|
ماوراء تخبطات تركيا السياسية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 10:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن ان ينكر احد بان تركيا سجلت رصيدا لها في المنطقة بعد نجاحها داخليا في تحسن وضعها الاقتصادي و و ما تقدمت به من التنمية البشرية لحد رفعت من مستوى الدخل القومي لابناء شعبها و الذي يعتبر قفزة نوعية لها و في تاريخها، و هذا يسجل لها، و كما سارت بطريق سلس في علاقاتها الاقليمية لمدة غير قليلة و كسبت تعاطف الشعب العربي بحركاتها البهلوانية الثعلبية ازاء اسرائيل علنا و الدخول في صفقات كثيرة معها سرا، و اتخذت توجهاتها الداخلية المحيرة في عملية السلام التي تبنتها مع الكورد دون تقدم ملحوظ و ما تعيد نفسها و تجبر الاخرين على الرجوع الى نقطة الصفر في التقدم و ليس تصفير المشاكل التي ادعتها من قبل مع الخارج و الداخل . انها تستند على نظام اسلماني مترنح قلق و به لا يمكن استقرارها لانها لا تعتمد على ما يثبت صحتها فكريا و فلسفيا يمكن التطبيق استراتيجيا و يثبت نجاحه في المدى البعيد، و كما انها تستند على الاسلام اسما و تخبطه مع العلمانية واقعا، فانها تخدع ذاتها قبل الاخر. من جانب اخر ان تركيا لا تملك من النية التي تسمح باحقاق الحق للكورد داخليا و في تعاملها و سياساتها و دبلوماسيتها مع حكومات المنطقة و العالم خارجيا . عندما حست بانها فقدت حليفا بعد وصول السيسي الى الحكم خرجت عن العرف الدبلوماسي و واجهت ما يؤثر على سمعتها عندما رفضت الحراس دخول اردوغان الى قاعة الامم المتحدة و هو يعتبر نفسه سلطان العصر و اول الفاتحين للامبراطورية العثمانية الثانية و لكن بطرق يمكن ان نسميها هي تعتقد بانها تتلائم مع العصر و بقدر امكانياتها العامة، و لو كانت اكبر من الحجم الذي فيه لتصرفت كما الامبراطورية العثمانية الاولى . ان ما يشير اليه هذا الذي يصدر من تركيا دوليا و اقليميا و داخليا يبدو من اول وهلة بانها عرض عضلات و بيان موقف او ايصال رسالة بانها لاتزال على مكانتها و قوتها الامبراطورية و يجب الحساب لها و كما في المقابل تفعل ايران ما تستطيع فعله في سياساتها ايضا، اي انهم لايزالون في نشوة امبراطورياتهم السابقة و يحلمون بامبراطورية جديدة على حساب دول المنطقة ولو كانت ورقية لاثبات النفس و ليس لديهم الحيلة الا الحركات البهلوانية المرحلية التي تعيد تسليط الضوء عليهم كما يعتقدون و يخرجون بها من عتمة النسيان و التهميش نتيجة افعالهم و مواقفهم . اثبتت تركيا بانها غير جادة في خطواتها التي اتخذها حزب العمال الكوردستاني بجدية و اعطى فرص كثيرة لها لبيان حسن النية، الا انها كلما تحس بان الفرص سانحة امامها للتقدم في خطوات عمليات السلام تتنكر لكل وعودها و تعيد القضية و العملية السياسية و السلام الى المربع الاول مستغلة اطراف كثيرة في الاقليم لتنفيذ مخططاتها، و انها تتعامل مع الشيطان و الارهاب في سبيل فرض ارادتها و تتمادى في غيها، و انها لا تعلم بانها هي من تخسر اولا و اخيرا، لان المعادلات ليست كما كانت قبل مجيء داعش و لا يمكنها استغلال الطاريء من اجل انكار الثابت و ان كانت وراء الحركة الداعشية فانها خسرت من وقع ارجلها قبل غيرها . اثبتت ارادة الشعب الكوردي بثبات موقفهم و مقاومتهم ليس لداعش بل من وراءه ايضا و من يساعده و يموله و اوصل اليه الدبابات في الوقت الحرج الذي كان فيه . و لكن الحق مهما مر عليه الزمن سيبقى حقا و ان دام ما كان وراءه سيتحقق و ان عارضه من كان و مهما كان و ان تاخر . اليوم نرى ان تركيا مثلما تتخبط في دبلوماسيتها