ذلك سنعلمه فى ٱلمستقبل: "ولتعلمُنَّ نبأه بعد حين" 88 ص. ونحن ٱليـوم أصبحنا نعلم أن نطفة ٱلمنىّ ٱلبشرى تضمّ كتابًا كبيرًا مكونًا من 22+X سجلا من لون أنثوىّ. أو 22+Y سجلا من لون ذكرىّ. أمّا ٱلبويضة فتضم لونًا واحدًا من ٱلسجلات ٱلأنثوية 22X+. وتسمّى هذه ٱلسجلات كروموسومات. وتبدأ تسوية خلق ٱلإنسان من بعد لقآء ٱلنطفة وسجلاتها بٱلبويضة وسجلاتها. وتتكون من هذا ٱللقآء ٱلعلقة (ٱلزيجوت zygote) وعدد ٱلسجلات فيها هو 46 سجلا أو كروموسومًا. وبتكون هذه ٱلعلقة تبدأ تسوية خلق كل فرد من ٱلناس. ٱلأنثى سجلاتها من لون 44XX+ وٱلذكر من لون 44XY+. وٱلإنسان ٱلمتكوّن من هذا ٱلزيجوت تضمّ كلّ علقة (خلية) من جسمه 44XX+ سجلا أو 44YX+ سجلا (كروموسومًا) وفق لونه ذكر كان أم أنثى. وكل علقة (خلية) فى جسم ٱلإنسان هى زيجوت zygote (بويضة ملقحة) وبها يمكن ٱلتوالد من دون فعل نكاح. وبعد أن علم ٱلإنسان ما فى ٱلعلقة (الخلية) من سجلات لتسوية ٱلخلق صار يستطيع ٱلتوالد من دون نكاح. ويمكنه أن يجرى فعل ٱلتسوية من دون أن يكون ذلك فسقًا على قول ٱللَّه "لا مبدل لكلمٰته". بل إنَّ فى عمله هذا توكيد لقول ٱللَّه تسنده ٱلبينة ٱلعلمية ٱلحسية ٱلتى توصل إلى ٱلعلم أنّ وسيلة تسوية ٱلخلق ٱلمبلغة فى ٱلأية /5/ من سورة ٱلحج لا مبدل لها. وٱلبينة ٱلعلمية هىۤ أقوىۤ أساليب ٱلبينة. وهكذا نجد أن ٱلعجوز ٱلعقيم يتوالد. ويحدث ذلك بواسطة علقة (خلية) من جسم ٱلذى بُشّر بٱلغلام ٱلعليم. وهذا ما يفعله علماۤء ٱلاستنساخ ٱليوم. وفى علمهم هذا ٱلعلم وٱلتصديق لنبـإ توالد ٱلعقيم بعد حين "ولتعلمُنَّ نبأه بعد حين". ٱلاستنساخ هو عمل علمى ينجم عن طاعة ٱلأمر: "قُل سيرواْ فِى ٱلأرضِ فٱنظُرُواْ كيفَ بدأَ ٱلخَلقَ ثمَّ ٱللَّه يُنشِئُ ٱلنَّشأَةَ ٱلأخِِرةَ إنَّ ٱللَّه على كل شىءٍ قدير"20 ٱلعنكبوت. وهو عمل يوصل ٱلناس إلى ٱلعلم كيف بدأ ٱلخلق. ومن دون هذا ٱلعمل لا يعلم ٱلناس كيف بدأ ٱلخلق ويكون كلّ قول لهم فيه ظنّ ورجم بٱلغيب. ونرىۤ أنَّ ٱلاستنساخ عمل يوافق ٱلسنّة ٱلإلـٰهية ٱلمتعلقة بٱلعلم كيف بدأ ٱلخلق. وهو ٱلوسيلة لتوالد من كان عقيمًا وٱلوسيلة لتصديق ٱلنبإ فى كتاب ٱللَّه. وقد يقول قاۤئل من قام بفعل ٱلاستنساخ لكى يولد ٱلغلـٰم ٱلعليم إسحٰق ؟ ونجد فى النبـإِ أن مجموعة من ٱلملائكة نقلت ٱلبشارة إلىۤ إبرٰهيم وٱمرأته. وهم ٱلذين قاموا بٱلفعل بخبرة مسجلة فيهم بأمر من ٱللَّه. وفعلهم يشبه فعل روبوت. وإذا ٱنتقلنا إلى ولادة ٱلنبى يحيى ٱبن زكريا ورتلنا ٱلأيات ٱلتى تبلغنا عن ولادته نجد أنه ولد بعد إصلاح عطل يمنع ٱلزيجوت لدى والدته. جاۤء فى البلاغ: "أَنَّ ٱللَّه يُبَشّرُكَ بيَحيَـىٰ" 39 ءال عمران. ولما كانت ٱلبشارة تخالف علم زكريا وما هو مألوف بين ٱلناس سأل مستغربُا: "أَنَّى يكونُ لى غلام وقد بلغنى ٱلكِبَرُ وٱمرأَتِى عاقِر"40 ءال عمران. وجاۤءه ٱلجواب: "كَذلِكَ ٱللَّه يفعَلُ ما يشاۤءُ"40 ءال عمران. ويظهر لنا ٱللَّه ماذا فعل فى ٱلبلاغ ٱلتالى: "وأَصلَحنا لَـهُ زوجَهُ"90 ٱلأنبياۤء. ٱمرأة زكريا عاقر. وإصلاح ٱلعقر حديث على علم ٱلإنسان ٱليوم. وما جآء فى ٱلبلاغ عنه هو نبأ علمنا به بعد حين. ٱلعقر هو ٱلجرح أو ٱلقرح ٱلذى يمنع فعل ٱلزيجوت على ٱلرغم من توفر طرفيه. وقد تمّ إصلاح والدة يحيى بأمر من ٱللَّه فولدت يحيى بإخصاب مألوف من ٱلزوج زكريا. وٱلغلام يحيى هو ولد زكريا بٱلوسيلة ٱلتى يتبعها ٱلناس بفطرتهم. أما ولادة عيسى فكانت من عذراۤء. وٱلعذراۤء لا تلد بذاتها كما يعرف ٱلناس حتى يومنا هذا. كذلك هى مريم ٱلعذراۤء تعلم مثل ٱلناس أن ٱلولادة لا تحدث إلاّ بفعل مسٍّ. ولذلك أظهرت ٱستنكارها: "قَالَت أَنَّى يكُونُ لى غُلام ولم يَمسَسنِى بَشَر ولم أكُ بَغِيًًّا"20 مريم. ويأتيها ٱلجواب: "قَالَ كذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ علىَّ هيّن ولِنَجعَلَهُ ءَايَةً لِّلنَّاسِ" 21 مريم. ولما كانت مؤمنة محصنة وصدّيقة صدَّقت وتوقف ٱستنكارها. لقد وكّد ٱلنبأ فى ٱلقرءان أنها حملت وولدت من دون مسّ زوج لها: "إذ قالتِ ٱلملـٰئِكَةُ يا مريمُ إنَّ ٱللَّه يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنهُ ٱسمُهُ ٱلمسيحُ عِيسَى ٱبنُ مريمَ" 45 ءال عمران. "فأَرسلنا إليها رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لها بَشَرًا سوّيًا/17/ قالت إِنّى أَعُوذُ بٱلرَّحمٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً/18/ قالَ إنَّماۤ أَنا رَسُـولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لكِ غُلامًا زكِيًّا /19/" مريم. ٱلبشارة بكلمة من ٱللَّه. وكلمة ٱللَّه كما يبيّنها كتابه هى شىء حقّ: "ويُحِقُّ ٱللَّه ٱلحَقَّ بِكلمـٰتِهِ" 82 يونس. هذا ٱلحقّ هو عيسى ٱبن ٱلعذراۤء مريم وقد تمّ تحقيق هذه ٱلكلمة بواسطة ٱلروح ٱلذى تمثّل أمامها بشرًا كاملاً وقام بإعلامها عن ٱلأمر "لأَهَبَ لك غلاماً زكيًّا". فكيف حدث ذلك ؟ ويأتى ٱلجواب فى ٱلبلاغ ٱلتالى: "إنَّ مَثَلَ عيسى عندَ ٱللَّه كَمَثَلِ ءادم خَلَقَهُ من تُرَابٍ ثُمَّ قالَ لَـهُ كُن فَيَكُونُ" 59 ءال عمران. وفى هذا ٱلبلاغ نرىۤ أن خلق عيسى لا يخالف خلق ءادم وهو مثله وخاضع لذات ٱلسنّة ٱلتى لا تبديل لها. من تراب ثم وفق سلسلة مراحل ٱلخلق ٱلمتعدد حتى مرحلة "خلق الإنسان من علقٍ". ولمـا كـان خلـق عيسى لا يرتبط بنطفة فما هى وسيلة هذا ٱلخلق ؟ كما وجدنا فى ولادة إسحـٰق من عقيم فإن ٱلعلقة هى ٱلوسيلة لدى ٱلعذراۤء مريم. وأىّ عذراۤء ٱليوم يمكن أن تلد من دون مسٍّ ٱنطلاقـًا من ٱلعلقة. وأنّ فعل علم ٱلاستنساخ هو ٱلذى يبين كيف حدثت ءاية ولادة ٱلعذراۤء مريم ويصدقها. ولما كان هذا ٱلنبأ يصعب تصديقه على كثير من ٱلناس راحوا يرمون ٱلعذراۤء مريم بكل ألوان ٱلبهتان. وقد أبلغنا ٱللَّه عن ٱلأمر فى ٱلبلاغ ٱلتالى: "وبكُفرِهِم وقَولِهم على مريَمَ بُهتـٰنًا عظيمًا" 156 ٱلنساۤء. وٱلكفر هو ٱمتناع عن تصديق ٱلأية ٱلتى جاۤءتهم وٱلتى يكشف عنها ٱلبلاغ ٱلتالى: "وٱلَّتى أَحصَنَت فَرجَها فَنَفَخنَا فيها مِن روحنا وجَعلنٰها وٱبنَها ءَايةً لِّلعـٰلمِينَ"91 ٱلأنبياۤء. وٱلأية شىء يحدث وله أشراط لا يمكن معرفتها وٱلعلم بهاۤ إلاّ بٱلنظر وٱلعلم فى مسألة "كيف بدأ ٱلخلق" وٱلتصديق لاستقرار ٱلنبإ "لكل نبإٍ مستقرّ وسوف تعلمون". وعلم ٱلاستنساخ ٱلذى وفّر لنا معلومات كافية لتأويل أية ٱلعذراۤء مريم وءاية ٱبنها يقطع طرق ٱلريب بهذه ٱلولادة ويدفعنا لتصديقها. كمـا يساعـدنا على فهم ٱلأيات ٱلعظيمة ٱلتى تمثلها ولادة كلٍّ من إسحـٰق ويحيى وعيسى. ونذكّر ٱلذين لا يصدّقون هذه ٱلأيات بٱلبلاغ ٱلمنذر: "وٱلَّذين كَفَرُواْ وكذَّبواْ بأيـٰتِناۤ أُوْلـٰئِكَ أصحـٰبُ ٱلنَّارِ هُم فيها خَـٰلِدونَ" 39 ٱلبقرة. ٱلاستنساخ ءاية بين أيدى ٱلناس منذ وقت بعيد عن يومنا هذا. وهم يأخذون خلية نباتية (برعم) ويزرعونها فى لحاۤء غصن شجرة أو نبتة. وبفعلهم هذا يسوّى خلق ٱلبرعم وينشأ عنه غصن جديد يحمل مواصفات وراثية من ٱلنبتة أو ٱلشجرة ٱلمنقول منها ٱلبرعم. كماۤ أنهم يقومون بعمليات نقل وزرع أجزآء (أعضآء) عن طريق زرع قلم يؤخذ من شجرة ويزرع فى شجرة أخرى. فينمو ٱلقلم وتتكون أغصان جديدة تحمل مورثات ٱلشجرة ٱلمنقول منها. وٱستنساخ ٱلبشر هو مثل ٱستنساخ ٱلبرعم. فى ٱلأية /53 ٱلحجر/ جاۤءت ٱلبشارة "بغلام عليم". وٱلغلام هو ٱلمراهق ٱلهائج ٱلقوى ٱلجسم. وأنّ ٱلمألوف بين ٱلناس من علم إلى يومنا هذا لا يقبل ولا يصدق بٱجتماع ٱلوصف غلام مع ٱلوصف عليم. لأن صفة عليم لا