أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - سعد سعيد.. ملتزماُ















المزيد.....

سعد سعيد.. ملتزماُ


عمر مصلح

الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 00:20
المحور: الادب والفن
    


ألشهادة التي ألقيتها يوم الجمعة 26 أيلول 2014
في المركز الثقافي البغدادي

سعد سعيد.. ملتزماً

رغم بدايتهِ المتأخرة، إلا أنه عازم على تنفيذ مشروع روائي طموح، إذ يرفض أن يكون رقما مضافا في عالم الروائيين، فاختط لنفسه منظومة اشتغال خاصة كمحاولة لتقديم الجديديد.

صدرت له الروايةُ الاولى ( الدومينو ) عام 2007
أصدر بعدها مجموعة قصصية لعنوان ( كواليس القيامة ) عام 2008
وقام باصدار روايته الثانية ( قال الافعوان ) عام 2009
واصدر روايته الثالثة رواية ( يا حادي العيس ) 2011
ثم أصدر رواية فيرجواليا عام
وكان آخرها رواية ثلاث عشرة ليلة وليلة في عام
وله نتاجات في حقول أدبية أخرى يُطلِق عليها الفترة التجريبية، قبل أن يستقر في حقل الرواية نهائياً.

كُتِبت عنه دراساتٌ نقديةٌ وعروضٌ وانطباعات في عدد من الصحف والمجلات العربية والعراقية.
يرى الروائي سعد سعيد أن كل فن لا يعمل من أجل الإنسان نفسه، يفقد شرعيته
وهذا تأكيد على التزامه..
وهي القضية التي سألج من خلالها إلى عالِمه الروائي.

جاء في لسانٍ العربِ لابنِ منظور؛ لَزَمَ الشيءَ، يَلزمَه لَزْماً، ولزومَ الدوامَ عليه واعتناقه وعدم مفارقتِه..
وجاء في القاموس المحيط للفيروزابادي لزم الشيء ثبت وداوم ولزم بيته لم يفارقه وأوجبه على نفسه
وجاء في موسوعة لاروس تحت مادة ملتزم؛ التزم : ارتبط بوعد أو واجب
إلا أن الالتزام موجود في كل عصر باتخاذه موقفاً واضحاً من قضية ما.
والملتزم حسب ما أورده أحمد بوحاقة في الإلتزام في الشعر العربي: أكثر ما تطلق هذه الكلمة على المثقف من المفكرين والكتاب والفنانين
فالالتزام يعني حرية الاختيار وهو يقوم على المبادرة الإيجابية الحرة من ذات صاحبه، مستجيباً لدوافع وجدانية نابعة من أعماقه.
أما محمود أمين قيقول:
من طبيعة العمل المسؤول أن يكون هادفاً إلى غاية معينة.. وللإلتزام الفكري هدف، هو الكشف عن الواقع، والسعي إلى تغيير ماليس سليماً فيه.

