أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الخيار الصعب في نقد الذاكرة















المزيد.....


الخيار الصعب في نقد الذاكرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4590 - 2014 / 10 / 1 - 00:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الخيار الصعب

أعتماد الخيارات المطروحة والمناسبة للمرحلة والتي تتوافق مع استرداد الوعي بالرسالة يشكل بحد ذاته أشكالية معقدة ذات أبعاد خطيرة وخاصة أن هذه الخيارات لا تنتمي في نهايته لحدود الداع الخاصة, أنها أعلان ثورة تمتد من اليقين وتنتهي بالتصور الذهني لما يمكن أن يكون الأمر عليه هنا تتعقد القضايا وتتشابك المفردات لنواجه خليطا غير متجانس من المفردات العدائية لهذا الخيار, كما لا يمكننا أن نتوقع أن يلاقي هذا الخيار الترحيب الدافع للمضي في تقنين الهدف السامي منه وهو تحييد الانحراف وتجريف ما تم في ظله.
في الحقيقة أننا سنواجه كم هائل من الأصوات المعترضة التي تظن أنها تحسن صنعا بوقوفها في وجه هذا الخيار الذي يزيح الطاغوت عن طريق الناس ليعيدهم إلى الحنفية البيضاء متأثرين أيضا بتأثيرات الذاكرة المستعمرة, وبالقداسة المخلوعة لما هو غير مقدس وبهاجس الحرمة ومخافة الوقوع في الخطيئة, كل ذلك مشروع ومبرر لو أننا ناقشنا الموضوع من زاوية العقل والنقل دون أن نتسرع في الرد منتهكين حريتنا أولا في الوصول إلى ما هو مناسب ومتناسب مع الرسالة التي منحتنا حق التحرر من عبودية الذاكرة.
أن أول الخيارات التي لا بد من مواجهتها هو أننا لابد لنا أن نختار الأسلوب النقدي في الكشف والفرز والتقرير لكل ما تراكم من خلفنا ومن أمامنا من تراث متشابك مغلف بالكثير من أجزاءه بالقداسة المزعومة ومحاط بهالة من الفخر والافتخار بأن ما وصلنا هو عين الحقيقة وأنه في كمالية التمام في الفهم والاستيعاب ,وكل ما على الإنسان بغض النظر عن مكانه وزمانه أن يسلم به دون فحص ودون نقد لما يتمتع هذا الجزء من الذاكرة التراثية بالبلوغ الراشد الذي يعصمه من الخلل أو التوهم.
أن ممارسة النقد كما يقول المعرفيون هو خلق معرفة جديدة ونتاج فكري متجدد ويجدد النتاج المعرفي وبالتالي فممارسة النقد هو إغناء للفكرة المنتقدة وإغناء لقواعد معرفية تتصل به وتواصل معه, أنه خلق جيد من نوع معرفي مميز,لذا فأن العصمة والقداسة التي تنتسب للذاكرة التراثية هو الامتحان الذي يثبت أو ينفي عنها هذه الصفات كوظيفة أولى وبنفس الوقت يطور النقد من قدرة العقل الإنساني على مواجهة الذات المختفية خلف المحرم والمقدس ليظهر قدرة العقل على تجاوز عرقلة من نوع خاص تستهدف إبداعه الذي يقوده إلى اليقين المؤدي لحصول الكمالات في شقها المعرفي.
أننا حينما نمارس النقد للذاكرة المستعمرة ليس هدفنا من ذلك محاربة الأعتقادات الخاصة بالناس والتجاوز على قناعات بنيت تحت سقف الحرية وبالتالي يشكل نقدنا هذا تعديا على وجودهم ومساسا بالإرث الإنساني, أننا نمارس النقد في موضوع عام يخص أمة تمتد به من الماضي للحاضر للمستقبل وترسم بهذا الأمتداد صورة الوجود الذاتي والجماعي لبني الإنسان, أننا نمارس حقنا في التطهير والتطهر من موارد الخطيئة القاتلة فحسب.
إن خيار النقد ليس حقا متاحا فحسب بل هو واجب رسالي مقترن بالحرية أيضا عندما أفتش عن قارب نجاة وأنا أرى أسباب الهلاك تحيط بالوجود الشخصي أولا من كل جانب, الواجب العقلي يتيح لي هذه الحرية ليس المهم أن احافظ على أسباب بقائي بل الواجب أيضا الدفاع عنها بكل الوسائل والسبل دون أن يعني ذلك التجاوز على حق الدفاع الشرعي للأخر,ولكن يصح ذلك إذا كان الدفاع هنا مشتركا عني ذاتيا وعن الأخر في نفس اللحظة لأننا في مركب واحد أما ننجو وأما نهلك معا.
إن ضرورة هذا الخيار تأتي من أهميته القصوى في تصحيح المسارات الرسالية والكشف عن مواطن الإنحراف والتضليل وبالتالي فأنه يعد أول طريق العودة للوعي الرسالي لا الوعي بالوجود فقط لأن من يصنع الوجود ويصيغه بالشكل السليم أولى من المحافظة على واقع متردي أخذ الكثير من إنسانيتا وأطاح بالكثير من معنى الحرية, أنها ممارسة للحرية الممتدة بين الإيمان بالله أو التسليم لقوة الطاغوت.