و في علاقاتها الخارجية و ووضعت نفسها امام مواقف حرجة لها و هي التي بنت اعداء لها بسبب احلامها و نياتها الخيالية،و ما حلمت به و لم يتحقق و اصطدمت بالواقع والحق ايضا ان نقول ان ما لا يمكن ان يتحقق بحلم و الامنيات ان لم يكن حقا و يستند على الحقيقة مهما كان وراءه من مدع . ان تركيا في تراجع مستمر و زادت هي من دفع الاسباب لتهميشها او وضعها في زاوية لا تحسد عليها، ان استمرت في سياساتها الخاطئة التي تتخذها الان نتيجة جشعها و ما اغترت به من النجاح المرحلي سابقا و عرضت نفسها لما لا يمكن ان تحمد عقباه مستقبلا . ما يحير الامر مثلما تتخذ تركيا كل امر و تمسكه من وسطه سواء كان اعتمادها على الدين الاسلامي فلسفة و حكما او وجودها في حلف ناتو و تعاملها مع قراراته او تعاملها مع بلدان الاقليم او تفاعلها مع الاتحاد الاوربي و نيتها الدخول فيه او في علاقاتها و تعاملها مع سياسة امريكا، او خطواتها الداخلية من الناحية السياسية و الاقتصادية و في مقدمتهم عملية السلام التي اثبتت للجميع مدى سعة صدر حزب العمال الكوردستاني امام خروقات تركيا المستمر، لعلها تدرك الصح و تتخذ ما يفيدها و الاخرين ايضا سواء داخل البلد ذاتها او مع جيرانها و في الاقليم ايضا، و لكنها في خطواتها الاخيرة التي عرضت ما لديها و خرجت حتى عن العرف الدبلوماسي اثبتت كم هي في موقف حرج و هي حلمت بهدف كبير و واجهت ما يعارضها حتى الصغيرو لم تتقدم خطوة في الاونة الاخيرة و تريد الخروج من افرزات المواقف الخاطئة بماء وجه . و خير لتركيا ان تعيد النظر في سياساتها كي لا تخسر ما تقدمت به خلال السنوات الماضية من التقدم النسبي و كادت ان تصبح نموذجا جيدا للحكم و السلطة المناسبة لظروف المنطقة، الا ان غرورها دفعتها الى التراوح و العودة الى الوراء خطوات و اصابت البلدان التي ارادت ان تقتفي خطواتها بخيبة امل .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مثقفو العتبات واعتقادهم بان النَعَم يُزيد النِعَم
-
يا له من تضليل سياسي
-
49 دبابة مقابل 49 رهينة
-
انعدام دور المثقف التنويري في العراق
-
هل تعيد امريكا سمعتها الدولية
-
تاثير مجيء داعش على المعادلات السياسية في كوردستان
-
بانت خيوط اللعبة في المنطقة
-
هل يتمكن العبادي لوحده محاربة الفساد المستشري
-
حلم المواطنة في الشرق الاوسط
-
خانقين دون غيرها
-
الخمول يعقد الامور اكثر
-
هل المطالبة بانبثاق دولة كوردستان، شوفينية؟
-
ما هي الحياة و كيف نفهمها
-
تركيا تلعبها على المكشوف
-
سلبية توفر الحرية لمن ينفي الحرية
-
كيف تكون اليسارية في كوردستان
-
اعتبروا من درس اسكتلندا و انكلترا يا ساسة العراق
-
تاثير الجنس على عقلية القادة الاسلاميين
-
لماذا يفرض المالكي وزيرا فاسدا على العبادي ؟
-
هل بان رد فعل ايران ازاء تحالف جدة
المزيد.....
-
بيونسيه حققت فوزاً تاريخياً.. أبرز لحظات حفل جوائز غرامي 202
...
-
إطلالات خطفت الأنظار في حفل جوائز غرامي 2025
-
ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
...
-
ألق نظرة على الصور الفائزة بجائزة مصور السفر لعام 2024
-
بيسكوف: روسيا ستواصل الحوار مع السلطات السورية بشأن جميع الق
...
-
الشرع يؤدي مناسك العمرة في مكة المكرمة (صور)
-
لبنان.. -اللقاء الديمقراطي- يدعو لتسهيل مهمة رئيس الحكومة ال
...
-
إنقاذ الحديد الجريح
-
مذيعة سورية تجهش بالبكاء وتناشد الشرع الكشف عن مصير أخيها (ف
...
-
كيف يمكن استخدام اليوغا كعلاج نفسي لتحسين صحتك العقلية؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|