أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - البيروقراطي والأرستقراطية














المزيد.....

البيروقراطي والأرستقراطية


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 21:53
المحور: الادب والفن
    


في الدرجة الأولى من القطار الرابط بين الرباط والدار البيضاء، كانت تجلس قبالته، تكاد ركبتاها تلامسان ركبتيه. هذا دليل على أن المرأة فارعة الطول. كان يقرأ مجلة أسبوعية فرنسية، وكانت هي تستعرض الطبيعة من وراء نافذة القطار.

في لحظة غامت حروف المجلة وصورها، صارت مضببة في عينيه. وكل تفكيره انصب على الحسناء التي تقابله.

قال في سره:
- لا شك أن المرأة من عائلة أرستقراطية، شكلها ولباسها الأنيق يدلان على ذلك.

في نفس الوقت تحولت نافذة القطار إلى شاشة تنقل إليها مباشرة ما يخالجها من هواجس وأفكار.

قالت الحسناء:
- لا شك أن الرجل موظف سام بالعاصمة، ساعة يده وبذلته تنطقان بذلك.

استمر هو في الكلام داخل نفسه:
- ما أجمل عطرها. وماكياجها خفيف. الجمال لا يحتاج إلى كثرة المساحيق.

استمرت هي في الكلام مع نفسها:
- ما أجمل تسريحة شعر رأسه، وشنبه مثير.

قال هو، دائما في سره:
- الخواتم التي في أصابع يديها لا تمكن من معرفة هل المرأة متزوجة أم لا؟

قالت هي، دائما مع نفسها:
- لا خاتم في يده، لكن من يدري.. قد يكون متزوجا. ليس كل الأزواج يضعون خواتم.

سها الرجل لحظة. سهت المرأة في نفس اللحظة. ثم ركز عينيه على صورة ممثلة فرنسية في المجلة، تحت عنوان يتحدث عن علاقاتها الغرامية.
ركزت هي عينيها على نافذة القطار، راعي غنم يقف ملوحا بعصاه للقطار.
عاد يسترق النظر إلى وجهها الجميل. اختلست هي نظرة إلى وجهه الوسيم.

فكر:
- لا يمكن أن تكون هذه الحسناء خالية القلب، أو ليس هناك من استولى على قلبها وخطفه.

فكرت هي:
- لا يمكن لهذا الشاب الوسيم أن يكون فارغا، لا شك أن واحدة لعوب خطفت عقله وقلبه.

أخرجت من حقيبة يدها الجلدية هاتفها الأيفون. آخر طراز.
أخرج هو من محفظته لوحة الأيباد.
تفرجت على صور عرس قديم لإحدى قريباتها.
استعرض هو أخبار الطقس.

قال:
- لعلها تدردش مع صاحبها. أغبطه.
قالت هي:
لعله يدردش مع صاحبته. أحسدها.

أحست بألم في الرأس.
أحس هو بدوار خفيف.
كانت على وشك أن تسأله إن كان يحمل معه قرصا من "دوليبران". تراجعت.
كان على وشك أن يسألها نفس السؤال. تراجع.

قالت:
- يبدو رجلا بيروقراطيا متكبرا معجبا بنفسه.
قال هو:
- لا أحب الأرستقراطيات المتعجرفات.

وصل القطار إلى محطة "الدار البيضاء الميناء". نهاية السير.
انتظرها أن تقف أولا.
انتظرته أن يقف أولا.
وجدا نفسيها آخر من بقي في القطار.
في الوقت نفسه خرجت من فمها ومن فمه نفس الكلمة:
- هل وصلنا؟

غادرا القطار صوب باب الخروج. هي أمامه تنتظره أن يكلمها، أن يطلب رقم هاتفها.
هو وراءها ينتظرها أن تلتفت، علامة تشجيع كافية. لكنها ضرورية.

قالت، دائما مع نفسها:
- سأسرع الخطى حتى لا يحسبني امرأة سهلة ويضيفني إلى صنف النساء اللعوبات.
قال هو، دائما في سره:
- سأتباطأ، ستظن أني زير نساء متلاعب، وقد تهزأ بي هذه الأرستقراطية.

في البيت جلست وحيدة ساهمة تعاتب نفسها بصوت مسموع:
- دائما ربي يعطيني الخير.. يأتي به بين يدي.. وأضيعه.

في الحانة أمام بيرته يدخن، فكر فيها. خاطب نفسه:
- يا لك من غبي، الحسناء عيناها قالتا كل شيء، وأرادتني.
وبصوت مسموع خرجت منه كلمة: "ما أجهلك".
تدخل النادل وبعض الزبناء لفك الشجار الذي نشأ بينه وبين زبون كان يقف جنبه على الكونطوار.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاث أقاصيص كاذبة
- القيامة فاتت من هنا
- لا عراء للوحيد
- أحلام مليئة بالأخطاء
- كلاب الأوطوروت
- عندما تمردت شخصيات الكاتب ضده
- عطلة استجمام في الوليدية
- المسطولون يتحدون التاريخ
- زمن بين رحلتين
- زمن بين رحلتين
- كلام كثير
- القبر الأخير
- حفلة بالطربوش الأحمر
- الاستشهاد مغادرة طوعية للحياة
- مقاولة -إنما الأعمال بالنيات-
- سكرة بجوار الموتى
- كم ثمن الفرح؟
- غبار محمل بالغضب
- زفزاف.. البوهيمي المفترى عليه
- فلسطين برازيلية لا عربية


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - البيروقراطي والأرستقراطية