|
ماذا يراد للعراق وأهل العراق؟ وماذا يجري في مدينة كوباني الكُردستانية السورية؟
كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 4595 - 2014 / 10 / 6 - 23:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يتابع السياسات الدولية للولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها بالعراق يجد نفسه أمام أسئلة كثيرة حقاً تتصدرها مثلاً: ماذا يراد لهذا العراق المستباح من كل الأطراف والجهات الدولية والإقليمية؟ وماذا يراد لأهل العراق الذين فقدوا خلال العقود الخمسة المنصرمة أكثر من مليون ونصف المليون نسمة عبر الحروب الداخلية والخارجية وعبر الضربات العسكرية حين لا تكون هناك حروب، إضافة إلى ما فقده العراق من بشر عبر التعذيب والقتل اليومي الذي مارسه النظام الدموي لحزب البعث الصدَّامي الفاشي، ومن ثم عبر النظام السياسي الطائفي، وعبر العمليات الإرهابية الجارية منذ العام 2003 حتى الآن، إضافة إلى عدد أكبر من الجرحى والمعوقين؟ ماذا يجري لهذا الشعب في الوقت الحاضر بكل مكوناته القومية وأتباع دياناته ومذاهبه واتجاهاته الفكرية والسياسية؟ وماذا يراد لاقتصاده وموارده النفطية التي كانت السبب وراء الكثير والكثير جداً من الكوارث والزلازل السياسية حيث اقترن اسم البترول العراقي بدم الشعب العراقي ودموعه. وكم كان الفنان التشكيلي العراقي المبدع موفق أحمد مصيباً حين رسم لوحته التشكيلية التي تتساءل/ لماذا، لماذا؟، ليش؟ إنها صرخة الملايين من العراقيات والعراقيين حين يقولون لماذا كل هذه المعاناة؟ لماذا كل هذا القتل؟ ولكم ليش هذا القتل الجماعي بالعراقيات والعراقيين؟ لماذا كل هؤلاء الجرحى والمعوقين؟ لماذا كل ذلك الحصار الاقتصادي الدولي الذي فرض على شعب العراق وأختطف من أطفال العراق وحدهم عشرات الألوف خلال 13 سنة؟ الشعب العراقي لا يقف أمام طلسم أو حزورة فزورة. إنه يقف أمام عمليات متلاحقة مدمرة للعراق وشعبه بدأت منذ العام 1961 حيث صدر القانون رقم 80 لسنة 1961 والذي تضمن استعادة العراق لحوالي 95% من الأراضي التي كانت ممنوحة لشركات النفط الأجنبية بالعراق لتنقب فيها عن البترول. وقد أصاب هذا القانون شركات النفط الاحتكارية بالصميم وجن جنونها وسرَّعت من تآمرها وشكلت تحالفاً خبيثاً مناهضاً للوطن ومصالح وإرادة الشعب العراقي، رغم السياسات الخاطئة التي مارسها عبد الكريم قاسم وعبأت القوى ضده وخسر الكثير من الأصدقاء، وانتهى التآمر بإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية ومعها كل المكاسب التي تحققت خلال عمر الثورة القصير. ثم توالت الكوارث والمحن على أيدي القوميين والبعثيين العراقيين والبعثيات العراقيات الأكثر يمينية وفاشية وعدوانية واستبداداً حتى وصل الحكم أخيراً إلى أيدي مجموعة من الأحزاب الإسلامية السياسية الموغلة بالطائفية والتطرف الطائفي الشيعي والسني والذي أوصلنا بدوره وعلى أيدي قائد مسيرة الأحزاب الشيعية المشوهة نوري المالكي والأحزاب السنسة المشوهة أسامة النجيفي وطارق الهاشمي ومن لف لفهم إلى استيلاء منظمة إسلامية سياسية إرهابية وتكفيرية على جزء واسع من الأراضي العراقية لا في محافظة الموصل فحسب، بل وفي محافظات أخرى عديدة واقتربت هذه العصابات كثيراً من بغداد وأربيل وهجَّرت وقتلت الكثير من مواطناتنا ومواطنينا المسيحيين والشبك والتركمان في تلعفر، ولكن بشكل خاص ما حصل من قتل واغتصاب واستعباد لمئات الإيزيديات والإيزيديين ومئات الألوف منهم الذين أجبروا على الهروب عبر الجبال مشياً على الأقدام بهدف الوصول إلى مناطق آمنه بإقليم كردستان العراق. إنها جرائم إبادة جماعية وضد الإنسانية بكل معنى الكلمة، إنها العنصرية بأجلى صورها، إنها التطهير العرقي بأبشع أساليبه العدوانية وضد الإنسان إن السياسات والإجراءات التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية يبدو للبعض الكثير وكأنها تتسم بالتردد والتراخي والتخلف والتخبط الأعمى!! والسؤال العادل والمشروع الذي يدور في بالي وبال الملايين من العراقيات والعراقيين هو: هل هذا حقاً ليس سوى تخبطاً أعمى، أم أن هناك إستراتيجية تحكم الموقف إزاء العراق والمنطقة، خاصة وأنها كانت السبب الأهم في فرض نظام الطوائف بالعراق وما سببه للعراق وأهله من كوارث ومآسي وموت ودمار وجوع وحرمان حتى الآن والحبل على الجرار ما دامت الولايات المتحدة ترى بأن تحرير الموصل من هذه العصابات يحتاج إلى سنة كاملة؟ إذا تغاضينا عن كل ما جرى للعراق خلال العقود المنصرمة وتوقفنا عند اختراق داعش للحدود العراقية، وقبل ذاك واقع التعاون العسكري واللوجستي وعبور الحدود التركية إلى سوريا والعراق عبر تركيا والتعاون بين الأخيرة وتنظيم داعش وجبهة النصرة الإجراميين وفعلهما المباشر ضد الثوار الديمقراطيين بسوريا وضد الوضع بإقليم كردستان العراق والسكوت المطبق للولايات المتحدة عما كان يجري بالعراق من جانب حكومة نوري المالكي أو الصراع بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وبين الأحزاب الشيعية والسنية التي ساهمت كلها في إيصال الوضع إلى حافة الحرب الأهلية وسمحت لداعش وحلفائها باختراق الحدود والسيطرة على الموصل، فماذا يعني كل ذلك؟ نحن نعرف بأن الأقمار الصناعية وطائرات التجسس الأمريكية والإسرائيلية وغيرها تراقب المنطقة وتستطيع أن تغتال رجالاً يسيرون بالشوارع، فكيف لم تستطع قوى التجسس الأمريكية والإسرائيلية أن ترى هذه الجموع الحاشدة والمسلحة التي هاجمت العراق من الموصل ولم تخبر الإدارة الأمريكية حكومة المالكي بكل ذلك؟ هذا مع العلم بأن قيادة إقليم كردستان قد نبهت الحكومة العراقية إلى الاحتمالات في هذا الصدد و لكن حكومة نوري المالكي لم تتحرك لأن هدف قواتها التي كانت معسكرة بالموصل لم يكن أوباش داعش بل تحركات البيشمركة الكُردستانية العراقية، وربما كانت ترغب حكومة نوري المالكي أن يحصل ما حصل للانتقام من أهل الموصل السنة والكرد السنة في آن واحد؟ علينا أن نكون صريحين وشفافين في آن واحد. فالطائفية السياسية مستعدة لارتكاب المجازر والجرائم لتحقيق أهدافها. وهذا لا يقتصر على الأحزاب الطائفية الشيعية وحدها بل الأحزاب الطائفية السنية أيضاً وهذا ما عاشه العراق طيلة العقود الأخيرة حتى يومنا هذا!!! إن هناك من يحاول أن يتهم العرب وشعوب البلدان النامية بأنهم مهووسون بنظرية المؤامرة. ولكن ماذا تعني المؤامرة؟ ألا تعني أن دولة ما تريد تحقيق أهدافها فتلجأ إلى كل السبل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق تلك الأهداف، والتي لا تتحقق إلا على حساب مصالح الآخر، بما فيه إيقاع الطرف الآخر في مطبَّات ومأزق ومحن أو حتى حروب وكوارث. كما يجريى الآن بالعراق وسوريا! ألم تشكل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة السعودية وباكستان ميليشيات القوى الظلامية في محاربتها للاتحاد السوفييتي ثم انقلبت عليها وصدق عليها المثل الشعب القائل "يا حافر البير لا تغمج مساحيها خاف الفلك يندار وانت التكع بيها". ومن تابع ما حصل ويحصل للعراق وشعب العراق منذ الخمسينات من القرن العشرين مع بدء مشروع الشرق الأوسط ومشروع أيزنهاور وحلف بغداد (السنتو) وقبل ذلك النقطة الرابعة لترومان، يدرك صواب كل ذلك، إن الكثير من شعوب الشرق الأوسط، ومنها الشعوب العربية لا ثقة لها بسياسات الولايات المتحدة وحكوماتها، وليس بالشعب الأمريكي طبعاً، والتي تجلت في المقالة التي كتبها الأستاذ الفقيد محمد شرارة تحت عنوان "أينما تمتد الأصابع الأمريكية يرتفع الدخان!" ألم يكن صادقاً فيما قاله في النصف الأول من العقد السادس في مجلة الوادي الأسبوعية العراقية؟ نعم كان له كل الحق. وهذا ما حصل في العام 1963 وباعتراف السفير الأمريكي ببغداد في أعقاب سقوط نظام البعث وصدام حسين في العام 2003، وهو ما اعترف به علي صالح السعدي في العام 1968 حين التقى بمجلة الطليعة المصرية وثبت في البروتوكول المسجل والمحفوظ في أرشيف المجلة والذي اطلعت عليه في حينها من خلال عضو هيئة التحرير الفقيد الأستاذ ميشيل كامل. إن الحديث عن أن فترة مكافحة الإرهاب ستطول ثلاث سنوات وأن تحرير الموصل سيحتاج إلى سنة كاملة وأن تدريب الثوار السوريين على السلاح سيأخذ سنوات كثيرة كلها يعني استنزاف موارد هذه البلدان وتصريف السلاح المتقادم باستخدامه أو ببيعه على شعوب المنطقة وتحريك