خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)
الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 17:02
المحور:
الادب والفن
القت بالحقيبة على السرير، فتحت النافذة، نظرت الى الشارع: لم تجد احدا، تدلت اكثر، فكرت في ان تغادر من النافذة. انتبهت الى ان الادراج تؤتى من الباب «النوافذ خلقت للصوص والكسالى» اغلقت النافذة وارتمت على السرير. فتحت حقيبتها وولاعتها في آن. اشعلت سيجارة ثم ثانية ورابعة. اشرعت النافذة: كانت الشمس باهتة كالقمر.
رأت سحابة على شكل طائرة تحلق في كبد السماء طليقة. غمرها ما يشبه الفرح، اغرورقت عيناها من السعادة. ثم تدلت نحو الاسفل. غنت اغنية سمعتها لأول مرة عند البقالة السمينة. لم يرد عليها احد. لمحت كلبا ابيض يقلب ما بالقمامة بحثا عن شيء ما. نهرته: «اوف، ما هذه الحيوانات اللعينة التي قلبت الحي الى قمامة».
تذكرت قرار البرلمان الاسترالي في ابادة عشرين مليون قط تحولت الى قطاع طرق في قارة كانت «للبابواز» لا غير. اغلقت الزجاج والضلفتين معا. اخرجت علبة السجائر من جديد. وضعتها على الطاولة، فكرت في ان تضع السجائر الاحدى عشرة على المنضضة وان تشعلها في آن، وجاءت بكؤوس طويلة سكبت فيها ماء انتهت صلاحيته ما يزيد عن شهر. قفزت فوق السرير. فتحت النافذة وتدلت اكثر من قبل. التفتت الى الاتجاهات الاربعة، لم تر احدا ولم تسمع شيئا «الناس لا يزالون نياما في الساعة السابعة صباحا». فكرت في ان تدخل السعادة في قلوب النائمين. اشعلت اغنية تحبها، ترددها جدران البيت باستمرار «اعيش وحيدا مع امي في شقة جميلة جدا». رفعت من صوت المسجل، كانت تحب هذه الاغنية وترددها باستمرار. رددت الاغنية مع المسجل بصوت يرتفع مع كل اعادة جديدة للاغنية. تحول البيت الى سيرك. اطلت من النافذة. نبح الكلب نباحا هزيلا. لم تر احدا «اذن لم تدخل السعادة بعد الى قلوب النائمين». هرعت نحو المسجل حزينة، رفعت من صوته واعادت اغنيتها. دق الجرس. اخفضت من صوت المسجل. ذهبت باتجاه الباب سألت: من؟، جاءها صوت صدئ من الخارج: «ما هذا الصراخ، ما هذا العويل، الا تحملين اية اعتبارات للجيران. كلنا نحب شارل ولكن ليس دائما نفس الاغنية».
لم تجب جارتها المتقاعدة، اطفأت المسجل، انتقلت الى النافذة. تدلت اكثر، لمحت رجلا يعلق باقة ورد عليها شريط يحمل الوان العلم الوطني، وضعها على لافتة من نحاس، كتب عليها: «هنا وقع الشهيد دفاعا عن ارض الوطن فليرقد في سلام».
ركب الرجل حافلة سوداء تطل من نوافذها الوان الورود ليضع باقة اخرى في مكان آخر.
لقد كان ذلك اليوم يوم ذكرى الاستقلال.
#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)
Khadija_Ait_Ammi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