|
تصويت
زين اليوسف
مُدوِّنة عربية
(Zeina Al-omar)
الحوار المتمدن-العدد: 4591 - 2014 / 10 / 2 - 19:50
المحور:
حقوق مثليي الجنس
لم تفاجأتِ!!..فلم تكن نتيجة التصويت مستغربة بالنسبة إليَّ على الأقل..و لو قرأتِ نتيجة التصويت بتمعن لوجدتِ أن أسماء الدول المعترضة على ذلك الأمر هي دولٌ إما تنتهج الإسلام أو الانقلابات العسكرية أو الديكتاتورية كنهجٍ مقدس تسير عليه شعوبها..ماذا؟؟..عن ماذا أتحدث؟؟..لحظة لحظة فلنتوقف قليلاً فهناك من دخل مجلس حديثنا الغير علني تواً..لهذا السبب سأضطر إلى أن أوجه حديثي إليه مؤقتاً و بعدها سأعود إليكِ.
قبل عدة أيام تم التصويت في الأمم المتحدة على مشروع قانون "حق تحديد الهوية الجنسية"..أي أن أي إنسان بشكلٍ عام و المثلي بشكلٍ خاص سيكون لديه الحق في الإعلان عن هويته الجنسية و سيحصل تبعاً لهذا القانون على الحماية من التمييز بل و سيتم اعتباره فرداً من المجتمع لا يجوز انتهاك حقوقه تحت أي مسمى..و بالطبع كالعادة في أي قانون يخضع لعملية التصويت كان هناك معترضون و موافقون و ممتنعون عن التصويت خلال تلك الجلسة..و لكن أرجو أن تنتبه إلى أن الامتناع عن التصويت هنا لا يعني بالضرورة الرفض..فالامتناع عن تحديد موقف تجاه مثل هذه القضايا الشائكة غالباً ما يتبعه -بفترة طويلة أو قصيرة- الموافقة..فالامتناع هنا يمكن اعتباره خطوة شبه إيجابية فقد انتقل الشخص من مرحلة الرفض المعلن و الصريح إلى مرحلة التردد التي قد تسبق تغير الموقف.
هكذا ستجد أن الطريق طويل نسبياً أمام الأمم المتحدة لنزع الاعتراف بحقوق المثليين من تلك الدول و الطريق الأطول سيكون إقناع تلك الدول أن تكف عن لعب دور حارس الفضيلة المزعومة خاصةً و هي أكثر الدول انتهاكاً لحقوق الإنسان "السوي"..لقد كان تصرفٌ شديد الوقاحة من تلك الدول التي يُسجن فيها من يُصرِّح برأيٍ فكريٍ مخالف للسائد أن تتحدث هي دون غيرها عن امتلاكها لسقف حرية جِدُّ مرتفع و لكن لهذا السقف -كما لكل أمرٍ آخر- حدوده التي لا يمكن تجاوزها..أي أن اعتقال المخالفين فكرياً و جلدهم و تعذيبهم بل و قتلهم دون محاكمة غالباً يعتبر في تلك الدول من معالم ارتفاع سقف الحرية و من معالم حفاظ بعضها الآخر على تعاليم الشريعة الإسلامية "السمحة"!!.
إذا كنَّا سنتحدث بالمنطق الذي يؤمن بوجود إله خلقنا فحينها سأخبرك أنه فعل ذلك لعدة أسباب لعل أحدها سيكون أن نحاول جاهدين انتزاع أكبر قدرٍ ممكن من السعادة من بين براثن هذه الحياة المحرضة على الاكتئاب المزمن..و لأخبرك بحقيقةٍ أخرى غير صادمة لأنها باتت شبه معروفة لدى الكثيرين و هي أن الحياة قصيرة جداً و مليئة بشكلٍ مزعج بالمآسي و الضغوطات التي لا تجعل لدينا حتى المتنفس الوقتي و لن أقول الروحي للبحث عن تلك السعادة..لهذا أستغرب ذلك الإصرار الغريب على انتزاع حق الحياة و السعادة ممن يختلفون عنَّا.
