|
الإزيدية والمسيحيون : كم انت ظالم يا وطني !
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 13:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سنين الحرب مع ايران اشتركت فيها كل شرائح المجتمع العراقي : العرب ، الأكراد ، التركمان ، الكلدان ، الاشوريين ، السريان ، الأرمن ، المندائيين ، الكاكائيين ، الشبك ، الأزيدية ، المسيحيين ، المسلمين من السنة والشيعة ، وكل اطياف الشعب العراقي ، لقد كانت الحرب بين الدولة العراقية والدولة الإيرانية بغض النظر عن طبيعة هذه الحرب وإشكالياتها وأهوالها التي تحملها الشعبين العراقي والإيراني . لقد حارب الأزيديون والمندائيون والمسيحيون الى جانب المكونات الأخرى دفاعاً عن الوطن وسقوا تربة العراق بدماء شهدائهم الزكية ، ولم يقولوا هذه الحرب بين المسلمين ليس لنا فيها اي مصلحة ، بل دافعوا عن الوطن بكل شجاعة وإخلاص ، وكانت النتيجة كوكبة من الشهداء وشباب معوقين وأسرى . اليوم يأتي من يقول للمندائيين والإزيدية والمسيحيين ، بأن هذه الأرض ليست لكم إنها ملك الدولة الأسلامية ، ليس لكم حصة في هذه الأرض والخيار امامكم هو ان تجحدوا دينكم وتعتنقوا الإسلام ديناً لكم ، وإلا فحد السيف ينتظر رقابكم ، وكانت النتيجة معروفة في عملية الأقصاء والتطهير الديني وفي محاولة الإبادة الجماعية بحق المكون الإزيدي الأصيل . كم انت ظالم يا وطني !! حينما يأتي اقرب جار مسلم ويقول لك عليك ان تترك بيتك وما فيه من اثاث وان تخرج بملابسك التي تكسو جسمك ، وان تترك سيارتك ومقتنياتك للدولة الإسلامية ، وحينما تسأله عن السبب يقول لأنك مسيحي . الذي يحز بالنفس ويفطر القلب هو جارك المسلم الذي عاش بجوارك سنين وعقود ويصبح مرشداً للمسلحين من الدواعش لكي يستولوا على بيتك ال-ي بنيته بعرق جبينك ، فأين اصبح الوصاية بسابع جار ؟ وماذا عن اول وأقرب جار ؟ اجل إنه وطن ظالم . يقولون : الوطن الذي لا يحمينا لا يستحقنا ، وإن ظلم ذوي القربة اشد مضاضة وأكثر ايلاماً ، وهكذا وضع معظم النازحين امامهم الهجرة الى الأوطان التي تحترم كرامة الإنسان مهما كان دينيه ولونه ومذهبه وقوميته ، الهجرة الى البلد الذي لا يستولي على بيتك ويقول هذه غنائم حللها الله للمسلمين .. في اربيل أعلنت المديرية العامة لجوازات السفر أن آلاف النازحين يقبلون على استصدار جوازات السفر من المديرية لغرض الهجرة إلى خارج العراق، مشيرة إلى أنها تسلمت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نحو 9 آلاف طلب من النازحين الموجودين في إقليم كردستان . وهكذا اصبح الخيار الأكثر قبولاً هو شد الحقائب والهجرة الى ارض الله الواسعة ، التي لا يوجد فيها شريعة تعاقب على الدين المخالف كما هي في الدول الإسلامية والعربية . وخلال هذا العقد سوف يفرغ العراق من الكلدان وبقية المسيحيين ومن الإزيدية ومن المندائيين ما لم تتوفر منطقة آمنة تحت الحماية الدولية ، فيبدو ان الغابة العراقية تقبل الدين الواحد ولا تتسع للتعددية الدينية . النازحون من المسيحيين يتناكفون