يحصل عليها ٱلإنسان إلاّ من بعد كسب وفير للعلوم. وٱلبشارة تقول أن إسحـٰق عندما يكون فى سن ٱلمراهقة سيكون مختلفًا عن أقرانه بسبب علمه. وبه يكبح قوى ٱلغلام ويوجهها كما يفعل ٱلعالم. وفى ٱلأية /12 مريم/ "يـٰيَحيَى خُذِ ٱلكِتٰبَ بِقُوَّةٍ وءَاتينٰهُ ٱلحُكمَ صَبيًَّا". فيها بلاغ عن صبىّ حكيم. وٱلصبىّ هو ٱلصغير ٱلرضيع. وٱلحكمة يعرفها الناس عند ٱلشيوخ من ٱلعلماۤء وهى غير مألوفة عند ٱلصبيان. أماۤ ءاية عيسى فهى مسآئل علمية متعددة. حيث جاۤء عنه فى ٱلنبـإِ: "وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فى ٱلمَهدِ وَكَهلاً ومِنَ ٱلصَّـٰلحين" 46 ءال عمران. وفيه بلاغ عن طفل يولد ومن وقت ولادته يتكلم. وأوّلُ كلامهِ كان لوالدته: "فنادـٰها من تَحتِهاۤ أَلاَّ تَحزَنى" 24 مريم. وقد أرشدها بما تفعل وهى حاۤئرة مربكة: "وهُزّى إِليكِ بِجِذعِ ٱلنَّخلَةِ تُسـٰقِط عليكِ رُطَبًا جَنيًّا/25/ فَكُلِى وٱشرَبى وقَرّى عينًا فإمّا تَرَيِنَّ من ٱلبَشَرِ أَحَدًا فقُولىۤ إنّى نَذَرتُ للِرَّحمٰنِ صَومًا فَلَن أُكَلّمَ ٱليومَ إنسِيًّا/26/" مريم. وعندما ٱجتمع عليها قومها يستنكرون ما جاۤءت به أشارت إلى ٱلطفل فقالوا لها متعجبين ومستنكرين: "كيفَ نُكَلّمُ مَن كانَ فى ٱلمَهدِ صَبيًّـا" 29 مريم. فقطع ٱلصبى عجبهم وٱستنكارهم: "قالَ إنّى عَبدُ ٱللَّه ءَاتـٰنِىَ ٱلكِتـٰبَ وجَعَلَنِى نبيًّا" 30 مريم. بشارة ٱلعذراۤء مريم ضمّت صفة للمولود جاۤءت بقوله "لأهب لك غلامًا زكيًّا" وهذا يبين أنه فى سن ٱلمراهقة على ٱلرغم من كونه غلام يخلو من ٱلمرض فى جسمه فإنّ نفسه لا تدفعه تحت تأثير قوى جسمه ولا يوقع فى ٱلفاحشة ولا فىۤ أذى ٱلناس. بل يكون صالحًا فىۤ أقواله وأعماله ونفسه ممتلئة بٱلحكمة. وهذا بسبب سعة نفسه بٱلعلم وٱلحكمة ٱلتى لُقم بها فؤاده وهو جنين. وهو ما يبينه لنا ٱلبلاغ: "إِذ قالَ ٱللَّه يٰعيسى ٱبنَ مريَمَ ٱذكُر نِعمَتى عليكَ وعلى وٱلِدَتِكَ إِذ أَيَّدتّكَ بِرُوحِ ٱلقُدُسِ تُكَلّمُ ٱلنَّاسَ فى ٱلمَهدِ وكَهلاً وإِذ علَّمتُكَ ٱلكتٰبَ وٱلحِكمَةَ وٱلتَّورـٰةَ وٱلإِنجِيلَ"110ٱلماۤئدة. ٱلروح القدس هو معلومات عالية خالصة من ٱلباطل تستند إلى علم ٱلكتاب وٱلحكمة وٱلتورـٰة وٱلإنجيل. وقد حدث ذلك وخلقه يسوّى "خلقًا من بعد خلقٍ" فى رحم والدته ٱلعذراۤء. وٱلدليل على وقت هذا ٱلكسب للمعلومات أنه "يكلّم ٱلناس فى ٱلمهد". ومن أمثلة ٱلعلوم ٱلتى كسبها ما جاۤء عنه فى ٱلبلاغ ٱلتالى: "وإِذ تَخلُقُ مِنَ ٱلطّينِ كَهَيئَةِ ٱلطَّيرِ بِإِذنِى فَتَنفُخُ فيها فَتَكُونُ طَيرًا بِإِذنِى وتُبرئُ ٱلأَكمَهَ وٱلأَبرَصَ بإِذنى وإِذ تُخرِجُ ٱلمَوتى بِإِذنِى"110 ٱلماۤئدة. ٱلخلق هو ٱلتصميم. وٱلمخلوق هنا "كهيئة ٱلطير" أى على صورته. وأشار إلى مصدر ٱلخلق وهو "ٱلطين" وهو مصدر للمعادن وخاصة ٱلألمنيوم ٱلذى يدخل فى ٱلألوان ٱلصناعية ٱلطاۤئرة. وقد ربط ذلك بٱلقول "بإذنى". وإذنُ ٱللَّه فى ٱلوجود هو سنّته "قانون" ٱلتى لا تبديل لها ولا تحويل عنها. وٱلإنسان له بعلمه وبمعرفته أن يفعل ذلك. وقد ٱستطاع ٱلإنسان أن يتوصل إلى تأويل هذه ٱلأية بكل ٱلألوان ٱلطاۤئرة ٱليوم. أمّا قوله "وتُبرئُ ٱلأَكمَهَ وٱلأَبرَصَ بإِذنى" فهو يشير إلى تعليمه سنّة ٱلطب ٱلبشرى ٱلمتقدم على علمنا حتى يومنا هذا. وإلى ٱليوم لم يستطع ٱلطب أن يبرئ ٱلأكمه وٱلأبرص. والنبأ فى ٱلقرءان يبين أنّ ذلك ممكن من بعد معرفة وعلم بإذون ٱللَّه ٱلمتعلقة بهذين ٱلمرضين. ويدفعنا إلى ٱلسعى فى ٱلبحث عن هذه ٱلأذون ٱسـتنادًا لأمره "قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق". أمّا ٱلقول "وإذ تخرج ٱلموتى بإذنى" فنجد فيه نبأ عن وجود إذن يتعلق بٱلقدرة علىۤ إخراج ٱلموتى. وما زال علمنا حتى ٱلأن لم يتوصل إلى هذا ٱلإذن. ومن ٱلناس حتى يومنا هذا لا يصدّق هذه ٱلأنبآء ويرى فيها سحرًا كما جاۤء فى ٱلبلاغ ٱلتالى: "فقالَ ٱلَّذين كَفَرُواْ مِنهُم إِن هذا إلاّ سِحر مُبين" 110 ٱلماۤئدة. بين أيدينا ٱليوم إذون متعددة نعلم بها وبوسيلتها نسوى ٱلخلق. ومن هذه ٱلأذون هو علم ٱلاستنساخ. وعلى علماۤء هذا ٱلإذن ٱلاستمرار فىۤ أعمالهم ٱلتى خلقها ٱللَّه فيهم كما جاۤء ٱلبيان فى ٱلنبإِ: "وٱللَّه خَلَقَكُم وَما تَعمَلُونَ" 96 ٱلصافات. لقد خلقنا ٱللَّه من تراب ثم تابع تسلسل ٱلخلق ٱلذى يضمّ منهاجًا لعملنا لا يبدأ فعله إلاّ من بعد كسب للعلم ٱلذى يتراكم من خلال طاعة ٱلأمر "قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق" وبه تبدأ سلسلة خلق أعمال ٱلإنسان. وكل منها بعد أن يكتمل يكون بداية لخلق عمل جديد أعلى من ٱلسابق وصولاً إلى أحسن ٱلأعمال كما فىۤ ءاية عيسى. وكل ٱلأعمال ٱلتى يخلقهـا ٱلإنسان هى من أصل "وٱللَّه خَلَقَكُم وَما تَعمَلُونَ" وما على ٱلإنسان ٱلعالم إلاۤ أن يعوذ "برب ٱلفلق من شرّ ما خلق" وأن يكون مثله فى عمله هو عيسى ٱلذىۤ أعلمنا ٱللَّه عن صفاته فى ٱلبلاغ: "وبَرَّا بوالِدَتِى ولم يجعلنِى جَبَّارًا شَقِـيًّا" 32 مريم. لقد سوِّى خلق عيسى فى رحم عذراۤء مؤمنة محصنة وصدّيقة. وصفات هذه ٱلوالدة وٱلأم تبين أهمية ٱلعلاقة بين ٱلمولود وٱلوالدة وكذلك ٱلأمّ. وهى ٱلتى تظهر ٱلبّر عند ٱلولد وٱلابن. وٱلبرّ هو ٱلوفاۤء وٱلصدق وٱلإحسان وٱلصلاح وٱلخير. وإن ٱلإنسان فى تقدمه للحصول على "وماۤ أوتيتم من ٱلعلم إلاّ قليلاً" قد يتوصل إلى صناعة رحم. وٱلطفل ٱلذى يسوى خلقه فيه إذا لم يكن له أمّ مؤمنة محصنة وصدّيقة ترعى مسألة ٱلبرِّ فى نفسه. لن يكون أكثر من إنسان صنعى روبوتى. وٱلنبأ فى ٱلقرءان موجَّه ٱليوم إلىۤ أولـٰئك ٱلعلماۤء ٱلذين يؤولون ءاية ٱلعذراۤء وولدها. وكذلك ءاية ٱلعقيم. إلى ٱلانتباه إلى صفات أم ٱلمستنسخ فى حال توصلهم إلىۤ إذن تزويده بٱلمعلومات وهو جنين حتى تتولى رعايته وتربيته وتعمل على تثبيت وتطوير ٱلعلم ٱلذى تزوّد به. وٱلمستنسخ ٱلمطلوب من ٱلإنسانية ٱلصالحة يجب أن يكون كمثل عيسى "ولم يجعلنى جبّارًا شقيَّا" لأن ٱلجبّار هو ٱلمتسلط وٱلمتكبر ٱلذى يسعى لاستخدام ما لديه من علم لبسط سلطته على كل شىء. وٱلشقىّ هو ٱلذى لا يتوقف عن ٱلسعى لجمع ٱلثروات وتكديسها لتحقيق جبروته. وهما صفتان متلازمتان عند ٱلإنسان ناقص ٱلعلم وٱلبرّ معًا ٱلذى لا ينتبه إليهما حتى تتوقف حياته بٱلموت. وقد جاۤء فى ٱلبلاغ بيان عن لهو هذا ٱلشقى: "ألهـٰكُم ٱلتكاثُـرُ/1/حتَّى زُرتُمُ ٱلمقابِرَ/2/" ٱلتكاثر. فإذاۤ أرادوا ٱليوم وقبل وصولهم إلىۤ إذن تزويد ٱلمستنسخ بٱلمعلومات فليكن عملهم محصورًا على حـالات ٱلعقم كما فى مثل ولادة إسحـٰق بٱنتظار ٱكتشـاف أذون كسـب ٱلمعلومات فى ٱلحال ٱلجنينىّ. فإذاۤ أخذ علماۤء ٱلاستنساخ من ٱلتوجيه ٱلإلٰهى هاديًا لهم فى مثل عيسى يمكنهم أن يخلقوا لونًا بشريّا عيسويّا راقيّا فى تكوينه ٱلجسمى وٱلنفسى. ويكون ٱلمستنسخ بعلمه وصلاحه وبرّه وبعده عن ٱلجبروت وٱلشقاۤء قد فتح ٱلباب لخلق إنسان جديد رحمانى عالى ٱلتطور. كما يلبى حاجة ٱلتوالد من دون فعل ٱلمسِّ ٱلذى يمكن ٱلتخلى عنه للمرحلة ٱلبشرية فى حياة ٱلإنسان. وبه يكون ٱلإنسان ٱلجديد لا تسوقه ٱلدوافع ٱلبهيمة بسبب علمه وطهارته وصلاحه. وبه يتخلص من معظم وأخطر سلوكه ٱلوحشى ٱلذى يتمثل بٱلجبروت وٱلشقاۤء. ويوجه ٱهتمامه إلى ٱلعلم ٱلصالح وٱلارتقاء به إلىۤ أقصى ما خوّله ٱللَّه فيه. أمّا إذا طرح علماۤء ٱلاستنساخ ٱلتوجيه ٱلإلهى جانبًا وسارت أعمالهم فى طريقها فهم قادرون على ٱستنساخ بشر وتزويده بٱلعلم. ولكن قد يكون معظمه لحاجات ٱلجبروت وٱلشقاۤء حيث يتولد