أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - المفهوم التقليدي للشخصية في مجتمع إيماني















المزيد.....

المفهوم التقليدي للشخصية في مجتمع إيماني


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 01:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في ظل المتاعب التي تواجه دارسي الشخصية الإنسانية والباحثين عن جوهرها وصورة هذا الجوهر وخاصة في الذهنية الأخرى وما يترتب على تلك التحديدات والتعريفات من قضايا فكرية وعلمية ومعرفية تتصل بالفهم الوجودي للإنسان ودور هذا الوجود وحدوده وإمكانياته وعلاقة هذا الوجود فيما بين الإنسان والأخر الإنسان أو الأخر الفوق و التي أذهبت بهم مذاهب وفرقاً كل ينظر بمنظاره ومن زاوية العلم الذي ينطلق منه أو يعود إليه.
ليس من اليسير أن نتوقع وجود تعريف شامل مانع للشخصية ولا نظرية تحظى بالإجماع والقبول من جمهور علماء النفس مع تبايناتهم المدرسية والمذهبية ومصادره التكوينية وحتى العقيدية،فالتعاريف تعددت تعدداً فاق الحصر كلما تعددت النظريات وتنوعت الرؤى،وأضحى لكل باحث في الشخصية تعريفه الخاص به وربما نظريته الخاصة به كذلك مع كون العلم بالنفس يجب أن يكون علما واحدا وبهدف واحد وبوسيلو واحدة.
لو رجعنا الى مفهوم علمي أخر من علم ثان مثلا الفيزياء وأخذنا معنى لمفهوم واحد نجد أن العلم الفيزيائي إنما يطلق معنى منفردا ومميزا وواحدا متوحدا لهذا المفهوم,فالذرة كمصطلح علمي نجده عند جميع علماء الفيزياء هو (أصغر جزء متكامل مكون المادة) ولا أشكال عليه لأنه حدد بوضوح ودقة ماهيته وصورته الحقيقية,فكيف نفسر هذا الكم الهائل من المفاهيم والنظريات التي تتوافق في بعض الجزئيات وتتعارض في البعض الأخر وكلها تستهدف إعطاء معنى لمفهوم واحد.
ألا يشكل ذلك إشكالية تتعلق بذات العلم وعلميته أصلا أو تشير الى تيهان الاتجاه الصحيح والأكيد الذي يؤدي ويوصل الى المفهوم الواحد ولا سيما إن الموضوع المبحوث ذو صلة قريبة وملاصقة للإنسان ولوجوده,فمن لا يعرف أن يستدل على ما هو ذاتي وشخصي به كيف يستدل على ما أبعد منه,والحقيقة المرة إن الانحرافات والميول ونكران الحقائق العلمية وخاصة ما يتصل منها بالفهم الإيماني لبعض المفاهيم بالمبررات والأسباب المطروحة علنا أو ما تخفيه صدور العلماء النفسيين والباحثين من الميل نحو تجنب السلوك في مجالات العلم الرباني هو السبب الحقيقي وراء هذا التيه والضياع اللا مبرر إلا بوصفه تجاوز للعلم الحقيقي وللفهم النموذجي المجرد عن الميل والهوى والجحود.
مثلا في تعريف تفصيلي يقترب أكثر من معناها الإيماني بل إن منطلقاته التشخيصية أقرب لفهمنا يورد (كلوكهن وموري و شليدر) في كتابهم " الشخصية في الطبيعة والمجتمع والثقافة". إلى أن كل إنسان في بعض نواحيه:
أ- يشبه كل إنسان:كل فرد منا له نفس التكوين العضوي و البيولوجي.
ب- يشبه بعض الناس:تقارب وتشابه خصائص أفراد بعض الجماعات و اختلافهم عن أفراد جماعات أخرى.
ت- لا يشبه أي إنسان:ويتضح أن لكل فرد أسلوبه الخاص في التفكير والسلوك بحيث يميزه عن الآخرين و قد يعود ذلك للوراثة البيولوجية، كما قد يرجع إلى التفاعلا ت بينه وبين البيئة المختلفة منذ تكوينه .
فلو اقتربنا أكثر في فهمنا من منطلقات النص يمكنا أن نشخص النقاط التالية والمميزة حقا في فهم الشخصية:
• النقطة الأولى والتي أغفلتها الكثير من التعاريف هو أن للشخصية الإنسانية نمط جامع مشترك مع كل ما يجمعه به جنسيا وما نعتبره قيمة أساسية في تكوين الشخصية الإنسانية جامعة ومنها صفة الضعف الجامعة { وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً }النساء28,فهذه الصفة متعلقة بالخلق الأول تقديريا وتكوينيا فكل إنسان ضعيف مهما بلغ من قوة وقدرة لابد أن يصطدم بهذه الحقيقة ولا بد له أن يعترف بها في مقابل قوة الخالق.
كذلك نورد صفة أخرى اشتراكية جامعة لبني الإنسان وتتعلق أيضا بخلقه الأول{خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }النحل4,فلا يمكن لأي إنسان يدعي أنه مخلوق من غير النطفة وهذه المسلمة ضرورية في رسم صورة الشخصية.ومن الصفات التي تتعلق به سلوكيا صفة التعجل والعجلة وعدم التأني في انتظار النتائج والمتحصلات وهي صفة عامة مشتركة بني البشر {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ }الأنبياء37. هذه الصفات المشتركة والتي تجمع بين بني البشر لابد من أخذها بالحسبان عند رسم صورة متكاملة ووافية تفصح عن حقيقة مفهوم الشخصية.
• النقطة الأخرى والمهمة والتي لا تتعارض مع مبدأ الاشتراكية الجنسية البشرية أن بعض الشخصيات تتشابه في بعض المحددات وتختلف في بعض المحددات فهي تتشابه إيجابيا من خلال وجود قواسم مشتركة عامة فالشخصية الإنسانية الأنثوية تتشابه في بعض الجوانب البيولوجية والسلوكية الناتجة عن العوامل البيولوجية عند جميع النساء وتتشابه سلبيا من خلال اختلافها جميعا مع الشخصية الإنسانية الذكورية.
