|
أنا وصديقي
محمد هشام فؤاد
الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 20:27
المحور:
كتابات ساخرة
يا إلهي كم تبهرني تلك الشخصيات الغريبة؟! تلك النماذج الغرائبية التي تشاركنا الإبحار خارج المألوف.. هؤلاء الذين يتمردون علي كل العادات والموروثات والأعراف .. لا تراهم إلا ويحدثونك عن فلسفاتهم المجنونة في السعادة .. لا يعرفون وقتاً يضيعونه في مناقشة آراء الناس فيهم، وبالطبع لا يأبهون لوخز أفواه الناس وسيل اتهاماتهم لهم بالجنون والمروق عن القواعد والمثل التي جُبِل عليها المجتمع .. لا تراهم إلا ويعبرون فوق ألسنة النقد اللاذعة؛ مُحَلِقِين إلي سماء الأبدية التي يعانقونها بألحانٍ ومقطوعاتٍ موسيقية وبرقصاتٍ وتفكيرٍ واعٍ متأمل يفض عذرية الليل .. هؤلاء الذين تشاركهم دوماً لذة المناقشات .. تتبادلون الأفكار والآراء .. تكفرون بالأسرة وبالمجتمع وبالناس وبالخيط الذي ينظمه المجتمع لنا؛ لئلا نحيد عنه! جمعتني بأحدهم جولة ليلية قصيرة علي شاطئ البحر .. تناقشنا .. تحدثنا .. تجاذبنا أطراف الحديث، وماأدراكم بالنقاش الذي يحركه هواء البحر الليلي ونسيمه الذي يُنقِل الكلام من الأفواه نقلاً؟! إنه صديقي الرائع خالد عادل .. أخذنا كالعادة نلعن الناس .. نلعن النفاق والحياة الروتينية التي جُبِل عليها الآخرون حولنا .. كفرنا بمناهج التربية في محيط الأسرة والمدرسة والجامعة وفي كافة الحلقات التي انتمينا إليها في يومٍ من الأيام .. يا إلهي إنهم كانوا ينفخون في أبواقهم يدعوننا إلي حب الناس ويهمسون في نفس الوقت في آذاننا ويقولون: أخاك المسلم، كانوا يقولون لنا الدراسة والمدرسة والكراسة والمدرس ولم نعرف للقراءة العامة سبيلاً، الكل يحاول ويسعي لجعلنا نماذج مادية لا تقيس الآخرين إلا بما تحويه جيوبهم، لا ننظر إلي بنات المجتمع ولا نختلط بهم لئلا نفشل في دراستنا؛ لأنهم يلهوننا عن المذاكرة والتحصيل، وإذا نظرت فعندما تكْبُر؛ ولا تهتم إلا بأسفلها وبما تحويه بين فخذيها .. أليس هذا مقياس العفة والشرف؟! استهللنا مناقشتنا بالزواج ومفهومه لدي مجتمعنا، وانتقلنا إلي أسرنا الذين يرغبون في اختيار زوجاتنا كما اختاروا لنا حياتنا من قبل؛ فإذا بخالدٍ يحدثني عن الطور البيولوجي والاجتماعي الذي حُصِرَت فيه المرأة، يحدثني عن المرأة التي لا يتم الزواج بها إلا من أجل إنجاب الأولاد ومن أجل الخدمة في المنزل، أخذ يحكي عن المرأة التي تُهان في بيت أبيها وفي بيت زوجها، يُحَدِثني عن المجتمع الذي أخذ ينهل من نصوص الدين ليبرر عنفه وضربه لزوجته. وأخذنا نتحدث عن مؤسسة الزواج الرأسمالية الطبقية التي تنظر إلي الزوجين علي أنهما سلعة تُباع بأعلي سعر حسب مقاييس ومعايير الشركتين التي تنزل بالأسهم وترفعها حسب حاجات ونظرة السوق –الناس- ومن هنا يتوارث الرجال نظرتهم إلي الأَمَة التي قد ملكها