أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون














المزيد.....

موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 11:34
المحور: الادب والفن
    



جولييت يحبك موسى، فلا تجعليه بغض الآخرين. كيف يحررك من البغض؟ كان السؤال، والآن يسعى إلى الجواب. هناك في شوارعِ نابُلُسَ سيجد الجواب. سيجد الجواب عند ابنة عمه أسماء. أسماء الشجرة والسلاح الساخن. أسماء الزمن النابض. وسيكون الجواب صعبا. أيحبك أكثر، جولييت؟ كيف تغدو الرصاصة ميلادًا والنجمة شعرًا وأطفالا؟ أيجعل منك بيته غدا؟ جدارًا على الأقل في بيته الجديد؟ حجرًا في جداره؟ الغد يقترب. في شوارع نابُلُسَ سيجد طريقه الحر في فيض الدم، وعند أسماء سيدخل في الغد الواضح. ترك جولييت خلفه ليرجع عما قريب. والأيام طويلة في الإضراب العام. ولكنها تتناوب منه الاقتراب. نظر موسى في الليل بحثًا عن ابتسامتها، فلم يجد ابتسامتها ولا أية ابتسامة. لم يجد الذئبة الحنونة، ووجد قبعاتٍ حربيةً وجزماتِ جنود. لم تكن نابُلُسُ تموت. كانت تقاوم الموتَ امرأةً حبلى رماها الجنود على الأرض، وصعدوا مِنْ بَعْدُ على بطنها لتقذف من بين ساقيها أطفالاً ميتين. ولم يكن لنابُلُسَ ماءٌ في عين، وفي العيون كل ماء الدنيا مالحا، فهل تذرف البنات الدمع على إخوة لهن صغار ذهبوا لينتفضوا جناحين على الظلال؟ ولم يكن لنابُلُسَ ثورٌ ذبيحٌ في سوقها، وفي كل الأسواق كان الدم حلوًا ولذيذا، فهل تشربه الأمهات نخب أطفال لهن كبار ذهبوا لينقشوا إصبعين في الصخور؟ أينتهي الحب، يا جولييت، والكره هنا يبدأ؟ أيبدأ الكره ليؤكد الحب أم ليموت ويختفي إلى الأبد؟ أأقول لك أحبك خائفا؟ ظامئا؟ أأعشقك قتيلا؟ كيف أقول أحبك في زمن نابُلُسَ؟ أأقوله بحجر؟ برصاصة مطاط؟ بعصا حفرها أهلي قبل أن يعملوا إضرابا؟ أأحبك بسكرٍ ليس موجودا؟ بقهوةٍ ممنوعة؟ برغيفٍ مدمى؟ أأحبك على أرض ملعونة مع أناس لك مجانين؟ مع أناس لي مجانين أيضا؟ الجنون القديم الذي كان فينا؟ والضحكة القديمة؟ قتلى مني كثيرون ومنك قليلون؟ قتلى مني ومنك؟ أأكرهك لأنك بريئة؟ ولأن في غرفتك سريرًا وثيرا؟ لما وُلِدْتُ مع الصبحِ، عدت هذا الموسى الذي كان لكم. كان على أسماء أن تستمع إليه أيضا. جولييت وأسماء. كان عليه أن يطرق بابها. طرق بابها، ففتحت عمته زليخة التي تفاجأت لقدومه:
- أنت، موسى!
- أنا، موسى.
- لم أكن أتوقع رؤيتك.
- أزوركم كلما تدهورت الأوضاع.
- يا لك من جاحد، يا موسى! وبما أنك هنا، ادخل!
مضى أمام عمته، وهو يسألها:
- أين أسماء؟
وقف أمامها، وتأمل تجاعيد وجهها، وهو ينتظر جوابًا لم تقله بسرعة كما تمنى، فعاد يسألها:
- أين أسماء، يا عمتي زليخة؟
ارتعشت التجاعيد على وجه العمة. أجلسته، وانفجرت مهددة:
- أسماء لم تعد أسماء كأبيك لم يعد أباك!