و لهذه الأسباب أيضاً كنت و ما زلت أستغرب ممن يتحدثون عن الحب بين الكائنات البشرية كأمرٍ قابل للخضوع تحت مُرشِّح شروطهم و قوانينهم..قد تكون قناعتي هذه عقلانية جداً أو عاطفية جداً أو حمقاء جداً و لكني أؤمن أن الحب هو ذلك الشعور الغريب و المريح في ذات الوقت و الذي يشعر به الشخص تجاه شخصٍ ما مع رغبة غريبة و دائمة في حضوره ضمن تفاصيل يومه..لا أؤمن أنك عندما تُحب تكترث كثيراً لفكرة تماثل الجسدين أو عدمها..أنت تحب الآخر و كفى و دون أي تفسيراتٍ عقلانية لذلك الأمر..فجمال الحب أنه يحمل في تفاصيل تكوينه جزءاً كبيراً من انعدام العقلانية كما التعقل.
قد تصيب المثلية بين الذكور تلك الدول بالتقزز و لو امتلئ العالم بالمثليين لن تكترث تلك الدول بكل مبررات رفضها السابق لذلك القانون أو سواه لو وجدت أن قبولها به سيمنحها فائدةً بعيدة المدى..و لكن في العالم الإسلامي سيكترثون حتماً و سيجن جنونهم عندما تمتلئ مجتمعاتهم "علناً" بالمثليين و الأسوأ أن تمتلئ بالمثليات.
لاحظ طريقة الخطاب تجاه المثليين في مواقع التواصل الاجتماعي و ستدرك ما أعنيه بسهولة..فعندما يتحدث مثلي عن مثليته ينهال الآخرون عليه شتماً و سخرية من ميوله الجنسية و من ثم يكون مصيره على الأغلب هو التجاهل و لكن عندما تكون المتحدثة مثلية فإنهم ينهالون عليها هجوماً لعله يشبه في وحشيته الوحشية التي تعامل بها رجال الكهف فيما بينهم للسيطرة على مناطق توفر الماء و الطعام..فالمثلية بين الإناث تعني لهم أن كلا الطرفين حقق عملية اكتمال جنسيٍ ناجح دون الحاجة إلى رجل و هذا ما يصيبهم بالجنون فعلياً أكثر من هواجسهم الدينية أو الأخلاقية المزعومة..و هنا ينتهي الجزء الخاص بك و أتمنى أن تغلق الباب جيداً خلفك فما يلي لا يتعلق بك و لكن بها.
إنهم لا يؤمنون بأنكِ كمثلية كائنٌ مكتمل البناء النفسي و العقلي و يملك حق اختيار المسار الذي ستسير فيه قدماه بكامل إرادته الحرة..إنهم لا يؤمنون بأنكِ كائنٌ يستحق أن يُمنح حرية اختيار الطريقة التي يؤمن أنها ستسبب له الإشباع الروحي كما الجنسي..فالإشباع الجنسي بالنسبة إليهم إما أن يكون عن طريق انتهاكهم المزعج و الفج لجسدكِ و إلا لا يحق لكِ أن تحاولي الحصول عليه خارج نطاق أجسادهم..لهذا السبب و لغيره ستواجهين في حياتك الشتائم و التهديد بالقتل و السخرية مما تكتبين حتى لو كان خارج نطاق المثلية..فهم على الأغلب لا يجيدون الفصل بين أجسادهم و عقولهم فكلاهما عالقٌ بين زوايا سريرٍ ما.
