|
الطلقة الاولى ، الكمين الاول
ابو حازم التونجي
الحوار المتمدن-العدد: 4584 - 2014 / 9 / 24 - 22:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الطلقة الاولى ، الكمين الاول .. في ذكرى استشهاد الرفاق سلمان ويونس وبهاء كان ذلك في الرابع والعشرين من ايلول
ابوحازم التورنجي
في ليله حالكة الظلمه ، غاب فيها القمر تماما ،، التقت مجموعة من الرفاق في منطقة ديرلوك ، لتكون مفرزة انصاريه من الشيوعيين القادمين من مختلف البلدان ، وأغلبهم من الدول الاوربيه والجزائر واليمن ، شبيبه طافحة بالحماس والاندفاع الثوري ، والايمان بعدالة القضية التي تركوا من اجلها الحياة المدنيه السهله ، بل تركوا ترف العيش وملذات الحياة في اوربا ، وجاؤوا ليمتشقوا السلاح وولوج مخاض عسير وتجربة غاية في القسوةوالقدرة على التحمل ، واضعين انفسهم مشاريع استشهاد على طريق المباديء الساميه التي خطها الشيوعيون ممن الذين سبقونا. في هذه المفرزه المكونه من 32 رفيق والتي كانت بقيادة الرفيق يشار نائب الضابظ المفصول من الجيش لاسباب سياسيه ، رفيق هاديء ورع قليل الكلام … التقيت بالرفيق سلمان داوود جبو بعد لأكثر من ثلاثة اعوام حيث كنت في ضيافته في بودابست ، ولي معه ذكريات جميله بالاضافة الى كونه من عائله مناضله سخرت كل افرادها وامكانياتها لخدمة الحزب وقضايا النضال الوطني ...كان لقاءا حميميا بعث في نفسي بهجة لا حدود لها خصوصا وانه قد كان الوحيد الذي كنت اعرفه معرفة جيدة عن قرب ، ومع سير المفررة كانت النكات الهامسه وذكريات عن الناصرية ،ووجوها وشخصياتها المميزه (كاظم عريبي ، شنيشل ، كوزان ،قدوري…) وماهي الا لحظات على عبور الطريق الدولي ، اذ جاء الامر بالتزام الصمت والهدوء المطلق في السير والحركه ، وما ان بدأنا بصعود الترابية الاولى المحاذية للطريق الدولي ، حتى انطلقت طلقة مذنب (فسفوريه للدلاله على اتجاه حركتنا ) وتصاعدت في السماء انوار كاشفة فغدى ذلك الليل الدامس وكأنه نهارا نرى في الجنود على مقربة منا تماما ..عندها صاح الرفيق يشار آمر المفرزه، انبحطوا ، وقبل ان يكمل اوامره الاخرى انهال علينا وابل من الرصاص من اكثر من جهة ،وبغزارة ، لاعهد لي بها سابقا الا في الافلام السينمائيه ،لم نكن مهيأن لاستيعابها نحن المقاتلون الجدد عديمي الخبرة وحديثي التدريب البسيط على السلاح،،يمر الرصاص من فوق روؤسنا ونحن مبطحين ، والرفيق يشار مستمر في صياحه المدوي ( انبطاح ، ولحد يرومي …...) ومن الطريف في هذا الموقف المتوتر العصيب سمعت من يرد بطرافه (ليش اكو واحد يعرف يرمي ) ، وبعد توقف الرمي وانتهاء التنوير صاح الرفيق يشار ثانيا (انسحاب انسحاب ) عندها تبعثرنا وتشتتنا في مختلف الاتجاهات، كنت انادي على سلمان لانه الوحيد الذي اعرف وقد كان امامي بالضبط في ترتيب المفرزه ، ولكن للاسف لم اسمع اي جواب ، حتى ظننت انه قد انسحب مع المجاميع المتفرقة الثانيه بأتجاه اخر ،.كان معي او بالقرب مني الرفيقين علي ورياض (علي زنكنه ونجم خطاوي )، ومع كل فاصلة لتوقف النيران كنا ننسحب مهرولين ، عندها صاح بي الرفيق نجم خطاوي ( ابو حازم انا انجرحت ) فهرعت زحفا لاعرف منه ان الرصاصة قد اخترقت فخذه لتنفذمن الجهة الجانبية دون ان تمس العظم ، ساعدته في شد جرحه وقال استطيع ان اهرول ، فأخذت منه سلاحه و حقيبته،واستمرينا ننسحب هرولة ، كلما سحنت الفرصة بتوقف التنوير واطلاق النار حتى وصلنا كنيسة ديرولوك والتي كانت صليبها الضوئي الكبير خير داله لنا بالتوجه نحوه ، وبمعدل زمني لايقل عن ثلاثة ساعات ،و عند حدود القريه تجمع كل المنسحبين من الرفاق بأستثاءثلاثه ، الثلاث هم (سلمان ، وبهاء ومنير ) وكنا على أمل ان ينبلج الفجر لنعرف اتجاه انسحابهم ، ولكن للاسف طال الانتظار دون جدوى ،،،وليأتينا خبر من القريه صباحا ان ثلاث جثث قد شوهدت في المنطقة التي حدثت فيها تلك المعركة وحيدة الجانب ،،، نسيت كل متاعبي ومعاناتي والخدوش التي ملأت جسدي وبقي صوت تلك الطلقة الاولى ووهجها المذنب في ذاكرتي ورغم اني قد سمعت ورأيت لاحقا العديد مثيلاتها في كردستان ، ولكن بقي لتلك الرصاصة ثمة معنى لم تغادرني اطلاقا صورة سلمان الاخيره ونكاتنا الاخيره ، ظلت محفورة في ذاكرتي ثلاثة ايام من الحزن القابض على اطراف روحي كل عام في مثل هذا اليوم استعيد في وحدتي تلك الذكرى وأقف اجلالا لارواح الشهداء سلمان وبهاء ومنير ، والمجد كل المجد لتلك الشبيبه الوثابه
24 آيلول 2014 غوتنبرغ
#ابو_حازم_التونجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|