صمود كوباني داود ... وهزيمة جالوت داعش واردوغان

صلاح اميدي

الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 20:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في القرن الثاني عشر و القرن الحادي عشر قبل الميلاد وعلى ارض فلسطين القديمة عاش بنو فلسطين الذين رجع اصلهم الى الاغريق القديمة Philistines والذين كانوا قد نزحوا من البحر , والذين عاشوعلى سواحل المتوسط , و عاش ايضا بني اسرائيل Israelite الذين قطنوا الجبال وتحت حكم الملك شاوول ..
كان بنو فلسطين متمرسين في الحرب و خطرين . في منتصف القرن الحادي عشر قبل الميلاد , حرك بنو فلسطين جيوشهم شرقا الى ان وصلت الطرف الجنوبي( لوادي ايلاه Valley of Elah) بغية السيطرة على التلال الجبلية في بيتلاهام (بيت لحم Bethlehem) و تمزيق مملكة شاوول الى نصفين و القضاء عليها ... قام الملك شاول(Saul) وعلى عجل , بلم جيش لغرض مقاتلتهم وصد غزو هؤلاء . نصب بنو فلسطين خيمهم في التلال الواقعة في الطرف الجنوبي للوادي , اما بنو اسرائيل فتمركزوا على الطرف الاخر الشمالي للوادي .
لم يتجرا طرف الهجوم الى الطرف الاخر, لان ذلك كان يعني حركة انتحارية بعبور قعر الوادي والزحف صعودا للعدوالى الجبل , تحت رحمة وابل الرماح و الصخور و السهام .
ولما نفذ صبر بنو فلسطين ارسلوا اقوى مقاتل لديهم لمواجهة حرة , انفرادية مع مقاتل الطرف الاخر, وحسب المالوف في العرف الحربية انذاك , فان من ينتصر من احد المقاتلين و يقتل الاخر, فهذا يعني ان الجيش الاخر قد انهزم , فاما الاستسلام ,اوالانسحاب والفرار ...

ارسل بنو فلسطين رجلا ضخما مفتول العضلات , بطول الستة اقدام و تسعة بوصات , ذو مظهر مخيف يرتدي خوذة فولاذية ودرعا يغطي كامل جسده و يحمل سهما و سيفا , يجر شخص امامه درع الوقاية الحديدي الذي يحمله تلافيا للسهام و السيوف ..
صرخ الرجل في رجال بنو اسرائيل " اختاروا لي افضل مقاتل عندكم , فان نال مني و انهزمت , اصبحنا لكم عبيدا و خدمناكم , وان قتلته وانتصرت عليه اصبحتم لنا عبيدا "..
لم يتحرك رجل من بني اسرائيل .. من سيكون بامكانه التغلب على هذا الوحش المخيف ؟ ... ثم تحرك من بين الجمع فتى صغير الحجم .. فلاح , هزيل القامة .. كان قد قدم من" بيتلاهام " حاملا الغذاء لاشقائه ... وقال للملك شاوول : سوف اقاتل هذا الرجل وبامكاني ان اغلبه ..
عارض الملك "شاوول " و قال له : انه رجل حرب من صغره و ذومنظر رهيب ومتوحش ,اما انت , فشاب ليس لك في امور القتال خبرة .. كيف لك ان تهزمه ؟..
بل وقد هزمت اعداءا اكثر قوة و اشد شراسة ؛ عندما تاتي الاسود و الدبب و تهاجم على احد اغنامي ,الاحقهم و اصيبهم , الى ان انزع غنمي من بين فكي الوحش ...
ولما لم يكن لشاوول خيار ثان وبعد اصر الفتى على مواجه الرجل ... قال للصبي : اذن خذ سيفي و ارتدي درعي .. عسى ان يكون له حظ في المواجهة مع العملاق الشرس ...
رفض الصبي قائلا " لست متعودا على هذا ولا استطيع المشي حاملا كل هذا الوزن ... ثم مد يده منحنيا الى الارض وحمل خمس قطع من الصخر ووضعهم في جيب حقيبته الكتفية , التي فيها ادوات فلاحته ..
نزل الصبي راكضا الى قعر الوادي حيثما ينتظره مقاتل بني فلسطين ..

..."تحرك صوبي اذن لاعطي ااشلائك لطيور السماء ووحوش البر" ... هتف العملاق صارخا ... ثم ما ان راى الصبي يقترب صوبه وهو على هذه الشاكلة , شعر بالاهانة كثيرا قائلا :
"اتظنني كلبا لتأتي لمقاتلتي بالسياط و العصا ؟ !! ..

كان الشاب اسمه( داود -الملك داود لاحقا ) و العملاق من بني فلسطين اسمه (غولياث- جالوت ) ... جليات أو جالوت (بالعبرية: ג-;-ָ-;-ּ-;-ל-;-ְ-;-י-;-ָ-;-ת-;-، جوليات) هو محارب معروف لمعركته ضد داود الشاب، ملك إسرائيل المستقبلي كما تم وصفه في التوراة او العهد القديم ..

كان غولياث يتوقع مواجهة تقليدية بحيث يفرض هو شروطه وهيمنته على المقاتل الاخر ,لان القوة والصلابة الجسدية ومعرفة فن المبارزة , كانت العوامل التي تقررانذاك الغلبة والخسارة ..
عندما اقترب منه الصبي مد يده الى جيب حقيبته ووضع صخرة في مقلاعه وباغت (غولياث) برمية اصابه في جبينه , افقدته توازنه , ترنح قبل ان يتلاشى , ووقع على الارض ... انقض عليه الشاب مسرعا ونزع من يده سيفه وغرزه في عنق العملاق المتوحش .. وانتصر بذلك بنو اسرائيل و دحر الغزاة ...

كلما انظر الى ( كوباني ) و مقاومتها البطولية ,اتذكر قصة الملك داود ... كيف ان ايمان الابطال والبطلات من مقاتلي YPG / YPJ وانتظامهم , قلب الموازين و قلب السحرعلى الساحر , وفشل مخططات اردوغان و داعش , وزرع الذعر في قلوب داعش ومواليهم من الاتراك والعرب من السعودية وقطر ومن تحالف معهم , من من يقولون كلمات حق( تجاه داعش) مبطنة في جوفها بباطل و حقد تجاه الكورد و كوردستان , من اخرين كثيرين من المسلمين ..
كانوا يتوهمون ان (داعش ) هو (جالوتهم- غولياثهم) , ولم يعلموا ان هناك على الارض رجالا و لبوات عاهدوا الارض والوطن بالشرف , بالدفاع الى اخر قطرة دم في عروقهم , وعاهدوا انفسهم والوطن بان يجعلوا لكل من يسول له نفسه المساس بارض كوردستان وتدنيس عرضها , ان يجعلوا منه عبرة لمن بحاجة الى العبر , وجعل ارض كوردستان مقبرة تلتهمهم وهم احياء و تسهل عليهم مبتغاهم بالموت وبعثهم الى جناتهم القذرة , و تطهر الانسانية من ابشع صنف ساقط من البشر , عرفه التأريخ ..

نعم القتال سيكون بشروط بنادق (داود - كوباني) وليس دبابات ( جالوت اردوغان وداعشي العرب و الافغان والجيجان )...

#صلاح_اميدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات