|
من أحشاء نظم الاستبداد السياسي 4من4 -ابن تيمية
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 09:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ابن تيمية(661-728هجرية 1263-1331م) مرجعية السلفية الحديثة
هو ثالث أبرز أئمة الأشاعرة بعد أبي الحسن والغزالي. بلغ الفكر الأشعري في تدهوره حضيض تبريرالمُلك العضوض، والدعوة للخضوع للمستبدين والجهلاء من السلاطين . ولد بعد بضع سنين من سقوط الخلافة العباسية في زمن كثرت فيه الفتن وغزوات المغول والفرنجة . وأدت سيادة المغول والأتراك السلاجقة إلى استعجام الأنفس وإجداب العقول. لم تترك المصائب المتلاحقة مجالا للإبداع او البحث والتفكير. وبسبب هروب الناس أمام تقدم المغول كثر اللاجئون من العراق في سوريا واللاجئون من سوريا إلى مصر، واختلطت أعراق وملل متنوعة؛ كل هذا ساعد في تكوين بيئة اجتماعية غير منتظمة وغير مترابطة، وأوجد عوائد بين المسلمين لا يقرها الإسلام، وأحدث بدعاً مخالفة للشريعة ، وبرز ابن تيمية في التصدي للبدع الغريبة، وكان له اكبر الأثر في بيان الخطأ فيها ومقاومة المبتدعة. بلغ الأمر بعدد من " الفقهاء" السابقين لابن تيمية أن أفتوا بأنه " إذا ما خلا الوقت من إمام عادل مستحق للإمامة فتصدى لها من هو ليس من أهلها، وقهر الناس بشوكته وجنوده بغير بيعة أو استخلاف ، انعقدت بيعته ولزمت طاعته لينتظم شمل المسلمين وتجمع كلمتهم . ولا يقدح في ذلك كونه جاهلا أو فاسقا في الأصح ". كان عصر تشظيات الدولة الإسلامية، وبروز ظاهرة البلطجة ، وقطاع الطرق ، ممن شكلوا تحت إمرتهم جيوشا اغتصبوا بواسطتها الحكم. تجاوب الفقه الأشعري مع تلك الظواهر، واستن القاعدة " من يحكم يطاع". لم يجد ابن تيمية غضاضة في تبرير اغتصاب معاوية للخلافة . وحمل مفهومه للحاكمية جينات مروق بني امية . دخل ابن تيمية ( أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم الحراني) ميدان الفقه الإسلامي ومضى الشطط إلى أبعد مدى فبات "صاحب العلم" ديكورا يزين به الحاكم ديوانه محاولا توظيف سمعته وصيته العلمي، مباعدا ما بين العلماء والجمهور. بات الفقيه ملحقا بديوان السلطان ضمن الحاشية التي تظهر جانب التقوى والورع في شخصية الحاكم. باستثناء الدعاية للسلطان والدعاء له ، لم يعد الفقيه يخاطب الجمهور؛ وسقط التدين الشعبي في لجج خرافات المشعوذين والصوفيين الدراويش ممن ادعوا لأنفسهم الكرامات، وعزوا السطوة لصاحب السلطان. غشى الجمود نواحي الحياة كافة وانشغل الحكام بحروبهم دفاعا أو غزوا، وحاصروا الثقافة بالأحكام العرفية. كان صاحب ثقافة واسعة غزيرة ، تأثر بالحسن البصري واعترف بتأثره بالفلسفة الرشدية في جانب منها، وأخذ ببعضها محاولا دمج النقل مع العقل ، لكن مع تقديم النقل. ثقافته الواسعة ساهمت في تماسك منظومة العقل السلفي وشيدت بنيته المنهجية. لكنه لم يخرج من عباءة الأشعرية . أدان المعارف الإنسانية من كلام ومنطق وفلسفة، ثم استعملها. ولعل من السهولة ملاحظة في كلام ابن تيمية كيف يخلط الممكن بالواجب؛ إذ يقول في مكان:"فبيّن رسول الله ، أن الإمام الذي يطاع هو من كان له سلطان، سواء كان عادلا أو ظالما" ؛ وفي موضع أخر يفتي بأن :"الإمام هو من يقتدى به ، وصاحب يد وسيف يطاع طوعا وكرها .." (منهاج السنة). فالممكن السياسي يغدو محتما ، إذ احتكر وسائل الإكراه وأحال