|
الشخصية الإنسانية وتعريفها
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4598 - 2014 / 10 / 9 - 00:28
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الشخصية الإنسانية وتعريفها
يعرف البعض الشخصية الإنسانية على أنها((هي مجموعة من الصفات الجسدية و النفسية(موروثة و مكتسبة) والعادات و التقاليد و القيم و العواطف متفاعلة كما يراها الآخرون من خلال التعامل في الحياة الاجتماعية)) في حين يعرفها آخرون على أنها((أن تفسر المستويات الكامنة وراء التصرفات الشخصية،فقد تفسر هذه التصرفات على أساس مستوى السلوك الظاهر وحسب فالإنسان كما يبدو لنا أو قد تفسرها على أساس مميزات كامنة لا تلاحظ مباشرة)) . في كلا التعريفين تقارب في رد الرسم التصويري للشخصية لمجموعة من التفسيرات منها المورث والمكتسب ومنها يكون سببها ظاهري خارجي ومنها باطني مستتر ,وهو مذهب معظم التفسيرات التعريفية للشخصية كما نلاحظ مثلا((هي سلوك متأصل في نفس الفرد مستمد من موروثه الجيني والتربوي يتميز به كل فرد عن من سواه.بمعنى أن هناك استعداد جيني لدى الفرد لانتهاج سلوك معين في الحياة يتزاوج مع أسلوب التربية في فترة الطفولة والمراهقة فينتج الفرد بسماته المختلفة (مثلاً حساس، شكاك، عنيف، نرجسي، متردد،ولا يقتصر التأثير غير الجيني على أسلوب تربية الوالدين وإنما تتأثر شخصية الفرد بأفكار المجتمع المحيط به وحديثًا بأفكار العالم الواسع الكبير)) . بالرغم من كون التعريف يرد على نفس المقولات التي ذكرناها أنفا ولكنه من ناحية أخرى يشير التعريف السابق الى الاستعداد النفسي الذاتي ودوره في رسم الشخصية عند الأخر وهو ما يسمى التكوين البدوي الأصلي للإنسان فشخصيته صحيح تتأثر بالتربية والأفكار الفيما حولية ولكن العامل الحاسم في التعريف يعود الى الموروثات الجنية وهو ما يعبر عنه الإسلام الفكري الإيماني بالأمشاج ألتخليقي. كذلك نعثر في تعريف أخر عن معنى مقارب وله خصوصية متفردة من خلال الإشارة الى ذاتية الإنسان الشاملة في رسم الشخصية والكشف عنها ودون أن يوضح ماهية الذاتية المقصودة ولكنه وإن شاب التعريف بعض الغموض لكن الإشارة وحدها تثير الكثير من علامات الاستفهام التي لا بد من توضيحها لكي نتبين مؤدى المعنى والمقصود من التعريف المذكور فهو يقول مثلا((الشخصية هي المفهوم الشامل للذات الإنسانية ظاهراً وباطنا بكافة ميوله وتصوراته وأفكاره واعتقاداته وقناعاته وصفاته الحركية والذوقية والنفسية. وتتعدد صفات الشخصية في كتب علم النفس و الدراسات النفسية في كافة مجالات الحياة وكذلك تشمل الجوانب الطبيعة الإنسانية فالشخصية)) التعريف يركز على الوجه الخارجي للإنسان سلوكيا من وجهة نظر الأخر وإن أشار الى شمولية الذات البشرية ولكن العيب في هذا التعريف تجاهله وعدم توضيحه لمعنى الذات الشمولية. أما مثلا في الفكر الغربي الفلسفي والنفسي نجد تعريف يكاد يكون في سياقه العام وبعيدا عن الصياغات يتلاءم مع التعريف السابق من حيث الرد الى الشمولية العامة للإنسان ككائن فاعل ومتفاعل وهو تعريف((الشخصية هي ذلك النظام الكامل من الميول والاستعدادات الجسمية والعقلية الثابتة نسبيا التي تعتبر مميزا خاصا للفرد وبمقتضاها يتحدد أسلوبه الخاص للتكيف مع البيئة المادية والاجتماعية. و يعني الشخصية ليست مجرد مجموع الصفات التي تكونها بل تعني الوحدة الناتجة عن انتقاء هذه الصفات . وتعتبر هذه الشخصية قوية بمقدار ما يكون عناصرها من تماسك وتناسق وتكامل. الديناميكية: تعني التفاعل المستمر بين عناصر الشخصية وطبيعتها البيولوجية تقتضى دوام التفاعل والنمو والتعبير الذي يعطي لها صفة الحيوية.)) . الإشارة الى النظام العام في التعريف والتركيز على وحدة انتقاء الصفات للشخصية وتكاملها وتناسقها مع الطبيعة البيولوجية للإنسان الذي بدوره يعطيها الديناميكية الحركية والحيوية الفاعلة وهذا جانب مهم جدا في فهم الشخصية على المستوى الإيماني الفكري الذي نتبناه على وجه اليقين وهذا لا يعني التسليم به كما هو كل بل لنا فيه