|
انتخابات عصر التحنيط
هشام الطوخى
الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 11:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
المجتمع البشرى - أى مجتمع - هومجموع أفراده . والانسان الفرد له صفاته الجسدية والنفسية والتى هى وعاء طاقاته وقدراته التى تحدد وتحكم دوره ونمط حياته داخل مجتمعه ، ولكل فرد من هؤلاء رغباته - احتياجاته النفسية والجسدية - التى يتطلع الى اشباعها ونتيجة للتفاعلات الداخلية - حركة المجتمع - تتخلق ظروف تؤدى الى تهيئة فرص لاشباع رغبات مجموعة بعينها من الأفراد ، وبالتالى تجد هذه المجموعة مصلحة فى استمرار هذه الفرص وتطويرها رغما عن ارادة المجموعات الأخرى . ولتشابك هذه المصالح وتعارضها أحياناً تبرز الحاجة الى وجود مجموعة مختارة تعطى صلاحيات وسلطات معينة لحماية وتنظيم وتحقيق التوازن بين هذه الفرص لمنع تغول مجموعة على أخرى ، هذه المجموعة ذات الصلاحيات هى نظام السلطة والسلطة داخل المجتمع المصرى - الدولة المصرية - لم تنجح عبر التاريخ فى تحقيق التوازن بين الفرص المتاحة لاشباع رغبات أغلب أفراد هذا المجتمع ، بل تحولت نتيجة لاحتكارها القوة الى مجموعة وطبقة تستخدم تشابك وتعارض مصالح المجموعات الأخرى من الشعب لخلق ظروف تؤدى فقط الى اشباع رغباتها الذاتية هذه الخبرة التى امتدت لأكثر من ستة آلاف عام أصبحت جزءاً من اللاشعور الجمعى لجماعات المصريين - مختلفة المصالح - وجزءاً من مكونات شخصيتهم والمصرى الذى يشكل تاريخه المكتوب تأريخاً لصراعات أفراد وأسر ومجموعات وطوائف استخدمت القوة وسيلة وحيدة للقفز الى كرسى الحكم هو نفسه المصرى الذى يدرك أن الفرص المتاحة له لاشباع رغباته تزداد كلما قصرت المسافة التى تفصل بين مجموعته والجالس على هذا الكرسى و هو نفسه المصرى الذى عانى منذ عام 1952 من العبودية لنظام عسكرى واستخباراتى هو نفسه الذى يعانى منذ عام 1981 - بداية دخول مصر الى عصر التحنيط الحديث - من السخرة لنظام أمن الدولة البوليسية التى أقامها الحزب الوطنى الديمقراطى جداً تحت زعامة الرئيس والقائد والزعيم وصانع الضربة الجوية وبطل الحرب والسلام وبانى البنية الاساسية والكبارى العلوية والسفلية وحامى الرياضة والفنون ومحدودى الدخل والمبايع الى الأبد بالاجماع من جموع الشعب بما فيهم الأجنة فى بطون أمهاتهم والمحروم من الأكلات الشعبية - كالبامية والملوخية - وفاتح الباب التاريخى لتعديل المادة 76 دون أى ضغوط من هنا أو هناك وحامى الاستقرار والنماء ومقيم أزهى عصور الديمقراطية و المرشح الجديد للحزب الوطنى الديمقراطى جداً من مدرسة المساعى المشكورة وصاحب البرنامج الانتخابى الجديد والمتجدد والساعى الى الاصلاح دائما وأبدا والمنزه عن الهوى والذى ليس كمثله زعيم ولم يوجد له فى مصر ولن يوجد كفواً أحد هذا المصرى هو نفسه المصرى المدعوالآن الى الانتخابات الرئاسية ، هذه الانتخابات التى تعنى أن عليه أن يصدق عدة أشياء بالجملة منها أن النظام لن يتغير هذه المرة بالقوة وانما قد يتغير عن طريق ورقة تافهة سوف توضع فى صندوق ومنها أنه سوف يسمح له بالتوجه الى هذا الصندوق بكل محبة وسلام ومنها أنه لن يتم عقابه أو السخرية منه أو شتمه أو ضربه أو كسر نظارته أو سرقة أمواله وموبايله أو انتهاك عرضه أوطرده من عمله أو حبسه أو سجنه أو اعتقاله أو ارساله وراء الشمس بعد انتهاء العملية الانتخابية ومنها أنه أثناء فترة التصويت لن يتم استخدام مفتاح عنخ - رمز الحياة لدى قدماء المصريين - لاعادة الأموات الى الحياة فى رحلة البعث والخلود المتجددة ولن يتم فتح المندل للاستدلال على أماكن التائهين والمهاجرين و المنقطعة آثارهم وحشدهم للذهاب للتصويت ومنها أن الورقة التى سيملؤها ستبقى فى الصندوق دون أن تقوم قوة ما ميتافيزيقية باستبدالها هى أو تغيير المكتوب فيها ومنها أنه سوف يتم العودة الى المعادلات الرياضية القديمة والبالية التى أكل عليها الدهر وشرب فى عد وجمع الاصوات و لن تستخدم معادلات علماء رياضيات واحصاء الحزب الوطنى الديمقراطى جدا ومنها أنه اذا ما تجاوز عدد الاصوات التى تريد نظاماً ورئيساً مختلفين عن تلك التى لا تستطيع الحياة بدون النظام والرئيس الحالى وتهدد بالانتحار فى حالة تغييرهما سوف يرحل الحزب الوطنى الديمقراطى جداً ورئيسه مبارك فى محبة وسلام وهدوء وسكينة ومنها أنه اذا جاء عصر المشمش الغير مسمم سلمياً وتولى رئيس ونظام جديدان فلن تتكون طبقة جديدة تسرع الى فرض الفرد - جمع فردة بكسر الفاء وفتح الراء - والمكوس وتهيئة ظروف جديدة لاشباع رغباتها التى حرمت منها فى عهد التحنيط ومنها أن المسافة التى تباعد بين مجموعته والجالس الجديد على الكرسى لن تزيد فتقل الفرص المتاحة لاشباع رغباته عما هى عليه الآن ومنها أشياء أخرى قد لا تقل أهمية تدور الآن فى عقول المصريين ترى هل سيثبت المصريون صحة نظريات علوم التاريخ والمصريات والاجتماع و النفس والرياضيات والاحصاء القديمة أم سيطورون نظرياتهم الخاصة عن طريق علماء عصر التحنيط الجدد خاصة بعد المحاولة الناجحة لاحياء مكتبة الاسكندرية هذا ما سوف نراقبه فى الأيام القليلة القادمة فى أرض كيميت .. هايكوبتاح ... ايجيبتوس ...مصر ...الكنانة تحيا مصر
#هشام_الطوخى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصريون : شرعية الحاكم المقدس
-
العقل الأبوى : موت العقل العربى
-
نحن والتطرف : الصمت شريعتنا والمجد للصامتين
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|