الطاعة واجبا ملزما؛ حيث الفتنة تكمن في لبديل التمسك بقيم العدل والمساواة والحريات كواجب. هذه الأفكار قدمت تقي الدين بن تيمية إلى السلطان في مصر فحظي بالإكرام، وقبل ابن تيمية أن يكون احد مستشاري السلطان. وجد ابن تيمية وغيره من العلماء ورجال السياسة استحالة تحقيق العدالة طالما قوتها الاجتماعية في حالة بيات شتوي. بغياب الحراك الشعبي انتصرت في الفقه والسياسة القاعدة " درء المفاسد مقدم على جلب المنافع". غدت القواعد العامة للخطاب الأشعري وفي وسائلها الناجعة المطية التي ركبوها جميعا لتبرير كون المصلحة الراجحة تكمن في استمرار الحال على حاله ! تعرض ابن تيمية لمحن وادخل السجن مرات عدة ،بسبب وشايات المغرضين والحاقدين، وبسبب التناحرالتاريخي بين الأشعرية والصوفية. امضى سنواته الأخيرة في سجن القلعة بدمشق حيث وافته المنية . في مجرى التدهور ضمن التباسات اليأس من الخلاص الدنيوي استبدلت الصوفية نظرتها الاحتجاجية على الظلم بخضوع تام لسلطة الحاكم المستبد. واستحال التوحد مع الله ادعاء "خوارق" الكرامات، وتنصيب أصنام من الحجر والشجر، والينابيع والكهوف. في هذا المناخ الموبوء أقبل الجمهور على كتب السحر والشعوذة والتصوف، وتجاوب الوجدان الجمعي مع خرافاتها. انتشر الجهل وندر التفكير العلمي فى العصر المملوكي ، ثم تحول الى جمود وتأخر في العصر العثماني الذي دارت فيه الحياة الاجتماعية والدينية حول الشعوذة. نشأ وضع تكرر في التاريخ العربي - الإسلامي ينتفي فيه الأمن، فيتطلع الناس إلى الآخرة ينشدون السلوى؛ وتتسع دائرة التصوّف، وتتكاثر فرقها المتناحرة ، إذ ييأس الناس من العدالة على الأرض، ولا يجرؤون على مخاطبة الحكام وينشدونها في حياة الأخرى .انحطت الصوفية إلى جبرية مغرقة في العدمية، تزعم أن البلوى المحيقة بالعامة ليست أرضية السبب؛ إنما هي قدر أو لعنة من صاحب الشفاعة. عبادة القبور والأحجار والأولياء الصوفية تستلزم تغييب العقل وحشوه بالخرافة لكي يصدق بكرامات الأولياء، ولكي يرفع عن أنظمة الطغيان ونهب جهود البشر مسئولية الواقع البائس للحياة الاجتماعية. بلغت توأمة الدين والحكم في سلفية العصر الوسيط محطتها النهائية عند ابن تيمية. ساند ابن تيمية الحكم المطلق بحجة حماية الثغور ومنع الفتن. بينما الأصولية الحديثة ساندت الحكم المطلق وهو يفرط بالسيادة الوطنية وبكرامة المجتمع. عاد المغول لاحتلال دمشق عام 1303م وانتدب الناس ابن تيمية للسفر إلى مصر وإقناع السلطان للقدوم ومحاربتهم.اعاد نشر فتاويه في الناس حثا على الجهاد. جهز محمد بن قلاوون جيشه ورحل به إلى الشام واجتمعت به جيوش من الشام وبادية العرب ، والتقوا بالمغول في مرج الصفر جنوبي دمشق . كان شهر الصيام وافتى ابن تيمية بالإفطار واخذ يلف على الجنود ويتناول معهم الطعام . اندلعت الحرب ودامت يومين تم النصر بعدهما للمسلمين. شارك ابن تيمية في المعركة وأبلى فيها بلاء حسنا. وطارد المسلمون المغول شرقا. كان ابن تيمية اول من عاد إلى دمشق وبشر الناس . اكتسب ابن تيمية حب الناس بعد الحرب، وخاف من غيرة السلطان فقال انا ابن ملة لا رجل دولة. ادخل ابن تيمية السجن بسبب التحريض والوشايات. طلب إلى القاهرة من الشام وعقدت له محاكمة وادخل السجن عام 705 هجرية، وبقي مدة عامين؛ ثم ادخل سجن القلعة في دمشق عام 721 وبقي هناك حتى قبيل وفاته عام 728.
أخذ عن ابن تيمية محمد بن عبد الوهاب ، رائد السلفية المعاصرة، الذي نشأ في القرن الثامن عشر؛ ولم يجد ابن عبد الوهاب ما يتصدى له من الموروث سوى القبور والتشفع للحجر والشجر والينابيع. التصق بالحكم المطلق واطلق يديه في التعاون مع الغزو الأجنبي لديار المسلمين.
برر ابن تيمية استبداد السلاطين بالدفاع عن الثغور. في العصر الوسيط لم تبرز مقولة الوطن كيانا تتوجب حمايته والدفاع عنه؛ إنما سلطة الحاكم ورقعتها الجغرافية ما حظي بالرعاية. قبل عصر الامبريالية نشبت الصراعات من اجل اغتصاب الحكم وتوسيع الامبراطوريات ؛ وتغير الحال في عصر الامبريالية. ظهرت نزعة الرأسمال من اجل توسيع استثماراته دون الإخلال بحكم السلاطين. امكن لحكم السلاطين التهادن مع السيطرة الكولنيالية الامبريالية وحافظت السيطرة الامبريالية على القديم في الحياة الاجتماعية ونظم الحكم. ولم يعد فقه السلاطين معنيا بالدفاع عن الحدود. ولا الاستقلال الوطني عاد المغول لاحتلال دمشق عام 1303م وانتدب الناس ابن تيمية للسفر إلى مصر وإقناع السلطان للقدوم ومحاربتهم.اعاد نشر فتاويه في الناس حثا على الجهاد. جهز محمد بن قلاوون جيشه ورحل به إلى الشام واجتمعت به جيوش من الشام وبادية العرب ، والتقوا بالمغول في مرج الصفر جنوبي دمشق . كان شهر الصيام وافتى ابن تيمية بالإفطار واخذ يلف على الجنود ويتناول معهم الطعام . اندلعت الحرب ودامت يومين تم النصر بعدهما للمسلمين. شارك ابن تيمية في المعركة وأبلى فيها بلاء حسنا. وطارد المسلمون المغول شرقا. كان ابن تيمية اول من عاد إلى دمشق وبشر الناس . اكتسب ابن تيمية حب الناس بعد الحرب، وخاف من غيرة السلطان فقال انا ابن ملة لا رجل دولة. ادخل ابن تيمية السجن بسبب التحريض والوشايات. طلب إلى القاهرة من الشام وعقدت له محاكمة وادخل السجن عام 705 هجرية، وبقي مدة عامين؛ ثم ادخل سجن القلعة في دمشق عام 721 وبقي هناك حتى قبيل وفاته عام 728. .
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أحشاء نظم الاستبداد السياسي 3من4 شهادتان
-
طرد العقلانية من الفقه الإسلامي
-
من أحشاء نظم الاستبداد السياسي
-
متاهة الحلول المنفردة في استراتيجية الخداع والتمويه
-
همجية المحارق.. الدلالات والمخاطر
-
الهمجية الممنهجة ..عار عنصرية البيض
-
الغبلزية الجديدة
-
إعلام الحروب
-
جذور التحالف الإجرامي
-
جنرال الحرب الإعلامية يموه فشل الصهيونية
-
ثقافة التحضر تنقض الأبارتهايد الإسرائيلي
-
من القاتل ومن المستفيد؟!
-
مكائد إسرائيل وتحالفها الاستراتيجي تحت المجهر
-
العلم في الصغر
-
حكومة وفاق وطني تحت حراب الاحتلال
-
مركزية دور التربية النقدية في التحول الديمقراطي
-
الماركسيون والديمقراطية .. الدروب ليست سالكة
-
الماركسيون والديمقراطية
-
إسقاطات توحش الاحتلال الإسرائيلي
-
يوم الأرض ووحدة النضال والمصير في المنطقة
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|