أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - ميزان لموظفي الدولة














المزيد.....

ميزان لموظفي الدولة


فيء ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 00:31
المحور: الادب والفن
    


كثيراً ما أزور مدينة سانت ألبانس الهادئة الوديعة خاصةً في الأيام المشرقة الصيفية وأحضر مناسباتها من حفلات موسيقية في كاتدرائيتها الكبيرة إلى الإحتفال المحلي الذي يُقام في شهر حزيران من كل عام حيث يلبس الأهالي الملابس التقليدية ويتمثلون قصة وتضحية القديس الشهيد الذي يرقد في كاتدرائية المدينة الشهيرة وهذا الإحتفال يذكرني كثيرا بتمثيل قصة الحسين الشهيد في شوراع المدن الجنوبية العراقية في محرم أو ما يسمى ب(التشابيه). تقع سانت ألبانس جنوب مقاطعة هارتفوردشاير جنوب شرق بريطانيا وتبعد حوالي 19 ميل عن لندن، سميت المدينة تيمناً بأول شهيد مسيحي قُطع رأسه في هذه البقعة من إنكلترا بحدود 308 بعد الميلاد بأمر من الأمبراطور الروماني ديقلديانوس الذي بطش بالمسحيين أينما كانوا لكن بطشه إنصب على الأقباط خاصة. ولهذه المدينة تاريخ تجاري وديني قديم فقد كانت ثاني أكبر مدن بريطانيا الرومانية بعد لندنيوم (لندن) وكانت تسمى فيرولوميوم .
يوجد في سانت ألبانس أحد أهم الأديرة في بريطانيا حيث يقصدها الزوار والحجاج على مدار العام، وتعبيراً عن أهمية هذه المدينة دينياً فقد نُسِختْ فيها أول مسودة للمغنا كارتا ( وهي أول وثيقة للحفاظ على الحريات العامة وللحد من سلطة الملك، فُرضت على الملك جون 1215 م من قبل بارونات إنكلترا) .
تشتهر المدينة أيضا بآثار جدارها الروماني وبمنحوتات وتماثيل كاتدرائيتها المزينة بالموزائيك من العصر الروماني وكذلك ببحيرتها والحقول الخضراء التي تحيطها وبأنواع مختلفة من الطيور التي تتخذ من البحيرة والحقول ملاذاً لها وتشتهر أيضاً بفنادقها وحاناتها الكثيرة والتي يعود بعضها الى حقبة التيودر( Tudor).
لكن أجمل هذه إحتفالات المدينة قاطبة هو الإحتفال بتنصيب عمدة جديد، حيث يتم تسجيل وزن العمدة القديم أولا وإحتساب الفرق بين وزنه بداية تسلمه لمنصبه ووزنه بعد تسليمه المنصب لخلفه العمدة الجديد وهو تقليد قديم ورثته المدينة ولازالت تحتفظ به، حيث يضعون العمدة في ميزان كبير ويحسب وزنه بالكيلوغرامات الحديدية وبعد إنتهاء فترة خدمته يتم إعادة وزنه من جديد أمام الناس وفي إحتفال علني، ولذلك لقياس مدى ثرائه وزيادة وزنه خلال فترة شغله لمنصبه. قد تبدو هذه التقاليد مضحكة في الوقت الراهن لكنها كانت مجدية في القرنين الثامن والتاسع عشر، ولازالت مدينة سانت ألبانس تمارس هذا التقليد في تعيين العمدة كنوع من الإلتزام والوفاء لتقاليد محلية يشتهر الإنكليز بالحفاظ عليها .
ما أدهشني حقا هو حجم مشاركة الناس في هذه المراسيم لمعرفة نزاهة وكفاءة العمدة أمام أبناء بلدته، ولأني مصابة بداء المقارنة بين أوضاعنا المزرية في أوطاننا كان يطنّ في ذهني سؤال ملحّ : متى سيأتي يوم نحاسب فيه بشكلٍ علني موظفي الخدمة العامة في بلداننا من رئيس الوزراء الى المدير العام، ليس على أجسامهم وكروشهم المتهدلة فقط وليس بطريقة ميزان أهل مدينة سانت ألبانس، بل على الملايين المهدورة والعقارات والأموال المسروقة بشكل علني فاضح ووقح؟
الجرائم لا تموت بالتقادم، وجرائم سرقة المال العام توازي جرائم الإبادة الشاملة، فكم من مدرسة كانت ستُبنى لتحمي الأطفال بالعلم والمعرفة من تخلف وترد وإنحطاط وتطرف وكم من مشفى كانت ستنقذ أرواح المرضى وكم من مؤسسة علمية أو حديقة عامة أو ملعب أو دار سينما وكم وكم....؟
متى سَيُجْبَرْ المسؤول على الإفصاح عن ممتلكاته الشخصية وممتلكات أسرته، قبل توليه منصبه في الدولة ويُفصح أيضاً عن حجم ممتلكاته بعد إنقضاء مدة تكليفه بمهمته سواءً الأدراية أو السياسية، متى سيخشى المسؤول من المواطن أو على الأقل يستحي منه وليس العكس في دولنا الكارثية ؟



#فيء_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعداوي يُعيد بناء الحياة الجحيمية للعراقيين... سرداً.
- الفلم السينمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجاً
- قمرٌ واحدٌ في كل القصائد
- ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - ميزان لموظفي الدولة