وجهة نظر ستنجلي من خلال الاستمرار في جرد التعاريف ومؤدياتها ومصادرها. وفي العصور الحديثة، تبنى علم النفس نظرة شاملة ومتكاملة في فهم الوعي والسلوك والتفاعل الاجتماعي وما يشكل هذا الفهم الشمولي من دور في توضيح قضية الشخصية ومعناها العام. ويتم الإشارة إلى هذه النظرة عمومًا على أنها النموذج البيولوجي النفسي الاجتماعي. إن الفكرة الأساسية القائم عليه النموذج البيولوجي النفسي الاجتماعي هو أن أية عملية عقلية أو سلوكية تؤثر وتتأثر بعوامل اجتماعية ونفسية وبيولوجية تتداخل مع بعضها بطريقة ديناميكية. يشير الجانب النفسي إلى الدور الذي تلعبه كل من المعرفة والانفعالات في أية ظواهر نفسية، مثل تأثير المزاج الشخصي ومعتقدات وتوقعات الشخص على رد فعله تجاه حدث ما. أما الجانب البيولوجي، فيشير إلى الدور الذي تلعبه العوامل البيولوجية في الظواهر النفسية، مثل تأثير بيئة فترة ما قبل الولادة على نمو العقل والقدرات المعرفية للشخص أو تأثير الجينات على ميول الشخص. في حين يشير الجانب الثقافي الاجتماعي إلى الدور الذي تلعبه كل من البيئة الاجتماعية والثقافية في ظاهرة نفسية محددة، مثل تأثير الآباء أو الأقران على سلوكيات أو سمات الشخص(الشخصية على وجه التحديد). وهناك طائفة من التعاريف ندرجها على سبيل الاختصار مع الإشارة الى قائليها وهي في حقيقتها تدور في نفس المنحنى السابق ولا تخرج عن التحديدات التي جاءت بها التعاريف السابقة ومنها مثلا: • الشخصية: هي المجموع الكلي للأنماط السلوكية الظاهرة والكامنة المقررة بالوراثة والمحيط ( EysenK.1947 ) . • الشخصية: هي مجموع المفاتيح التي تقرر متى يستجيب الفرد وكيف يستجيب و نوع الاستجابة ( Dollard & Miller 1974). • الشخصية: هي تلك السمات والأنساق الفردية الثابتة نسبياً التي تبلورت عبر الزمان على شكل نمط يميز الفرد عن غيره (Sarnoff.1962) . • الشخصية:تكامل جميع المميزات الفردية في منظومة فردية تحدد محاولات الفرد للتكيف مع محيط متغير باستمرار وتحدد بها (Krech 1974) . • الشخصية: هي الأساليب المميزة والفريدة التي يستجيب بها الفرد لمحيطه (Fernald&Fernald ) . • الشخصية: هي التنميط الفريد للعمليات العقلية و السلوكية الذي يميز الفرد وتفاعلاته مع البيئة (Crider et al .1986). فكان لا بد إذن من أن نضع في الحسبان في الدراسة البحثية العلمية كل ما يتعلق في طريقة فهمنا لهذه القضية من عوامل ومقدمات ومسببات وعلل قادرة في تأثيرها وأثرها على إظهار الشخصية بالصورة التي يراه الإنسان لنفسه أولا وللأخر ثانيا ودور هذه الشخصية في الكشف عن المكنون النفسي والعقلي لصاحبها والمقدار الذي يتوافق أو يخالف القواعد الضبطية الإيمانية ومدى انصياع النفس للعقل وكمية التأثير العقلي لسلوكيات الشخصية وهو محور علم النفس الوضعي في جميع اختصاصاته وفروعه المستحدثة لضروريات التخصص والتقسيم.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حدث ذات ليلة _ قصة قصيرة
-
التأريخ بين العقلانية الكلية وبين المادية وقوانينها
-
دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح1
-
دور البواعث والمحفزات دراسة في علم النفس التجريبي ح2
-
صورة الرب في العبادات الدينية القديمة
-
البحث عن جذر الذات
-
التدين والإلحاد واللا دينية وعلاقة العقل بهم
-
الدكتور علي الوردي وقراءة في منهجه النقدي
-
الكلب الوديع وشارع عشرة
-
إنعكاس البيئة في الحس السلوكي عند الإنسان _ نظرية د على الور
...
-
العراقي بين الشخصية الأصلية والشخصية القناعية
-
نظرية قيمة المعرفة عند الدكتور علي الوردي
-
حكاية العيد مع العبد الأبق سعيد
-
هل ينبغي التسليم بالعولمة كحقيقة وجودية ج1
-
الخيار الصعب في نقد الذاكرة
-
هل كان العراقيون القدماء وثنيون ؟.
-
الأنا والأخر ونحن في عولمة الوجود
-
التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة
-
إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات
-
أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|