|
تأملات نثرية
نمر سعدي
الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 12:52
المحور:
الادب والفن
(1)
خفقاتٌ لإضاءةِ الروح
لا أعرف لماذا أكتب بالضبط وكيف قادني القدر إلى الشعر ..الناس العاديون البسطاء يسمّون الذي يكتب مجنونا ..ربما هذا الرأي المسبق أو الصورة النمطية للكاتب لديهم ..كنت أعتقد أنني أكتب لأخلق ذلك التوازن في روحي القلقة أو لتحرير المياه الجوفية لرتابة الحياة ومللها من بئر الجسدِ الأرتوازي ..أو ربما لإضاءةِ نفق مظلم بالحزن غير المفسَّر في جوانيَّةِ النفس..اليوم أضحك من تلك النظريات ..بعد عشرين سنة من اشتعال أصابعي بالحبرِ المقدَّس وتخبطِّ القلبِ في مصيدةِ النصاعة التي تلمعُ من وراءِ القصيدة الحقيقية..لا أعرف لماذا أكتب أو أفكِّرُ بالكتابة بالضبط. **********
أنا مهووس بالحبر والورق..مع احترامي للحاسوب والكيبورد ..-بعد كل هذه الثورة الالكترونية ..- حتى أنَّ العديد من الكتّاب والشعراء قد نسيَ رائحة الحبر ولون الورق ..ولكنني أنصاع لعطر الحبر ولوهج الورق حتى اذا أردت كتابة كلمة واحدة أخربشها وبعد ذلك أشطبها وألغيها. حتى أفقر ستاتوس أكتبه على الورق بتذَّمر أحيانا ..لا أعرف ما هيَ قصتي مع الحبر والورق. ************ قرأت خلال عشرين سنة المئات من المجموعات الشعرية لشعراء عرب وأجانب وملكت تلك الحاسة التي تستطيع أن تميِّز بن الحقيقي واللا حقيقي..تستطيع أن تعرف ذلك النوع من الشعر الذي عندما تقرؤه تحسُّ بأن قمة رأسك قد أُنتزعت وأنك تسبح فوق الغيوم على حدِّ اميلي ديكنسون ....شعر محمود درويش ينتمي الى هذا النوع من الشعر .. هو شعر يبلغُ مستوى رفيع من الجمالية والحساسية .. ومكاشفة الذات .. شعر حقيقي يجوب مساحات شاسعة وعالية جدا من النور ..هذه كلمة حق لا أقَّل ولا أكثر ..مشهورة بوجوه كل المتخرِّصين كذَّابي الشعر الذين لا يروق لهم تربُّع درويش على هرم الشعر العربي وهي على كل حال انطباع ذاكرة قارئة ..باحثة أبدا عن أشياء الجمال . **********
لتفكيك نص ما أحتاج إلى عدة قراءات قد تتجاوز العشرة أحيانا..ألغي بها نرجسيتي وأمسحُ هالة الانبهار عن عينيَّ *********
الفرح يرفضُ أن ينام ..الفرح بالشعر لا ينامُ أصلا .. في هذا الزمن الخالي من أحلام الشعر عزاء كاتب أو شاعر ما في هذه الحياة أن يُحتفى بنصوصه في مكان ما من الأرض وهو لا يدري .. وأشدِّد على كلمة لا يدري ..لأنها تحملُ في طيَّاتها فرحاً لا ينام ولأن هذا الاحتفاء في الجانب الآخر من الأرض يعني لي الكثير من الأشياءِ الجميلة. ***********
موسيقى مرئية مصطلح اخترعته في خريف عام 2003 وهو اسم مجموعة شعرية لي صدرت عام 2008 عن مؤسسة ومجلَّة مواقف واسم قصيدة لي كتبتها حسب ما أظن في سنة 2003 أو بعدها بقليل ونشرتها قبل عام 2006 في صحف محلية وعلى النت أي قبل صدور كتاب يوميات محمود درويش أثر الفراشة والذي يحتوي على قصيدة نثرية تحمل هذا العنوان ..وقبل اطِّلاعي على الكتاب ..سبحان الله من توارد الخواطر ووقع الحافر على الحافر ******** يقولُ لي الشخصُ الغريبُ اليومَ أنه ممنوعٌ من انتظارِ أيِّ شيءٍ.. أجيبهُ أن لاشيءَ أجملُ من الانتظارِ بالنسبةِ لي .. الحياةُ كلُّها انتظارٌ لما لا يأتي ********
قال الشاعر التونسي الخالد أبو القاسم الشابي مرَّة في قصيدة: وأنظر الوادي يغطِّيه الضباب المستنير.. قرأت قصيدة الشابي قبل زمن بعيد فلم أفهم حينها معنى هذا الضباب المستنير الذي يعنيه الشاعر الرومانسي الحالم الكبير إلا فيما بعد.. اليوم مثلا هذا الضبابُ المستنير الذي ذكره الشابي في قصيدته قبل عشرات السنين يغطِّي كل هضاب وجبال المنطقة الخضراء التي أعيش فيها منذ الصباح الباكر.. يا له من جمال أخَّاذ.. ساحر.. شاعري .. ربيعي .. يمتازُ بهِ آذار الذي يشكِّل جسراً طبيعيَّا وجمالياً.. رومانسيا عذبا بينَ فصليْ الشتاءِ والربيع..ضباب أبيض كثيف فراشيٌّ تتخلَّله أشعة شمسية ذهبية خجولة.. كم أحب هذا الطقس منذ الصغر رغم ذرات الغبار الصغيرة المشبَّعة بالرطوبةِ في هوائهِ.. كأنه الطقس المثالي للشاعر الذي يسكنني. *********
بعد أن يتحوَّل الطغاة الى رماد أسود ستطلعُ وردةُ العتابا السورية النقيَّة الصافية البيضاء من تحت هذا الرماد وتمتزج بيد صبية.. أقسم أنَّ هذا سيحدثُ ولو طالَ رقصُ الجرافةِ الأرعن على الأجساد.
