نصيرة أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 23:45
المحور:
الادب والفن
وقف بمحاذاة شجرة السنديان الضخمة وهو يتكىء بيده اليسرى على جذعها الضخم وبيده اليمنى شرع يسحب نفسا طويلا من سيجارة متفحمة سوداء , ثم يعود ليمسح فمه وخده من بقايا دخان ورماد أحدثه فعله المجنون قبل دقائق .رنّ هاتفه بنغمة مفزعة , بحث في جيوبه واستخرجه بصعوبة وأجاب على طالبه .نعم . لم يحدث لي شيئا . أجل .أنا بخير.وأقفل الخط. لغزٌ يحتار فيه البرىء.من أين اتيت بهذه الطيبة والنقاء وهدوء المائة شهر او أكثر ؟ مسح رقبته بعنف من أثر الرماد والحرائق التي خلفها في شارع فخم يخاف على أشجاره الباسقات اذ ورثها من عهد الملك الاخير لبلاد الجحيم .انتهى اشتعال السيكارة رماها تحت قدمه وسحقها بحذائه الاسود الملفع ببقايا جريمة لم تعد تجدي نفعا في هذا الركام والزحام .أنا بخير . من يقول ذلك ؟ ماأتعس هذا الفؤاد الجريح ! هذه الشجرة الوارفة .كانت في مفترق طرق عند مرأب مشمس في شتاء قارص .اتفيأ تحت ذراعيها في صيف مشؤوم.والرجل المسن يقترب بخطوات خجولة .هذا مرأب رسمي .هربت مني خائفة من عينيّ الى حدائق غناء وضاعت وسط حشود السكارى .لاأحتمل أن أقف بين يديك .تسلبني كل شىء . فرّ من زمن البرابرة الى الشارع المؤدي الى البوابة الكبيرة كان يضحك ويصرخ مفتونا بخجلها وارتعاشة اصابعها وهي تلوذ بالسياج الطويل .كان مأخوذا بها .هذه الشجرة الضخمة ليتها تنحني لسيكارتي وانا التهم ثغرها الملفع بالرماد وأبلل أهدابها بريقي الذي ابتلعه على مضض . لعبتي في بلاد الجحيم . من يتقنها غيري .أعزف ليل نهار ..موسيقى تبكيني , وتضحك الرب في سمائه...اتوسله ان يقودني الى بلادي ..حيث تسكن وتحيا .من يتقن هذه اللعبة غيري . كل يوم .في الفجر أقبلها ..أغطيها برفق ..أشمها ..أودعها وهي تغفو على ذراعي ..وأمضي . من يعرف هذا الفجر البارد سوى عيناها ونعاس يرقد تحت مخدتها .وأرتدي وجه الرماد بلحظة ..وأنطلق بلا وجل..أشعر بالنعاس ..لم أنم منذ ساعات . تسلبني الشمس ماتملكين مني..لماذا الفجر ضائع بين خديك ولهاثي الى الموت والضجيج ..؟ ...
#نصيرة_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