أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين














المزيد.....


موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 11:02
المحور: الادب والفن
    



اقتربت جولييت من أسماء أكثر وموسى يتسلق الهضبة المحاذية لنهر الأردن إلى أسماء. الليل امتداد. إلى ما لا نهاية. والأنسام باردة في الليل. تقرص مثل قرص النحل. رفع موسى رأسه ليتابع بناظريه رَجْما، بينما الليل امتدادٌ ومعطف. معطفٌ أسودُ يبسطه على امتداد الكون. سيصل إليها. وسينصحها. هكذا طلبت إليه عمته. سيقول لها سلاحك يسبب لأمك الآلام، ولجواهرها فقدان قيمتها. سيجعلها تبتسم، قرب حجر منعزل، كي ترى جولييت الرجم ذاته في سماء النقب، فتبكي. كي تذكره.
ذَمَّ الجبل:
- أنا موسى، أَخْرِجْ لي أسماءَ من بطنك!
فخرجت أسماء من بطن الجبل، ونطقت أسماء:
- ما الذي أتى بك، يا موسى؟ أمر مهم أم مهمة آمرة؟
تعلقت على كتفه، وقبلته من خده:
- لم أكن أتوقع قدومك.
- كما يبدو، لا أحد يتوقع رؤيتي.
- ولكنك مع هذا تأتي.
- آتي قبل أن أتي بالريح إذا ما أنستك الريح قدومي.
دفعته بتؤدةٍ إلى طرفٍ وعرٍ لطراوة الهواء، وهي تبحث عن العاصف القادم في عينيه. وبدوره، رأى في الضوء الخاطف جمالها الوحشيّ، فصعدت في أصابعه رغبة: أن يداعب شعرها الأشعث.
- أمك تريدك أن تعودي عندها، فلا الرصاصة تنفع حسبها ولا الحجارة حتى ولا القنبلة الذرية.
غضبت أسماء:
- ألهذا أتيت؟
- لا، وإنما لأني أحب جولييت.
حكى لها حكايته: أن جولييت ابنة أحد اليهود القويين، وهو يمنع زواجها منه، ولكنه يريد من الفدائيين أن يعقدوا قِرانه عليها. اعترف أنه كان من الصعب عليه اعتياد رائحة البحر والحجارة الرطبة، وهو يرمي إلى أن يبني لها بيتًا في جبلِهِ المقدسِ عيبال.
وحكت له حكايتها: أنها حبلى من أحد الفدائيين، وعد بالزواج منها، ولكن جنودهم قتلوه. اعتادت رائحة العشب والطلقة المحترقة، وهي تنتظر أن تضع وليدها في ظل بندقية. وصل فلاحٌ يلبس لباس الفدائيين، وهو يبتسم بشيء من البلاهة. عرّف موسى بنفسه، ثم لف بذراعه كتفي أسماء.
أوضحت أسماء:
- يريد أن يربي الطفل معي.
ولما علم الفدائي أن موسى يرغب في أن يربي طفلاً مع جولييت، غدا فظا. سب موسى الخائن، البائع، الدميم، وأخذ يغلظ له القول: إنه سيذبحه ويذبحهم كلهم عن بكرة أبيهم بيديه هاتين، ويريح العالم منهم ومن شرورهم، ستركع يافا القحبة على قدميه، وحيفا القوادة، وكل المدن التي أسكنتهم بين فخذيها كنساء بلا شرف، من جثثهم سيُنهض الجبال، ويجعل منها للصقور طعاما. عصر برتقالة بدم الزغلول في فمه، وهمس في أذن أسماء كلمتين، وموسى يتساءل كيف بإمكانه الهمس صيّاحُ الموتِ والبؤسِ هذا؟
قالت أسماء لابن خالها:
- علينا أن ننام الآن، سنعبر النهر إلى غربه.
لكنه صححها:
- تريدين القول ستواصلان الطريق إلى شرقه.
أوضح الفدائي وقد ذهب عنه الحنق:
- سنعبر نهر الأردن إلى غربه للنوم بين أقدام الإسرائيليين، فهي خير طريقة للحماية منهم، وفي صباح الغد، سنشن عليهم هجومًا داميا.
لم تتأخر أسماء والفدائي عن عبور النهر إلى غربه، وناما غير بعيدين من القوات الإسرائيلية. رأى موسى كيف اتحد الجسدان في ظل صخرة، فغار منه، وجولييت لا تفارق خياله. رأى نفسه، وهو يعانقها في البحر، حتى أنه سمع من ذاك المكان البعيد صوت الموج: انهض إليه، يا موسى، وادرأ عن شعبك آلامًا تكون عقابَ ذاك الفدائي الغبيّ له! كانت تلك لموسى مناسبة يضع فيها حدًا لغيرته، فقتله بحجر أعزل منذ قرون، وعزم على إعادة أسماء إلى أمها، فبعد كل ما سمع وكل ما رأى، خاف عليها من سذاجتها. كانت الصدمة له صدمتين، فلا هذا طائر حر، ولا تلك رصاصة محررة.


يتبع الفصل الثالث والعِشرين



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل الثالث والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل العِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثامن عشر
- موسى وجولييت الفصل التاسع عشر
- موسى وجولييت الفصل السابع عشر
- موسى وجولييت الفصل السادس عشر
- موسى وجولييت الفصل الرابع عشر
- موسى وجولييت الفصل الخامس عشر
- موسى وجولييت الفصل الثاني عشر
- موسى وجولييت الفصل الثالث عشر
- موسى وجولييت الفصل الحادي عشر
- موسى وجولييت الفصل العاشر
- موسى وجولييت الفصل الثامن
- موسى وجولييت الفصل التاسع
- موسى وجولييت الفصل السابع
- موسى وجولييت الفصل السادس
- موسى وجولييت الفصل الرابع
- موسى وجولييت الفصل الخامس
- موسى وجولييت الفصل الثالث


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين