|
يوحنا الاسكتلندى و فلسفته (2)
يوسف شوقى مجدى
الحوار المتمدن-العدد: 4591 - 2014 / 10 / 2 - 19:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لنكمل حديثنا عن يوحنا الاسكتلندى .. كان الاخير يؤمن بالارداة الحرة للانسان فكان هناك مشكلة جدلية شائكة فى ذلك العصر و هى الخلاف الذى نشب حول مبدأ الجبر(ان الانسان مصير و ليس مخيرا) و الارادة الحرة .. و كان مؤيد مبدأ الجبر راهب يدعى "جوتسشوك" .. اما الذى كان يؤيد مبدأ الارادة الحرة فكان رجلا من اهم رجال الدين و هو رئيس اساقفة ريمز يُدعى "هنكمار" و كان "يوحنا " فى صف رئيس الاساقفة و أيده فى رسالة بعنوان "فى الجبر الالهى" و لكن كان التأييد زائدا على الحد فهذا الموضوع كان شائكا و قد تناول القديس أغسطين (موضوع الارادة الحرة) فى كتابه عن "بلاجيوس" و كان من عدم الحكمة الاسراف فى تأييد "اغسطين" و ايضا الاسراف فى رفض رأيه .. و لكن ما أثار الاستهجان على "يوحنا" هو طريقته الفلسفية فى تنوال الموضوعات فكان يقول دائما "ان العقيدة الصحيحة هى بعينها الفلسفة الصحيحة" و كما نعلم .. كانت الفلسفة فى ذلك العصر شىء من الكفر و الزندقة ..فأصدر مجمعان دينيان حكمهما على كتابته هذه بالكفر و ذلك فى عامى 855،859 .. أطلق المجمع الاول من هذين ، على تلك الكتابة اسم .. و مع ذلك فقد نجا من ذلك بمساعدة الملك "شارل الاصلع".. و قام يوحنا بعد ذلك بترجمة كتاب فيه محاكاة لشخص يُدعى "ديونيسوس الاريوباجيتى" و يُرجح ان هذا الشخص كان من الناس الذين تعلقوا ببولس الرسول عندما وعظ فى اثينا و لهذا اكتسب ذلك الكتاب شهرة عظيمة فى العصور الوسطى..و لسنا نعرف كثيرا عن ذلك الرجل (ديونيسوس الاريوباجيتى) و لكن قد عرفت العصور الوسطى عنه كثيرا ..فقيل انه سافر الى فرنسا و أنشأ دير "القديس دنيس" هكذا ما يوريه لنا "هلدوين" الذى كان رئيسا للدير.. و قيل ايضا انه كان مؤلفا لكتاب يوفق بين المسيحية و بين الافلاطونية الجديدة .. و لكن تاريخ هذا الكتاب مجهول فيرجح كتابته قبل سنة 500 و بعد أفلوطين .. و يأخذ هذا الكتاب شهرة و اعجاب فى الشرق و لكن فى الغرب لم يُسمع عنه كثيرا.. حتى جاء الامبراطور " ميخائيل " سنة 827 فارسل نسخة منه الى "لويس التقى" الذى ارسله الى هلدوين (رئيس الدير الذى تحدثنا عنه ) .. فترجمه "يوحنا" و كان فرحا لان اراء ذلك الكتاب كانت تتوافق مع اراءه ..و أعظم مؤلفات يوحنا كتاب اسمه "باليونانية" .. و هو كتاب لو جاء فى عصر المدرسيين (الاسكولائية) لوصف بأنه واقعى.. فهو يذهب الى ما ذهب اليه أفلاطون و هو ان المعانى الكلية تأتى قبل الجزيئات و قد ادخل فى الطبيعة ماليس له وجود الى جانب ما هو موجود .. فالطبيعة كلها تقع فى اربعة أقسام ..1-ما يخلق ولا يُخلق ..2- ما يُخلق و يخلق .. 3-ما يُخلق و لكنه لا يخلق ..4- مالا يُخلق و لا يخلق و بديهى ان القسم الاول هو الله .. و الثانى هو المُثل الافلاطونية الكائنة فى الله و الثالث هو الاشياء الكائنة فى الزمان و المكان و الغريب انه يجعل القسم الرابع دالا على الله ايضا .. و لكن ليس كانه خالق بل كأنه غاية او نهاية كل شىء فكل الاشياء هى من الله و تعود الى الله ..فذلك تكون نهاية الاشياء هى البداية .. و القنطرة التى تصل "الواحد" بالكثرة ، هى الكلمة (اللوغوس).. و يقول يوحنا انه لا احد يعلم ما هو جوهر الله و لا البشر و لا الملائكة بل يصل ايضا ليقول ان الله نفسه لا يعرف ما هو جوهره !! ..و يقول ايضا اننا من الممكن ان نرى الله فى كل شىء حولنا و فى النظام داخل الكون و نلاحظ تقارب مذهب يوحنا الاسكتلندى و بين سيبينوزا .. و وجود الله هو "الاب" و حكمته هى "الابن" و حياته هى "الروح القدس" و هناك لاهوت ايجابى فى مذهبه فى تخيل الله هو الحق و الخير و الجوهر ..و مصدر الخطيئة هو الحرية لان الانسان اتجه لنفسه بدل من ان يتجه نحو الله .. و ليس للسر اسباب من الله ، لان الله لا يحتوى على فكرة الشر ، فالشر هو لا كائن و ليس له اساس لانه لو كان ذا اساس يصدر عنه لكان ضرورة محتومة ، انما الشر فهو حرمان من الخير..و الكلمة "اللوغوس" هى المبدأ الذى يُرجع الانسان الى الله فهى اذا (مخلص) العالم و باتحاد الانسان بالله ، يصير جزؤه الذى يحدث هذا الاتحاد جزءا الهيا ..و يقول ايضا ان قصة الخلق و خروج ادم كانت على سبيل التشبيه ..و هو يتبع المذهب القائل لأوريجن أنه حتى الشياطين ستجد خلاصها فى النهاية ، و لو أنها ستتأخر فى ذلك عن سائر الناس .. و ينتهى ذكر يوحنا الاسكتلندى كأى رجل رفض الاصولية .. فقد قرر البابا أونوريوس الثالث بحرق كل كتب يوحنا سنة 1225
#يوسف_شوقى_مجدى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرائع يوحنا الاسكتلندى و فلسفته (1)
-
الخوف و الاعتقاد بالقوة العليا
-
كيان المنظومة بين الهدم و البناء
-
عاصفة التبرير!
-
الاختلاف جريمة يعاقِب عليها الناس!!
-
دعوة للرذيلة !!
-
دفاع عن السخرية!!
-
اعوذ بالعقل
-
أين قيمتى ؟! من أنا؟!
-
شوية فضفضة
المزيد.....
-
حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
-
الكويت.. فيديو -سري للغاية- ومداهمة أشخاص بمؤسسات ودوائر يثي
...
-
-بطائرة سعودية خاصة-.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إل
...
-
مسيّرات إسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات
-
الرئيس الصومالي يهنّئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
نتنياهو يفاخر بأنه أول زعيم يلتقي ترامب بعد انتخابه (فيديو)
...
-
بزشكيان: قدراتنا العسكرية هي للدفاع وليست من أجل الهجوم على
...
-
الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فديديوه
...
-
توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة
...
-
الكرياتين: مكمل رياضي يعزز الصحة النفسية ويخفف أعراض الاكتئا
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|