ٱلشرّ وٱلفساد. وإنسان عالى ٱلعلم من دون إيمان وصلاح قوته ٱلتدميرية كبيرة فى ٱلمجتمع ٱلبشرى وٱلأرض على ٱلسواۤء. لقد أعلمنا ٱللَّه أن كسب ٱلعلم يحدث عن طريق ٱلسمع وٱلبصر وٱلفؤاد وهى ٱلوساۤئط ٱلأساس للإدراك ٱلحسى. وهذا يجرى من بعد ٱلولادة مباشرة. وهو ٱلطريق ٱلمألوف عند ٱلناس إلى يومنا هذا. ويوكِّد ٱللَّه ذلك فى ٱلنبـإِ: "وٱللَّه أَخرَجَكُم مِن بُطُونِ أُمَّهٰتِكُم لا تعلمُونَ شيئًا وجَعَلَ لكُمُ ٱلسَّمعَ وٱلأَبصٰرَ وٱلأفئِدةَ لعَّلَكُم تَشكُرُون" 78 ٱلنحل. ووجدنا فىۤ ءاية عيسىٰۤ أنه يمكن كسب ٱلعلم قبل ٱلخروج من رحم ٱلوالدة. وبعد ٱلولادة تتابع وساۤئط ٱلإدراك ٱلحسّى ٱلكسب وتتقوى بٱلخبرة. إن تقدمنا ٱلعلمى يوصلنا ٱليوم وسنوصل فى ٱلمستقبل إلى ٱلعلم فى كيف بدأ ٱلخلق "ولقد علمتم ٱلنشأة ٱلأولى". كماۤ أن تقدمنا ٱلعلمى يجعلنا نتعرف علىۤ أية عيسى من خلال تأويلنا لها ٱستنادًا للنبـإِ: "وقُلِ ٱلحمدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُم ءايـٰتِهِ فَتَعرِفُونَها وما رَبُّكَ بغـٰفلٍ عمّا تَعملَون" 93 ٱلنمل. يقول ديتفورت: ["فى هذا العالم لا يضيع أي شيء. ما من شيء حصل في أي وقت من الأوقات إلا وترك بعد انقضائه آثاراً ما تدل عليه. والمطلوب هو فقط كشف وإيجاد هذه الآثار وتعلم طريقة قراءتها". لقد "اكتشف العلماء في السنين الأخيرة الآثار الأولى لتطور الحياة المبكر قبل ثلاثة ونصف مليار سنة. علاوة على ذلك فقد نجحوا في أن يشتقوا من هذه الآثار المعلومات الأولى التى تبين كيف سارت الأمور في هذه الخطوة الهامة من التطور. إن الصدى الأول الذي بدأنا نسمعه بفضل هذه الدراسات الحديثة حول ذلك الماضي البعيد هو جدال عارم لا رحمة فيه. أمّا التكنيك الذي استخدمه العلماء لالتقاط هذا الصدى فإنه مذهل لكن ما يبعث أكثر على الذهول هو المكان الذي اكتشف فيه هذا الأثر إنه الإنسان ذاته. كل منا وكذلك جميـع الكائنـات الحية الموجودة اليوم بدون استثناء يحمل في داخله آثار ما حصل على الأرض آنذاك قبل حوالي /4/مليار سنة"]. ٱلذى يوصفه ديتفورت جاۤء ليكشف عن مقدار تقدم ٱلعلم ٱلإنسانى. ومجال ٱلتقدم ما زال مفتوحًا ولاۤ إغلاق له إلاّ بٱنتهاۤء حياة ٱلإنسان ذاته. وقد جاۤء ما وصفه ديتفورت فى ما يضمّه ٱلنبأ فى ٱلأية 93 ٱلنمل. وكان ديتفورت قد قال قبل هذا ٱلوصف أن: ["على المتدينين أولاً أن لا ينزعجوا بمقدار شعرة واحدة إذا ما حصل التقدم العلمي ضمن الخليقة وإلاّ أين سيحصل ؟ إذا كان الخالق الذي تتحدث عنه الأديان موجوداً فإن وجوده لا يمكن أن يتأثر بالمستوى الذي بلغته علوم الأحياء على الأرض في هذه اللحظة من التاريخ"]. وهو محقّ فيما قاله عن موقف ٱلمتدينين ٱلذين لا يعلمون أن علماۤء ٱلأحياۤء يعبدون أمر ٱلخالق "قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق". ولكن على ديتفورت أن يعلم أن ٱلبحث فى "كيف بدأ ٱلخلق" هو أمر من ٱلخالق ذاته ٱلذىۤ أنبأنا فى ٱلأية 93 ٱلنمل عمّا جاۤء به ٱلعلم فى وصف ديتفورت. كماۤ أنبأناۤ أن علمنا بٱلنشأة ٱلأولى حتمىّ: "ولقد عَلِمتُمُ ٱلنَّشأَةَ ٱلأُولَى فَلَولا تَذَّكرُونَ" 62 ٱلواقعة. لقد توصل علماۤء ٱلفيزيآء وعلماۤء الأحياۤء إلى مسألة هامة وهىۤ أنه يوجد فى ٱلوجود (ٱلطبيعة) علم وذاكرة (ذكـاۤء) منذ ٱلبداية وقبل وجود ٱلفؤاد (ٱلدماغ) ٱلإنسانى. وهذا ٱلأمر هو حقّ. إذ كيف ٱتفق للطاقات ٱلأولية (ٱلكواركات) أن تكوّن ٱلبروتونات وٱلنيترونات وٱلإلكترونات ؟!.. ثم كيف ٱتفق أن تكوّنت ٱلسورة (ٱلذَّرة) وٱلجزيئات ؟. هذا فى عالم ٱلمادة ٱلميتة. ثم كيف ٱتفق للمادة ٱلميتة أن تتحول إلى حيّة ؟!.. كل هذه ٱلأسئلة تبقى بلا جواب لدى جميع هؤلاۤء ٱلعلماۤء رغم أنَّ ما توصّلوۤا إليه حقّ وهو تأويل للنبـإِ: "قالَ ربُّنَا ٱلَّذىۤ أعطَى كُلَّ شىءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدَى"50 طه. ٱللَّه هو ٱلذىۤ أعطى ٱلخلق لكلّ شىء وزوّده بٱلهداية ٱلتى تمثل برنامجًا لفعل وسلوك هذا ٱلشىء من دون أخطاۤء. وعلى ٱلرغم من توصّل هؤلاۤء ٱلعلماۤء إلى ٱلعلم بهذا ٱلحقّ فهم ما يزالون على قولهم أنّ "الطبيعة طوَّرت وأنها كيّفت وأنها اصطفت وهكذا..". وهم يتوقفون عن متابعة ٱلقول عن ٱلوسيلة ٱلتى جعلت "ٱلطبيعة" بهذه ٱلقدرة على ٱلتطوير وٱلتكيف وٱلاصطفاۤء. وهم فى ذات ٱلوقت يحيلون كل هذا "ٱلذكاء" إلى "ٱلطبيعة" من دون ٱلتصديق بٱلفعل ٱلإلٰهى ٱلذى جاۤءت بحوثهم وأقوالهم مصدقة له. وهم يجدون أن "ٱلطبيعـة" ٱلتـى تملك كل هذا "ٱلذكاء" لا يلزمها خالق!. وهذا يدل على غفلة يولدها جهل فى ٱلحقّ. وهى ليست من علم كامل. وقد جاۤء فى ٱلبلاغ عن أصحاب هذه ٱلغفلة ٱلجاهلة: "فأَمَّا ٱلَّذينَ فى قُلُوبِهم زيغ فيتَّبِعُونَ ما تشٰبَهَ مِنهُ ٱبتِغَاۤءَ ٱلفِتنَةِ وٱبتغاۤءَ تَأوِيِلِهِ وما يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّه" 7 ءال عمران. أمّا ٱلعلماۤء ٱلذين يصدّقون ٱلنبأ فقد جاۤء عنهم ٱلبلاغ ٱلتالى: "وَٱلرَّاسخونَ فى ٱلعلمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بهِ كلّ مِن عِندِ رَبّنا وما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُواْ ٱلأَلبـٰبِ" 7 ءال عمران. وعن ٱلذين يتبعون ٱلأية ٱلتى جاۤء بها عيسى بن مريم ومنهم ٱلراسخون فى ٱلعلم جاۤء فى ٱلنبإ: "وجاعِلُ ٱلَّذينَ ٱتَّبَعُوكَ فوقَ ٱلَّذينَ كَفَرُواْ إلى يومِ ٱلقِيـٰمةِ" 55 ءال عمران. ٱلإتبـاع لا يكـون إلاّ لمنهاج. وهذا ٱلمنهاج جاۤء فى ٱلبلاغ ٱلتـالى: "أَنّى قد جِئتُكُم بأَيةٍ من رَبّكُم أَنِّىۤ أخلُقُ لَكُم مِنَ ٱلطِّينِ كَهَيئَةِ ٱلطَّيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طيرًا بإذن ٱللَّه وأُبرئُ ٱلأَكمَهَ وٱلأَبرصَ وأُحِى ٱلمَوتَى بإِذن ٱللَّه وأُنَبِّئُكُم بما تَأكُلُونَ وما تَدَّخِرُونَ فى بُيُوتِكُم إِنَّ فى ذلِكَ لأيةً لَّكُم إن كُنتُم مُؤمِنِين/49/ وَمُصَدّقًا لِّما بينَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّورـٰةِ ولأُحِلَّ لكُم بَعضَ ٱلَّذى حُرّم عَليكم وجِئتُكُم بأَيَةٍ مِّن رَّبّكُم فَاتَّقُواْ ٱللَّه وأَطِيعُونِ/50/" ءال عمران. وٱلذى نجده فى هذه ٱلأيات أن منهاج عيسى هو من عند ٱللَّه. وهو موجه للاهتمام بٱلخلق (ٱلتصميم) وٱلتسوية (ٱلتنفيذ ٱلدقيق) وعلوم ٱلطب (بما فى ذلك إخراج ٱلموتى) وعلم ٱلتغذية (بما فى ذلك ٱلسماح بما كان ممنوعًا من بعد ٱلكشف عن أسباب ٱلمنع وٱلتغلب ٱلعلمى عليه) وعلوم ٱلاقتصاد. كما يبين أن تصديق وٱتباع ٱلمنهاج يأتى من ٱلصراط ٱلمستقيم ٱلذى يمثله قول عيسى: "إِنَّ ٱللَّه ربّى وَرَبُّكُم فٱعبُدُوهُ هذا صِرٰط مُّستَقِيم" 51 ءال عمران. أى وجّهوا ٱتباعكم لهذا ٱلمنهاج وفق أوامر ٱللَّه وحده من دون غيره. ونجد ٱليوم شعوبًا تقدمت فى مجالات ٱلخلق وٱلتسوية وٱلطب وٱلتغذية وٱلاقتصاد. وهى بتقدمها هذا تتبع منهاج عيسى ولكن من دون تصديق. وهذه ٱلشعوب تسير وفق منهاج ٱلذيـن "فى قلوبهم زيغ". أمّا ٱلشعوب ٱلتى لم تتبع منهاج عيسى فلا خلق لديها ولا تسوية ولا علوم طب ولا علوم تغذية ولا علوم ٱقتصاد فهى شعوب كفرت بمنهاج عيسى وقد جاۤء عنها فى ٱلبلاغ: "فأَمَّا ٱلَّذينَ كَفَرواْ فأعذّبُهُم عذابًا شديدًا فى ٱلدُّنيا وٱلأَخِرَةِ وما لهم من نَـٰصرينَ" 56 ءال عمران. وعذابهم فى ٱلدنيا يأتى بسبب تفوّق ٱلذين ٱتبعوا منهاج عيسى على ٱلذين كفروا "وجاعل ٱلذين ٱتبعوك فوق ٱلذين كفروۤاْ إلى يوم ٱلقيـٰمة" فهذا ٱلعذاب يستمر إلى يوم ٱلقيامة ليبدأ عذاب شديد جديد هو عذاب ٱلأخرة.