********** همِّي الشخصي جداً هو نفسهُ همِّي العام الكوني.. أتلاشى في كلِّ شيءٍ.. وكلُّ شيءٍ أيضاً يتلاشى فيَّ.. يخيَّلُ لي وأنا أفكِّرُ بالجميع أنَّ الجميعَ أيضاً يفكرون بي.. العصفورُ الذي حطَّ على مقربةٍ مني يكلُّمني في صباحي الربيعيِّ الجميل وأنا لا أفهمهُ.. لكني رغم نفسي أردُّ لهُ التحيَّة.. أتماهى مع فرحهِ المقتضب كما تتماهى الكائنات الصغيرةُ مع صمتي المفتعل.. كلُّ الحياةِ تماهٍ بتماهٍ إذن.
*********
(2)
فسحةٌ لكلامِ البنفسج
أخرجتُ قلبي كسمكةٍ صغيرةٍ من النهرِ وأسكنتهُ قلبَ المحيطِ هذهِ حالةٌ ليستَ ملتبسةً بقدرِ ما تظنِّينَ فلماذا تريدينَ أن أفسِّرها لكِ أكثرَ فأنا أستطيعُ أن أقولَ لكِ على سبيلِ المجازِ كم أحبُ الموسيقى المغربية مثلاً ولكن لا أستطيعُ وصفَ النرفانا التي تسبِّبها لي.. فكلما أردتُ الكلامَ تتساقطُ الكلماتُ مني كالقبلِ الهاربةْ. *********** يدُ الله وحدها التي صبَّت ماء نعناع الموسيقا فيَّ كانت وراء شغفي بالتفاعيل والغنائية.. وليأتِ شاعر يقنعني بقصيدة النثر كأنسي الحاج أو محمد الماغوط كي أسلِّمَ لهُ مفاتيح قلبي.. الشعر الممسوس بكهرباء الموسيقى عالية الشحنة له طقوسه الغرائبية ومشهده النوراني ونفسُه العذب منذ جرير والبحتري وأبو تمام والمتنبي حتى أحمد شوقي والسياب ومحمود درويش كلهم كانَ يدخل في حالة وجد موسيقي حين يكتب أو تتلبسهُ روح أبولو أو فاغنر. *********** عندما صمتَ قلبهُ في الظهيرة الأخيرة كانَ يتناولُ فطورَهُ السماويَّ ممسكاً رغيفَ خبزٍ بيمينهِ بحركة ضاغطةٍ لا ارادية. وماذا قالَ.. ؟ لا شيءَ كانت عيناهُ تحتشدانِ بالغصص والأسرارِ المبهمة.. وبكل شيء.. هكذا حدثني أخوه الأكبر البارحة.. الأنقياء دائما يذهبون الى الله. ********** يحيِّرني الذي يقولُ كن طيباً كحمامةٍ وحكيماً كأفعى.. كيفَ يحسنُ جمعَ الضدَّين؟ يا له من طباق. ********** شجرة الزيتون التي تجزُّ ضفائرها وتقتلع من التراب بمثل هذه الوحشية الفارهة تبكي.. تبكي بحرقة واختلاج.. أسمعها تبكي.. أسمعها تتنهد.. بكاءُ الشجرة أكثر بكاء موجع في الدنيا.. بكاءُ الشجرة... الشجرة المرأة. ********* كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة.. نعم هو كذلك يا نفَّري فقد ازدادَ شطبي وحذفي حتى لم يتبقَ لي من الصفحة المخطوطة ذات القطع الكبير أكثر من سطر واحد مكوَّن من عدةَّ كلمات.. يا لهذا المعنى السراب. ********** قالَ همنغواي: أكتب كأنك تموت غداً.. هل سمع بقولِ علي بن أبي طالب رضي الله عنهُ إعمل لدنياكَ كأنك تعيش أبداً ولآخرتك كأنك تموتُ غداً؟ ********* صدقاً أقولُ : ليسَ ثمَّة جمالٌ لم يكن عبئاً على قلبي. ********* الظاهر أني لن أبرأ من مرض الحنين.. وإلا فما هو سرُّ غرامي بالأمكنة؟ اليوم مثلاً تحسَّستُ بعينيَّ مناطق كثيرة في وسط البلاد وفي المثلث كأني أنظر الى جنتي الموعودة.. أهو شوقُ آدمَ المخبوءِ فيَّ الى الجنَّة التي طُردَ منها.. آهِ يا أمي الأرض.. في قلبي مليون حشرجة.. لم يبقَ لي سواكِ. ********* الضوء الأزرق للمدهش الراحل حسين البرغوثي ينتمي الى صنف الكتب العظيمة التي تترك فينا شيئا ما .. تكسرُ ضلعا برفيف فراشةٍ .. نتغيَّر طفيفا بعدَ قرائتها.. لم أنم قبل عدَّة أيام حتى أتممت قراءة الصفحات المئة والثمانين خلال عدَّة ساعات وهو رقم قياسي بالنسبة لي اذ نادرا ما أنهي رواية بمثل هذه السرعة.. والأجمل من كلِّ شيء أنها تصيبك بنعمةِ الصمت.. شكرا لك حسين البرغوثي أعتز بأنني أقرأ لراءٍ عظيمٍ مثلك. ********* لا أملكُ قلبَ قديِّس لأعرفَ سببَ تسرُّبِ الملحِ الأسود المُرِّ والقاسي الى طعامي ومائي وهوائي صباحَ هذا اليوم ليغمِّسَ خبزي بالدمع الذي لم أصدِّق عجزي الكامل عن رفضهِ وأنا أشاهد النساء والأطفال في مخيَّم اليرموكِ وهم يبحثون حتَّى عن الأعشابِ البريِّةِ التي لا تصلح للأكل لإسكاتِ جوعهم. كأنَّ محمود درويش كانَ يراهم بقلبهِ عندما قالَ وأنتَ تعدُّ فطوركَ فكِّر بغيركَ لا تنسَ قوتَ الحمامْ. ********* أسرقُ شهقةَ الشِعرِ من إمرأةٍ عابرةٍ بسيطةٍ وطيبَّةِ القلبِ جداً تقولُ على بُعدِ قمرٍ مني أنامُ بعينينِ مغمضتينِ وقلبٍ مفتوحٍ أو الحبُّ تغريبتي في بدئي ونهايتي فطوبى للغرباءِ.. طوبى لقلبٍ سمكيٍّ في الماءْ. ********* لا أقول أنها تستطيع أن تجعل الزمان يتوقف عن جريانهِ كرمى لجمالها الأوحد أو ينتظر كغودو تحتَ شجرةِ الشمسِ.. أو مثلاً باستطاعتها أن تجعل كلَّ أيامِ السنةِ ربيعاً لا يذبلُ.. فكلُّ هذا مجازٌ لا يسمن ولا يغني من حقيقةٍ.. يكفيها أنَّ باستطاعتها أن تمسك بالنظريةِ النسبيةِ بيدها وتطلقها كطير أخضر في الفضاء اللا متناهي. يكفيها أنها تربي على يديها القصائدَ كلَّها.
**********
(3)
ما روتهُ الفراشةُ
الشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين قال ذات مرة في لقاء صحفي أن الشاعر أو الفنان إذا تزوَّج يصبح في حالة جاذبيَّة سوريالية غريبة ومعقَّدة فملائكة السماء تشدُّهُ من شعرهِ نحو الأعلى بينما تشدُّهُ ملائكة الأرض وهم زوجتهُ وأولادهُ من قدميهِ نحو الأسفل ..لقد صدقَ ولكنهُ نسيَ الحبيبة التي تشدُّ من القلبِ والروح أيضاً. *********** أول رواية عظيمة صنعت قدري العابق بعطر الحبر بطريقة ما وجرَّتني من تلابيب قلبي إلى عالم الأدب رواية الفارس الخالد لميشال زيفاكو ..كانت رواية طويلة بمجلدين وكنت في التاسعة من عمري ..رواية حافلة بالحب والتضحية من أجمل ما قرأت في حياتي..فيها طاقة تصويرية ورومانسية هائلة..تُنسيك نفسكَ وتجعلكَ تعيش أجواء عصر النهضة في فرنسا الملكيَّة..بعدها جاءت مرحلة روايات جرجي زيدان التاريخية. حدثت هذه الرواية في أزهى عصور الفروسية والسيف في فرنسا وأوربا كلها وفي هذه الرواية تبين لنا كيف استطاع بطلنا الفارس الخالد ريكبمرج أن ينتصر على مكائد خصومه وخصوم بلاده وهم من أصحاب الوجاهة والنفوذ. ميشال زيفاكو روائي تملكت نفسه مشاعر الرغبة بانتصار الحب والعدل والإخلاص في هذا العالم الملئ بالظلم. ورواية الفارس الخالد واحدة من رواياته التي نالت شهرة كبيرة وترجمت إلى الكثير من اللغات ولاقت وما تزال تلاقي الرواج لما تحمله في طياتها من هذه المعاني العظيمة. ********** (نعم) مع علامة سؤال تختصرُ دوار البحر .. هذه الكلمة المصابة بقمرِ الذهول قفزت من فمها كالسمكةِ البريئة عندما قالَ لها أُحبكِ. ********** فاطمة بالنسبة لي ليست مجرَّد رمز أنثويٍّ فقط , وليستْ موتيف عشق عربي رتيب النغمة , مثلما هي عند الكثير من الشعراء العرب القدامى والأحياء . منذ أمرئ القيس وحتى نزار قباني وأحفادهما , فاطمة عندي هي أعمق وأبعد من تجليَّات اللازورد في مرايا الروح , والحضور المشتعلُ أبداً بأطياف الغيابْ. ********* آه ما أجمل روح تشرين.. تشرينُ زهرةٌ صخريَّةٌ..قمرٌ أخضرُ...طيرٌ أبيضُ الحزنِ والسكينةِ يبلِّلهُ النعاس. ********* ما أجمل حورية البرق الحمراء ..التي ترقص الفلامنكو في سماء حيفا..أعشقها من بعيد وأرى قدميها الورديتين المشتعلتين بالغيوم وقلبها المتوهج بزرقة البحر الليلية..هنا ..الآن. ********* أتوَّجع لا من أجلِ ما حدثَ وما سيحدثُ في الآتي والغدِ بل من أجلِ سؤال تائه ومن يقيني أنهُ لا يوجد في هذا الكونِ قوة واحدة عادلة تقفُ إلى جانبِ العرب وحقهم الضائع في اختيارِ مصيرهم... قوة واحدة لا غير تملكُ ضميراً إنسانياً يقظاً بل ومتوهجاً. ******** الكتابة هي فن الحذف .. هكذا قالَ شاعرٌ ما .. هيَ عندي فن الصمتِ أيضاً.. فأنا عندما أعيشُ حالات بيات شعري طويلة أتعلَّمُ في اللغة شيئاً جديداً.. أسلوباً ما..مجازاً ما ..وجعاً ما.. فأحس أنني ما زلتُ في الشعرِ أحبو كطفلٍ صغير. ******** بعدما رحل الشاعر حبيب الزيودي عرض عليَّ الفيسبوك طلب إضافته لقائمة الأصدقاء فبعثتُ طلب صداقة له بحركة غير إرادية تحكَّم فيها الحب له ولشعره والحنين الهائل إلى المتفيزيقيا ..الآن أتذكرَّ أنني بعد موت محمود درويش وبحركة غير إرادية أيضاً حاولت الإتصال بهاتفهِ الجوَّال الذي كان مجهولا لي من قبلُ بعد أن قرأت قصيدة للشاعر سميح القاسم سجَّل فيها رقم هاتف توأم روحه وصديق عمره الراحل..الآن لا أعرف ماذا أسمِّي هذا التصرُّف هل هو الجنون الصرف؟أم الحب المطلق ؟أم هو حنين الروح لوردة المتفيزيقيا؟ ******** لا كلامَ في فمي أروع من كلامكِ الذي يشبه زهر اللوز. ******* شوق عظيم يجرفني للأماكن تلك...التي تركتُ شيئا فيها وتركتْ شيئاً فيَّ..شيئاً يشبه فتات الضوء العطري.
*********
(4)
رذاذٌ على وردةِ الذاكرة
زرتُ مكتبة جامعة حيفا أول مرة قبل 12 عاماً في ربيع عام 2002.. هي من ربىَّ فيَّ القلق الوجوديَّ العظيم.. منذ سنوات ثلاث لم أزرها..قبل أيام زرتها فوجدتها عبارة عن مدينة صغيرة من الكتب.. ليسَ هناكَ في هذه الحياة ما هو أجمل من التشرّد الجميل في مدن الكتب.. حتى من غير انتساب للجامعات المكتظة بالفراشات الملونات. وبعطر الحب الغامض. الشعراء رواد المكتبات هم صعاليك هذا العصر الذين يهيمون في صحراء القصيدة وفي مدن الكتب بنفس القلق الوجودي الأول الذي سكن الشنفرى. ******** تسللتُ مرَّة الى أصبوحة شعرية في جامعة ما.. كنتُ غريبا كمن هبط من غيمة. اندسستُ بين طلبة اللغة العربية وآدابها.. أصغي الى حوار الطلبة اليومي العابر أكثر ممَّا أصغي الى القصائد الملقاة كأوراق في الريحِ.. تسألني طالبةٌ هل تحملُ قلما.. أرد بالنفي.. ربما لم أحمل قلما في حياتي وأخرج من البيت.. أنزعج من شبك القلم في جيبِ القميص كمثقف. إذن ماذا تفعلُ هنا.. أجيبها: لا شيء.. فقط هبطتُ من غيمة. أتركيني أنامُ على هامش القصيدة.. ولا تطلبي مني أن أصف لكِ سعادتي. ******** روادتني أمنية سرِّية صغيرة منذ الصغر تتمثَّل بقراءة الأعمال الأدبية شعرية كانت أو روائية وهي مكتوبة بخط يد المؤلف.. هكذا أتنفسها بالعين أكثر.. أفهم اشاراتها السيكولوجية الخفية بلغتي كما أشاء. اللغة المطبوعة أجدها جامدة شبه ميِّتة أشبه بتماثيل الجير.. عكس اللغة المخطوطة المتموِّجة الضاجة بالحياة. ******** شاهدتُ مرةً فيلما وثائقيا عن حياة الشاعر الكويتي فهد العسكر وتأثرت بمشهدٍ فيه يجمعُ أحدُ أقرباء الشاعر كل مسوداتهِ الشعرية التي تركها خلفه بعد أن حصلَ عليها بواسطة أختهِ في دلو معدنيٍّ ويحرقها بكلِ برودةِ أعصاب ولا مبالاة.. مسألة حرق الإرث الأدبي كثيرا ما أصابتني بالحزن والرهبة والقلق.. وتذكرت ما قالهُ لي أحد الأقرباء (على سبيلِ السخرية) منذ زمن بعيد وأنا أعدُّ مسوَّدات شعرية قديمة أنه حتما سيكون مصيرُ هذه الأوراق الشعرية البالية والمتآكلة في نارِ المدفأة. بعدَ سنين أحرقتها أنا بنفسي عندما اكتشفتُ الهوَّة بينها وبينَ ما أريدُ الوصولَ اليهِ. ******** القلق شبيهٌ بوخزة الحب.. هو غيمٌ ناصع البياضِ والغموض أيضاً. ******** يغنِّي المشرِّد في حديقةِ الأمِّ في حيفا: تكلَّم إليَّ بالورودِ....أو زهرةُ ابتسامتها الصغيرةُ تضيءُ قلبَه الليليَّ البعيد.. الى آخر الأغنية. ******* نسيمُ أنوثتها الخفيف حوَّل الذئب الشرسَ الى حَمَل وديع.. بينا كانَ جمالها يقفُ على حياد ويراقبُ عن بعد. ******** العم أبو علي صديق عزيز رغم فارق السن بيننا الذي يربو على أربعين عاما ..رجل سبعيني قوي الشخصية ذكي وكريزماتي كان رجل أعمال ناجح وشخصية لها مركز اجتماعي وسياسي .. قال لي عندما التقيته صدفة قبل مدة : أنا لا أكره أمريكا ..زرتها وسكنت فيها مدة طويلة (في الثمانينات والتسعينيات) وأعتز بصداقة الكثير من الأميركيين النبلاء..لا أكره أمريكا أبدا وأحترم شعبها الطيّب الفلاح الذي هو ببساطته وطيبة قلبه (على باب الله) ولكنني أكره ساستها العنصرية المبنية على مبدأ فرِّق تسد واستعباد الشعوب الضعيفة..أكثر ما يزعجني أنها حشدت كل زنادقة وملاحدة العالم العباقرة لديها ( والكلام له ) لتستفيد من قدراتهم العقلية العظيمة ... أمريكا غاسلة ماهرة للأدمغة بفضل اعلامها المضلّل .. لهذا السبب قال لي أن الكثير من أفراد الشعب الأمريكي يجهلون بشكل تام ما يحصل (بالضبط )في باقي دول العالم الثالث التي تمرِّغ أميركا حريَّتها في طين العبودية. ******* المسلسل المكسيكي الحابس للأنفاس (قهوة ذات رائحة إمرأة)الذي تابعته في صيف وخريف عام 1997 وكان يبث في الساعة الحادية عشرة من صباح كل يوم سبت.. لا أعرف الآن كيف عاد ليصيبني بمرض الحنين.. الخفي .. الخفيف.. النظيف.. المليء بالخدر.. وسكرات الحب.. والشِعر أيضاً. ما هو الحنين؟ أن تترك شيئا من روحك في زمانٍ ما أو مكانٍ ما؟ ما هو الحنين.. أهو الرائحة كما قال محمود درويش؟ ما هو الحنين؟ما هو؟ سأتكلَّم عن حنيني حتى لو لم يكن هناكَ فيسبوك. ********
كي تكتبَ قصيدة أو كي تبدع بأيِّ فن في هذا الزمن بالذات أنت بحاجة دائما الى فسحة فكل شيء يحاصرك من كلِّ الجهات... قلقك.. انشغالك.. غضبك.. حزنك.. تشظيِّ روحك في الأمكنة.. حنينكُ الى ذاتكَ الأولى.. كل شيء يحاصرك من الجهات الست.. لم يحدِّد أي فسحة يريد ولكنني ظننته يعني فسحة من الحريَّة.. هكذا قالَ مرة شاعر عالمي لا يحضرني اسمه الآن. لكن ليس فقط من أجل الإبداع نحتاجُ إلى فسحة من حريَّة.. لكي نعيش في هذا الزمن نحن بحاجة دائما الى فسحة من حب وإيمان وتأمل وراحة وشغف.. أفكر أن المثقَّف في وقتنا الراهن يقبضُ على جمرةِ الثقافة بكلتا جناحَيْ قلبهِ المائي. ********
(5)
خبطُ الأجنحة المائية
بعيداً عن الشعرِ.. بعيداً عن قلقِ الشعرِ تحديداً.. أهمسُ لنفسي: جمالكُ الكاريبيُّ لم يكُ عبئاً عليَّ.. الآنَ ماذا جنيتُ منكِ سوى الحرائقِ المطيرةِ؟ بعدما أحرقتِ دمي انسللتِ بخفة النورس الأزرق وتركتِ فيَّ شتاءاتٍ يتيمةً تبحثُ عن مخرجٍ من جسدي.. بينما دموعُ الطبيعةِ تتكوَّر في قلبي الصغير. ********
إلغاءُ غربتك عني عبادة التسكُّع بالقرب منكِ عبادة الحبُّ الذي تسميِّنه تافهاً عبادة كل عمل صغير جداً عبادة حتى التفكير السريع العشوائي بكِ عبادة. واستحالةُ لمسك عبادةٌ أيضا.
********
كارولين طالبة أدب مقارن أميركية بيضاء.. جميلة ذات شعر ذهبي.. لا تفارق البسمة وجهها الناصع.. كانت تدرس الأدب الانجليزي في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك.. جاءت عام 2007 في بعثة دراسية صيفية الى جامعة حيفا.. كانت تعطي دروس خصوصية في اللغة الانجليزية.. وقد درَّستني عدة دروس فبدأت معي بسونيتات شكسبير قراءة وتفكيكا وشرحا.. كنت أودُّ لو بدأت من الشعر الأميركي المعاصر.. تشارلز بوفوسكي مثلا أو آن سكستون.. ولكنها أصرَّت على شكسبير ولغتهِ العالية.. كارولين وأظنها كانت من أصول يهودية.. فتاة جدا لطيفة ومحبة للشعوب الأخرى وإنسانية إلى حدِّ مرهف.. كانت تحب حيفا وتتنزَّه بشكل يومي في حي وادي النسناس الشهير وتتناول الفلافل.. قالت لي مرَّة أثناء تدرسيها لي أنها تحب الشعب الفلسطيني ومعلمها الحيفاوي الأصل المدرِّس في جامعتها النيويوركية العريقة البروفيسور بشير أبو منَّة وتعتبره أحد عباقرة هذا العالم وأنه يملك عقلا من أصفى العقول على مستوى العلوم الانسانية في العصر الحاضر.. المهم في الأمر أنني بعثت في الماضي لمكتبة جامعة كولومبيا كتبا شعرية لي ظلت لسنوات لا تظهر في كتالوج المكتبة الالكتروني.. حتى يئست من البحث عنها.. إلى أن جائتني رسالة من مدرِّستي عاشقة الشعر.. تخبرني فيها عن وجود الكتب ورابط البحث.. شكرا لكِ عاشقة الشعرِ والحياة والفراشات الصفراء والخضرة. أي إنسان ممكن أن ينسى سونيتات شكسبير بعد سنوات طويلة ولكنه لن ينسى فتاة مثل كارولين.. *********
لم تلتصق به صفةٌ طوال حياتهِ كما التصقت بهِ صفة حالم.. لا عاشق للسراب.. لا شاعر.. لا أي لعنة أخرى.. كان الجميع يقولونها له وكأنهم يقيِّمون شخصيَّته بعد خبرة.. بفرح من اكتشفَ كنزا.. مئات البشر قالوها له.. حتى آنيتا عاملة المطعم نادته مرَّة بها مطلقةً ضحكةً مجلجلة كأنما أصيبتْ بمس.. لا أدري كيفَ اصطلحوا عليها ولم يصطلحوا على أي كلمة أخرى؟ حالم؟!
********
في الزمن الالكتروني لا أحد يهتم ولا يتكلَّم مع أحد.. حتى قهوة الصباح لا تُشرب بمعزل عن نقر الهاتف أو اللابتوب... الزوج والزوجة والأولاد والبنات على مدار الساعة مشدودون بجاذبية غريبة عجيبة الى الفيسبوك.. أو تويتر أو الواتس أب أو الفايبر.. أصبحت عواطف الناس كالزهور الاصطناعية والزجاج. ********
سحر البيان الذي في سورتي الرحمن والملك لا حدود له... ما عليك إلا الانصات بهدوء.. الطاقة الجمالية في القرآن لا يقوى كلُّ قلبٍ على استيعابها.. انسيابية هذا النثر المركَّب تذهلك.موسيقا الألفاظ تحاول تسكين الموج المتلاطم في مكان ما من روحك.. كل شِعر عظيم متأثر بشكل أو بآخر بلغة القرآن الكريم. ********
هناكَ أزمة قراءة.. الآن ما فائدة أن يطبع الشاعر أو الروائي مثلا ألف نسخة من كتابه.. أظن أنه يكفيه ربع هذا العدد ان كان هو الوحيد من سيقوم بتوزيع كتابه على الأصدقاء أو المكتبات العامة أو الجامعية؟ باعتقادي ألف نسخة كثير وفائض عن الحاجة في وقت لا أحد فيه يقرأ وليس مستعدا أن يقرأ أي شيء.. العالم الافتراضي يشدُّ الناس بحبال سحرية حتى أن عدد الذين لا يزالون يتمتعون بنعمة القدرة على القراءة الورقية قد أخذ بالتقلِّص حتى لم يعد مجديا أن يقاس بعدد الجمهور الافتراضي.. لا أظن أنه سيقوم بتوزيع أكثر من مئة نسخة على أصدقائه ومثلها على المكتبات وكل ذلك مجانا لوجه الله تعالى.. مرةً لفت نظر صديق لي وجود كم لا بأس به من كتبي عندي في البيت فقال مازحا ماذا تفعل بها..؟ قلت له لا شيء.. أي صاحب مكتبة محلية اذا قلت له أنك تريد أن تهدي مكتبته عدة نسخ فانه يشط ويولول كمن أصابه مس من الجنون أو عبرت أمامه أفعى.. لا أحد يقرأ الشعر.. الناس يعتبرونه هذيانا وكلاما فارغا لا أكثر.. قالَ لي أفضل شيء تفعله أن تعطيها لمن يشحذ عليها.. وقهقه بسخرية.. مستغربا أني لم أجن من الكتابة طول عمري قرشا واحدا ويعاتبني بشدة على انني وزعت قسما منها على الأصدقاء والمكتبات العامة على نفقتي.. قلت له هذه طريق شاقة.. لا تقاس بالمال بل بالمتعة.. عندما كنت صغيرا كنت أحلم دائما في النوم واليقظة أن أطبع كتابا والآن تجيء أنت وتقول لي (وبعدين مع هاي الكتب شاغلة مساحة من البيت.. ارميها أو اعطيها لمن يشحذ عليها؟). ********
أنكيدو لم يكن من أصدقائها ولم يكن يعرفها أو لمحها يوما تملأُ الجرارَ من منابعِ البلورِ الحديثةِ.. لكنه عندما تفتَّحت الزهرةُ البريَّةُ المتوحشةُ الزرقاءُ عن وجهها القمريِّ الناصع تجرأ وقالَ لها كمن يحدِّثُ نفسَهُ أو يهمسُ للهواءِ المراوغ أنتِ أشبهُ النساءِ بأفروديتَ الجديدةِ يا من قددتِ قميصي بقبلة. أنكيدو لم يكن أنكيدو. *********
تتسع اللغة أحيانا .. تتسعُّ كثيرا..حتى أننا اذا نقلنا كتابا عن لغة أخرى فغالبا ما تلتبس علينا ألفاظ كثيرة.. لتأدية الكلمة عدة معانٍ.. حتى أنه لفت نظري قبل عدة أيام أن عنوان رواية الكولومبي جبرييل غارسيا ماركيز الخالدة مئة عام من العزلة هو في اللغة الأصل واللغة الانجليزية مئة عام من الوحدة.. وأظن أن للعزلة معنى آخر.. العزلة في نظري لا تعني الوحدة.. ممكن أن تكون معزولا أو معتزلا مع من تريد.. ولكن للوحدة معنى مختلفاً ليس المعنى نفسه الذي تؤديه العزلة.. أيضا ترجمة صالح علماني لرواية أخرى لماركيز حملت عنوان ذاكرة غانياتي الحزينات.. بينما ترجمة المترجم الأستاذ رأفت عطفة الرائعة حملت عنوان ذكرى عاهراتي الجميلات.. هنا التبس الأمر عليَّ ولم أعد أعرف من أصابَ ومن أخطأ.. ولا أظن أن الغانية هي بالضرورة عاهرة أو العكس.. وهل الذكرى هي الذاكرة؟ لا.. الذاكرة شيء والذكرى شيء آخر.. هكذا أعرف.. وهذا الشيء لا يمس أو يقلل من أهمية هذين المترجمين الفذين.. أيضا هناك عنوان آخر لمجموعة قصصية وهو ايرينديرا البريئة.. فكيف تتحول هذه الايرينديرا في ترجمة أخرى أو مقال لأحد الروائيين المهمين الى ايرينديرا الغانية؟ وهناك ترجمة لرواية مهمة لنفس الكاتب ينشرها أحدهم بعنوان خريف البطريق بينما هي في ترجمة المترجم التونسي البارع محمد علي اليوسفي خريف البطريرك.. فأين البطريق وهو اسم لطائر بحري من البطريرك؟ اليوم اطلعت على كتاب مئة عام من العزلة مترجما الى اللغة العبرية وقد وجدت كلمة الوحدة بدل العزلة.. هذه اللغة العبرية التي انطمست وذابت أكثر من ألفي سنة.. العبرية لغة بسيطة ومختصرة ومحدودة اذا قيست بلغة جبارة كاللغة العربية.. ولكن هناك من بعثها من غياهبها ومن اشتغل على إحياء ألفاظها بعد أن كانت لغة عنقائية (من عنقاء) ولغة توراة منقرضة وبائدة.. أما نحن فنعمل على طمس وتغييب ومحو لغة هي من أروع اللغات الحية في الوجود. ********
بالنسبة له لم يفعل أيَّ شيء منذ عشرين عاماً.. سوى تربية هشاشته كما تُربَّى الورود في القوارير.. أو الطيور في القفص الذهبي.. حتى وهو يحلمُ بالفراشاتِ أو يدخِّنُ سيجارة الصباح كانَ يربِّي الهشاشة في الغابة البشريَّة.. كانت ذاكرته مقبرة للروايات.. هكذا قالَ لي شقيقهُ قبل شهر ومنذ ذلك الحين وأنا أفكِّر بكلامهِ الهلامي. هل تربيةُ الهشاشة وظيفةُ الانسان الحديث؟ ********