و لكن لو قررتِ ممارسة هويتكِ الجنسية في أحد مجتمعات العالم الغربي فستجدين أن تلك المجتمعات بشكلٍ عام ستحرص على مساعدتك على التعايش مع قرارك بشتى الوسائل النفسية و القانونية..و النتيجة التي ستصلين إليها بسهولة و أنتِ تقيمين بين ظهرانيهم أن تلك المجتمعات لم يصيبها الخسف الذي يتنبأ به المسلمون لها دوماً منذ أيام النبي لوط..بل على العكس تماماً فلقد أصبحت تلك البلدان هي الجنة الدنيوية التي يلهثون وراء اللجوء إليها بشتى الطرق رغم رجمهم المستمر لها..في وقتٍ تحولت فيه تلك المجتمعات الإسلامية إلى مجتمعاتٍ بدرجة مكب نفاياتٍ بشري.
أخبرتكِ سابقاً أن مريم العذراء كانت مثالاً ممتازاً على امتلاك الأنثى لحق حصولها على الأمومة و لكن ليس الإشباع الجنسي..فحسب الرواية الإسلامية نجد أن مريم العذراء لم يمسسها بشر من قبل و لا من بعد..و لكنك لا تجدين من يهاجم الرب منتقداً لهذا الخيار القاسي الذي اختاره لها..أتعلمين لماذا؟؟..لأنها حُرمت -من وجهة نظرهم- من الوضع الطبيعي لأي أنثى في الثقافة الإسلامية أي أن تختار و تقرر ما تريده بنفسها دون وليٍ عقلي يُسيرها و هذا هو بالضبط حال الكثير من الإناث في العالم العربي عامةً و الإسلامي خاصة..و لهذا السبب أيضاً لم يكن ذلك الوضع -أي وضع مريم العذراء- مُستغرباً أو حتى مُستنكراً من قبل تلك الأغلبية التي قرأت تلك القصة و تفسيرها الشديد الوضوح -كما القسوة- في كتب التراث الديني الإسلامي..فبالنسبة لهم فلقد نالت كأنثى أكثر مما تستحق..لهذا لا تستغربي كثيراً من نتيجة ذلك التصويت و لا تحزني كثيراً أو حتى تكتئبي قليلاً بسبب موقفهم المعروف لديكِ سلفاً تجاهكِ و تجاهه..و لتقتربي مني "قليلاً" لأنسيكِ مدى حمقهم فهناك أمور لا يمكن أبداً مصادرة لذتها منكِ طالما أنكِ تمتلكين في منزلك باباً مُغلقاً.
#زين_اليوسف (هاشتاغ)
Zeina_Al-omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صداع الجمعة
-
على الكنبة
-
حج مسعور
-
محمد بين الأقدام
-
أوجاعٌ جنسية
-
لوط
-
فتاة سيئة السمعة
-
عصا موسى
-
مكتبٌ حكومي
-
أسد السنة
-
حفل تخرج
-
20 ريال
-
تعاطفٌ مشروط
-
الله هو شرشبيل؟؟
-
وصلة رقصٍ شرقي
-
قليلٌ من السخرية
-
القاعدة و محمد
-
فيلم -غير- جنسي
-
لنفرض
-
عاهرة
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
الجنسانية والتضامن: مثليات ومثليون دعماً لعمال المناجم
/ ديارمايد كيليهير
-
مجتمع الميم-عين في الأردن: -حبيبي… إحنا شعب ما بيسكُت!-
/ خالد عبد الهادي
-
هوموفوبيا
/ نبيل نوري لكَزار موحان
-
المثلية الجنسية تاريخيا لدى مجموعة من المدنيات الثقافية.
/ صفوان قسام
-
تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم
...
/ لارا منصور
-
المثلية الجنسية بين التاريخ و الديانات الإبراهيمية
/ أحمد محمود سعيد
-
المثلية الجنسية قدر أم اختيار؟
/ ياسمين عزيز عزت
-
المثلية الجنسية في اتحاد السوفيتي
/ مازن كم الماز
-
المثليون والثورة على السائد
/ بونوا بريفيل
-
المثليّة الجنسيّة عند النساء في الشرق الأوسط: تاريخها وتصوير
...
/ سمر حبيب
المزيد.....
|