بانتظار يوم الدين

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 12:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

بانتظار يوم الدين
عند قراءة السور المكية في القرآن بتهديداتها بنار الجهنم و العذاب الاليم و قصص عاد و ثمود (و ماذا حصل لها في الماضي البعيد) و وعودها بجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها (لقد ازلفت اي قربت ـ الجنة للمتقين غير بعيد) يتهيأ لك بان الجهنم و الجنة على الابواب - قريبة يوم تكوير الشمس او جمعها مع القمر و كانما القمر الذي ليس الا نقطة صغيرة في الفضاء بحجم الشمس. نعم يتهيأ لك ان يوم القيامة ليس ببعيد و لم تبق لنا فرصة اخيرة و اذا لا نتوب فالجهنم تلوح لنا بيدها و تتحاور مع الله: يوم نقول لجهنم هل امتلأت و تقول هل من مزيد. طبعا كل هذا بالاستناد على الزمن او اليوم الارضي.

و لكن عند التحول الى السور المدنية تبدو لك القيامة و الجهنم و الجنة فجأة بعيدة جدا لدرجة تختفي التهديدات و الوعود من الساحة. اين ذهبت؟ خاصة و نحن الان و بعد 1400 سنة لازلنا في انتظاريوم القيامة. يدخل هنا القرآن بالتفصيل (بدلا عن الجنة و الجهنم و القيامة) في مواضيع دنيوية غير مهمة و بالمقارنة بسيطة و اذا كان القرآن يركز على الاخرة بهاجس المجنون و يؤكد بتكرار الاخرة خير لك من الاولى في السور المكية فانه يحولنا في المدنية الى مجتمع دنيوي يهتم بمسائل الميراث وحصة الام و الاب في الدنيا - حتى زكريا في سورة مريم بدأ يفكر بالدنيا و الارث (و اني خفت الموالي من ورائي و كانت امرأتي عاقرا) رغم كبر عمره اللامحدود (لقد بلغت من الكبر عتيا).

بسبب هذا التحول الجذري و قلب معادلة الاولى و الاخرة نسأل و نقول ما هي الفائدة من الميراث اذا كانت الاخرة قريبة؟ لربما حس محمد بان الاولى احسن من الاخرة الان خاصة بعد نجاح رسالته و عندما بدأ يتمتع تدريجيا بثمار اتعابه و ابتعد عن تعرض حياته للخطر.

و الان نحن بانتظار القيامة ـ يوم الحساب ـ يوم القرار ـ يوم الدين. يتبين هنا و باستعمال عبارة (يوم الدين) بكل وضوح المعنى الاصلي لـ (دين) الذي هو (القرار و الحكم) و يرجع على الاكثر الى الفارسية القديمة بنفس المعنى و هو استعارة عبر الارامية (دينا) القرار قارن الكردية (دين و آين) او لربما هو استعارة من العبرية لان (يوم الدين) ينطبق تماما على المطلحات اليهودية ـ المسيحية قارن العبرية (yom haddin و اليونانية hemera kriseos. يتكلم القرآن ايضا عن الميزان و الذي يعمل (مثقال ذرة) و الذرة بالمناسبة صغيرة جدا جدا و لكن ميزان الله من نوع المتطور تقنيا جدا قادر ان يزن حتى ذرة بسيطة واحدة و هذا يقلل و يزيد في نفس الوقت من تسامح الله.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات