|
الخراب
نعمة ياسين عكظ
الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 23:23
المحور:
الادب والفن
وهو جالس في المقعد الامامي من سيارة الاجرة التي اقلته من المطار الى المدينة بعد سنوات طويلة من الغربة في بلد بعيد. كان ينظر بدهشة واستغراب وكأنه يسير في مدينة غريبة لقد تغير كل شيء واثار الدمار والخراب موجود في كل مكان .. اخرج هاتفه المحمول ليتصل بصديقه ويعلمه بانه قد وصل وانه الان متوجه الى الحي الذي يسكنه .. واخبره بان التاخر ما هو الا نتيجة الى الازدحام المروري الشديد وفوضى السير اضافة الى نقاط التفتيش المنتشرة على طول الطريق .. بعد العناق والترحيب قال : - اخبرني ماذا حصل ؟ ما هذه الفوضى ؟ ادخله الى صالة البيت وطلب منه الاسترخاء والاستحمام وسيعرف كل ما حدث .. قال له باختصار : - المدينة هي مدينتك ولكن كل شيء فيها قد تغير الفترة التي قضاها هناك كانت شبه انقطاع تام عن اخبار مدينته واصدقائه. وقتها كانت وسيلة الاتصال الوحيدة هي الرسائل ، ولكونه يعرف ان الرسائل يطلع عليها جهاز المخابرات حاول تجنبها خوفا على اهله واصدقائه مما قد يحصل لهم .. وكذلك على نفسه فهو يعرف انهم ربما يتابعوه الى هناك ... اما الان وقد ولى ذلك الزمن وقبر ذلك العهد المشؤوم .. قرر الرجوع والعيش بين اهله في وطنه .. فهو متشوق لمعرفة كل ما يدور ، وقبل مجيئه بايام اخبره صديقه بان اهله انتقلوا الى مدينة اخرى تاركين البيت بعد التهديد الذي جائهم من مجهول يحذرهم من البقاء كانت الاسئلة كثيرة حاول صديقه الاجابه عليها باقتضاب : - لماذا هددوا اهلي ؟ - لانهم من طائفة اخرى - اين فلان وفلان ؟ - قتلوا بتلك الحروب اللعينة - والاخرين ؟ - تركوا البلد وانقطعت اخبارهم - وفلان ؟ - انه الان احد المسؤولين في الدولة بعد ان اطال من لحيته وغير من طباعه - وكيف نسيتم انه كان من اخبر اجهزة الامن عن الكثيرين ؟ - نحن لم ننسى لكن يبدو انها صفقات بين المتنقذين - وفلان ؟ - سجن وحكم بالاعدام الا انهم لم يلحقوا بالتنفيذ فخرج من السجن ... وهو الان على نفس طريقته يكتب ويتكلم ويصرخ الا ان من يسمعه نادرين جدا لا بل قسم ينعتوه بالمجنون ... - وانت ؟ ماذا تفعل بين كل هذا - انا التزمت الصمت وتهربا من الحديث حوله ولماذا صمته حاول تغيير مجرى الحديث الى جانب اخر يعرف ما يبعث فيه من رغبة في معرفة المزيد - اراك لم تسألني عن فلانة .. هل نسيتها ؟ - لا .. لا .. ابدا ولكن كنت اخاف من صدمة الجواب !! نعم هي فعلا صدمة .. لقد تغيرت كثيرا واصابها اليأس خاصة بعد مغادرتك الى مكان مجهول .. فتغيرت كثيرا واخر قراراتها انها تزوجت من فلان لحماية نفسها فقد ارادوا اعتقالها اكثر من مرة ... - كيف تقبل ذلك وهي التي كانت تحتقره وتسميه نكرة؟ هل استطيع ان اقابلها ؟ - نعم اعتقد ذلك ... بعد ان تناولوا طعام الغداء وشرب الشاي ... - لم ار زوجتك ولم تأتي لتسلم ؟ - تردد قليلا قبل ان يجيب ... الم اقل لك ان كل شيئا قد تغير فهي تعتبر ذلك من المحرمات ان تسلم عليك وهي بتلك الحالة التي عرفتها من قبل والان تخجل من ان تخرج وهي تغطي وجهها ومن المحرمات ان تصافحك . - وما دورك انت في كل هذا ؟ - انا اعطيتها كل الحرية في ان تفعل ما تريد .. وقد ذهبت للحج في العام الماضي - جميل ان تكون لها الحرية ... لكن الدين لم يأمر بتغطية الوجه وانما منع التبرج والاثارة فلم هذا التطرف غادرا البيت صوب مركز المدينة ... ساله الى اين تحب ان نتوجه اولا ؟ - الى ... صاحب المكتبة صديقي العزيز ؟ - لم تعد هناك مكتبة بل تحولت الى بيع ملابس نسائية .. فقد اصبح موردها لايغطي مبلغ الايجار لان الكثيرون عزفوا عن القراءة والشباب اكثرهم عاطل عن العمل همه الوحيد الحصول على فرصة عمل ... - واين هو الان ؟ - نادرا ما ياتي الى هنا تاركا الادارة لاولاده الشباب - تعال لنحتسي عصيرا من المحل المجاور وسأريك مفاجأة تسرك . ونقضي فترة من الوقت لحين مجيء فلانة فقد اعطيتها موعد هناك لتتقابلا ؟ - حسنا !!! اينك يا ... كاسين من العصير لشخص عزيز عليك جدا …. بعد عناق طويل وقبل حملت كل حرارة الاشتياق - هل تعمل هنا ؟ واين شهادة التخرج ؟ - مازالت معلقة في مكانها .... عندما وصلت فلانة للمكان وتبادلا السلام والاسئلة الروتينية قال صديقه ساترككم الان ..بينما انشغل الاخر بعمله في بيع العصائر.. - سمعت انك تزوجت فلان . كيف حصل ذلك ؟ - كي انقذ نفسي من الوحوش .. هو الان اسمه زوجي فقط .. يمارس كل حماقاته وانا اعلم بذلك بالرغم من تحججه باعماله الرسمية والحزبية .. همه الوحيد الحصول على الاموال وباي طريقة .. ما يهمني هناك مجال من الحرية ممنوحة لي امارس بها بعض علاقاتي التي تبدد بعضا من ضجري وحزني . وانا اعلم جيدا انها لا تزيدني الا احتقارا لنفسي . ولكن تمنحني بعض العزاء ثأرا من الحياة التافهة التي اعيشها بصعوبة كانت تحبس دموعها وهي تتحدث بصوت متهدج مخنوق متقطع وهي تحاول ان لا تبكي امامه .. لسبب لاتعرفه قالت: - هل تقبل ان نسهر هذه الليلة ونبقى معا حتى الصباح؟ - تفاجئ بهذا الطلب ولم يحاول ان يرفض . قال سأكون سعيدا جدا ولكن ... زوجك ؟؟ - لا يهمه ذلك بل ربما سيفرح بغيابي والمهم انني صباحا ساعطيه مبلغا من المال من راتبي الذي استلمته اليوم .. المال هو مايهمه فقط .. ظل صامتا لفترة طويلة دون ان يسمع حديثها المتقطع عن الامور الخاصة والعامة سالته عندما شعرت بشرود ذهنه - مابالك ؟ - افكر في الاختيار بين الرجوع لغربتي او البقاء . لاكون مجنونا ثان مع فلان !!!!
النجف 20 / 9/2014
#نعمة_ياسين_عكظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شفاء
-
حكايتنا
-
المولود البكر
-
قصص قصيرة جدا
-
قصة قصيرة / شجرة الذكريات
-
الارهاب ... هل يمكن محاربته ؟
-
مابين الحلم واللاحلم
-
الطعنة
-
لماذا البكاء على الحسين
-
هل أقدر
-
إنتظار
-
اللقاء ألأخير - قصة قصيرة
-
الكتل الكبيرة والكتل الصغيرة
-
انقاذ / قصة قصيرة
-
الكرسي /قصة قصيرة
-
صرخة جوع /قصة قصيرة
-
المزار ...
-
قصة قصيرة الدمية
-
قصة قصية
-
قطع الطرق العامة من قبل المسؤولين
المزيد.....
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|