في ممارستنا النقد المسئول والموافق لروح الرسالة لا ينقض من المسلمات العقلية التي تثبت صحتها ولا يعتدي على القواعد والركائز والأعمدة الأساسية بل يكشف عنها الغبار والتضليل الذي مورس بحقها ,فهو انتصار للحق وانتصار لله والإنسان معا, أما ما يسقط منها في عملية النقد فليذهب غير مأسوف عليه وعلى من صاغه وحماه طلية الزمن الذي مر لأنه في النهاية لا بد أن يزهق ككل{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}الأنبياء18,الحق يظهر من خلال تعرية الباطل, والباطل لا يملك الحصانة مهما ترسخ وثبت في ظل جولته القوية.
الذي يسعى للحياة الحرة التي صاغتها الرسالة لا بد له أن يمتطي وسائل الحق ويساير الحق في مداره دون أن يلتفت إلى مراعاة قيم جنحت بضلال النفس عن مسايرة خط الله ودون الإلتفات إلى شخصية النفس ومن كان متخفيا خلفها أو باعثا لها حيث لا قداسة تحمي ولا عصمة تفرض خارج حدود قداسة أمر الله وعصمة الحق.
إن إشكالية النقد أذن تمتد من حدود المفاهيم والأفكار والسلوكيات المؤدلجة وبواعثها وقواعد ارتكازها والأشكال التعبيرية التي مثلتها وترجمت بحسيتها هذه الأيديولوجية مرورا بكل الحوادث التأريخية التي ارتبطت بها وعبرت عنها وما رافها من فعل وردة فعل وما بناه التحريف والتبديل لنصل إلى عمق المسألة وجوهر الموضوع الذي سيصبح مدار حيوي للنقد.
النقد الممارس هنا لا يستهدف ذات محددة ولا فكرة معينة لذاتها ,أننا نبحث عن أثر للتدين بالوعي المستعمر أين ما وجد وكيف وجدت بعيدا عن الشخصنة وبعيدا عن البرهنة على صوابية المقدمات الفكرية التي لا بد أن نسقطها على معيارية النقد, ولكن نسعى بتجرد على أن نضع معيارية خالية من الإنحياز إلا للحق وعنوان الحق فقط متجاوزين بهذا المنهج ما نعده أو يعده البعض في أطار الحق المطلق حيث لا إطلاق ولا ثبا إلى ما كان مماهيا ومتماهيا مع الرسالة أو ما طرحته الرسالة من كيفية له أو ما ينتج من عملية النقد بالدليل والبرهان العقلي والنقلي السليم.
لقد وضعنا هنا منهجا صارما وحياديا وواضحا للتفريق بين ما هو موضع للنقد ومداره وشكله ليشكل البداية السلمية طالما ألتزم الباحث بهذه الحيادية والصرامة والتجرد لينتج من عملية النقد توجه حقيقي قابل للبرهنة علية والاصطفاف معه, وعليه يكون قد هيأنا الأرضية الفكرية والمقدمة الضرورية للمباشرة في عملية النقد متخلصين من كل عوامل الشخصنة.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان العراقيون القدماء وثنيون ؟.
- الأنا والأخر ونحن في عولمة الوجود
- التكامل بين الأنا والآخر في سياق ومفهوم فلسفة العولمة
- إشكالية البحث عن الهوية في ظل عالم عولمة متعدد الهويات
- أنماط الأحلام وتنوع الصور الحلمية
- الفعل البيويلوجي أثناء التحلم أو الحلم
- الحلم في دائرة الفهم العلمي
- علاقة الأحلام بالعقل ونظامه التشغيلي
- الحلم ومحدد الزمن
- الأحلام صور عقلية منتجة
- إشكالية الحداثة في تجسيدها للواقع الما بعدي
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح1
- أزمة الفهم الديني وإشكاليات القراءة ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح2
- الولادة الفكرية وأزمة التكوين ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح1
- الحداثة وفلسفة تجديد الحياة ح2
- سلعو وشنه , قصة قصيرة
- التجديد الفكري واعادة قراءة الفهم الديني
- الكتب والصحف في النص القرآني


المزيد.....




- قرية زراعية عمرها 300 سنة.. لِمَ يعود إليها سكانها بعد هجرها ...
- فيديو حصري من زاوية جديدة يوثق لحظة تصادم الطائرتين في واشنط ...
- حزب -القوات اللبنانية- يطالب الحكومة بالتوضيح بعد مسيّرة -حز ...
- قنبلة داعش الموقوتة تهدد بالفوضى في الشرق الأوسط - التلغراف ...
- أبو عبيدة يعلن أسماء الرهائن الإسرائيليين المتوقع الإفراج عن ...
- اتفاق الهدنة: إسرائيل وحماس تتبادلان قوائم المقرر إطلاق سراح ...
- بعد تمرير خطة اللجوء.. هل انكسر -الجدار الناري- عن اليمين ال ...
- أيقونة معمارية شاهدة على التاريخ.. العزبة القيصرية -إيزمائيل ...
- بالفيديو والصور.. موجة ثلوج غير مسبوقة تشهدها بعض المدن الجز ...
- الرئيس الجورجي: دول غربية ضغطت علينا للوقوف ضد روسيا في نزاع ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الخيار الصعب في نقد الذاكرة