عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4593 - 2014 / 10 / 4 - 10:49
المحور:
كتابات ساخرة
عيدٌ سعيد
تقع المقبرة في منطقة مضطربة أمنيّاً . منطقة " عمليات عسكرية " كما تقولُ الجيوش . والوصولُ اليها صعبُ جداً ، وشاق .
اتصلتُ بمن يُعيننا على ادخال السيارة إلى المقبرة لزيارة المرحوم ، فقال أنّ بأمكانه القيام بذلك مقابل مائة ألف دينار .
في يوم " عرفة " أبلغتُ النساء بذلك .. وأوصيتهنّ أن يكنّ على أُهبة الأستعداد .
في ليلة العيد زارني المرحومُ في المنام ، فشرحتُ لهُ ترتيبات الزيارة . قال لي غاضباً : لا تدفع فلساً واحداً لهذا " النذل " . وأضاف .. أنهُ لا يعتقدُ أنّ من الضروري زيارتهُ في ظروفٍ كهذه ، كما ان لديهِ في محل إقامته الجديد ، الكثير من الأصدقاء .
في فجر العيد ، وكان الظلامُ لايزالُ دامساً ، شعرتُ بانّ الكثير من الأذرع تخضّني خضّاً .
فتحتُ عيني ، واذا بالغرفة مليئةٌ بالنساء المتّشحات بالسواد حول سريري .
قلتُ لهُنّ وانا مرعوب : ها ؟ ماهذا ؟ هل أنا ميّتْ ؟
أجابتْ إحداهُنّ ، واعتقدُ أنها زوجتي ، بصوتٍ فيه الكثير من خيبة الأمل : لا .. لم تمُتْ بعد .. ولكن حان وقت الذهاب إلى المقبرة .
أخبرتُ النسوةَ " الحزينات - المنكوبات " بما قالهُ المرحوم لي ليلة البارحة .. فاذا بهنّ يغادرنَ الغرفة بسرعة الضوء ، مثل أشباحٍ سعيدة .
بعد نصف ساعة كُنّ جميعاً مُزركشاتْ ، فرِحاتْ ، وشَعرَهُنَ مُسْدَلٌ ولامع ، ووجوهنَ قمحيّةٌ ومستديرة ، وكلهنّ يشبهن " مونيكا بيلوتشي " .
كانت رائحة التوأمان السياميّان ، " الكاهي و القيمر " ، تملأُ البيت ، والضحكاتْ ترُجّهُ رَجّاً .
الغريب أنّني لم اسمع ، ابداً ، زقزقة العصافير صباح هذا اليوم .
كانت الخرفان ، وحدها ، " تُمعمِعُ " في الحديقة .. ويتردّدُ صداها الحزين ، في كافة أرجاء المدينة .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