للحصول على جواز سفر لمغادرة الوطن الظالم نأتي الى الشق الثاني من المقال بشأن الأخوة الإزيديين ، إن الإزيدية قوم عراقي اصيل استطاع عبر التاريخ من الصمود والبقاء رغم تواتر المظالم والإضطهادات الدينية وان يحافظ على معتقداته الدينية الأصيلة وان يصمد بوجه الغزوات الإسلامية الأنتقامية التي تواترت في العصر العثماني وقبله وبعده وأخيراً كانت حملة مسلحي الدولة الإسلامية في العراق والشام ، داعش ، التي فاقت في قسوتها كل تلك الغزوات في العهد العثماني . ربما كان نوع من التساهل نحو المسيحييين بجهة منحهم بضع ساعات للنجاة بأنفسهم من السيف المسلط على رقابهم ، لكن المكون الإزيدي لم تتاح له مثل تلك الساعات الثمينة من الوقت ، لكي ينسحب بأبنائه وبناته وأطفاله ونسائه وشيوخه من حد السيف المسلط على رقابهم .لقد طبقت بحقهم على الفور الآية : لقد أُمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وإن محمداً رسول الله . ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الله وحسابهم على الله تعالى . لقد كانت مأساة انسانية بمجزرة بحق الرجال الذين وقعوا في اسرهم ، وكان كارثة اخرى بالعودة الى الأفعال المقرفة التي كانت سائدة قبل 1400 سنة بسبي النساء ، حيث يقول نبي الإسلام لأصحابه في معركة تبوك : اغزو تبوك تغنموا بنات الأصفر ونساء الروم . وهذا ما قامت به الخلافة الإسلامية الحديثة في القرن الواحد والعشرين .
الدولة الإسلامية في القرن الواحد والعشرين تبيع النساء في المزاد العلني وهذا سوق الجواري بالموصل يحدد سعر اليزيدية والمسيحية بـ500 أو 1000 -$- بالمزاد العلني راجع الرابط ادناه : http://www.tayyar.org/Tayyar/Touch/NewsDetails.aspx?_guid=%7B57123F6E-F24E-4C2D-BA93-0FB5FE21D168%7D كما كانت المأساة الإنسانية التي طالت تلك الجموع البشرية التي تقطعت بهم السبل في شعاب ووديان وصخور جبل سنجار وهي تستنجد الضمير الإنساني لكي ينقذها من السيف ومن الإرهاب ومن الجوع ومن العطش . كم انت ظالم يا وطني !!!! لقد علق احد الأخوان على مقال سابق لي على موقع صوت كوردستان كان بنفس المعنى يقول : كم أخجل من نفسي ان اكون على دين داعش وعلى مذهب داعش، لكن سلواي اني لست على
ديدنهم .لم افكر يوماً ان اكون شرطياً لله او عبد جاهل وذليل لإمام مجنون أنفذ رغباته في إيذاء الاخرين. أخذت من الاسلام ما يجعلني ان احب جاري الى سابع جار، والجار قبل الدار وأخذت من المسيحية التسامح وتقبل الاخر والأمانة. وحاصل ثقافتي هو ان احب جيراني من كان وعلى اي دين كان اكثر من مسلمي مكة والمدينة.جيراني يفيدوني اكثر من اهل مكة. ابناء مدينتي هم اخوتي الحقيقيين ويمتد الحلقة لتشمل جيران جيراني وجيران مدينتي لكن يبقى الأقربون بمفهوم الجغرافية لا بمفهوم الحسب والنسب هم اولى بالمعروفِ، وعلى هذا الأساس أستطيع العيش مع الجميع دون مشاكل بل هذا يساهم في بناء مدينة . اجل هذا صوت واحد لكن ماذا عن الأصوات الأخرى ؟ الم تكن المجازر بحق الإزيدية ان تشكل حافزاً ان تقوم مظاهرات واحتجاجات غاضبة ؟ إننا لم نرى شئ من هذا القبيل بل ربما كان محاولات تبرير لما حصل . فكما هو معلوم ان داعش هي تطور في عمل القاعدة والمنظمات الأخرى فلدينا دواعش كثيرة مثل جبهة النصرة وأحرار الشام في سورية وبوكو حرام في مالي ، وأنصار الشريعة في ليبيا ، والقاعدة في اليمن وأبو سياف في الفيلبين ، والتنظيمات المتطرفة في سيناء ومنطقة جنوب الصحراء .. الخ إنها منظمات لها حواضنها في المنطقة ، وقد رأينا كيف تحفظت بعض الدول كتركيا والقطر على ضرب داعش وكيف يغازل الإسلام السياسي داعش . إنه صمت يقترب من الأبتهاج بفتوحات داعش . برأيي المتواضع ان الصراع ضد داعش متأتي من خوف بعض الحكام العرب على عروشهم ، لأن داعش يطبق الإسلام بشكل جذري وفكره جاذب للشباب الصغار كبعث للخلافة الإسلامية وربما تبقى الأليات في ذبح الرقاب يصار الى عدم ترويجه وإلا هنالك ارتياح عام لصعود نجم داعش بهذه السرعة . بقي ان نشيد بالتحالف الدولي الذي تتزعمه امريكا للتخلص من داعش ونأمل ان يتعافى العراق من هذه الآفة ويأخذ طريقه الى الأستقرار والبناء والتطور . وفي موضوعنا إن اردنا العيش الأمن للمسيحيين والأزيدية يجب ان تكون هنالك منطقة آمنة تحت إشراف دولي دولي يضمن عيش وسلامة هذين المكونين في الغابة العراقية ، الى ان تستعيد الدولة العراقية هيبتها وتبسط الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، حينها سوف لا نردد : كم انت ظالم يا عراق يا وطني ! د. حبيب تومي / اوسلو في 19 / 09 / 2014
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شعبنا بحاجة الى قوة مسلحة للدفاع عن النفس والوجود وأنا متطوع
...
-
لمسيحون والإزيدية وصيحات : هاوار .. هاوار .. هاوريلا
-
بعد سقوط تلكيف وبغديدا وكرملش ..فالصلوات والمؤتمرات لا تفيد
...
-
القوش والأحداث المقلقة تجري بسرعة وتحطم الأعصاب
-
حلو الفرهود لو يصير يومية
-
اين الصوت الإسلامي المعتدل من التفرقة العنصرية بحق المسيحيين
...
-
العقلانية في احترام بغداد لإرادة الشعب الكوردي بعد الأستفتاء
-
لا نريد دولة إسلامية هدفها هدم الكنائس وظلم اتباع الأديان ال
...
-
بعد سقوط الموصل نهاية العراق الواحد بتقسيمه على ثلاثة
-
العقوبة الجماعية بحق موظفي اقليم كوردستان اين الخلل ؟
-
معذرة غبطة البطريرك .. القوش ليست عنصرية بل تحافظ على وجودها
...
-
مبروك للفائزين.. وهل جرى هندسة النتائج ؟
-
القوميون الكلدان الإخلاص للوطن وللكنيسة وخطاب قومي كلداني مع
...
-
شيرا دربان هرمز في القوش بين حمير الأمس وسيارت اليوم
-
من يقف وراء الحملة الظالمة ضد قائمة بابليون ؟
-
قائمة بابليون المستقلة المعبر الحقيقي عن طموحات شعبنا كيف ؟و
...
-
ماذا عن مصير الأقليات في الدولة الكوردية المنتظرة ؟
-
لمن امنح صوتي الثمين في الأنتخابات القادمة ؟
-
هل يصبح العراق واحة تعايش بين العرب والأكراد والسنة والشيعة
...
-
الرابطة الكلدانية خطوة مباركة في الأتجاه الصحيح .. كيف ؟ ولم
...
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|