كسب ٱلمعلومات إن عملنا ٱلمتعلق بكسب ٱلمعلومات يختلط مع بحث ٱلاستنساخ ويقترن بأيات يجرى تأويلها عن طريق أعمال ٱستنساخ. ولكن يوجد فى كتاب ٱللَّه (ٱلقرءان) أنبآء أخرى عن ٱلوسائل ٱلمختلفة ٱلتى كانت متسلسلة فى كسب ٱلإنسان ٱلمعلومات. ٱبتداۤء من ءادم ٱلذى يمثل ٱلإنسان ٱلأول. وٱلذى نجـده أن كسـب ٱلمعلومـات ٱبتـدأ بعد ٱلتسوية مباشرة كما يبين ٱلنبـأ ٱلتالى: "إذ قَالَ ربُّكَ لِلملـٰئِكَةِ إِنّى خـٰلِق بَشَـرًا مِن طينٍ/73/ فإِذا سَوَّيتُهُ ونفختُ فيهِ مِن رُوحى فَقَعوا له سـٰجدينَ/74/" ص. "فإذا سوّيته" أى أكملت تنفيذ ٱلخلق للبشر من دون نقص. و"نفخت فيه من روحى" أى ذكيّت وهيّجت فيه من علمى وصار قادرًا على كسب ٱلمعلومات وحفظها وٱستخدامها فى ٱلتأويل. وهو إعادة ٱلنظرية إلىۤ أصلها فى ٱلوجود وتصديقها. لقد كان ٱلبشر قبل "ونفخت فيه من روحى" يسلك فى ٱلحياة وفق ٱلهداية ٱلتى تحكم وتوجه سلوكه تلقائيًّا. أمّا من بعدها فصار يوقع تحت سيطرة ٱلقلب ٱلذى يتلقى ٱلمعلومات ويقلبها ويعقل بين ٱلمفاهيم ويكشف عن ٱلتناقض فيها ويجرى ٱلمطابقة ثم يصدر ٱلحكم ٱلذى يوجّه سلوكه. وهذه ٱلعملية لا تحدث وتكتمل عند ٱلإنسان ٱلأول دفعة واحدة بعد "ونفخت فيه من روحى" من دون تعلّم ٱلخوض وٱلخبرة فيه. وهو ما قام به خبراۤء مهديون (ملاۤئكة). إنَّ ٱلإنسان ٱلأول لم يكتشف ٱلمحراث ولم يحرث ٱلتربة ولا زرع ٱلحبوب ولا قام بحصادها ولا بتأهيل ٱلدّواۤبّ وٱلطيور ولا بصنع ٱلطين وٱلفخار ولا بٱستخراج ٱلمعادن وصهرها ولا بغزل ٱلخيوط ولا بنسجها ولا بٱستنساخ ٱلنبات بمفرده. وكل ذلك جرى بمرافقة خبـراۤء ملاۤئكة. ومثله حدث مع نطق ٱلكلام حيث ٱقترن مع كل كلمة صوت. لقد ٱستمر هذا ٱلعمل ٱلتعليمى منذ "ونفخت فيه من روحى" وحتى ٱلرسول وٱلنبى نوح. ٱلذى كان أول إنسان يُسند إليه عمل ٱلمعلم للبشر. ونرىۤ أنَّ قومه لم يستطعوا ٱلتصديق أنّه رسول ٱللَّه إليهم بسبب تعوّدهم على رسل من ٱلملائكة. وقد جاۤء موقفهم من ٱلرسول نوح فى قولهم: "ولو شاۤءَ ٱللَّه لأَنزَلَ ملٰۤئِكةً ما سَمِعنَا بِهذا فىۤ ءَاباۤئِنا ٱلأوّلين" 24 ٱلمؤمنون. ونجد عند نوح بداية لتلقى ٱلمعلومات ٱلنظرية عن طريق ٱلوحى كما يبين ٱلبلاغ: "إنَّاۤ أوحَيناۤ إليكَ كماۤ أَوحيناۤ إلى نوحٍ وٱلنبيّن مِن بعدِهِ" 163 ٱلنساۤء. وفيهاۤ أن عملية كسب ٱلمعلومات عن طريق ٱلوحى بدأت مع نوح. أما من قبله فكان كسب ٱلمعلومات يحدث عن طريق تعليم مباشر تقوم به ٱلملاۤئكة ٱلتى تشبه ٱلروبوت. وقد وصل ٱلإنسان فىۤ أيام نوح إلى كسب ٱلمعلومات بٱلخوض ٱلمباشر ٱلمتكرر وٱلخبرة فيه. وصار مخزونه ٱلمكتسب يكفيه للتزود بٱلمعلومات ويعينه فى ٱلخوض وٱلخبرة من دون معلّم. وقلّت ٱلحاجة إلى ملاۤئكة تدربه. وصار الوحى (وهو إدخال معلومة إلى ٱلقلب بأمر من ٱللَّه من دون ٱلمرور بٱلسمع وٱلبصر) هو ٱلسبيل ٱلجديد لكسب ٱلعلم فى ٱلخوض وٱلخبرة إلى جانب مراقبة من قبل ملاۤئكة وتقديم ٱلعون عند ٱلحاجة. ومثل ذلك نجده فى ٱلنبـأ ٱلتالى: "فأَوحيناۤ إليهِ أَنِ ٱصنَعِ ٱلفُلكَ بأَعيُنِنَا ووحيِنا" 27 ٱلمؤمنون. صنع ٱلفلك لم يكن من ٱلمعلومات ٱلتى ٱكتسبها ٱلإنسان عن طريق ٱلملائكة من قبل نوح. وهذا يستدعى ٱلعمل تحت رقابة بيّنها ٱلنبأ "بأعيننا ووحينا". أىۤ أن ٱلمعلومات ٱلنظرية ٱلمتعلقة بخطة بناۤء ٱلفلك وردت إلى قلب نوح بفعل ٱلوحى وهو يقوم بصنعه بإشراف خبراۤء ملاۤئكة رافقوه فى صنعه. ثم نجد من بعد نوح أسلوبا جديدًا لكسب ٱلمعلومات وهو ٱلوحى على هيئة رؤياۤ أثناۤء ٱلنوم (رؤياۤ إبرٰهيم ورؤيا يوسف) وهى وسيلة لتوريد معلومة إلى قلب ٱلإنسان تجعله يستنبط معلومات ويتنبأ بأحداث فى ٱلمستقبل ثم يأتى ٱلحدث لاحقًا ليصدق ٱلرؤيا ويؤولها. ونجد مع موسى تقدمًا كبيرًا فى "ونفخت فيه من روحى" فقد تطورت قدرة ٱلإنسان على ٱكتساب ٱلمعلومات عن طريق ٱلسمع بوسيلة ٱلخطاب ٱلمباشر كما فى ٱلمحاضرة أو ٱلمعلومة ٱلواردة عبر راديو. ثم يتعود على حفظ ٱلمعلومة فى ذاكرته ويتدرب على إعادتها. وقد جاۤء فى ٱلبلاغ ما يبين ذلك: "وكلَّمَ ٱللَّه موسى تكليمًا" 164 ٱلنساۤء. ويتابع ٱلإنسان ٱكتسابه ٱلمعلومات عن طريق ٱلوحى حتى نوصل إلىۤ ءاية عيسى فنجد أن ٱلمعلومات ٱلإبداعية فى ٱلخلق وتسويته وٱلطب وعلم ٱلتغذية وعلم ٱلاقتصاد قد تم إدخالهاۤ إلى قلبه وهو جنين. مع ٱقتران تلك ٱلمعلومات ٱلنظرية ٱلإبداعية بخبرة تسوية إبداعية. ونوصل إلى ٱلوحى ٱلأخير وٱلمكمل ٱلذى جاۤء فى ٱلقرءان أنبآء لا نعلمهاۤ إلاّ بعد حين. وٱقترن ذلك بأوامر من ٱللَّه للإنسان ٱلذى يصدق ويثق ويعمل وفق ٱلأمر "قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق". ٱلرجل ٱلذى جاۤءه هذا ٱلوحى المكمل على هيئة أنبآء نظرية وبلسان عربى مبين هو رجل فى ٱلأربعين من ٱلعمر ولم يسبق له أن ٱكتسب علمًا نظريًا من قبل. وقد بين ٱلبلاغ حاله ٱلعلمية: "وكَذلِكَ أَوحيناۤ إليكَ رُوحًا مِّن أَمرِنا ما كُنتَ تَدرِى ما ٱلكِتَـٰبُ ولا ٱلإيمـٰنُ ولكن جعلنـٰهُ نورًا نَّهدِى بهِ من نَشَاۤءُ من عِبَادِنا وإِنَّكَ لَتَهدِىۤ إلى صِرٰطٍ مُّستَقِيمٍ" 52 ٱلشورى. فى هذه ٱلأية نجد أن ٱلروح هو ٱلمادة ٱلعلمية ٱلتى دلَّ عليها "أَوحيناۤ إليكَ" وماۤ أوحىَ هو كتاب ٱللَّه "ٱلقرءان". وفيه ٱلمنهاج ٱلكامل للعلم وأنبآء عن عدَّة ٱلتكوين وجرىَ تسوية ٱلخلق. ومنها ما يمكن للإنسان أن يعلم بها علمًا مباشرًا. وهى ٱلتى تبدأ من ٱلفجر وتنتهى بتكوير ٱلشمس. ومع ٱلأنبآء ٱلمتعلقة بتسوية ٱلخلق لحياتنا ٱلدنيا ومكانها فى ٱلمجموعة ٱلشَّمسية أتت أنبآء عن ٱلحياة ٱلأخرة. وفى هذه ٱلأنبآء كل ٱلعلم ٱلذى يمكن للإنسان أن يحصل عليه ومقداره هو "وماۤ أوتيتم من ٱلعلم إلاّ قليلاً". هذه ٱلأنبآء حملت معها جميع ٱلأقوال ٱلنظرية ٱلتى يتوصل إليها نظر وبحث ٱلإنسان. وهو لا يقدر على ٱلخروج عنها لأنها جميع ٱلحق ٱلذى يمكن للإنسان أن يمدّ يده إليه. أمّا مسألة ٱلتصديق لهذه ٱلأنبآء فإنها تسوق ٱلإنسان ٱلعالم إلى ٱليقين. لأن ما جاۤءه من علم منزّل من عند ٱللَّه تطابق مع ما رأى بنظره وبحثه فى ٱلحق. وبٱلتصديق يسقط ٱلغرور وٱلتكبر وٱلشقاۤء لديه. ويحلّ ٱلبرّ وٱلصلاح مكانها. ونجـد أن هذا ٱلمنهاج قد لُقم به قلب رجل ليس لديه بنآء علمى يؤسس معلومات من هذا ٱلقبيل. وٱلبلاغ ٱلتالى يبين ذلك: "وما كُنتَ تَتلُواْ مِن قَبلهِ مِن كِتٰبٍ ولا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذًا لارتابَ المُبطِلونَ" 48 ٱلعنكبوت. ءاية ٱلرسول محمد هى فىۤ إدخال منهاج كامل للمعلومات إلى قلبه. وهو ٱلذى لا يتلو ولا يخط كتابًا وقد بلغ ٱلأربعين من ٱلعمر. رجل فى ٱلأربعين وفى مثل هذه ٱلصفة ٱلعلمية لا يمكن جعله يكسب معلومات علمية ويخزنها فى ذاكرته إلاّ بجهود صعبة منه ومن ٱلذى يعلمه حتى فى يومنا نحن. وءايته يمكن تأويلها بعد ٱلكشف عن ٱلأذون ٱلإلٰهية ٱلتى تمكننا من إدخـال ٱلمعلومات إلى قلب ٱلإنسان ٱلذى ٱجتاز سنَّ ٱلتعلم. ولم يقتصر ٱلنبأ فى ٱلقرءان على حصر كسب ٱلمعلومات بٱلإنسان وحده. بل يبين النبأ وجود أذون لنقل ٱلمعلومات إلى كاۤئنات حية أخرى: "وَوَرِثَ سُليمٰنُ داوودَ وقَالَ يَٰۤأيُّها ٱلنَّاسُ عُلِّمنا مَنطِقَ ٱلطَّيرِ وأُوتِينا مِن كُلّ شىءٍ إنَّ هذا لَهُوَ ٱلفَضلُ ٱلمُبِينُ/16/ وحُشِرَ لِسُليمٰنَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلجِنّ وٱلإنسِ وٱلطَّيرِ فَهُم يُوزَعُونَ/17/ حَتَّىۤ إذاۤ أَتَواْ على وادِ ٱلنَّملِ قَالَت نملة يٰۤأيُّها ٱلنَّملُ ٱدخُلُواْ مسٰكِنَكُم لا يَحطِمَنَّكُم سُليمٰنُ وجُنُودُهُ وهم لا يشعُرُون/18/ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِن قَولِها وقَالَ ربّ أوزِعنىۤ أن أَشكُرَ نِعمَتَكَ ٱلتىۤ أَنعَمتَ على وعلى وٱلدَى وأن أَعملَ صَٰلِحًا تَرضٰهُ وأَدخِلنِى