- ماذا تقولين، يا عمتي زليخة؟ أعرف أسماء حتى ولو لم أعرف أبي، حتى ولو عرفته الضباع، وأنا لم أعرفه.
- عمتك زليخة غاضبة أشد الغضب مذ خرجت أسماء عن طاعتها.
- أسماء تعرف مصلحتها.
- حتى أنت، يا موسى!
وذرفت دمعتين:
- هم يخدعونها.
- "هم" من؟
- من يقولون عن أنفسهم فدائيين.
- ماذا تقولين؟
طنت:
- من أين خرج لنا هؤلاء؟ طلبوا منها ألا تبقى معي والدنيا قيامة، قالوا لها اضربي بسلاحك الظلال التي أخرجوها ليتركوا أطفالنا وحيدين مع الله والحجارة. هؤلاء، أفدائيون هم حقا؟ ومن الفدائي فينا وزوجي – رحمه الله – كان يقاتل مع الثوار في غابر الأيام؟ اسمع، يا موسى! أريدك أن تنصحها.
- أن أنصحها؟
- أن تنصحها. إرادتي تشاء! أريدك أن تعيدها إلى ذراعيّ. أن تضع عقلها في رأسها، بالقدر ذاته الذي كان عقلها في رأسها من قبل. تظن أن باستطاعتها تحرير فلسطين برصاصة، بينا تسبب لأمها الآلام! لا الرصاصة تنفع ولا الحجارة، هذه مثل تلك، وهم لا يفعلون سوى إنفاق العمر سدى، ويضيعون لنا الأشغال!
وأنهت ساخرة:
- أبوها لم يحرر فلسطين ولا أبو أبيها ليحررها حجر أطرش ورصاصة خرساء!
نهض موسى، وهو يقول:
- سأنصحها بالبقاء مع الطير.
اقتربت جولييت من أسماء، واقترب موسى من أطفالٍ كان الجنود يبحثون عنهم في الشقة المجاورة. قالوا قرارَ فِرْعَوْنَ هو بعد حُلْمِ رَوَّعَه، أن يلقوا القبض على أصغر طفل في كل عائلة ليُقتل فورا، فصغير إخوته غالبًا ما تغدو يده أخطر من أنشوطة. ورأى امرأة تجذب صغيرًا من قدميه، والصغير بين أظافر الجنود يلتصق بأصابعهم لعبةَ مطاطِ تكاد تتمزق، فأتاهم موسى في جلد أسماء لما تغضب، وانقض عليهم مدمرهم. دب الخوف في قلوب أهل الطفل لما رأوا جثث الجنود الهامدة، فأخذهم موسى معه شعبًا إلى حاراتِ نابُلُسَ القديمة ليحتموا من الانتقامِ بماجَرَياتِ الحياةِ بين جدرانها.


يتبع الفصل الثاني والعِشرون



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل العِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثامن عشر
- موسى وجولييت الفصل التاسع عشر
- موسى وجولييت الفصل السابع عشر
- موسى وجولييت الفصل السادس عشر
- موسى وجولييت الفصل الرابع عشر
- موسى وجولييت الفصل الخامس عشر
- موسى وجولييت الفصل الثاني عشر
- موسى وجولييت الفصل الثالث عشر
- موسى وجولييت الفصل الحادي عشر
- موسى وجولييت الفصل العاشر
- موسى وجولييت الفصل الثامن
- موسى وجولييت الفصل التاسع
- موسى وجولييت الفصل السابع
- موسى وجولييت الفصل السادس
- موسى وجولييت الفصل الرابع
- موسى وجولييت الفصل الخامس
- موسى وجولييت الفصل الثالث
- موسى وجولييت الفصل الثاني
- موسى وجولييت الفصل الأول


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون