أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - مشغول ومُتعب جدا















المزيد.....

مشغول ومُتعب جدا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4579 - 2014 / 9 / 19 - 00:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقال بأن الفنان دافنشي لم يكمل فنيا معظم لوحاته التي كان يرسمها, فقد كان ينتقل من عملٍ إلى عملٍ آخر دون أن يتم العمل الذي يقوم به, طبعا لا أحد يعلم سبب ذلك, ولكن تجربتي الرائدة في هذه الحياة تقول بأن المخ هو المشغول وتدفق سيلا كبيرا من الأفكار هو الذي كان يدفع دافنشي بأن يترك هذه الفكرة لينطلق إلى فكرة أخرى, وأنا أيضا لا أتم أي عملٍ أبدأ به, لأن سيل الأفكار عندي كبير وكثير جدا , وليس عندي حاليا أي عمل أكسب منه رزقي ورزق عيالي وهذا شيء ينغص عليّ حياتي ويجعلني مهموما طوال النهار بالتفكير وبالبحث عن الرزق, وأشعرُ دوما بأن وقتي ضيق فعلا وبحاجة إلى مزيد من الوقت لكي أنجز ما أريد أن أنجزه , وعندي حماس شديد للكتابة ولعمل عدة أشياء ولكن جلوسي في البيت بدون عمل يجعلني أشعرُ بضيق الوقت على عكس ما يتوقعه بعض الناس, فالناس يتوقعون من أن العاطل عن العمل لديه وقتا كافيا ليفعل ما يحلو له, وهذا اعتقاد خاطئ 100% فالعاطل عن العمل لا يجد وقتا كافيا لممارسة هواياته, لأنه يكون في وضع صعب جدا ومكتئب وحزين وخصوصا إذا كان مثلي عليه الكثير من الديون ولديه زبائن كثر يطاردونه ماليا أينما ذهب.

في أكثر الأحيان أرتمي على الأرض وأتكئ على وسادتين وأغط في نومٍ عميق من شدة التعب والإرهاق رغم أنني طوال النهار لا أفعل شيئا إلا القراءة ساعة واحدة وأحيانا تمرُ بي الأيام دون أن أقرأ أي شيء ومع ذلك أشعر بالتعب وبالنعاس, ويوميا أستيقظ مبكرا من السادسة صباحا أو الخامسة صباحا وأذهب إلى المطبخ لصناعة فنجان من القهوة وأجلس على الكمبيوتر وأبدأ بالتفكير الطويل, ومن ثم أعود إلى فراشي منهك القوى ولا أكاد أحتملُ أي شيء, وأنا لا أدري هل الحياة صعبة إلى هذا الحد على رجلٍ مثلي ؟أم أنني أنا الصعب وأفكاري هي المتعبة جدا؟, لا أجد طوال النهار وقتا كافيا لأجلس فيه على باب الدار كما يفعل كل الجيران, وأحاول أحيانا أن أندمج معهم ومع أحاديثهم ولكن نفسي لا تروق لها, فدائما حديثهم عن أمريكيا وأن أمريكيا تريد تدمير الإسلام لأنه هو الدين الصحيح, لا أحتمل أن أجالس أناسا مرضى بهذا الشكل إلى هذا الحد رغم أنني أشعر بأنهم بحاجة لي كونهم جهلاء ومسئولية تنويرهم هي وظيفتي الرسمية , أنهض من بينهم وأدخل منزلي وأرتمي على الأرض من شدة التعب والإرهاق وكأنني أحمل على كتفي الحجارة والإسمنت المسلح, أنا طوال النهار متعبٌ جدا دون أن أفعل أي شيء.

دائما ما تكون أوقاتنا ضيقة جدا,ودائما نحن مشغولون, وهنالك دوما شعور ينتابنا جميعنا وهو أن الوقت ضيق ولا يسمح لنا بعمل ما نحبه, وحتى لو جلسنا طوال النهار على الكنبة دون أن نفعل شيئا فإننا مع هذا نشعر بأن الوقت ليس بصالحنا, ذلك أن عقولنا مشغولة بكثرة التفكير ولا نعرف متى سيأتي علينا يومٌ نرتاح فيه من كثرة التفكير, فهذا يفكر في رزق اليوم التالي من أين سيأتي به, وذاك يفكر في ماذا سيفعل في اليوم التالي أو في الوقت الراهن, نحن مشغولون جدا ورؤوسنا متصدعة من كثرة التفكير رغم أننا نجلس أكثر من نصف يومنا دون أن نفعل أي شيء, الحياة قصيرة جدا ولا تكفينا لنفعل فيها ما نحبه.

أنا مثلا مشغول جدا وفي رأسي مليون فكرة وألف عنوان بحاجة للكتابة فيه وعنه, ولكني أستسلم في كثيرٍ من الأحيان لليأس لأنني لا أملك وقتا كافيا للاستمتاع في هذه الحياة, وعندي كثيرٌ من المشاريع والأعمال التي تنتظرني بفارغ الصبر ولكن أشعر بأنني مشغول جدا وليس لدي وقتٌ كافي لأفعل فيه أي شيء أحبه, والرسائل الخاصة على الفيس بوك والياهو كثيرة جدا ولا أملك وقتا كافيا لرد عليها علما أنني في أغلب الأحيان أكون جالسا في البيت بدون عمل, وأحيانا زوجتي تستدعيني لكي أقوم بمساعدتها في بعض الأعمال المنزلية وأقول لها: أصبري قليلا كي أرتاح, فتقول لي : (مالك من شو تعبان؟) طبعا هي لا تدري بأن في رأسي مليون شغله وشغله ومليون فكره وفكره, والتفكير متعب جدا أكثر من حمل الرمال والأتربة والحجارة على الكتفين, صحيح أنني أجلس مكتوف اليدين ولكن المشكلة هنا في عقلي, فهذا العقل لا يتوقف عن التفكير وهذا القلب لا يتوقف عن الحب, وخيالي دوما مشغول بمشاهد رومنتيكية مع من أحبها, أشعر بأنني مشلول الحركة ويداي لا يساعدنني على عمل أي شيء, ومخي يأخذني بعيدا في عوالم أخرى, وتهديدات على الإنترنت تستهدفني شخصيا, ومشغول بهذا العالم العربي الإسلامي وبكيفية إنقاذه من جهله وتخلفه, أنا عاطل عن العمل, نعم أنا عاطل عن العمل ولا أكاد أجد أحدا يرغب بي كعاملٍ لديه ومع ذلك وقتي ضيق جدا ومشغول جدا.