بِرَحمَتِكَ فى عِبَادِكَ ٱلصٰلحينَ/19/ وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيرَ فَقَالَ ما لِىَ لاۤ أرى ٱلهُدهُدَ أم كَانَ مِنَ ٱلغاۤئبينَ/20/ لأُعَذّبَنَّهُ عذابًا شديدًا أو لأَذبَحَنَّهُ أو ليَأتِينّى بسلطـٰنٍ مُبينٍ/21/ فَمَكَثَ غَيرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بما لم تُحِط بِهِ وَجِئتُكَ مِن سبإٍ بنباءٍ يقينٍ/22/ إِنّى وَجَدتُّ ٱمرأةً تَملِكُهم وَأُوتِيِت من كلّ شىءٍ ولها عرش عظيم/23/ وجدتُّها وقومَها يَسجُدُونَ للشَّمسِ مِن دونِ ٱللَّه وزيَّـنَ لَهُمُ ٱلشَّيطٰنُ أعمٰلَهُم فصَدَّهُم عَنِ ٱلسَّبيلِ فَهُم لا يهتَدُونَ/24/ ألاّ يَسجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذى يُخرِجُ ٱلخَبءَ فى ٱلسَّمٰوٰتِ وٱلأرضِ ويَعلَمُ ما تُخفُونَ وما تُعلنُونَ/25/ ٱللَّه لا إلٰه إلاّ هُوَ رَبُّ ٱلعرشِ ٱلعظيمِ/26/ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقتَ أَم كُنتَ من ٱلكٰذبين/27/ ٱذهب بكتٰبى هذا فأَلقِهِ إِليهِم ثُمَّ تَوَلَّ عنهم فٱنظُر ماذا يَرجِعُون/28/" ٱلنمل. ٱلنبأ فى هذه ٱلأيات يبين أن ٱلعلم يمكن نقله إلى ٱلكاۤئنات ٱلأخرى. وماۤ أثاره طآئر ٱلهدهد يبين معرفته بوحدانية ٱللَّه وبقدرته. وقد أظهر بعلمه وبمعرفته شركَ ملكة سبإ وقومها. وقد جاۤء ذلك مع بيان لسبب غيابه. كما أنّ تكليف سليمان للهدهد بحمل كتاب ونقله إلى ملكة سبإ وٱنتظار ٱلجواب يبين خبرة هذا ٱلطآئر وعلمه. > لقد تناول ٱلدكتور محمد رشاد خليفة ٱلعدد 19 ووجد أنّ أول ءاية فى ٱلقرءان وهى "بسم ٱللَّه ٱلرحٰمن ٱلرحيم" تتكون من 19 كتاب (حرف). وأن عدد سور ٱلقرءان ٱٰلـ 114 هو من مضاعفات ٱلعدد 19. وبيّن أن كتب (حروف) ٱلألف وٱللام وٱلميم فى سورة ٱلبقرة هى من مضاعفات ٱلعدد 19. وتبدأ هذه ٱلسورة بأية مكونة من هذه ٱلكتب ٱلثلاثة (الۤمۤ). كما وجد أن هذه ٱلمقادير موجودة فى 29 سورة. تبدأ كل منها بكتب يسميها ٱلمفسرون للقرءان فواتح ٱلسور. ويستدل ٱلدكتور خليفة أن ٱلقرءان من عند ٱللَّه بدليل هذه ٱلعلاقة ٱلمقدارية. ولقد توصل ٱلعالم ٱلأمريكى "فرانك دريك" إلىۤ إنشآء نموذج لرسالة (على طريقة ٱلمربعات ٱلمخصصة للتسلية فى ٱلمجلات) بين شريكين لا توجد بينهما أى شراكة سوى قدرتهما على "ٱلتفكير ٱلمنطقي ٱلرياضي". ووجد أنهما يستطيعان ٱلتفاهم لاسلكيًّا على طريقة ٱلمورس وفق هذا ٱلنموذج. وقد رأىۤ أنّ هذا ٱلنموذج وحيد. وهو يتكون من 551 نبضة وتوقف (_/.) مرتبة ضمن 19 رمزًا على 29 سطر. ونموذج "دريك" هذا يشبه ما قاله ٱلدكتور خليفة عن ٱلعدد 19 وٱلسور ٱلـ 29 فى ٱلقرءان. بل هو بيان يمكن إدراكه من هذا ٱلنموذج ٱلمورسىّ. وجد "ج.ووكر" أنّ "زاوية المخر المقيسة بين الخط ومسار القارب مساوية (19.1) درجة. وعن زاوية الأثر الذي يتركه قارب يمخر الماء، وأي شيء من البط حتى ناقلات النفط الضخمة، يولّد أثناء حركته عبر الماء نمطاً لأثر المخر له الزاوية ذاتها". وأجد نفسىۤ أورد بعضًا من أمثلة ٱلفيزياۤء ٱلمسلية: ["وتنص القوانين الهندسية، على أن الجسم الذي يبعد عن العين مسافة تزيد على قطره بمقدار (57) مرة، يجب أن يظهر لعين المراقب بزاوية إبصار تساوي درجة واحدة". "وعند ضعف هذه المسافة، تصبح زاوية إبصارها مساوية لنصف درجة"]. ٱلعدد 57 هو من مضاعفات ٱلعدد 19 وكذلك ضعف ٱلمسافة 114. "وإذا طلب منك أن ترسم على الورقة، دائرة تمثل قرص القمر، كما تراه بالعين المجردة، لظهر لك بأن هذا الطلب غير متكامل الشروط. ذلك لأن الدائرة قد تكون كبيرة أو صغيرة، تبعاً لبعدها عن العين. ولكن الشروط ستصبح متكاملة إذا حددنا بعدها عن العين، بالمسافة التى نبعد بها الكتاب أو الرسم وغير ذلك، عن العين عادة، أي بالمسافة التى تؤمّن لنا رؤية جيدة جداً. وتبلغ هذه المسافة بالنسبة للعين السليمة (25سم). والآن، لنحسب الحجم الذي يجب أن تكون عليـه الـدائــرة، ولــو علــى صفحـة هـذا الكتاب، لكي يصبح حـجـمـهـا الظاهري، مساويـاً لحجـم قـرص القمـر. إن الحساب بسيط، ويتلخص في قسمة المسافة /25/سم (250) مم، على العدد 114". وهذه ٱلتسلية فى ٱلفيزياء ليست عبثا. أما ٱلفيزياۤء ٱلجدية فقد وصفت لنا هيئات نوى ٱلسُّوَر (ٱلذرات) وقالت أن هيئة ٱلنوى يتعلق بعدد نتروناتها وبروتوناتها. وثبت لهم ["أنه نادراً ما تتخذ القوى الذرية الشكل الكروي". "وعند التشوهات* الكبيرة أظهرت الحسابات فُرجة جديدة غير متوقعة في الطاقة عند العدد (38). نتيجة لذلك يُتوقع أن تحصل نواة ذات N أو Z قريب من (38) على ما يكافئ دفعة في اتجاه التشوه. وبالتأكيد سوف يسود التشوه في نواة ما، إذا ما ساندت البروتونات والنترونات ذلك. ومن ثم تنبأ مولر ونكس بأن القوى القريبة من N أو Z = 38 يجب أن تكون ضمن أعظم النوى تشوهاً في الطبيعة، والتشوه المفرط للكريبتون 74 (36 بروتوناً و 38 نتروناً) يوكّد هذا التنبؤ بشدة". "ومع ذلك فإن الموقف يتأثر بقُرْب العدد السحري الكروي (40) من العدد السحري المشّوه (38)"]. إن عدد ٱلنبضات وٱلتوقف فى نموذج "فرانك دريك" هو (19×29) وزاوية مخر ٱلماء (19) درجة. وقوانين ٱلهندسة ٱلمتعلقة بٱلمسافة بين ٱلعين وٱلجسم ٱلمنظور إليه (57) مرة من قطر ذلك ٱلجسم هى (19×3). وٱلعدد ٱلسحرى ٱلمشّوه للنوى ٱلذرية هو (19×2=38). هل كل هذا يحدث من دون رابط بينها ؟ وما علاقة ذلك بٱلنبـإ "عليها تسعة عشر" ؟ لقد رأينا أنّ ٱلعدد 19 يتدخل فى تكوين ٱلنوى وفى حركة ٱلأجسام على ٱلماۤء وفى قوانين ٱلهندسة. كذلك فى ٱلتفكير ٱلمنطقى ٱلرياضى عند "دريك". وهذا يدفعنا للانتباه إلى هذا ٱلعدد وٱلسعى للعلم بأهميته وبعلاقته مع وجود ٱلأشيآء وحركتها وٱلبلاغ عنها. لقد قال "دريك" عن نموذجه أنه ٱلوحيد! ونموذجه يطابق ما جاۤء فى محاضرة ٱلدكتور محمد رشاد خليفة عن ٱلعددين (19 و29). ألا يدعوا هذا للدهشة!. وإذا نظرنا فى أول سورة من ٱلقرءان نجد أنها تتكون من ست ءايات تعلوها وتتقدمها أية "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" ذات ٱلـ19 كتابًا. وقد ٱختلف ٱلمفسرون فى عدد ءايات هذه ٱلسورة وخلافهم يبين لنا أن ٱلأية ٱلمختلف عليها وٱلتى تتكون من 19 كتاب ليست من لون ٱلأيات ٱلست إلاّ أنها معها فى وحدة ٱلسورة. ومن ٱلمفيد أن نعلم أن "ٱلسورة" تدل على ٱلشىء ٱلذى يشترك فى بناۤء ما. وأن أىّ شىءٍ يتكون من عدد من ٱلسُّوَر (ٱلعناصر). وأن "ٱلأية" هى ٱلشىء ٱلذى يتكون من عدد من ٱلسُّوَر (ٱلعناصر). وتتبادل "ٱلسورة" و"ٱلأية" ٱلمواقع فى ٱلبناۤء. حيث تتكون "ٱلسورة" من عدد من "ٱلأيات" ٱلمكونة من "سور" أصغر. وهكذا حتى نصل إلى ٱلكون جميعه. وهو ما يبلغنا ٱلقرءان عنه. وهو يتكون من سوَر يماثل عددها عدد سوَر ٱلتكوين وٱلتى يبلغ عددها 114 سورة وكل منها يتكون من عدد من ٱلأيات. إنّ ضرب عدد ءايات سورة ٱلفاتحة ٱلست بٱلعدد 19 نحصل على عدد سور ٱلقرءان ٱلـ(114)!. وما يدلنا عليه ٱسم "سورة ٱلفاتحة" أنها ٱلسُّورة ٱلأولى – ٱلمبتدأ! وكأنها ٱلبداية ٱلتى ٱنطلقت منها ٱلنشأة ٱلأولى!. وحتى لا نتسرع فى قولنا ونوقع فى ٱلخرف وٱلظن نسأل فيزياۤء ٱلجسيدات عن ٱكتشافاتها ونسير معها. وهى ٱلتى تقول "أن عدداً صغيراً مـن القـوى يفسـر سلوك أي شكل من أشكال المادة الممتـدة من الجسيمات دون الذرية Subatomic إلى المجرات". إذن تعتمد ٱلفيزياۤء على ٱلاستنباط (ٱلاستنتاج) ٱنطلاقًا من "عدد صغير من القوى". وهذا لا عيب فيه طالما أن ٱلاستنباط يستند على أرضية حسية. ولقد قالت الفيزياء ["أن كوارك القمة هو سادس الكواركات وآخرها على الأغلب". "فالمادة تتكون من جزيئات مكونة بدورها من ذرات. وتتكون الذرة من نواة تحيط بها غيمة من الالكترونات. أما النواة فتتكون من بروتونات ونترونات". "ويتركب البروتون مثلاً من كواركين-فوق. وكوارك – تحـت، أمَّـا