والالتزام المدون وردنا من اليونان من خلال إفلاطون بالتزاماته المثالية في جمهوريته..
أما أرسطو فقد نادى بنظرية (التطهير) وهي أولُ وجهةٍ من وجوه الإلتزام في العمل الأدبي بمنظار المنفعة ومعنى التطهير.
قال أرسطو في معرض حديثه عن المأساة في كتاب فن الشعر:
أن المأساةَ محاكاةُ فعلٍ نبيلٍ تامٍ، بلغة متبلة بملح من التزيين..
وهذه المحاكاة تتم بواسطة أشخاص الحكاية، وهي تثير الرحمة والخوف فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات.
وعلى الرغم من التناقض القائم بين مثالية أفلاطون وواقعية أرسطو إلا أنهما يتفقان على الغاية الخُلـُقية والمناداة بها في كل عمل أدبي .. وهنا أجد قول لابرو بيير خير شاهد حين قال:
حينما تسمو القراءة بفكرك وتلهمك مشاعر النبل وعلو الهمة، فلا تبحث عن قاعدة أخرى للحكم على الكتاب، فهو عمل جيد قد صنعته يد ماهرة. ( لابروبيير / ألطباع )
وقال ديدرو:
ألعمل الفني ينبع من الواقع ويستمد منه عناصر وجوده العامة.
وأودُّ ان اتوقف أيضاً عند جان بول سارتر رائد الوجودية في العصر الحديث وأول من نظَّم أسس الإلتزام بكون الإنسان هو الوسيلة التي تكتشف بها الأشياء ولاقيمة لشيء غير الذات الإنسانية وأن الفكرَ انعكاسٌ للمادةِ وإن الإنسان موقف يتحدد عن طريق وعي القيم.
وقد عالج قضية الأدب حين تناول ثلاث مسائل هي : ما الكتابة ؟ لماذا نكتب ؟. لمن نكتب؟ ( سارتر / مواقف )
وأجاب عنها بدارسة نستخلص منها أن الإلتزام أساس العلاقة الجدلية بين القارئ والكاتب وأن الكاتب لايكتب لنفسه، وإلا كان ذلك أروعَ فشل..
وقال أيضاً أن لكل كلمة صداها ولكل صمت معناه.. فالصمت لحظة من لحظات الكلام، وهو بالنسبة إلى الكلام كالسكتة الموسيقية التي تأخذ معناها من سياق اللحن. ( سارتر/ الأدب الملتزم )

وماهيِّة الالتزام ، هي مشاركة الأديبُ الناسَ همومَهم الاجتماعية والسياسية ومواقفَهم الوطنية، والوقوفَ بحزم لمواجهة ما يتطلّبه ذلك.

وعند ولوجنا عالم سعد سعيد الروائي، ابتداءً من الدومينو ومروراً بـ قال الأفعوان وياحادي العيس وفيرجواليا وثلاث عشرة ليلة وليلة..
نجده يشتغل وفق منظومة التزامية كبيرة.. هذا أولاً، وأولاً أيضا، هو يراعي مسألتين مهمتين، هما الوظيفة والجمال.
رغم عدم قناعته بالاطناب والتزويق اللفظي.
فمثلاً في ياحادي العيس اشتغل على المسلَّمة العلمية، والحدّث الواقعي، بفكر فلسفي فاستدعى المقصيات إلى مائدة الحوار الفكري من خلال سرد مترع بعناصر الإبهار والدهشة..
وله رؤية حداثوية للخلق والتكوين على كل المستويات.. ليس من باب التشكيك المجرد بل ليخلق أجواءً حاضنة للأفكار بعد أن فرضت الشكوك هيمنتها، وله أفكارٌ ماكرةٌ وابتكاراتٌ صوريةٌ هائلة.. فنراه يدون التأريخ سردياً ، وينتخب تواريخ الأحداث لتمرير أراءه ببسالة،
أقول هذا بعد أن استوقفتني أرقام المقاطع والفصول والأجزاء في رواية ياحادي العيس..
حيث لا يمكن إدراجها من قبيل المصادفةِ أو حشرِها جزافا.
فتوصلت إلى الفكرة الماكرة التي استخدمها ( سعد سعيد ) في تعاليم ( الحارث الزيادي ) في كتاب ( الرسالة الريادية في التماهي مع الروح الزيادية ) التي أعدها ( سعد سعيد ) بأسلوب ( ميكيافيللي ) بحت, وصاغها باختزال وتكثيف مقصود.
فكل الأرقام هي عبارة عن تواريخ سياسية صرفة, لها تأثيرها على التأريخ العراقي الحديث, وهذا ما أراد الروائي أن يذكّرنا به, كي لا نبرئ منهم أحدا.
وله نقطة نظام في كل قضية .. وحوّل بعض المبتكرات الحديثة إلى تفسير معميات الكون.
أن هذا كله, وغيره, هو ما يحاول ( سعد سعيد ) أن يشي به, وهو يرحل بنا في زمان ملتبس أو ينطلق من مستقبل مظلم بعيد, ليبين لنا بَعدَها, أن ذلك المستقبل, إنما هو ماضٍ في حاضر الرواية.
ثم يعود ليوحي لنا, بأننا ماضون نحو ذلك المستقبل, الماضي, وكأنه يريد أن يقول.. إن أزمة البشرية الحقيقية هي الأنسان نفسه, فهو يدور في حلقات مفرغة, كلما ضاقت به إحداها, تدخَّل الإله لينقذه من مأزقه.
ولكنه يأبى, إلا أن يعيد غلق الحلقة على نفسه!.
.. فهو يرى أن الكاتب حين شروعه بأي عمل جديد فان جزءاً كبيراً من قراره يكون مرهونا بتداعيات افكاره وما يمكن أن يطرأ على تفكيره في اللحظات التي تولد فيها الفكرة التي يجدها صالحة لخوض مغامرته الجديدة.. أما العمليات العقلانية فتبدا بعد ذلك.
وفي فيرجواليا، أثار قضية التزامية كبيرة، وعرض إساءاتِنا بالتعامل مع العالم الإفتراضي.. بإسلوب أظنه غير مسبوق روائياً، وإن اقتربت الفكرة من أعمال أخرى.
نجد في هذه الرواية مصطلحات مبتكرة، قد يراها البعض نوعا من التوعير الإصطلاحي، لكنه يؤكد على أنها
تلاعبات لفظية مفترضة.. يستغلها للسخرية تارة وللاختزال، إذ أن معنى المصطلح لم يمنعنا من فهم دلالته وهذا ما أُطلق عليه (المفهوم الدلالي).

