أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد ثامر جهاد - المسافرون إلى السماء عنوة














المزيد.....

المسافرون إلى السماء عنوة


احمد ثامر جهاد

الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 12:08
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ليس الآن ، بل حتى قبل وقوع هذه الحادثة المروعة ، فقدَ العراقيون بما يشبه التسليم بقدر غامض ، قدرتهم على إيجاد تأويل ما لكل ما يجري بحقهم من ترويع وموت يومي مجاني . لم يعد بعد الذي جرى ويجري ثمة مفهوم يستوعب حجم الكارثة التي تواصل برهنتها الشيطانية لعبقرية الشر . كل شئ اصبح عصيا على الفهم ، إلا الموت نفسه ، فلن يمهلك وقتا كافيا لتفهم .
من يصدق إن كراج النهضة بهمومه الحياتية البسيطة اصبح ساحة موت لحظي بشع ؟
كان كراج النهضة نقطة التقاء مصائر عراقية عدة متباينة ، فهو ميدان سفر ولقاء عابر ورزق يومي ، كما انه بوابة دخول رئيسة إلى فضاء العاصمة ، إلى جحيمها وملهاتها معا . وهو بذلك وبسببه بوابة خروج حزين أو سعيد أيضا . انه قلعة المصائر المتقاطعة وقد احتفظت لنفسها بحيز خاص في أذهان العراقيين ، سيما بارتباطه بخزائن ذاكرة حرب السنوات الماضية كلها . عدُ كراج النهضة على الدوام بوابة الدخول إلى لعبة المصائر المجهولة تلك . فربما تدخل العاصمة بغداد مسافرا عاديا أو سائحا ، أو طالبا أو ساعيا لقضاء حاجة أو باحثا عن عمل ، وربما تقودك المتاهات الأخرى إلى ميتة ما على تخومها أو في شوارع أو ميادين مشابهة تحيط بها شمالا وغربا وتطوقها في كل الاتجاهات ، ستموت وتحيا من لحظة ولوجك النهضة .
بوصفه ساحة الآلام والإذلال والوساخة والانتظار والقلق ، لا يجتذبك كراج النهضة كثيرا ولا يولد رغبة فيك للبقاء اكثر مما يسمح به الوقت لمغادرته بعين مفتوحة تراقب على الخط السريع انسحاب مشهد الخرائب المحيطة به بأزلية تتعالى على تعاقب الأزمان والأحوال .
لأنها تستهدف الحياة بشتى ألوانها وأشكالها ، لا تستخدم يد الإرهاب ميزانا لتثمين النوع البشري ، وليس في جعبتها قيم تفرق بين برئ ومذنب ، فقير وغني ، ولا بين كل ثنائيات الكون الأخرى ترى الفرق . ماذا يعني ذلك ؟
هل يضحك الإرهاب بشدق قبيح احمر يتقاطر دما متقيحا ، وهو يتصور العراقيين المفجوعين بالذي حصل ، عيونهم ساهرة على من عاد من الأهل ومن لم يعد ، من نجا بقدرة قادر ومن بقي مصلوبا في وحشة ساحات العبث والخواء ؟
في جحيم النهضة سترى الأجساد المسافرة لم تعد صلبة ، فهي أكوام لحم رخو تناثر على الأرصفة وصبغ الاسيجة الكالحة بنزيفه الساخن . فيما حلقت حقائب السفر نحو السماء لتسقط كأصلها الأول موادا خاما بلا لون أو معنى . في السفر إلى السماء لن يتصارع الأموات على عائدية الجسد ، وقد فقدوا الإحساس بدنيويته وخصوصيته ، كما لن يفكر الأحياء طويلا بإعادة سبك أجساد أحبابهم المفرومة تحت عين الشمس وصفرة نارها المهولة .
كيف سيفكر العراقيون الآن وهم يهمون بالسفر والنزول في كراج النهضة الذي اختزل المأساة كلها ؟ من أين نخطو والى أي الجهات علينا النظر ، ممن سنحذر ، وبمن نثق ؟ ومن هم إدلاءنا وأين صار حماتنا مما يحاك لنا ؟
تلك هي نهضة الموت الكاسحة أبدا ، تفسح الطريق العراقي للسفر السماوي عنوة .



#احمد_ثامر_جهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريو الرعب ولغو الانتصارات الكاذبة
- سؤال سجين من زنزانة القاص محسن الخفاجي
- أودع عقيلا وانتظر موتي القادم
- نص مخمور
- سينمائيون بلا حدود
- قيثارة الكابتن كوريللي عزف سينمائي على أوتار الحرب
- بأبتسامة أمل ..سنرسم حاضرا لطفولتنا المؤجلة أبدا
- سؤل المواطن .. ولكن بعد خراب البصرة ؟
- بلاغة التحديث في الخطاب السينمائي
- الاسلام السياسي والغرب
- وقائع مهرجان الحبوبي الابداعي الثاني في الناصرية
- عن الشتاء والمسؤولين وحب المطر
- حمى السلاسل السينمائية
- حول جمالية الفيلم السينمائي
- في سابقة خطيرة تهدد جوهر الديمقراطية
- طفح الكيل في جامعة ذي قار.. والعاقبة اخطر
- للحقول الخضر ينشد لوركا قصائده
- حداثة الرواية السينمائية
- ! إرهاب النفط في وجوه الشيطان
- جندي أمريكي .. جندي عراقي


المزيد.....




- سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع ...
- مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ ...
- كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد ثامر جهاد - المسافرون إلى السماء عنوة