النتـرون فيتـركب من كوارك – فوق وكواركين تحت". "وخلافاً لما هي الحال في البروتونات والنترونات، فإن الالكترونات جسيمات أساسية على ما يبدو. وهي في الواقع تنتمي إلى فصيلة أخرى مما يسمى بالجسيمات الأولية (elementary particls) تعرف باسم الليبتونات Liptons. وهناك ست نكهات لليبتونات أيضاً:* الالكترون Electron والميون Muon والجسـيم تاو Tau ونترينو الالكترون Electron neutrino ونترينو الميون، ونترينو التاو"]. وتتابع ٱلفيزياۤء فى توصيفها لجسيدات ٱلمادة بقولها "أن الكواركات الأكثر خفة [الكوارك الفوقي، والكوارك التحتي] تُكوّن البروتونات والنترونات المعروفة، كما أنّها تكوّن مع الإلكترونات الجدول الدوري بأكمله. أمّا الكواركات الأثقل [الكوارك البديع (الرقية) والغريب والقمة والقاعدة] والليبتونات فهي وإن كانت قد وجدت بكثرة في اللحظات الأولى التى تلت الانفجار الأعظم فإنها لا تنتج الآن إلاّ في المسّرعات". فى هذا ٱلوصف لجسيدات ٱلمادة ٱلأساسية نجد ست كواركات وست ليبتونات. أي أن ٱلجسيدات ٱلأساس 12 جسيداً. ولننظر فى النبـإ ٱلتالى: "إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّه ٱثنَا عَشَرَ شَهرًا فى كتٰبِ ٱللَّه يَومَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰتِ وٱلأَرضَ مِنهاۤ أَربعة حُرَم" 36 ٱلتوبة. ٱلعدّةُ تشير إلى ٱلمقدار وٱلاستعداد (ٱلتهيؤ ٱلكمى). وٱلشهر من شَهَرَ ودليله فىۤ أعلن وأذاع وأظهر. وٱلشَّهرُ هو ٱلشىء ٱلمعلن وٱلمُذاع. وهو جزء من ٱلسنة يعرف من حركة ٱلقمر وميول محور ٱلأرض عن ٱلشمس. وكتاب ٱللَّه ٱلحقّ هو ٱلكون وفيه جميع كلمات ٱلحقّ. من ٱلبداية إلى ٱلنهاية. وٱلقرءان ٱلمنزل على قلب رسوله محمد هو كتابه ٱلذى يمثل ٱلقول ٱلعربي ٱلمبين ٱلمبلّغ عن كتابه ٱلحقّ. وما نجده فى هذا ٱلنبإ أنّ عدّة ٱلشهور. ٱلتى تشير إلى مقدار وٱستعداد وتهيؤ للإعلان. جرى وصفها أثناۤء خلق (تصميم) ٱللَّه للسمٰوٰت وٱلأرض وقبل تسوية هذا ٱلخلق. وهذه ٱلعدّة هى ٱلاثنا عشر شهراً. وهذا يطابق وصف ٱلفيزياۤء لعدد جسيدات ٱلمادة ٱلأساس. كما يطابق عدد كتب (حروف) ٱلقول "عليها تسعة عشر". ومن هذه ٱلشهور "أربعة حُرُم" أى محمية وممتنعة. وقالت ٱلفيزياۤء عن كواركات أربعة أن ظهورها فى ٱلمسرعات يتطلب طاقة عالية. لهذا ٱلنبإ تأويلان. ٱلأول أن ٱلشهر جزء من ٱلسنة على ٱلأرض ومنها أربعة حُرُم. ثلاثة متوالية هى ذو ٱلقعدة وذو ٱلحجة ومحرّم. وواحد فرد وهو رجب. وٱلتأويل ٱلثانى أن ٱلشهر هو ٱلجسيد ٱلمهيأ للدخول مع جسيدات أخرى فى تكويـن ٱلمادة بعد أن يأتيها ٱلأمر على هيئة طاقة حفّازة. ووجد ٱلفيزياۤئيون أن ٱلكواركات (ٱلبديع وٱلغريب وٱلقاعدة) كانوا قد ظهروا فى ٱلمسرّعات على ٱلتوالى وبطاقات عالية. أما ٱلكوارك ٱلرابع وهو كوارك ٱلقمة فقد تطلب ظهوره فى ٱلمسّرع [تركيز طاقة هائلة في حيز دقيق]. ونجد فى هذا ٱلوصف ٱلفيزياۤئى ما يطابق ٱلنبأ فى ٱلقرءان. فٱلأشهر ٱلحرم فى ٱلسنة ٱلقمرية أربعة. ثلاثة متوالية وواحد فرد. كذلك هو حال ظهور ٱلجسيدات فى ٱلمسّرعات فهى أربعة. ثلاثة متوالية ٱلظهور وواحد فرد. وٱلشىء ٱلذى يقوّى ما نرـٰه فى ٱلبلاغ (36 ٱلتوبة) أن سورة ٱلتوبة هى ٱلسورة ٱلوحيدة فى ٱلقرءان ٱلتى لا تعلوها ءاية "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم". وأنّ ٱلنبأ فى ٱلأية 36 يضم معلومة تسبق ٱلتسوية للوجود ٱلمادى. وهذه ٱلمعلومة تبين لنا عدة ٱلجسيدات ٱلأساس (ٱلشهور) ٱلتى سيطلب إليها أن تبنى ٱلكون جميعه. وهذا يبين مسألة "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" ٱلتى تتكون من 19 كتاب وٱلتى تمثل ٱلأمر ٱلحفّاز لهذه ٱلجسيدات للبدء بتسوية مناهجها ٱلتى تكوّن ذاكرتها وهدايتها. وسورة ٱلفاتحة تمثل أوّل تكوين كامل لها. بسم ٱلباء حرف جر وٱسم مجرور. وٱلجار وٱلمجرور متعلقان بفعلِ أمرٍ تقديره: ٱبدأ أو ٱفتتح Start. وٱلرحمٰن على وزن فعلان وهو وزن ٱلصفات ٱلمطلقة ٱلحفّازة مثل شبعان وجوعان وعطشان وحيوان وموتان الخ.. وهو ٱسم يدل على مطلق ٱلتوليد وٱلتطور. أما ٱلرحيم فهو على وزن فعيل وهو وزن ٱلصفات ٱلمقيّدة وفيها دليل ٱلكبح وٱلتوقيف. بين ٱلصفتين تناقض (مطلق ومقيّد) يبيّنه تناقض (ٱلصف وٱلزجر) فى سورة ٱلصافات. لقد وجدنا عند ٱلفيزياۤئيين وصفاً للبنية ٱلأساس للمادة ولتكوّن ٱلنوى وعلاقة ٱلهيئة بٱلعدد ٱلسحرى ٱلمشوّه (38). وكذلك ٱلزاوية ٱلمتعلقة بٱلأثر ٱلذى يتركه قارب يمخر ٱلماۤء. وقوانين ٱلهندسة ٱلمتعلقة بمسافة جسم عن عين ناظرة إليه وعلاقة ذلك بالعدد (19). كماۤ أنّ "ٱلتعبير ٱلمنطقى ٱلرياضى" يقوم على علاقة حصرية للعددين 19 و29. إلاّ أننا لم نجد تفسيراً لهذه ٱلعلاقة. كما أننا لم نقدم نحن مثل هذا ٱلتفسير ٱلمطلوب. وجلّ ما قمنا به هو ٱلمقابلة بين ٱلأنبآء فى ٱلقرءان ٱلتى رأينا منها ما يوازى ٱلنبأ فى ٱلفيزياۤء وصفيًّا. وهناك تناقض فى وصف ٱلفيزياۤء للجسيدات. فهى تقول عنها "أنها لا تنتج إلاّ في المسّرعات" فى حين أنه يجرى تصادم جسيدى فى هذه ٱلمسرعات بطاقات عالية تدفع هذه ٱلجسيدات للتفكك كاشفة عن محتوياتها ٱلتى "وجدت بكثرة في اللحظات الأولى التى تلت الانفجار الأعظم". ولما كنت لاۤ أناصر مسألة ٱلانفجار ٱلأعظم وأقول أن هناك فجرًا وما زال ٱلفجر ينبع بهذه ٱلجسيدات. فإننىۤ أقول أن هذه ٱلجسيدات ما زال تدفقها على شدّته حتى ٱليوم. لقد جاۤء ٱلنبأ فى ٱلقرءان واصفًا لنا هذه ٱلجسيدات: "وٱلصّٰفّٰت صفّاً/1/فٱلزّٰجرٰت زجراً/2/فٱلتّٰليٰت ذِكراً/3/" ٱلصافات. فٱلجسيدات لونين (صافات) وهى ما دلّ عليه فى ٱلقرءان بٱسم ٱلشهور ٱلـ12. و(ٱلزاجرات) وهى ما دلَّ عليه فى القرءان بٱلعدد "عليها تسعة عشر". لقد قسم ٱلفيزياۤئيون ٱلجسيدات إلى صنفين أصليين. ٱلأول ٱلفيرميونات Fermions (ٱلليبتونات وٱلكواركات) وعددها 12 جسيداً. وهذا يقابله فى ٱلقرءان ٱسم ٱلشهور وهى (ٱلصافات). وٱلثانى ٱلبوزونات Bosons وهى جسيدات وسيطة قوى ٱلتفاعل وعددها 18. يقابلها فى ٱلقرءان ٱسم (ٱلزاجرات). وما أجده أنه ينقصها بوزونًا فتصير مطابقة لعدد ٱلقوى فى ٱلقرءان "عليها تسعة عشر". وهو ما تمثله ءاية "بسم ٱللَّه ٱلرحمن ٱلرحيم" ٱلأمر ٱلحفّاز للصافات من أجل ٱلترابط. وٱلصافات ٱلـ 12 تبقى من دون أىّ علاقة ترابط حتى يأتيها ٱلأمر ٱلحفّاز على هيئة طاقة من ٱلخارج. وهو ما تقوم به ٱلزاجرات ٱلـ 19. وهذا هو حال كل ٱلتفاعلات حيث تبقى فى وضع ٱلعطالة حتى تأتيها طاقة حفّازة من ٱلخارج. يقول ديتفورث معللاً العطالة التفاعلية : [لو كان الصدأ ينخر الحديد خلال ثوانٍ وكان الأوكسجين يتحد مع الهدروجين فى كل الأحوال وبدون مدِّهما بالطاقة، ولو كانت العناصر الكيميائية والجزيئات الموجودة تتفاعل مع بعضها البعض في كل لحظة بدون أية عوائق، لعمّت سطح الأرض الفوضى الكيميائية الشاملة". "على العكس من ذلك لو سيطر الخمول التفاعلي الكامل، أي لو تألف العالم من "العناصر الكريمة" فقط لكان عالماً لا يخضع للتغيرات ولا يمتلك القدرة على التطور]. ونجد سمة (ٱلرحمٰن) هى ٱلمتحكمة فى جميع ٱلتكوينات ٱلمادية من ٱلبداية إلى ٱلنهاية. وهو ما بينه ٱلبلاغ: "ٱلرَّحمٰن على ٱٰلعرشِ ٱستَوَى" 5 طه. هذا ٱلاستواۤء حصرى لاسم ٱلرحمٰن. ولا تشاركه سمة أخرى فى ذلك. وهو يمثل ٱلأمر ٱلطاقى ذاته "تسعة عشر". فى حين يمثل ٱسم ٱلرحيم سمة ٱلعطالة ٱلتفاعلية فى ٱلصافات. وٱلأمر ٱلتالى يبين لنا أن ٱللَّه يملك وحده ٱلأسمآء ٱلحسنى: "قُلِ ٱدعُواْ ٱللَّه أَوِ ٱدعُواْ ٱلرَّحمٰنَ أيًّا ما تدعُواْ فَلَهُ ٱلأَسمَاۤءُ ٱلحُسنَى" 110 ٱلاسراۤء. وهىۤ أسمآء مواصفات ٱلخلق وٱلصنع وٱلإتقان وٱلجمال ٱلكاملة ٱلجيدة. وهى صفات خَلقه وصُنعه وحده. دعوَ بٱلشىء دعواً ودعوةً ودعاۤءً ودعوى. طلب ٱحضاره وٱحتاج إليه وٱستعان به "رغب