بيمينه؛ فهي كقطعة الشطرنح يحركها أينما يريد؛ أليس هو من ينفق عليها؟! لذا فقد وجب عليها الطاعة وتقبيل حذائه إذا أراد، واذا اشتكت لوالديها فيذكرونها أنهم قد تنازلوا عن السلعة من قبل وقد قبضوا ثمنها ويركلونها بالعبارة التي تؤسس لعبودية المرأة للرجل: أليس زوجك وله الحرية أن يفعل بك ما يريد؟! وانتقلنا إلي السؤال الذي نعرف إجابته عن ظهر قلب؛ ولكن الآخرين لا يريدون الاعتراف به: أليست علاقات الفرد بأصدقائه في هذا العصر أفضل من علاقاته بوالديه؟! أليست رابطة الصداقة أوثق من روابط الأسرة والزواج والعمل؟! ألا يُجْبَر الفرد في هذه المؤسسات –الأسرة والزواج والعمل- علي معاشرة أفراد لم يخترهم ولا يستطيع التواصل معهم والاتصال بهم؟! ألم يختر بنفسه اصدقاءه وينتقي ويحذف منهم يشاء؟! وأخذنا نتساءل: ما دلالة تكدس المقاهي بحلقات الأصدقاء المتقاربين في الأعمار؟! ألم تنظروا لهؤلاء الذين فرغوا من أعمالهم ولم يذهبوا إلي منازلهم للقاء أزواجهم وأولادهم وفضلوا خلوتهم مع الأصدقاء في المقاهي وعلي شاطئ البحر؟! إذاً فهناك خلل في كافة العلاقات الاجتماعية والإنسانية جعلت الناس ينصرفون من كافة الروابط الاجتماعية ليفروا منها إلي الأصدقاء! وأخذنا نتدرج في موضوعات جلستنا الليلية إلي أن وصلنا إلي نفاق أفراد المجتمع ومرائهم .. هؤلاء الذين يضمرون بقلوبهم خلاف بين ما يظهرونه بألسنتهم ..هؤلاء الذين يتسترون بمصالحهم الشخصية خلف العبارات الاجتماعية الاعتيادية المتكررة: كل سنة وانت طيب، عيد سعيد، كل عام وأنت والأسرة بخير، كيف الحال؟! .. إلخ وتراهم يمسكون بهواتفهم لساعات يهنؤون هذا وذاك وهم لا يتمنون حقيقةً ما يقولونه للآخرين الذين لم يرونهم منذ شهور وربما سنوات مع أنه لا يفصل بين منازلهم إلا أمتارٍ! ولكنها الرغبة في النفاق والوصولية والالتفاف بالكلمات لسد رمق العادة والعُرْف الذي يزُج بهم إلي تلك المحادثات في المناسبات الاجتماعية التي تُعَد بمثابة السوق الرائج لها. وغادرنا وصديقي شاطئ البحر وقد أخذنا ما أخذناه من طاقة روحية إيجابية مليئة بالأمل في حياة مستقلة لنا عن هؤلاء المرضي الذين يريدوننا مسوخاً منهم .. عن هؤلاء الذين يريدون صنع تابوهاتٍ لا تعرف طريقاً خارج الذي يرسمه أفراد المجتمع الرأسمالي الطبقي الازدواجي المنافق!
#محمد_هشام_فؤاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السبع وصايا .. في ميزان الإبداع
-
منظومة الفشل .. عن الزواج أتحدث!!
-
ثقافة البوح في الأدب
-
اقرؤوا في المكتبات العامة
-
عن المرأة ..
-
صراع المرأة
-
القيود الثلاثة
-
حي بن يقظان والقلق الوجودي
-
قطوف (2-2)
-
قطوف (1-2)
-
جمهورية الضباط
-
حكاية مملة
-
عن حرية الاعتقاد
-
الله والملائكة والمصريون
-
حوار بين ليبرالي (ل) واشتراكي (ش)
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|