أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل السابع والعِشرون














المزيد.....

موسى وجولييت الفصل السابع والعِشرون


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 11:50
المحور: الادب والفن
    



أخوها قاتل أخيها! ولكن ماذا يفيد العويل والنواح والصحراء جمرٌ وامتداد؟ كان نوري المجد القادم، فانظري جولييت كيف يتحول المجدُ في دمِ القتيلِ إلى وداع؟ في وضعٍ كهذا تفقد فكرة الاقتراب بين جولييتَ ويوسُفَ معناها. كيف استطاعت رغبة الوصول إلى جولييت أن تُترجم هكذا، في الدم؟ هو القاتل دفاعًا عنها. هذا ما صرخ به يوسُفُ. لو لم يقتله لجعل الآخر من دمه نهرا. والصحراء تتلاطم بحرًا على مقربة من نوري. عيناه مفتوحتان على يوسُفَ. يراه بدونِ ألوانٍ ولا أحلام، فهو يصل إليه بدونِ خيال. ترك يوسُفُ الجثة للصقور، وطارد جولييتَ بظله. لكنه لا يربطها بالإبداع. لا يصل وإياها إلى الإعجاز. يدافع عنها ولا يدخل وإياها جنة النقب، فالكيبوتس الأقرب يبتعد عن الظل كلما اقترب الظل منه. سمع يوسُفُ جولييتَ، وهي تبكي من جديد، فأوقفها، ومسح دمعها. لن تقبعَ بما هي فيه، ولن تقرَّ عينُها، ويوسُفُ قد تركَ الدارَ تَنعى من بناها. أراد أن يضغطها على قلبه، فرفضت فاحش الطول، وطلبت إلى فاحش الكذب:
- أعدني إلى أبي، عد إلى صرحه، فألوذ به.
- علينا أن نواصل الطريق.
- قتلتَ غريمك، أيها الشقيّ، فأعدني إلى صرحِ أبي.
- سأقتلُ كلَّ غريمٍ يريد أخذك مني ولدًا كان أم أبا. اتركيها تأتي إليك، روبيكا، فأقتلها، وهي الحبلى مني، لأنك أنتِ كلُّ الذي يعود عليّ.
خر على قدميها متوسلاً:
- توقفي عن حب موسى، يا جولييت! أوقفي كل حب آخر غير حبك لي وإلا قتلتني، أيروق لك قتل أخيك؟ لن تستطيعي ذلك إلا بعد أن أصرعه ككل الأبطال الملعونين بطلقة في القلب، فأخلص، وأرتاح قبل أن تخلصي، وترتاحي.
إذا بها تصيح به، وهو حجرُ كُحْل، وتنوح فوق رأسه، وهو حجرُ توتياء:
- نعم، صحيح ما قاله غيرنا فينا: لما يكون لدينا قلبٌ من حجر، فمن السهل أن يكون لنا شكل التمثال! آه، أيتها المعذبة القلب، يا جولييت! ويا أيتها السيئة الحظ، يا روبيكا! كلتانا أخطأت في حب يوسُفَ، ولم يُصِبْ يوسُفُ في حبنا!
وفي اللحظة التي راحت فيها تعدو خارج ظله، استقبلتها ذراعا موسى المفتوحتان على سعتهما:
- ها أنا، جولييت!
- آه، يا موسى!
- ها أنا أتيك.
- أنت.
- نعم، أنا.
- تأتي جولييت بعد فوات الأوان، أأنت الحبيب أم السراب؟
- أنا الحقيقة المدمرة!
امتشق يوسُفُ مسدسه، ونبر في وجه موسى الذي راح يتوهج من لقاءٍ له في الصحراء كان مصيريا.
- ماذا تفعل هنا، يا موسى، ولا أحد منا يريدك؟
أشار موسى بإصبعه إلى نوري بابًا سريا، وسأل سؤالاً جوهريا:
- هو أيضًا لا يريدني؟
- لو نهض من موته لوقف ضدك إلى جانبي، فأنا وهو مقدودان من أديمٍ واحد، وسيكون شاهدي.
- جولييت إلى جانبي، ومع ذلك، جولييت ليست ضدي.
وقفت جولييت بينهما، ورجتهما ألا تكون عدم الثقة أحسن تربة لزرع الشقاق، ثم انكسرت خَطّا، وانهارت بين سلاحيهما المنتصبين، وكلٌّ منهما في قلبه تغلي إرادة عمياء. بكت جولييت، بينا راحت تنتفض في رأس موسى مدن الأرض المحتلة واحدةً واحدة وأصابع غزة، فسبقه إلى إسقاء السيف، وخر يوسُفُ على الأرض، ودمه يتحول إلى جمر. لم يكن بوسعه أن يفعل غير ذلك. لم يفقد شجاعته، ولم يفقد وعيه. كان كمن يفك لغزا. ولما شاهد موسى جولييتَ، وهي تضغط أخاها على قلبها، وتضرب وجهها، وهي تضرب جسدها، وهي تضرب كِيانها، وهي تضرب الكون، تقدم منها خطوة، ثم تراجع خطوة. في تلك اللحظة بالذات، وصلت روبيكا برفقة رجال الشرطة، فعاد موسى يشق طريق العودة عبر الصحراء، فكيف يلقى تابوت العهد ليدفنه؟ وكيف يجعل من قواه الخارقة إرادةً لصحراء النفس؟ كانت قوى ألواحه المحطمة موجودة في مكان آخر، في العشب الأخضر، وكانت تنجو من أقدام الكلاب-الذئاب التي تدعس الحجارة مذعورةً من صورتها في الماء، ولم تكن الإرادة المحفورة في الألواح لتستطيعَ أن تكونَ غيرَ إرادتنا، أنا وأنتَ، بعد أن نَخْلَعَنَا عنا. في طريق العودة إلى مدينة الحجر، أخذ موسى يقتل عشراتٍ من هذه الكائنات التي ليست ذئابًا ولا كلابا، والتي كانت شراستها تخيف من تنفخُ الحياةُ فيهم شراسةٌ مماثلة. قتلها بالفأس، وجعل من دمها كائناتٍ أخرى على صورته، طيورًا للضوء. دَمَغَهَا بخاتَمِهِ... ريحًا عاصفة.



يتبع الفصل الثامن والعِشرون



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل السادس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الرابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الخامس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين
- موسى وجولييت الفصل الثالث والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل العِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثامن عشر
- موسى وجولييت الفصل التاسع عشر
- موسى وجولييت الفصل السابع عشر
- موسى وجولييت الفصل السادس عشر
- موسى وجولييت الفصل الرابع عشر
- موسى وجولييت الفصل الخامس عشر
- موسى وجولييت الفصل الثاني عشر
- موسى وجولييت الفصل الثالث عشر
- موسى وجولييت الفصل الحادي عشر
- موسى وجولييت الفصل العاشر
- موسى وجولييت الفصل الثامن
- موسى وجولييت الفصل التاسع
- موسى وجولييت الفصل السابع


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل السابع والعِشرون