إليه". ووجهة ٱلإنسان فى ٱلحياة كيفما كانت أمامه ٱللَّه من خلال سمات فعله فى ٱلوجود بكل ألوانه. فهو ٱلرحمٰن لمن يبحث فى علوم ٱلنشوء وٱلتطور. وهو ٱلحى ٱلقيوم لمن يبحث فى علوم ٱلحياة وٱلموت. وهو ٱلكبير ٱلمتعال لمن يفكر فى ٱلسلطة وٱلتكبّر وٱلعظمة. وهو ٱلملك ٱلحق لمن يفكر ويبحث عن ٱلملك وٱلتسلط الخ.. ويبيّن ذلك ٱلبلاغ: "فَأَينَما تُوَلُّواْ فَثَمَّ وجهُ ٱللَّه" 115 ٱلبقرة. إن توجهات ٱلبحث ٱلعلمى يجب أن تنطلق فى وجهة ٱلسمة ٱلحسنى ٱلمناسبة لمسألة ٱلبحث على أنها سمة ٱلفعل ٱلإلهى. وٱلإنسان ٱلباحث عندما يؤمن بوحدانية ٱلخالق يستطيع أن يدعوه بٱلأسماۤء ٱلحسنى لأنها تمثل سمات أفعاله وصنعه. وعليه أن يعلم أنه لا يستطيع أن يبلغ هذه ٱلسمات. وكل من يحاول أن يتخذ لنفسه ولما يصنعه هذه ٱلسمات يوقع فى ظلم نفسه وظلم ٱلبيئة وٱلناس. وإذا عدناۤ إلى سورة ٱلفاتحة ٱلتى تحتوى على ست ءايات تعلوهاۤ ءاية "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" وهى معها فى وحدة ٱلسورة. ووازنا سورة ٱلفاتحة بسورة ٱلهدروجين ٱلتى تتكون من بروتون أساسه ٱلجسيدى ثلاثة كواركات وثلاثة بوزونات. فإنّ هذه ٱلكواركات وٱلبوزونات ٱلست كل منها يقابل ءاية فى سورة ٱلفاتحة ٱلتى يعلوها ٱلأمر ٱلحفّاز "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم". ونجد فى سورة ٱلهدروجين أنّ "ٱلإلكترون" هو ٱلذى يقابل الأمر الحفّاز "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم". وأنّ "ٱلإلكترون" هو ٱلذى قالت عنه ٱلفيزيـاۤء "إنه جسيم أساسي على ما يبدو". وتعترضنا صعوبة فى مقارنة "ٱلإلكترون" بٱلأمر ٱلحفّاز "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" لأن ٱلأمر مكون من 19 كتاب. وحتى يكون "ٱلإلكترون" هو ٱلمقابل للأمر "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" يجب أن يكون مكوناً من 19 جسيد من لون ٱلبوزونات (وسيطة قوى ٱلتفاعل). أو أن يكون ٱلبوزون ٱلتاسع عشر ٱلذى أشرت إلى نقصه سابقًا. وهنا تعترضنا كذلك مسألة جديدة تتعلق بعدد ٱلجسيدات ٱلأساس وخصوصًا ٱلليبتونات ٱلتى يصنّـف ٱلإلكترون علىۤ أنه منها. والذى يجعلنا نثير هذه ٱلمسألة أن ٱلفيزياۤء لم تقطع فى وصفها لـ ٱلإلكترون فى قولها عنه "أنه جسيم أساسي على ما يبدو". وأنها وجدت أنّ عدد ٱلكواركات هو 12. ستة وستة مضادة. أو ستة ذكور وستة إناث. وهذه ٱلكواركات بلونيها هى ٱلتى نرىۤ أنها عدّة ٱلشهور كما بين بلاغ ٱلقرءان وليس كما تقول ٱلفيزيآء ٱلليبتونات وٱلفيرميونات. وٱلذى يقوّى إثارتنا لذلك أن ٱللَّه أنبأنا أن ٱلجسيدات ٱلأساس (ٱلشهور) عددها 12 وأن عدد ٱلقوى وسيطة ٱلتفاعل 19 "عليها تسعة عشر". ومن هذه ٱلمقابلة بين ٱسم ٱلعدّة وٱلقوى فى ٱلقرءان وفى ٱلفيزياۤء نجد أن ٱلاختلاف بينهما قاۤئم فى ٱلِّسان ٱلمبلغ. وٱلسبب أن قوم ٱلرسول "ٱتخذواْ هذا ٱلقرءانَ مهجورًا". ونرىۤ أنّ ٱلنّفع ٱلحاصل من هذه ٱلمقابلة هو فى متابعة ٱلتوجه للنظر فى كتاب ٱللَّه ٱلكونى وتوجيه ٱلأمر فيه بنور ٱلبلاغ فى ٱلقرءان. وفى عودتنا إلى سورة ٱلفاتحة تبين لناۤ أنها أول سورة فى ٱلوجود نجمت عن ترابط ٱلجسيدات ٱلـ 12 وكانت هى ٱلسُّورة ٱلتى تمثل (ٱلشفع وٱلوتر) وهى ما تمثله سورة ٱلهدروجين فى ٱلفيزياۤء. وإذا عدنا إلى دليل كلمة ذرة فى ٱلألسن ٱلشامية نجد أنه أصل يدل على ٱلنثر وٱلبذر وٱلنسل !. وسورة ٱلفاتحة ٱلتى تمثل (ٱلشفع وٱلوتر) هى ٱلبذرة ٱلأولى لجميع ٱلتكوينات ٱللاحقة على بنآء ٱلسُّورة. وإذا كانت ٱلسُّورة أو حتى ٱلأجزآء ٱلتى تتكون منها (ٱلبروتون أو ٱلكترون) لا تحتوى هذه ٱلجسيدات فمن أين جاۤءت ٱلجسيدات داخل ٱلمسّرعات؟ إن ٱلجسيدات ٱلأساس ٱلـ 12 ٱلتى تمثل ٱلعدّة ٱلكاملة للوجود ٱلمادى. وهى ٱلتى جآءت فى ٱلقرءان بٱسم "ٱلشهور" وعن أفعالها بٱسم "ٱلصافات". وهى موجودة حرة طليقة عند ٱلفجر. وأن تفعيل ذاكرتها (ٱلهداية) يلزمه حفز تقوم به "ٱلزاجرات" ٱلـ "تسعة عشر". وبتفعيل ٱلذاكرة تقوم ٱلصافات بٱلترابط حتى تصبح غير موجودة للناظر إلاّ فى مكانين: ٱلفجر وفى ٱلمسّرعات. وهذا أمر منطقى لأنها لو كانت حرّة فى كل مكان لما وُجدنا نحن لنقوم بٱلنظر إليها. وفى ٱختفاۤئها عبر ٱلترابط تكوّنت ٱلسُّورة وٱلجزيئات وٱلكواكب ومنها أرضنا ٱلتى نبتنا منها. وأستطيع ٱلقول أن ٱلسُّوَر (ٱلعناصر) ٱلواردة فى تصنيف ٱلسُّوَر (ٱلجدول ٱلدورى) تتكون جميعها من ٱلسُّورة ٱلأولى (ٱلفاتحة) وهى ليست فى ٱلأصل إلا جزيئات. وأن (ٱلفاتحة) هى ٱلسُّورة ٱلوحيدة فى ٱلوجود ٱلتى تكوّن منها ٱلوجود ٱلظاهر جميعه. إن أسماۤء ٱلسور فى ٱلقرءان مثلها مثل ٱلأسماۤء ٱلأخرى هى كلمات شامية ٱلِّسان عربية ٱلبيان. ونجد أنّ ٱلسورة ٱلتى تلى ٱلفاتحة فى تسلسل ٱلقرءان تحمل ٱسم (ٱلبقرة) ٱلذى يشير إلى ٱلتوسع وٱلإكثار وٱلإفاضة. إنّ (ٱلفاتحة) بعد تكونها من (شفع ووتر) ومن ٱستمرار فعل ٱلأمر ٱلحفّاز بدأت عملية ترابط جديدة بين ٱلسُّور ٱلأولى فتكونت (286) ءاية (رابطة جزيئية) وهو ما تمثله سورة ٱلبقرة. وهذه ٱلروابط ٱلجديدة جرى تحفيزها هى ٱلأخرى فتكونت (200) ءاية (رابطة جزيئية) وهو ما تمثله ٱلسورة ٱلثالثة ءال عمرٰن ٱلتى يشير ٱسمها إلى سلسلة ٱلبناۤء وٱلتحكم فيه. ثم يأتى دور ٱلسُّورة ٱلرابعة ٱلنساۤء وفيها دليل ٱلاستمهال وٱنتظار فعاليات ٱلتطور فى ٱلبناۤء وٱلتباعد فى ٱلألوان. وعدد روابطها (176) ءاية. ثم يبدأ تكوين ٱلسُّورة ٱلخامسة ٱلماۤئدة ٱلتى تمثل ٱلحركة وٱلاضطراب ٱلجيولوجى ٱلذى ينشأ عنه ٱلميدان وطبقات ٱلأرض وءاياتها (120). ثم يأتى دور ٱلسُّورة ٱلسادسة ٱلأنعام ٱلذى يشير ٱسمها إلى ٱلنضارة وٱلليونة وٱلمادة ٱلحيّة وعدد ءاياتها (165). وهنا أجد تفسيراً للأيام ٱلستة ٱلتى بدأ بعدها ٱلتطور ٱلكبير فى ٱلمادة ٱلحيّة. وعن ذلك جاۤء فى ٱلبلاغ: "قُل أَئِنَّكُم لَتَكفُرُونَ بٱلَّذى خَلَقَ ٱلأَرضَ فى يومينِ وتَجعَلُونَ لهُ أَندادًا ذَلِكَ ربُّ ٱلعٰلمينَ/9/ وجَعَلَ فيها رواسِىَ مِن فَوقِهَا وبٰركَ فِيها وقَدَّرَ فِيهاۤ أَقواتَها فىۤ أَربعةِ أَيَّامٍ سَوَاۤءً للسَّـٰئلينَ/10/ ثُمَّ ٱستَوَىۤ إلى ٱلسَّماۤءِ وهِىَ دُخَان فَقَالَ لها ولِلأَرضِ ٱئتِيا طَوعًا أو كَرهًا قالَتَا أَتينا طائِعِينَ/11/" فُصّلت. ونجد ٱلأرض فى هذا ٱلنبإ وٱضطراباتها ٱلجيولوجية ومنها ٱلبراكين ٱلتى كونت غلافًا دخانيًا حولها. وٱليوم عندنا 24 ساعة ونجده عند ٱللَّه بمكيال نسبى فهو ألف سنة فيما يتعلق بتدبير ٱلأمر كما يبين ٱلبلاغ: "يُدَبّرُ ٱلأَمرَ مِنَ ٱلسَّماۤءِ إلى ٱلأَرضِ ثُمَّ يَعرُجُ إِليهِ فى يومٍ كانَ مِقدَارُه أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" 5 ٱلسجدة. ونجده خمسين ألف سنة فى ٱلمنعطفات ٱلحادة (ٱلزلازل وٱلهزات) وفق ما يبينه ٱلبلاغ: "تَعرُجُ ٱلمَلـٰۤئِكَةُ وٱلرُّوحُ إِليهِ فى يَومٍ كَانَ مِقدارُهُ خمسينَ أَلفَ سَنَةٍ" 4 ٱلمعارج. ٱلأيام ٱلستـة قد يكون ٱليوم منها مليون سنة أو مليار سنة كما هو حساب ٱلسنين ٱلضوئية. ونجد فى ٱلنبـإِ أن ٱلمادة ٱلحيّة بدأت أفعالا جديدة منها فصل ٱلأوكسجين وإطلاقه دخانًًا فى ٱلجو. فقد جاۤء فى ٱلبلاغ: "فَقَضٰهُنَّ سَبعَ سَمٰوٰتٍ فى يَومينِ وأَوحَى فى كُلّ سَماۤءٍ أمرَها وزيَّنَّا ٱلسَّماۤءَ ٱلدُّنيا بمصٰبيحَ وحِفظًا ذلك تقدِيرُ ٱلعزيزِ ٱلعليمِ" 12 فُصّلت. نجد فى هذا ٱلبلاغ أن قميص ٱلأرض (غلافها ٱلجوى) قد كمل وأنّ ٱلأيام ٱلستة ٱنتهت. ثم يأتى دور ٱلسورة ٱلسابعة ٱلأعراف ٱلذى يشير أسمها إلى ٱلملامح وتحـديد ألوان ٱلأشياۤء وميزاتها وعلامات فيها مثل ٱللون وٱلراۤئحة وفعل ٱلحس ٱلحىّ وءاياتها (206). ثم يأتى دور ٱلسورة ٱلثامنة ٱلأنفال ٱلذى يشير أسمهاۤ إلى ٱلعطاء وٱلزيادة وٱلكسب وءاياتها (75). وبين ٱلسورة ٱلسادسة وٱلثامنة يومين تكونت فيهما ٱلسماۤء