|
من المعرفة بالذكاء إلى سيكولوجيا الذكاء ؟!!!
عبد الله عموش
الحوار المتمدن-العدد: 4600 - 2014 / 10 / 11 - 02:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من المعرفة بالذكاء إلى سيكولوجيا الذكاء ؟!!! 1 (قراءة في : "سكولوجيا الذكاء لجان بياجيه ) مقدمة : إن تصور الذكاء نوعا من التوازن ، هو سعي كل العمليات الإدراكية ليصبح في عداد طرح و مساءلة علاقاته بالإدراك و العادة مسائلا تطوره و طابعه . المنظور السيكولوجي للإواليات العقلية :
1 ـ طبيعة الذكاء : ـ الذكاء و التكيف البيولوجي : كل التفاسير في هذا المجال تقف استنادا إلى البيولوجيا أو علم المنطق و إلى السوسيولوجيا التي بدورها و في تفسيرها تقف عند هذا الحد ؛ ذلك اعتبارا أن معقولية الظواهر الذهنية مرهونة باتصالها بالجسم الحي . و نموذج التفكير هذا ، يسيطر و يهيمن بحق على الضغوط التي يخضع لها الذكاء في اشتغاله المبدئي ، و في هذا الصدد يعتبر خطأ كل أخذ بعين الإعتبار علم الأعصاب كطرف في تفسير علاقة المقدمات بالتنائج في المنطق و لا سبب فرض مبادئ الإستنتاج على عملية الفكر حتما . ليأتي النزوع إلى اعتبار مألة المنطق الصوري و الرياضي و علاقاتهما غير قابلة للتصور في معزل عن وظائف العقل العليا . ليطرح تساؤل فيما سيكون علم المنطق قادرا على فهم المطلق في إطار السيكولوجيا الإختبارية و في إطار علم النفس الإختباري .و ذلك اعتبارا لكون كل من المنطق الصوري أو الرياضي مجرد مسلمات توازن الفكر الإنساني و حالات بداهة لذلك التوازن ؛ و في مقابل لهذه الحالات البديهية كعلم ؛ فإننا نجد سيكولوجيا الفكر أو علم النفس الفكري . و إذا جرت الصنافة بهذا المنظور فإن سيكولوجيا الذكاء يتولى بحث حقل المنطق الرياضي ، غير أنه لن يكون بمقدوره صياغة و اقتراح الحلول على علم النفس العام بالقدر الذي يقف عند مستوى و حد تشخيص أطروحات يجب بحثها ـ ذلك تبعا لقاعدة البحث لا يحل المشاكل بل يخلقها ـ و تفسيرها و تأويلها و حل ما استشكل منها . من هنا يكون من طبيعة منطلق الذكاء مزدوجا ، و هو ما يمكن تسميته من جانبنا و حسب تصورنا للإشكال ، بالمنطلق البيومنطقي و هو منطلق يطرح كرهان أولا الوضع الراهن للمعارف كمعطى جوهري و ثانيا مسألة أساسي الحياة الفكرية اغلمتباينين ظاهريا كمطلب و مبحث . ـ* الذكاء في النظام الذهني : كل التصرفات ـ الظاهرة و الباطنة ـ ما هي إلا وجه من وجوه التكيف أو إعادة التكيف ، و ما حركة الفرد إلا استجابة و على التوالي لفقدان و بحث التوازن بين الجسم / الفرد و المحيط الخارجي ـ الكينونة اللامبالية حسب مفهوم جون بول سارتر في "الكينونة و العدم " و هو يميز بين الوجود و العدم و الأنطولوجيا ـ ، ليستثمر طاقاته لضبط و إعادة توازنه و تكيفه مع خارجانياته ككينونة ووجود يتحديانه ، هذا حسب عالم النفس كلاباريد ، إنه سلوك معبر عنه في حالة محددة من " التبادل بين العالم الخارجي و الفرد " 1 . وكون السلوك مبحثــــــــــا للسيكولوجيا وظيفيا فإنه على عكس التبادلات الفيزيولوجية المقابلة في إطار علاقات الفرد بالعالم الخارجي ذات النوع المادي !!! و السلوك كموضوع للسيكولوجيا يتخذ مسافات و أبعاد في الزمان و المكان ، و يحدث في فضاء شبكي معقد و متدرج في مساراته ، و الاسلوك منظورا إلى وظيفته فإنه ينتظم في و جهيه الأساسيين ؛ العاطفي و الإدراكي الغير القابلين للإنفصال كعلاقة الدال و المدلول في العلامة اللغوية عند فيرديناد دي صوسيور . و في مناقشة الشكل العلائقي الذي يربط العاطفة بالمعرفة نجد جانيه يميز بين اتصال الفرد / الذات بالموضوع " الفعل الأولي " و رد الفعل نحو ذات الإتصال " الفعل الثانوي " ، و هذا الصنف العلائقي أشبه ما يكون في مفهمته بعلاقة المادة الأولية بالمنتوج الصناعي في عالم الصناعة ، و هنا في صناعة السلوك البشري ، و رد الفعل هو الذي يختزل شحنة المشاعر و هو الذي يقوم بالتحكيم و ضبط " الفعل الأولي " و يقوم بتدبير و صرف القوة / الطاقة الداخلية الجاهزة ، كمونا ، و يتبع ذلك وضع محدد عملي و فعال بنيويا للسلوك الداخلي و غايته النظامية حسب كلاباريد ، فيما الذكاء يوفر تأمين الأدوات و منهجية تنفيذ السلوك الذي تم إعداده أو الإعداد له ؛ باعتبار الأهداف و توقعات تعديل غائية السلوك أو الفعل الامعبر عنه في الواقع . و إذا كان للشعور تدخل في تحيين نتائج السلوك و تعيين قيمة لهذا السلوك من بين شتى القيم التي يكون قد حددها النظام الإجتماعي أو المعرفي ...، فإنه ـ الشعور ـ يضمن طاقة تحقق الفعل ، فيما المعرفة المعرفة تهيكل الفعل المراد . و على هذا سيكولوجيا الشكل LA PSYCHOLOGIE DE LA FORME عندما رأت ضرورة استدعاء حقل شامل يربط الفرد و الموضوعات لتحقق السلوك و اعتبرت ـ و هي الجشتالت ـ ، في هذا السياق المشاعر بمثابة ناقل الطاقة داخل هذا الحقل ليقوم الإدراك و القوة المحركة و الذكاء ببناء هذا السلوك . و إننا كذلك سنخرج باقتناع كون كل سلوك ذي وجهين وجه طاقوي ووجه بنيوي . وحسب كل من جانيه و كلاباريد فإن المشاعر تتخذ كمرتكز لها تنظيم القوة الداخلية المسماة "مشاعر أساسية" عند جانيه و "مصالح" عند كلاباريد ؛ كما أنها ـ المشاعرـ تهدف اتساق تفاعل و تبادل الطاقة مع جارجانية الفرد " القيم" بواقعيها و صوريها بمرجعية الرغبة الخاصة ، و هذه الخارجانية هي ما يسميها LEWIN ليوين " الحقل الشامل " و حسب أ.س روشيل " جواذب" بلوغا القيم البينشخصية أو الإجتماعية ..، و اعتبارا كذلك لكون الإرادة ترسانة من العمليات العاطفية كطاقة ذات ارتباط بالقيم العليا مقدسها و مدنسها صالحها و طالحها ، كما تنتظم علاقات المقدمات و النتائج في علم المنطق في علاقة هذا الأخير بالمفهمة . و اعتبارا لكون كل سلوك يحتمل طاقة محددة لوجهه العاطفي ، فإن التفاعلات بين الفرد و خارجانيته ـ الكينونة اللامبالية و الوجود ـ تكون مبنينة بشكل أو بآخر ، يحصر معه مجموع المحاور المقيمة للعلاقة بين الفرد و الموضوعات وهذ الشكل هو جوهر الإجراء الذهني اغلذي يقابل الإجراء أو الوجه العاطفي الآنف ذكره. و ما يقوم بنسج العلاقة بين الخارجانية و الدخلانية ، إن بطريقة أو بأخرى ، هو الإدراك الحسي ـ الحركي و عملية التفهم و التحليل . و المشار إليها سابقا ب ( الزمان و المكان ) . إنها دعوة إلى التفكير في وظائف الذهن الكبرى و إحالة على مبدأ "التكيفات الحركيةـ الحسية" . إنه من قبيل البديهيات المنطقية اعتبار الحياة العاطفية و الحياة الإدراكية وجهان لعملة واحدة ، رغم كون الواحدة تتميز عن الأخرى بحيث لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال المظهر السلوكي في وجهه العاطفي وحده أو الإدراكي بمفرده ، هكذا نجد أنه لايمكن تصور انفعال الذات دون حد أدنى للفهم و الإدراك لواقع يحيط بها ، و هنا يمكن استحضار تأثير الذكاء كفعل يقوم بضبط الطاقة الداخلية و الخارجية معا لتحيين السلوك بشكل يمنطق مظهر السلوك المطلوب . فالمشاعر دائما تناقض العقل كقوة محركة داخليا و فاعلة في تحديد السلوك و توجيهه . و قيام الذكاء ؛ إنما على أساس المنظومة المفاهيمية الشاملة للإدراك ، و لا ينبغي اعتباره تركيبا ما بين أخرى بقدر كونه توازن تهدف إليه كافة التركيبات التي يندرج الإدراك الحسي نفسه من بينها كتركيب ، كما أن الأمر نفسه يقع بالنسبة للعادة