أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الحاج حسين - قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!














المزيد.....

قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!


علي الحاج حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 08:20
المحور: كتابات ساخرة
    


مرت الأيام متثاقلة بطيئة والطوى يملأ بطني والخواء ذهني، ما تناولت كسرة ولا لعقت دسما مذ توفيت عنزتنا الحلوب، لست بصائمٍ، بل أفتقر للطعام فحسب. دخلت حجرة نومي المعتادة حيث ترقد زوجتي فوجدت رجلاً هادئا، ينام قرير العين قربها ويشق شخيره عباب السماء عبر سقف الغرفة. يا للهول..! دنوت من النائم وتفحصت محياه قبل الإقدام على فعل ما لا تحمد عقباه فتعرفت فيه صورتي. تراجعت خطوة للوراء وحاولت فتح الباب لكي أخرج من الحجرة، أمسكت بمقبض الباب فعجزت عن فتحه، تقدمت نحو الباب بكل بقايا ثقلي، فوجدت أن وزني قد انعدم وعبرت الباب الموصدة دون عناء، لم يعقني عائق وجِبت حجرات الدار عبر جدرانها الثخينة وأبوابها المرتجة، صرخت عليّ ذاك النائم قربي فما سمعت صوتي ولم أفق، وما تحركت زوجتي الراقدة قربي ذاك الرجل المتسابق مع نفسه بالشخير. أيقنت أنه لن يلحظ أحد قط وجودي. صعدت إلى سطح منزلنا عبر سقفه، وجدت هناك كل المفارقين من أهلي وذويهم من غسان وعدنان، التقيت بكل أجدادي وأشخاص آخرين من أمسنا القريب والبعيد، بينهم من أعرفه ومن لا أعرفه، رأيت شخصيات معروفة غادرت الحياة من أمد طويل، رجعت بالتاريخ خلفاً كما لوكنت أقلب صفحات سجله، وعرفت ما لم أكن أعرف حقاً… سافرت عبر الزمن وغصْت في المستقبل فرأيت ما سيحدث من أحداث صغار وكبار. فوجدت التاريخ زوراً والتنبؤ بهتاناً.
هرعت إلى مكتبي علّي أدون مشاهداتي لئلا يلتهمها النسيان، امسكت بالقلم وهممت بالكتابة، تزاحمت الأفكار على عتبة ذهني، وكلما أردت الكتابة عن عظام الأمور تعترضني صغارها فاعزف منشغلاً بترتيب ما لم يرتب. وأوجل تدوينها. هويت بالقلم المتلاطم حبرا على القرطاس فلم يلطخه المداد.. الآن فهمت.. لقد توقف القلم عن التدوين. وايقنت أني رقدت في عصر التاريخ، غططت في نوم عميق فشممت رائحة لحدي، سمعت صوت فيضان الدم الهادر في وتيني، سمعت الصوت الذي لا ريب فيه، أيقنت بقرب الساعة… لكن ما الذي جرى لعقارب الساعة…؟ كحمار معاند على طرف جسر، لقد توقفت عن الدوران، كأني بها تتراجع عن الحركة… توقف الزمن… إذن نحن في البرزخ، حيث يتوقف الملائكة عن تسجيل العقاب والثواب، فمن عمل ذرة خير صَلح، ومن عمل ذرة شر طلح، لن تلد الحبالى ولن يموت الأحياء. تلك هي إرادة كونية لا تعطلها فرمانات ملكية ولا مراسيم رئاسية، إذن لم يعد بمقدور شيخ قبيلتي إصدار أوامره بتحريك عقارب الساعة، لن يقدر أحد بعد اليوم على تزوير كتب التاريخ… لقد توقفت صناعة التاريخ. اليوم يتساوى فيه المالك بالمملوك والثري بالصعلوك.
لكن ماذا سيفعل عظام قومي بأعواد المشانق المنصوبة لنا في الساحات..! يرفض الناس الموت، ترفض السيوف اجتثاث الأعناق، مهنة السياف والجلاد ستلغى ، لم تعد هناك قرابين وأضاح بشرية، ومن سيصدر الأحكام بالحبس، النفي، الإعدام …! من سيقلد الجبناء بأوسمة الشجهان..! من سيقطع الأعناق وكيف ستوزع الأرزاق؟ من سيقود السيارات الفارهة ويسكن القصور الفخمة، من سيؤم الحانات؟ من سيصدر جوازات السفر، من سيمنح أو يمنع تأشيرات الخروج؟ من سيصنف المواطنين في فئات؟ من سيمنحنا حق الحياة…! أ أنت الذي سيفعل هذا الآن..؟! شكراً لك يا الله؟
كان حلما مزعجا.. أضغاث أحلام، وفجأة استيقظت من حلمي هذا مرعوباً وقرأت ما كتب على اللوحة الجدارية: "لئن شكرتم لأزيدنكم…". شكراً لك يا الله الذي لا يحمد على مكروه سواه..!.
استيقظت لأتابع نومي من جديد.



#علي_الحاج_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أضرار الشراكة السورية-الأوربية
- الأنظمة الشمولية تنعش الأصولية لتعتاش بظلها
- مملكة سوريا وابن فضلان
- نداء لحظر حزب البعث دوليا كمنظمة إرهابية
- من الخروج من لبنان إلى السقوط في دمشق
- لا صوت يعلو فوق صوت المعركة
- السجن السوري الكبير للجميع


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي الحاج حسين - قم يا أيها المدثر، تحت لحاف زوجتي لا تشخر..!