ٱلدنيّا بفعل ٱلمادة ٱلحيّة. ونجد أنّ ٱلأمر ٱلإلٰهى "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" يعلو ٱلسور ٱلثمانية من ٱلفاتحة حتى ٱلأنفال. وهذا يدلّ أن أحداث ٱلتكوين جرت وفق سمة ٱلرحمٰن ٱلحفّازة وٱلمتحكمة بجميع فعاليات ٱلتكوين وٱلتطور ٱلمادى ميّته وحيّه. أمّا ٱلارتقاۤء بفعل ٱلحسّ عند ٱلحىّ إلى مرتبة ٱلروح فليس من سلطة سمة ٱلرحمٰن ٱلذى وصل بٱلمادة إلى مرحلة ٱلحسّ ولا بد من تدخل ٱللَّه من أجل هذا ٱلارتقاۤء ٱلذى يبينه ٱلبلاغ: "وَنَفَختُ فِيهِ مِن رُوحى" 72 ص. فٱلارتقاۤء بٱلحسّ إلى طور ٱلادراك جرى بإدخال منهاج من ٱللَّه إلى ٱلذاكرة ٱلرحمانية. وهذا من خارج سلم ٱلتطور ٱلرحمانى. ولا يمكن بلوغه من دون هذا ٱلتدخل ٱلإلٰهى وٱلذى يمكن للإنسان ٱلصالح أن يفعله لاحقًا. وعندما نوصل إلى ٱلسورة ٱلتاسعة ٱلتوبة ٱلتى يشير ٱسمها إلى ٱلطاعة وٱلتحكم بٱلسلوك بقوّة وعى وموقف حرّ يتولد عن فعل ٱلرّوح. وهنا لا نجد ٱلأمر ٱلحفّاز "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" يعلو هذه ٱلسورة. كما نجد أن ما تحتويه ٱلسورة لا يمثل أنبآء رحمانية بل هناك تعليمات عن ٱلمعاهدات وٱلقتال وإخلاۤء سبيل من تاب ودرجات ٱلمؤمنين وفوزهم ومنع ٱتخاذ ٱلأباۤء ٱلكافرين أولياۤء الخ.. وكل ذلك ليس من سمات ٱلتوالد وٱلتطور ٱلمادى. وجميعها تمثل معلومات للتحكم فى أفعال وأعمال وعلاقات ٱلإنسان. ونجد فى هذه ٱلسورة أن ٱلأية (36) ٱلمتعلقة بعدّة ٱلشهور لا تخبرنا عن تكوين أو تطور ولكنها تقدم لنا معلومات عن عدّة ٱلجسيدات ٱلأساس (ٱلشهور) قبل جرى ٱلتسوية ٱلرحمانية وٱلتى يلزمها عند ٱلبدء بٱلتسوية ٱلأمر ٱلحفّاز "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم". ونجد فى أخر هذه ٱلسورة ءاية مكيّة جاۤء فيها: "فإن تَوَلَّواْ فَقُل حَسبىَ ٱللَّه لاۤ إلَٰهَ إلاَّ هُوَ عليهِ توكَّلتُ وهُوَ ربُّ ٱلعرشِ ٱلعظيم" 129 ٱلتوبة. "رَبُّ ٱلعرشِ ٱلعظيمِ" هو صاحب ٱلأمر ٱلكبير ٱلفاخر وهو ما يمثله ٱلأمر بٱلروح. أما ما جآء فى هذا ٱلبلاغ: "فَتَعٰلى ٱللَّه ٱلمَلِكُ ٱلحَقُّ لاۤ إلٰهَ إلاّ هو ربُّ ٱلعرشِ ٱلكريم" 116 ٱلمؤمنون. فـ "ربُّ ٱلعرش ٱلكريم" هو صاحب ٱلأمر ٱلتامّ ٱلسوىّ ٱلذى لا نقص ولا زيادة فيه. وهو ما يدلّ عليه ٱسم كريم. وهو ٱلذى يمثله "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" وفيه سلطة سمة ٱلرحمٰن. فى ٱلبلاغ (116 المؤمنون) نبأ عن ٱلمالك وٱلسيد ٱلحقّ لصاحب ٱلأمر ٱلتام ٱلذى هو ٱللَّه. سواۤء أعَقَلَ ٱلناس ذلك أم لم يعقلوه. أما ٱلبلاغ (129 ٱلتوبة) فيه إقرار عاقل مؤمن يتوجه إلى ٱللَّه عن وعى وإرادة. ولو أن "ونفخت فيه من روحى" كانت من سلطة ٱلرحمٰن لوجدنا ٱلكثير من ٱلكاۤئنات ٱلحية ٱلراقية ٱلنشأة بل جميعها قد وصلت بتطورها ٱلذاتى ٱلرحمانى إلى ٱلروح وٱلأنسنة. إن سور ٱلقرءان 114 سورة. وسورة ٱلتوبة وحدها من بين هذا ٱلعدد لا تعلوها ءاية "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم". وسمة ٱلرحمٰن تفعل فى ٱلوجود من عدّته ٱلـ 12 شهرًا إلى نهاية ٱلتكوين بٱستثناۤء "ونفخت فيه من روحى" لأن سلطة ٱلرحمٰن قاۤئمة فى كلمات ٱللَّه ٱلتى لا مبدل لها وفعلها فيها هو عين ٱلتشيؤ ٱلوجودى بلونيه ٱلميّت وٱلحىّ. ونورد أمثلة عن ٱلتدخل ٱلمباشر للَّه: "إذ يُوحِى ربُّكَ إلى ٱلملـٰۤئِكَةِ أَنّى معكُم فَثَبِّتُواْ ٱلَّذين ءَامنواْ سَأُلقى فى قُلُوبِ ٱلَّذينَ كفرواْ ٱلرُّعبَ فٱضرِبواْ فَوقَ ٱلأَعناق وٱضربواْ مِنهُم كُلَّ بَنَانٍ" 12 ٱلأنفال. "فلم تَقتُلُوهُم ولٰكنَّ ٱللَّه قَتَلَهُم وما رَمَيتَ إذ رَمَيتَ ولٰكنَّ ٱللَّه رَمَى" 17 ٱلأنفال. وفى ٱلبلاغين نبأ عن تدخل مباشر من قبل ٱللَّه فى ٱلقتال لصالح ٱلمؤمنين وفيه كشف عن وسيلة ٱلتدخل بواسطة ٱلملاۤئكة. وهذا يبين لنـا وسيلة تدخله بٱلنسبة لـ "ونفخت فيه من روحى". > <
وقبل نهاية ٱلمقال أريد أن أذكّـر ببعض ما وجده ٱلدكتور محمد رشاد خليفة فى ٱلقرءان بخصوص ٱلعدد 19. عدد كتب (حروف) "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" 19. عدد سور ٱلقرءان 114 = 6×19. عدد ءايات "بسم ٱللَّه ٱلرحمٰن ٱلرحيم" 114 ءاية 6×19 (ٱثنتان فى سورة ٱلنحل). وردت كلمة ٱلدنيا 114 مرة. وردت كلمة ٱلأخرة 114 مرة. وردت كلمة ٱلصّراط 38 =19×2. وردت كلمة ٱللَّه 2698 = 142×19. وردت كلمة رب 152 = 19×8. وردت كلمة ٱلحقّ 228 = 12×19. وهو جميع ٱلحقّ فى ٱلتكوين 12 شهرًا وعليها تسعة عشر). وردت عبارة عمل صالحًا 19 مرة.
كلمة أخيرة
كان ٱلدافع وراۤء هذا ٱلتناول لدليل ٱسم بعض سور ٱلقرءان لتوجيه ٱلانتباه إلى مفهوم ٱلكلمة (ٱلمصطلح) فى ٱلقرءان. وقد رأيت فيه ما يمثل مصطلحًا حقًّا فى ٱلعلم بلسان عربىّ. وقد ٱرتبط هذا ٱلدافع بمسألة ٱلبحث عن ٱلنشأة ٱلأولى وٱلعلم بها كما جآءنا به ٱلبلاغ من اللَّه. وما كان هذا ٱلدافع ليتحقق إلاّ مـن ٱلأفعال ٱلجارية فى ٱلبحث ٱلعلمى ٱلذى أرى أنّه يمثل طاعة للأمر ٱلإلٰهى "قل سيرواْ فى ٱلأرض فٱنظرواْ كيف بدأ ٱلخلق". وما مقابلتنا بين بلاغ ٱلقرءان وبلاغ ٱلفيزياۤء وتركيزنا على بروز ٱلعدد 19 ومعه ٱلعدد 29 فى ٱلمكانين إلاّ لغاية إثارة ٱلبحث وٱلتركيز على هذين ٱلعددين وعلاقتهما بٱلنشأة ٱلأولى ٱلتى تناولناها فى بحث ٱلنشأة ٱلأولى فى هذا ٱلكتاب. هذا من وجهة. ولغاية إسقاط ٱلنظرة ٱلخرافية ٱلساۤئدة فى عقول ٱلباحثين عن كتاب ٱللَّه من وجهة أخرى. وأقول عن نفسى فى نهاية هذا ٱلكتاب أننى لاۤ أدّعىۤ أن ما عرضته هو ٱلفهم ٱلنهاۤئى لكتاب ٱللَّه. بل هو محاولة قد تتكرر إذا شاۤء ٱللَّه. وأجد أنه من حقّى أن أقول من دون أن أطلب من أحدٍ ٱلالتزام وٱلإتباع. كذلك لست أدّعى لنفسى ٱلعلم ٱلفيزياۤئى أو ٱلبيولوجى أو ٱلكوسمولوجى ٱلذى ظهر بعضه فى بحوث هذا ٱلكتاب. وأرجو أن يكون ما ظهر منه لا يخالف ما جاۤء فى هذه ٱلعلوم. لقد كانت موازنتى بين ما كشف عنه ٱلعلم ٱلإنسانى فى ٱلوجود مع ءايات ٱلكتاب تنطلق من إيمانى أن ٱللَّه عليم وأن كتابه يجب أن يحتوى جميع ٱلعلم. وأن ٱكتشافات ٱلعلماۤء محدودة بٱلعلم فى كتاب ٱللَّه ٱلذى أنبأنا عن مقداره: "وَمَاۤ أُوتِيتُم مِنَ ٱلعِلمِ إلاّ قليلاً" 85 ٱلاسراۤء. وأن ٱكتشافات ٱلعلماۤء هى تأويل للنبـإِ ٱلتالى: "وَلَتَعلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعدَ حينٍ" 88 ص. وماۤ أمر ٱللَّه لنا: "قُل سِيرواْ فى ٱلأَرضِ فٱنظُرواْ كيفَ بَدأ ٱلخَلقَ"20 ٱلعنكبوت. إلاّ هداية لناۤ إلى ٱللَّه ٱلعليم بوسيلة ما نكتشفه من سنن "كيف بدأ ٱلخلق" وموازنته مع بلاغه لنعلم أن ٱللَّه عليم وأنه هو ٱلذى خلق هذا ٱلذى نكتشفه ونحن منه كما يبين ٱلبلاغ: "وٱللَّه خَلَقَكُم وما تَعمَلُونَ" 96 لصافات. تمَّ هذا ٱلكتاب يوم ٱلأحد 14-3-1999.
ٱللاذقية سمير حسن
مضموم ٱلكتاب
ٱلإهدآء 5 كلمة أولى 7 مدخل إلى ٱلبحث 9 ٱلاستنساخ 29 كسب ٱلمعلومات 59 يوسف وإخوته 73 ٱلنّشأة ٱلأولى 89 ٱلعدد 19 يستحقّ ٱلاهتمام 139
ٱلاستنساخ ٱلمؤلف سمير إبراهيم حسن. ٱلطبعة ٱلأولى 1000/4/2000 [email protected] جميع ٱلحقوق محفوظة للمؤلف
ٱلناشر دار ٱلمنارة سوريا ـ ٱللاذقية
#سمير_إبراهيم_خليل_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هو سبيل اللّه ؟
-
الإرهاب الإسلامى كما يبينه كتاب اللَّه
-
الدين خرافة أم علم ؟
-
الديمقراطية دين المؤمنين
-
من أجل عراق على سبيل المدينة المنورة
-
شرع ٱللَّه ومسئولية الإنسان
-
مسودة ٱلدستور ٱلعراقى
-
التطرف
-
كيف نعلم أنَّ اللَّه يعلم ؟
-
الانقلاب
-
إلى شيوخ شيوخ الأزهر وشيوخ الوهابية وشيوخ قم وجميع شيوخ السل
...
-
هل يقبل المسلمون بدستور دولة المدينة المنورة
-
دستور دولة المدينة المنورة
المزيد.....
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|