|
بينَ وادِيَين
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4585 - 2014 / 9 / 25 - 13:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد 9/4/2003 ، كانَ بقية العِراق ، يأملُ ان يكون أقليم كردستان ، قدوة لترسيخ التجربة الديمقراطية الجديدة ، ومصدر إشعاعٍ وأمل .. على الأقل ، بسبب تجربة الأقليم منذ 1991 ، في الإدارة الذاتية والتعدُدية الحزبية . وبالفعل ، كانتْ فرصة ذهبية ، لأقليم كردستان أن يكون نواة لبناء عراقٍ على اُسُسٍ متينةٍ وصحيحة . لكن الأمور لم تَسِر على هذا المنوال الجميل والمُتفائِل .. وظهرَ أن المسألة أعقد من ذلك كثيراً .. فلا الطبقة السياسية الآتية بدعمٍ من المُحتَل الأمريكي ، ولا الساسة الذين كانوا في الداخل .. ولا حتى القادة الكُرد .. لم يكونوا بمُجملهم ، بمستوى التعامُل الصحيح ، مع التغيير الذي حصل .. لاسِيما وأن العّراب الأمريكي نفسه ، لم يكُن جّاداً في خلق أرضية حقيقية لبناء عراقٍ جديد ديمقراطي .. بل ان سياسته المتخبطة والمشبوهة ، أدتْ الى تفاقُم الأوضاع تدريجياً وبصورةٍ متصاعدة ، وفي كافة المجالات ، حيث إنتشَر الفساد بشكلٍ مُضطَرد وتكالبت الطبقة السياسية ، على السُلطة وتوزيع الغنائم والإمتيازات ، ضارِبين بعرض الحائط ، القانون والدستور وحقوق الناس والمصالح الوطنية العُليا ! . من إفرازات عراق ما بعد 2003 ، علاقة أقليم كردستان بالحكومة الإتحادية في بغداد ، في ظل دستورٍ ملئٍ بفقراتٍ غامضة وذات نهاياتٍ سائبة ، قابلة للتأويلات المُختلفة ، خصوصاً مع غياب محكمة إتحادية عُليا ، مهنية مُستقلة فاعلة ، يخضع الجميع لأحكامها . في رأيي ، ان ( قُوّة ) الكُرد في بغداد ، قد تناقصتْ بصورةٍ جَلِية ومنتظمة .. ففي حين كانتْ فاعلة ومُؤثِرة في 2005 ، فأنها تقلصَتْ في 2010 .. وإذا سارتْ المباحثات الجارية الآن ، على هذا المنوال ، فأن الوجود الكردستاني في بغداد ، سيكون في أضعف حالاتهِ في حكومة عبادي . وأعتقد ، بأن الذي يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية هذا التراجُع السياسي الكردي ، في بغداد .. ليسَ المالكي ولا الأحزاب الشيعية او السُنية .. بل ان ( إفتقار الكُرد لإستراتيجية واضحة مبنية على اُسُسٍ متينة ، وكذلك عدم وحدة الصف الكردي ، إضافةً الى إنشغال الحزبَين الديمقراطي والإتحاد في الحصول على مكاسب حزبية وشخصية طيلة السنوات الماضية ) .. هو السبب الجوهري في التراجعات المتواصلة في بغداد . علماً ، ان هذه الحالة مازالتْ مُستمرة ، بل رُبما تكون قد تفاقمتْ في الآونة الأخيرة ، لاسيما بالنسبة الى التخبُط الذي تشهده علاقة الديمقراطي مع الإتحاد ، وما يجرهُ ذلك من آثار وخيمة تُؤدي الى ضُعف المُفاوِض الكردي في بغداد ! . * وصلتْ الإتهامات المتبادلة ، الى مُستوى التشكيك ، في قيام بعض قياديي الإتحاد بإقناع وتشجيع المالكي ، حينها .. الى التوقف عن دفع رواتب موظفي الأقليم منذ بداية السنة .. من أجل ان يثور الناس ، على السُلطة ولا سيما على الحزب الديمقراطي ! . * في حين ان الإتحاد ، يتهم الديمقراطي ، بأنه منذ أكثر من سنة ، يبيع الى جماهير الأقليم ، شعارات غير واقعية ، بعيدة كُل البُعد عن التحقٌق .. وأنه يفتعِل تأزيم الأوضاع مع بغداد ! ..................................... كِلا الحزبَين ، وكما شأنهما دائماً .. يستمرئون الضحك على ذقوننا ، ويتصورون بأن الناس ينسون ، بأن كليهما مُشتركان مُناصفةً في سُلطة الأقليم منذ 23 سنة ، ومعاً تقاسما المناصب في بغداد ، وسوية أدارا الملفات جميعاً : النفطية والأمنية والمالية ... الخ . ويداً بِيَد صَرفا الموارد الهائلة ، الداخلية منها والقادمة من ميزانية بغداد أيضاً ، طيلة السنوات الماضية .. بالكيفية التي قاموا بها ، والتي أجزلتْ العطاء لقياداتها وكوادرها وأهدرتْ المليارات في دهاليز الحزبَين ، وأضّرَتْ بالناس والمصالح الوطنية . فإلى متى .. يصبح قوت الناس ، رواتب الموظفين والعاملين ، أداةً للمُساومات بين حزبَي السُلطة في الأقليم وبين حكومة بغداد ولا سيما المالكي وخليفته عبادي ، الذي يبزُ حزبَينا ، في إستهتارهِ بلُقمة عيش الناس الفقراء ؟! كُل هذه الطبقة السياسية المتنفذة في بغداد وأربيل ، المتنعمين برواتب وإمتيازات هائلة .. لا يشعرون قيد أنملة ، بمُعاناة الغالبية العُظمى من الناس في الأقليم ، الذين لايملكون موارد غير الراتب .. الراتب الذي لا يأتي إلا كل ثلاثة أشهُر .. حقاً ان الطبقة السياسية الحاكمة المتنفذة ، في وادٍ ، والناس الفُقراء في وادٍ آخر بعيد ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة في كوبانى . والمرأةُ تحت حُكم داعش
-
- كوبانى - تحتَ النار
-
العَرَب السُنّة الموصلليين
-
( شِلَيْلى كورَيْلى ، قَبولَيْلى ) !
-
الهاتف النّقال
-
أكسير الصراحة
-
عُقداء وعُمداء
-
كِتابة أسماءنا بصورةٍ صحيحة
-
معزة الخالة شفيقة .. ورواتب الأقليم
-
هُنالكَ أكثر من - ديمتري - في جَبَلي بعشيقة وسنجار
-
مِنْ أجلِ عنقود عِنَب !
-
حذاري من الإنزلاق !
-
تُوّزَع مجاناً .. ليستْ للبيع
-
قَد تابَ وأنابَ
-
لماذا ولِمَنْ أكتُب ؟
-
شّتانَ بين ، معركة هندرين و ( لا مَعركة ) سنجار !
-
مأثرة ( قاسم ششو ) ورفاقه الأبطال
-
الإيزيديون .. حقيقة في مُنتهى القَسوة
-
إعادة البناء .. الترميم والإصلاح
-
أحزاب : العُمال / الديمقراطي / الإتحاد .. ليست إرهابية
المزيد.....
-
تظاهرات ضد حكومة نتنياهو بمدن عدة
-
مصر.. رفض بقاء إسرائيل بالمعبر والمحور
-
-فيفا- يؤجل البت في طلب استبعاد إسرائيل من المنافسات الدولية
...
-
إعلان عراقي يخص استثمارات أميركية في مجال الغاز
-
إيطاليا تدرس فرض ضرائب سياحية جديدة مع تنامي الاحتجاجات المن
...
-
بعرض عسكري مهيب في بوتراجايا.. ماليزيا تحتفل بالذكرى الـ67 ل
...
-
ما سبب رفض أوروبا قصف كييف لعمق روسيا؟
-
حزب فرنسا الأبية يدعو المجموعات البرلمانية إلى عزل الرئيس إي
...
-
هاريس تدعو ترامب لمناظرة مع تشغيل الميكروفون طوال الوقت
-
صحف عالمية: وقف الحرب ضرورة لبقاء إسرائيل ونتنياهو مستبد وغي
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|