أما في قال الأفعوان، فقد ابتكر عالماً ولغةً واتفاقاتٍ مضنيةٍ، من اجل توصيل هدف سامٍ، وأراه قد اضاف الكثير.
وفي كل رواياته، أجده ممسكاً بأدواته، ولا مكان للعشوائية أو الاعتباط مكان.
أما من الناحية اللغوية، فهو بعيد عن التوعير اللغوي الذي يحاول البعض ركوبه.. إذ يرسم خطاً ضوئياً لتثوير تكوينات مقننة بوعي متجاوز، ويستدرج صوراً تحيل الذائقة الحسية إلى منطقة المشاعر، وبالعكس .. محافظاً على البعد الفني والبعد الجمالي وهنا اقول أن نصوصه على درجة من الجمال والوظيفة.. والجمال هنا بإعادة بناء المادة المكانية وإحالة المتلقي الى أجواء غير محددة بزمن.. أما بالنسبة للوظيفة فأنه أضاف لها وظيفة، أي وظيفة الوظيفة.. ألا وهو التفاعل الاستقطابي وهذا المصطلح قد يكون غريباً أي انه غيرُ مسبوق إلا اني أصر عليه كونه تفاعل وتماه واستقطاب بنفس الوقت بحيث يجعل المتلقي متحفزاً لابتكار صور أخرى تناسله أفكار السرد.
وأخيراً.. أستميحكم عذراً عن الإطالة.



#عمر_مصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد الأزل بين الروح والمقل
- هذيان صوفي.. في حضرة القص
- ضربة فرشاة.. ألطعنة المخلصة في خاصرة الآن
- وجع يتكرر
- عشتار تولد من جديد
- ضياع
- قراءة في نص دروب وصدأ للشاعرة وقار الناصر
- إعتراف في محراب المنى
- عنوسة ال % مع سبق الإنكسار
- ضمير مستتر
- -سقوط الحضارة-
- رحيل
- آخر مارواه آخر حرف
- قلق
- ألتعبيرية.. صرخة تنذر بالخطر
- قاسم حميد فنجان.. بين الميتا والواقع قايين إنموذجاً
- قضية انتحار
- رسالة إليَّ
- قصة قصيرة جداً - دم -
- سكتة موسيقية


المزيد.....




- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - سعد سعيد.. ملتزماُ