أحيانا لا أجد وقتا كافيا للخروج من باب البيت لشراء باكيت سجائر من السوبر ماركت المحاذية لبيتي, وأحيانا يأتوني أطفالي من أجل مساعدتهم في الدراسة وحل الواجبات المنزلية فأطلب منهم المعذرة وأتأسف لهم جدا على ضيق الوقت وأقول لهم: معليش يا بابا والله إني مشغول جدا, طبعا يتركونني وهم يقولون بصوتٍ يكاد أن يكون مسموعا: إبشو مشغول بابا؟ ما هو قاعد من الصبح بدون أي شغل, طبعا هم لا يعرفون بأن المخ والعقل مشغولان, أنا عندي كثير من المشاريع العملاقة التي تحتاج إلى دولة وطاقم حكومي لاستكمالها, أنا أفكر فقط دون أن أعمل, ولا أكاد أنجز أي عمل أفكر فيه, مثلي في هذا مثل الفنان (دافنشي), فمقالاتي معظمها أرسمها رسما وألونها وأطعمها بأجمل الكلمات وهذا وحده متعبٌ جدا وشاق جدا.

طبعا لستُ وحدي المتعب بدون أي عمل, فأمثالي من الناس كثرٌ في المغرب والمشرق ولو عاش الواحد منا مليون سنة وجاءت ساعة موته لقال: لو يعطيني الله مزيدا من الوقت لأنني لم أفعل كل ما أحببت أن أفعله كوني كنت متعبا ولا أملك وقتا كافيا, نحن دائما ما نشعر أننا بحاجة إلى مزيدٍ من الوقت,هذه الحياة كلها لا يوجد فيها من الوقت ليسمح لنا فيها أن نفعل الذي ما بأنفسنا , ودائما ما نشعر بأن أوقاتنا ضيقة وبأننا متعبون دون أن نفعل شيئا أمام الناس يجعلهم يصدقون أننا متعبون, الناس يظنون بأن العاطل عن العمل مرتاح والعامل هو فقط المُتعب وربما أن العكس هو الصحيح,وفي المؤتمرات العلمية الكثيرة والندوات والمحاضرات والنشاطات التي أحضرها,نعم, دائما ما يقول مدير الجلسة فيها:إن وقتنا ضيق ولا يكفي لطرح مزيدٍ من الأسئلة, حياة الإنسان هكذا هي دوما, ضيق في الوقت وعدم شبع من هذه الحياة, وتعب وإرهاق.

موضوع آخر لنفس الكاتب .

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=232137



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة كافر يجب أن تموت
- الإله الأكثري أو إله الحد الأقصى
- أقتل أباك وستنهض
- الأنبياء ليسوا فوق النقد أو القانون
- إبريق الوضوء
- مشغول في حب نادين البدير
- دين الآباء والأجداد
- من أسباب تخلفنا 2
- السلطة والدولة في الأردن
- المسيحيون فتحوا المدارس والمستشفيات في بلداننا والعرب المسلم ...
- الوطن العربي بيئة غير صديقة للإنسانية
- هزيمة حماس في الجرف الصامد
- إما التعددية وإما الكارثة
- حملة إعلامية لتذكير المسلمين بفضل المسيحيين عليهم
- أخشى أن أتحول إلى مسلم متعصب
- اشتقتُ إلى نادين البدير
- لماذا أرسل الله يسوع الفادي؟
- القتل في العراق على الملابس والأزياء الطائفية
- من الصعب على الأغنياء أن يدخلوا ملكوت الله
- المسيحيون يطعمون بالمسلمين والمسلمون يقتلون بالمسيحيين(في ال ...


المزيد.....




- خامنئي يقلد مسؤول الضربات الصاروخية على إسرائيل وسامًا عسكري ...
- ضربة إسرائيلية قرب معابد بعلبك في لبنان تثير مخاوف على سلامة ...
- حزب ألماني يطالب بوضع حد أقصى لطلبات اللجوء في البلاد
- -لن يخطر على بالك!-.. -فوربس- تكشف عن رئيس دولة يتقاضى أعلى ...
- الرئيس الإسرائيلي يقترح إنشاء نظير لحلف -الناتو- في الشرق ال ...
- -لإحراج ترامب-.. صحيفة أمريكية تتحدث عن خطة جديدة لبايدن حول ...
- -اعتدال- السعودي و-تلغرام- يزيلان 129 مليون محتوى متطرف
- السعودية.. نائب رئيس جمعية الطقس والمناخ يكشف عن أبرد وأحر م ...
- أصول الزعيم الراحل معمر القذافي.. سويسرا تفرض غرامة مالية عل ...
- وزير الخارجية السوري يبحث مع نظيره الإماراتي تطورات الأوضاع ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - مشغول ومُتعب جدا