حياة جابرييل غارسيا ماركيز الشخصية والأدبية لم تكن بمعزلٍ عن الفانتازيا السحرية أو العجائبية.. والا فكيف نفسِّر نجاح كاتب مغمور حتى مطالع السبعينات.. كانَ يبيع علب الكولا بيبسي وباعَ سيارته لينفق على نفسهِ وأسرتهِ في وقت كتابتهِ لرائعته مئة عام من العزلة بينما كانت زوجته تشتري الحليب والخبز بالدين..؟ النجاح بعد ذلك كانَ منقطع النظير.. بيعُ 30 مليون نسخة من الرواية وتتويجٌ عالميٌّ بنوبل؟ الشيء الأغرب والملفت في حياتهِ هو ثقته العمياء بعملهِ. كانَ يعرف أنَّ مشروعه الأدبي سينجح.. آمن بهذا منذ البداية. نجاح كنجاح ماركيز يسمَّى في أدبنا العربي فانتازيا. ********
أسعى دائماً إلى توريةِ شمسٍ صغيرةٍ عاشقةٍ في ثيابِ امرأة.. شمسٍ صغيرةٍ لا تُرى ولكنني أسعى إليها على عينيَّ. ********
ما قبل عصر الفيسبوك غفوت قليلا في قطار صباحي ينهبُ مسافةً زرقاء ما بين مدينتين ساحليتين في فلسطين.. حيفا وعكا.. حلمتُ بأنني أكتب كتاباً ينتمي الى تيار الكتابة عبر النوعية.. كله مكوَّنٌ من فقرات نثرية مرقمة لا تزيد الواحدة عن خمسةِ أسطر ولا تخضعُ لوزنٍ ولا لقافية ولا هي قصة أو قصيدة أو مقالة أو خاطرة بالمعنى الحرفي.. بل هي مزيج مبتكر وكوكتيل من أجناس أدبية كثيرة.. فقرات مثل نقاط الماء.. صغيرة ومدونةَّ على حائط الحياةِ الرمادي.. تحملُ حديث الروحِ لا أكثر.. وتعجُّ بصخب القلب البريء.. الفيسبوك الآنَ يؤسِّسُ لمثل هذا النوع من الكتابة. ********
خمسة أيام أو أكثر وأنا أكتب ذهنياً لنفسي أفكاراً متحررةً لقصائدَ قادمة.. حارَّة وحادَّة وثائرة ومنفعلة تارةً وفرحة ورومانسية وشفَّافة وبسيطةً تارةً أخرى.. في النهاية محوتها كلها من ذهني.. لا أعرف لماذا.. ولم أندم عليها.. هل لأنني أعيش التحرر فقط في ذهني؟ ربما لأسباب كثيرة أخرى.. مرَّة قلت في قصيدة.. كل الذي أعنيه لا أرويه.. وكل الذي أرويهِ لا أعنيه.. هذا تدريب أوَّلي على تماهي الوجه مع القناع. يقولُ لي صديقي جرِّب أن تقول ما تريد وسترى كم مقصلةً ستُنصبُ من أجلك أو كم صليباً سيُرفعُ لك.. الأفضل أن تحلم بالحداثةِ نائماً في خيمةِ أبي سفيان. ********
دائما أتفاجأ بلفظة محبرة عندَ قراءتي لديوان جديد.. كنت أعتقد أنها سقطت من قاموس القصيدة الحديثة .. هيَ لفظة رومانتيكية تعني دَوَاة ، ، قِنِّينَة صَغِيرَة بِهَا حِبْرٌ .. لا أظنها تحمِّل القصيدة الواقعية دلالةً مهمَّة في نظري. لا أعرف ما الذي تفعلهُ بعدُ في قواميس شعراء حداثيين؟
*********
#نمر_سعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصائد عن رمادِ الحب والحرب
-
أن تقبضَ على الشمسِ بقلبكَ
-
أنتِ حديقةٌ من الغيوم وأصابعي جمرٌ لا ينطفئ
-
كأنه مخضَّبٌ بالنوارس
-
نساء الشاعر
-
هل تفرغُ الروحُ من الذكريات؟
-
طيرانٌ عمودي
-
قصائد كرائحة الذكريات
-
تنويعات على قيثار تشرين/ قصائد
-
رفرفات الروح للمطلق/ في الهم الثقافي
-
إمرأة من قزح
-
أمطار مبللة بالقصائد/ أيلوليات
-
مجموعة قصائد/ تموزيات
-
مجرَّة راح يهفو حولها قمرُ
-
معلَّقةُ نون
-
قصائد عطشى لرذاذِ الشمس
-
مدائح لمائيَّةِ ميم
-
قصائد تُزهرُ في الظهيرة
-
نهرٌ تعرَّى من الماءِ
-
مثلَ عشبٍ عاشقٍ
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|