و الأوليات الحركية ـ الحسية الأساسية ، إذ تتغيى كلها التوازن . و باعتبار الذكاء توازنا و ليس طاقة ، فإن هذا الأمر مبعثه التكامل الوظيفي في الجذر بين أنماط الفكر العليا و باقي نماذج التكيف الإدراكي أو الحركي . وليس الذكاء ـ إذن ـ غير نوع من التوازن الذي يسعى إليه التكامل الوظيفي السالف الذكر . إن هذا لا يعني قيام كل تحليل على أي عملية تنسيق ما بين بنيات الإدراك ـ الحسي أو على كون هذا الأخير يتبع كل تحليل لا واع . فيما الإستمرارية الوظيفية تقارب التباين و التنوع بين البنيات . وإن الصواب في الأمر من كل هذا هو كون كل بنية توازن غير منقطع في مجاله الخاص ، في صورة تبعية عند قصوى حدوده . و إنه من المفروض تقدير توزيع البنيات التدريجي سلسلة داخل نظام تطوري محدد ، بكيفية ترى كل منها يعمل على ضمان توازنا شاسعا ـ من الشساعة ـ وأكثر ثباتا و استقرارا لكل مفهوم له دخل فيما سبقه من بنيات . و بهذا يظهر الذكاء كشكل تنظيم أعلى و توازن بين البنى الإدراكية أو بنى الإدراك . إنه تعبير عن دور الذكاء المحوري في دورة حياة كل من الفكر و الجسم معا في صورة توازن بنيوي يحظى الذكاء فيها بدور نظام عمليات حية و فعالة ؛< نظام سليم و دائم لإي آن واحد . إنه صورة التكيف العقلي الأكثر تطورا . وهو جهاز التبادلات الأساسي الذي يربط الفرد في داخلانيته بخارجانيته بهدف خلق علاقات أبعد وأكثر استقرارا مع أنه من ححكم الممنوع تحديد الذكاء من منطلقه ، الشيئ الذي يجعله نقطة الوصول لتتداخل مصادره و مصادر التكيف الحركي الحسي الشاملا و مصادر التكيف البيولوجي عينه . إن السؤال الماهوي للتكيف يجعل الباحث يقبل بكونه نوعا من التوازن في التبادلات بين الجسم (الحي) و المحيط الخارجي . و عبارة " تكيف السلوك " هي ترجمة من بين أخرى لذات التوازن بمرجعية بنيوية إلى حلقات سابقة بهدف ذات الحاجات أو غيرها ، ةإنه أثر دال على علاقة الكائن الحي ببيئته ، و بالموجز فتكيف السلوك الذهني هو دمج للأشياء في سياقات تشكيل السلوك ، ما يعني تشبيك لأفعال قد تتكرر حسب المعطيات لإنجاز المطلوب تمشيا مع تاريخ الفرد في الزمان و المكان .
1) سيكولوجيا الذكاء جان بياجيه ص 10
#عبد_الله_عموش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو علم النص (2)
-
نحو علم النص
-
ثورة الملك و الشعب في مملكة النحل
-
الأدب بين الفنية و العلمنة 1/1 في الأدب و الدراسة الأدبية قر
...
-
تروبادوريات : وتر أخيل
-
قصير في المغرب
-
جذيمة ، قصير ، ميسون و عمرو بن عدي الشيخ في المغرب
-
فصل المقال فيما بين الإلتحاق بالزوج من خلال وثيقتي الدستور و
...
-
التدبير الإداري و المالي و الإجتماعي للمؤسسة التعليمية بالمغ
...
-
من سيكولوجية السلطة إلى سيكولوجية الجماهير من خلال تجربتي ما
...
-
قراءة عملية و مقاربة سياسية لنتائج الحركة الإنتقالية / الإجت
...
-
البوصلة نحو مقعد المواطنة الجديدة : جدل الكينونة و العدم / ا
...
-
نحو منظور العقل الفلسفي و العقل النصي للمرأة _1)
-
نحو منظور العقل لاالفلسفي و العقل النصي للمرأة (1)
-
مقاربة إشكال : السياسة السلطة و الدولة و الجماعات و الأفرا
...
-
قراءة في : ظاهرة السلطة السيادية ؛ الدولة المفهوم و الممارسة
...
-
الدول البيروقراطية /السيطرة المشروعة في دول الجنوب وآسيا الو
...
-
قرأت لكم : الرشد السياسي في فهم الدولة من ظاهرة السلطة السيا
...
-
إشراقات و إضاءات في قوانين القذف المباح و التشهير المباح على
...
-
التجاذبات السياسية في النزاعات الإقليمية ؛ ما بين الجماعات ا
...
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|