|
الشركات النفطيَّة في الثكنات..
سعود قبيلات
الحوار المتمدن-العدد: 4574 - 2014 / 9 / 14 - 19:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أصدر «الاتّحاد العالميّ لعلماء المسلمين» بياناً نعى فيه قادة «حركة أحرار الشام الإسلاميَّة»، الذين قُتلوا قبل أيَّام بانفجارٍ ضخم استهدفهم لدى اجتماعهم في إحدى قرى ريف إدلب. ومِنْ ضمن الذين قُتِلوا بذلك الانفجار، أمير «الحركة» حسَّان عبّود المعروف بأبي عبد الله الحمويّ.
وطالب «الاتّحاد»، في بيانه، «جميع المجاهدين» على أرض سوريَّة بالتوحّد في وجه «النظام المعتدي الدمويّ»، فلا فرقة تأتي بالنصر المبين (حسب قوله).
وتجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ «حركة أحرار الشام الإسلاميَّة» هي ركن أساسيّ في المجموعات المسلَّحة التي تقاتل في سوريَّة. وممَّا يعطي صورة واضحة عن هويَّتها وطبيعة المشروع الذي تقاتل مِنْ أجله، قول قائدها (الحمويّ) إنَّ الكتائب التي يقودها تضمّ شبّاناً «قد يكون عندهم تقصيرٌ في بعض الصفات الإسلاميَّة مثل التدخين والتقصير في أداء صلاة الجماعة والاستماع إلى الأغاني»!
جاء ذلك في معرض محاولته تقديم حركته بأنَّها حركة «معتدلة»! والحقيقة أنَّها تقف على رأس الفريق الذي يحظى برضا الولايات المتّحدة وقطر وتركيا، ويصنِّفها هؤلاء ضمن ما يسمّونه «المعارضة المعتدلة» التي يقولون إنَّهم سيستمرّون في دعمها.. رغم انكشاف الصورة القبيحة للإرهاب التكفيريّ الدمويّ في العراق وسوريَّة ومصر وليبيا وسواها.
ولقد ذكَّرني كلام هذا «المعارض المعتدل» بقصيدة مظفَّر النوَّاب الشهيرة، التي قالها في أواسط سبعينيَّات القرن الماضي، وأشار فيها إلى «سلطان وطنيّ جدّاً»..
«لا تربطه رابطة ببريطانيا العظمى وخلافاً لأبيه ولد المذكور من المهد ديمقراطيّاً ولذلك تسامح في لبس النعل.. ووضع النظارات فكان أن اعترفت بمآثره الجامعة العربيَّة يحفظها الله»
ثمَّ يقول، فيها، أيضاً:
«ومَنْ لا يعرف أنَّ الشركات النفطيَّة في الثكنات هناك يراجع قدرته العقليَّة..» ويقول أيضاً:
«ماذا يُدعى أخذ الجزية في القرن العشرين؟»
كما أنَّه قال، قبل ذلك: «ماذا يدعى أنْ تتقنع بالدين وجوه التجار الأمويين؟»
وتعتمد «حركة أحرار الشام الإسلاميَّة»، في تمويلها، بالإضافة إلى الدعم القطريّ التركيّ، على نهب بعض البنوك السوريَّة، مثل فرع البنك المركزيّ في الرقَّة الذي يُقال أنَّه كان يحوي ما بين 4 و6 مليارات ليرة سوريَّة عند وضع يدها عليه. كما أنَّ سيطرتها على بعض المعابر الحدوديَّة توفِّر لها مصدراً آخر مهمّاً للتمويل. حيث من المعروف أنَّها تسيطر على اثنين من المعابر الحدوديَّة مع تركيا (معبر باب الهوى في إدلب ومعبر تل أبيض في الرقّة). وفي هذا المعبر الأخير (تل أبيض) تتقاسم «الحركة» الأموال المتحصِّلة منه مع «داعش»، وذلك في إطار تسوية تمَّت بين الطرفين بعد صراعٍ عنيفٍ دار بينهما على الغنائم.
كما حظيت الحركة بتمويل من «الهيئة الشعبيَّة الكويتيَّة» التي يرأسها «الشيخ حجاج العجميّ». بيد أنَّ الدور الأساسيّ في دعمها كان لقطر وتركيا اللتين قدَّمتا لها أيضاً دعماً عسكريّاً نوعيّاً. وقد حظيت، كذلك، بحصة الأسد من الصواريخ الأميركيَّة، التي عُرِفَتْ بـ«صواريخ الكونغرس» لأنَّ الكونغرس اتّخذ قرار تمريرها إلى ما أسماه «المعارضة السوريَّة المعتدلة».
وللحركة علاقات قويَّة جدّاً مع «جبهة النصرة»، الجناح الآخر لـ«القاعدة». وقد خاضت أغلب عمليَّاتها العسكريَّة الكبرى بالتعاون معها. وكان «الحمويّ» (قائد حركة أحرار الشام الإسلاميَّة) قد قال عن هذه العلاقة: «جبهة النصرة ككلِّ المكونات الموجودة، تعاملنا معها على أساس أنَّ هناك هدفاً مرحلياً نسعى جميعاً لتحقيقه وهو إطاحة هذا النظام.. وعليه فقد قمنا بعمليّاتٍ عسكريّةٍ مشتركةٍ عديدةٍ ورأينا منهم صدقاً في العمل وثباتاً وبسالةً فلم يمنعنا ما جرى مثلاً من تصنيف أميركا من العمل .. معهم». وهذا أيضاً لم يمنع أميركا وأتباعها في المنطقة مِنْ مواصلة توفير الدعم لـ«الحركة».
ومِنْ ناحية أخرى، لا اعتراض لـ«الحركة» على إعلان «البغداديّ» «الخلافة» سوى أنَّ هذا الإعلان «لم يجمع المتفرّقين ولا ألّف بين المتنازعين» (المقصود، طبعاً، بالمتنازعين والمتفرّقين، المجموعات الوهَّابيَّة المسلَّحة)، مع تأكيدها على «أنَّ قيام دولةٍ إسلاميّةٍ راشدةٍ تقيم العدل والقسط بين رعايانا هدفٌ نسعى إليه بوسائلَ مشروعةٍ، ونراعي في ذلك مقتضيات الوضع وحالة الأمة المغيبة عن دينها في هذا البلد طوال نصف قرنٍ من الزمان».
ويسترشد قادة «أحرار الشام الإسلاميَّة» بالأفكار السلفيَّة المتشدِّدة لابن تيمية وابن قيِّم الجوزيَّة ومحمَّد بن عبد الوهَّاب، بل إنَّ بعضهم يعلن أنَّه وهَّابيّ. كما أنَّ إحدى أكبر كتائب «حركة الفجر الإسلامية» (العضو في «حركة أحرار الشام الإسلاميَّة»)، تُدعى «كتيبة ابن تيمية».
على أيَّة حال، وقَّع بيان النعي الذي بدأنا حديثنا به، كلٌّ مِنْ: الدكتور يوسف القرضاويّ، رئيس «الاتِّحاد العالميّ لعلماء المسلمين»؛ والدكتور علي القره داغي، الأمين العامّ لـ«الاتِّحاد». وكلاهما يحمل الجنسيَّة القَطَريَّة ويعمل في قطر.
الشركات النفطيَّة ليست في الثكنات فقط، كما سبق لمظفَّر النوَّاب أنْ قال؛ بل هي أيضاً في أردية بعض رجال الدين؛ مع ألأسف!
#سعود_قبيلات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة افتتاح الاجتماع الثاني ل-المجلس المركزيّ لاتِّحاد الشيو
...
-
سعود قبيلات -رئيس اتِّحاد الشيوعيين الأردنيين - في حوار مفتو
...
-
كلمة افتتاح المؤتمر التأسيسيّ لاتِّحاد الشيوعيين الأردنيين
-
استعادة الذات
-
معاً مِنْ أجل «اتِّحاد الشيوعيين الأردنيين» على طريق الجبهة
...
-
اتِّحادٌ مِنْ طرازٍ جديدٍ
-
إلى اليسار دُرْ
-
الوحدة.. الوحدة
-
شيء عن تجربة اتّحاد الشيوعيين الأردنيين..
-
الماغوط .. الشاعر الجميل الأكثر جنوناً
-
تلك الغيمة في بنطال تيسير سبول وماياكوفسكي
-
الرحلة الروسيَّة
-
أفضل مِنْ أن أكون على حق
-
مثل كتلة من الرخام العاري
-
رسائل حبّ عاملة النحل
-
نهايات -رغبويَّة- وبدايات موضوعيَّة
-
مهدي عامل ونقد الفكر اليومي
-
ماركس والمسألة اليهوديَّة
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|