رؤوس الأموال بدلاً من تجميدها في أسلحة قديمة مكدسة في مخازن مصانع وتجار السلاح في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الاتحادية التي أصبحت البائع الثالث للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. إن ما يجري في منطقتنا لا يعدو من أن يكون استعماراً من نوع آخر يستنزف موارد وقدرات وطاقات شباب هذه البلدان في صراعات ونزاعات طائفية تغطي على النزف المالي المستمر والموارد الأولية لشعوب هذه البلدان وتبقى متخلفة عن ركب الحضارة البشرية. إنها الكارثة التي تواجه شعوب المنطقة، فهل ستعي شعوبنا ذلك، وهل ستواجهه، وكيف ستكون المواجهة؟ دعونا ننظر إلى ما يجري في كوباني بسوريا، هذه المدينة الكردستانية السورية على الحدود التركية. فأوضاع هذه المدنية من فترة طويلة تثير سؤالاً كبيراً يدور في رؤوس الملايين من البشر: هل من المعقول أن تُترك مدينة كوباني تعاني من الحصار والقصف المدفعي المتواصل من جانب عصابات داعش المجرمة دون أن تقوم الطائرات الحربية الأمريكية وطائرات الدول المتحالفة معها بضرب مواقع تجمع الداعشيين الذين يهددون في كل لحظة باقتحام هذه المدينة المقاومة وشعبها الكردي المناضل والصامد بوجه الطاعون الأصفر؟ إن هذه الحالة تطرح الكثير من الأسئلة ولكن لا جواب عليها حتى الآن!! هل من المعقول أن يصرح مسؤولو الدولة التركية بأنهم لن يسمحوا باجتياح مدينة كوباني، ولكنهم يرون سقوط العشرات من القذائف عليها وموت المزيد من المناضلين الكرد دون أن تتحرك دباباتهم بقصف مواقع الداعشيين القتلة؟ إن على الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي أن يتحرك لنصرة الكرد في الحصار العسكري الذي يتعرضون له ولنشد أزرهم ونعجل بتقديم العون العسكري والسلاح والعتاد لهم لمقاومة جرائم الداعشيين. لتنتصر إرادة شعب كوباني على القوى المجرمة والعصابات الجبانة! 6/10/2014 كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التعذيب يلاحق اللاجئين حتى في بلدان المهجر؟ ألمانيا نموذجاً!
-
إقليم كُردستان العراق في الواجهة والمواجهة!
-
هل سيكف المالكي عن نهجه الطائفي المفتت لوحدة الشعب العراقي؟
-
هل من سبيل لمواجهة الطائفية السياسية في حكم البلاد؟
-
هل من جديد في تشكيلة الحكومة الجديدة؟
-
نداء إلى محامي العراق وقضاته الكرام
-
لقاء شفاف مع مسرحيي وسينمائيي العراق في المعهد الثقافي العرب
...
-
نداء عاجل للتضامن من أجل إنقاذ حياة ميثاق عبد الكريم الركابي
...
-
أين دور الشعب العراقي من الأوضاع الراهنة والمزرية بالبلاد؟
-
هل يمكن إيقاف الإرهاب الدموي المتفاقم بالعراق؟
-
معاني غياب التضامن العربي وحضور التضامن الكُردي بالعراق ومنط
...
-
من أسقط المالكي وأبقى على النظام السياسي الطائفي بالعراق؟ ال
...
-
من أسقط المالكي وأبقى على النظام السياسي الطائفي بالعراق؟ ال
...
-
هل سينتهج العبادي سياسة مدنية ديمقراطية لإنقاذ العراق وشعبه
...
-
الدكتور حيدر العبادي أمام مهمات صعبة بعد التخريب المالكي!
...
-
الدكتور حيدر العبادي أمام مهمات صعبة بعد التخريب المالكي! [ا
...
-
كل الجهود لدعم قوات البيشمركة والقوات العراقية لتحقيق النصر
...
-
نوري المالكي، المتمرد على الشرعية الدستورية، إلى أين؟
-
-أوقفوا حملة داعش لإبادة الإقليات في العراق- نداء عاجل وملح
...
-
أحذروا المالكي ... إنه يستعد لتنفيذ أمر خطير ... أحذروا الان
...
المزيد.....
-
مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-.
...
-
إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
-
صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق
...
-
الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف
...
-
سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
-
ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي
...
-
مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا
...
-
أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
-
كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
-
الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|