عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4595 - 2014 / 10 / 6 - 00:48
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في الديانات القديمة ونحن ندرس المظاهر العامة للتدين نجد أن هناك نوعين رئيسين من الأديان حسب ما يفهم الإنسان من طبيعة العلاقة بينه وبين الرمز الديني وكيفية تجسيد هذه العلاقة كممارسة أو كيفية ترجمة هذا الفهم , الطور الأول الذي تصور الله أو الخالق أو المتعال بصورة بشر كامل الهيئة ممكن أن يحل في أي جسد يشابهه أو يرمز له , وبالتالي فإن القدسية لهذا الرب او الاله تنتقل طبيعيا أو بالمحتوى التصوري للمثال الذي صنعه الإنسان وأمن بع فسجد له وعبده ثم تحول بالاعتياد إلى إله , هذ ه عبودية وعبادة الأوثان والأصنام .
هناك طور أخر أكثر فهما وأقرب في ترجمة الفهم الديني هي عندما نسج بخياله البشري قصص الرب المتعال أو الإله المعبود فنحت هذه القصص والأحكام والأحداث عبر جداريات أو منحوتات جمعية ليست على شكل نصب وأوثان وإنما على نمط لوحة ترسم ما يريد الرب أو ما فعله ولكن من غير أن يؤمن أن روح الإله أو قدسه يمكن أن تحل في هذه المنحوتات لكنها مقدسة لشيء أخر أن فيها قصة مقدسة , قصة تحكي عن الرب المتعال , لذا نجدها تنتشر في الجدران وعلى المدرجات والمعابد دون أن تكون محل عبادة أو تقديس عبودي .
كلا النمطين جسد الله فعلا وتكوينا بالتصور وكلاهما مارس العبادة الحسية وأضعف الجانب الروحي لأن الإنسان القديم وبتأثيرات الفكر المادي في طور التعلم والتفسير يحاول أن يتقرب من كونية الأشياء من جوهرها المادي وليس من خلال الحس الروحي الذي يربط بينهما , الأديان السماوية تفترض أن الله أو الرب المتعال لا يمكن أن يكون محسوسا ولا مجسدا لأن ذلك ينفي القدرة الطبيعية للفعل الخارق فيها , النظرية السماوية تحرر الرب من فكرة الزمان والمكان حتى تحرره من حدود الفعل وشكله ومكانه , وهذا الأمر يعارض فكرة الرب المجسم الذي يريد الإنسان أن يتقرب منه طمعا في أن ينال منه شيئا من الصفات والقوة والفعل .
إن دراسة الأديان القديمة وروح التدين عند الأقوام الأولى برغم وجود مؤثرات حقيقية للفهم الديني السماوي لكن الغالب نجد قد ترجم إلى صور حسية ملموسة ويمكن أن تستوعب فكر الإنسان وتتفاعل مع معنى القوة التي ينسبها الدين الرسالي للرب المتعال , هذا الأمر ليس قاصرا فقط على أهل الديانات القديمة حتى في الديانات التي نعرفها اليوم نجد الكثير من القواعد الحسية يحولها المؤمن إلى سلوكيات ليعبر فيها غن انتماءه للسماء برغم من تأكيده أن السماء التي تعني رمز الرب المتعال لا يمكن ان تكون حيبة .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