هذا على مستوى المجموعات الجنسية وعلى المستوى البيولوجي كذلك تتشابه بعض الشخصيات الإنسانية على مستوى الجنس البشري الكلي في بعض الصفات ولا تتشابه مع مجموعات أخرى لها صفات أخرى{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}التوبة67,هذا التشاكل بين هذه المجموعة مرده الاشتراك بمجموعة من السلوكيات والصفات الفعلية لقواهم النفسية جعلتهم بعضهم من بعض كما في نفس المفهوم نجد نص أخر {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }آل عمران34, هؤلاء الأنبياء والرسل سلسلة طُهْر متواصلة في الإخلاص لله وتوحيده والعمل بوحيه. والله سميع لأقوال عباده, عليم بأفعالهم, وسيجازيهم على ذلك.
التشابه بين الشخصيات في بعض الجوانب والاختلاف في جوانب أخرى لا ينفي المبدأ الأول حول اشتراكهم بأساسيات تجعل منهم وحدة واحدة في شخصيتها العامة{مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }لقمان28,فالنص يشير إلى كون الناس عبارة عن نفس واحدة تتعرض لنفس العوامل وبنفس المقدار من المعاملة في الخلق أو البعث والتكليف والفناء والبعث والحساب ولكن على قاعدة تفصيلية تفريدية أخرى تتعلق بنفس النفس ولكن من خلال سلوكها وكسبها ألتحصيلي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }الحشر18.
• وأخيرا حقيقة أن كل إنسان إنما هو نفسه ولا نظير له ولا شبيه كذات منتجة للسلوك إلا نفسه وهذا يعني تفرده في الوجود تفرد مميز خاص به متشخصن بما أكتسب وكسب وما تحصل وحصل فهو واحد في الوجود يأتي ويذهب كشخصية ذات حدود خاصة به ناتجة عن كل تكوينه البدوي والذاتي والمتفاعل وصورة هذا التركيب هو حقيقة الشخصية الإنسانية الذاتية ومؤداها وهي ليست الشخصية الإنسانية بتمام وصفها فلو أردنا مثلا وصف شخصية رجل ما مكتمل الصفات الإيمانية فنقول لتعريفه ((هو أدم الرجل المخلوق من الله والمؤمن به الواثق بفنائه والساعي لرضا ربه بما تزكى)).
أما لو أردنا وصف امرأة شريرة مثلا فنقول عن شخصيتها((أنثى أدمية من خلق الله وناكره لوجوده تسعى في الأرض فسادا بما سولت لها نفسها فنسيت الله فنساها)), فينبغي أن يكون الإطار الذي ترسمه نظرية الشخصية الفعالة شاملاً لكل ما هو من طبيعة إنسانية ،فسمات الفرد وقدراته وعقائده واتجاهاته وقيمه ودوافعه وعاداته في التكيف ومزاجه وأخلاقه تدخل إطار الشخصية،مثلما تدخله كذلك العوامل المختلفة التي تؤثر في نمو الشخصية وتطورها من مؤثرات جينية ومؤثرات بيئية يدخل في عدادها التغذية و الصحة والمرض والمناخ ونمط الثقافة السائد وطبيعة العلاقات الأسرية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية الإنسانية وتعريفها
- حدث ذات ليلة _ قصة قصيرة
- التأريخ بين العقلانية الكلية وبين المادية وقوانينها
- دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح1
- دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح2
- صورة الرب في العبادات الدينية القديمة
- البحث عن جذر الذات
- التدين والإلحاد واللا دينية وعلاقة العقل بهم
- الدكتور علي الوردي وقراءة في منهجه النقدي
- الكلب الوديع وشارع عشرة
- إنعكاس البيئة في الحس السلوكي عند الإنسان _ نظرية د على الور ...
- العراقي بين الشخصية الأصلية والشخصية القناعية
- نظرية قيمة المعرفة عند الدكتور علي الوردي
- حكاية العيد مع العبد الأبق سعيد
- هل ينبغي التسليم بالعولمة كحقيقة وجودية ج1
- الخيار الصعب في نقد الذاكرة
- هل كان العراقيون القدماء وثنيون ؟.
- الأنا والأخر ونحن في عولمة الوجود
- التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة
- إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات


المزيد.....




- ما حقيقة إعلانات إسرائيلية تروج لبيع منازل في الضفة الغربية ...
- إيران تلوح بتعديل موقفها حول امتلاك سلاح نووي وتقرير سري أمم ...
- هل الهدنة مع حزب الله يمكن أن تستمر لسنوات؟.. نتنياهو يرد
- -لن نخضع للابتزاز-.. جورجيا تجمد محادثات الانضمام للاتحاد ال ...
- الجيش السوري يعلن القضاء على مجموعات مسلحة تنكرت في زيه الرس ...
- إيران تبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتركيب أجهزة طرد مر ...
- تغريم زوج إعلامية مصرية بدفع 30 مليون جنيه كتعويض لورثة ضحية ...
- بوتين يهدد بضرب مراكز -صنع القرار- في كييف
- مصر ترد على تصريح -خطير- أطلقه نتنياهو يخص لبنان
- فنزويلا تستهدف داعمي العقوبات الأمريكية المفروضة عليها


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - المفهوم التقليدي للشخصية في مجتمع إيماني