أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - قراءة في قصيدة - نعيق الغراب - / للمبدع جوتيار تمر / عايده بدر















المزيد.....

قراءة في قصيدة - نعيق الغراب - / للمبدع جوتيار تمر / عايده بدر


عايده بدر
باحثة أكاديمية وكاتبة شاعرة وقاصة

(Ayda Badr)


الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 13:53
المحور: الادب والفن
    



أصوات تضيع بين نعيق غراب ومذبحة قابيل
أطفال يبحثون عن النعاس الرقيق
وغيمة حبلى يمنعها الدم الأسود
من ماء يوقظ امرأة تموت
جبل سنجار... مهطل الالهة
يترنح تحت أقدام خليفة ولد من أرض الغربان
صبايا / سبايا
تعرت صدورهن في سوق النخاسة..
تترصد مفاتيح الصديد اجسادهن
وهذا خليفة..
يرتل آيات الضمير الملوث بالدم
ورايات السواد ,,,,,,
قيود زمن العبيد تستدرج ما تبقى فينا من انسان
في قصور الملوك والمتسكعين بين تلوث الهواء
وفساد الأرض
هم يرفعون كف الولاء لخليفة من صنع الموت
يهوى الدمار,,,,,,,
أ يا غراب السماء..
الا ترحم ...
فتدع اصوات الثكالى
تصعق اذان السماء
لترحم.. أم تلد ميت..فتموت.

القراءة / عايده بدر
نعيق الغراب
الصوت الذي بدأت به القصيدة يشكل معالم السير بين دروبها الوعرة و التي حكمنا بوعورتها ليس فقط لفنية متميزة تقابلنا في التكنيك الذي يستخدمه الشاعر هنا و لكن أيضا للمدلول الذي حكمنا منذا العنوان فلدينا هنا ( نعيق ) و ( غراب ) صوت ملازم لهذا الطير الذي يجمع الناس على التطير به و التشاؤوم منه و ما حل غراب يوما بمكان إلا و انقبضت القلوب لأنها مسبقا تعلم أنه يحوم حول الأماكن الخربة و التي تمتد فيها رائحة الموت
أصوات تضيع بين نعيق غراب ومذبحة قابيل
أطفال يبحثون عن النعاس الرقيق
وغيمة حبلى يمنعها الدم الأسود
من ماء يوقظ امرأة تموت
الصوت يقابلنا مرة أخرى في ( اصوات تضيع ) و هذ يعني أن نعيق الغراب و صوت مذبحة قابيل يضيع بينهما أصوات كثيرة تختنق و لا أحد يسمعها و هي تنادي و تستغيث
الشاعر يأخذنا لرصد الواقع الذي يعيشه العالم الآن لكنه يريد أن يجعلنا نتأمل هذا الوجع بصورة قريبة و إذا قلنا أن الوجع على هذه الأرض عام فإننا أمام صورة تبدو خاصة أكثر بما تحمل من خصائص ستتضح تباعا كلما تقدمنا خطوة مع القصيدة
فنعيق الغراب و مذبحة قابيل و الاسقاط الديني الرمزي استحضر من خلاله الشاعر صورة الماضي البعيد و أسقطه على الحاضر المعاش و كان لا شيء تغير منذ الدم الأول و منذ أول نعيق للغراب على الأرض
و في الموروث الديني الاسلامي الغراب ليس مصدر شر أو شؤم بل هو المعلم الأول الذي أنقذ قابيل من حيرته أمام جثة أخيه بعد أن قتله فعلمه الغراب أن يحفر لأخيه و يكرمه بدفنه بدلا أن تأكله الوحوش
الغراب ينعق فوق مدائن الخراب و المذبحة التي افتتح بها الانسان وجوده على هذه الآرض جعلت منها منذ ذلك الوقت أرض خراب فكل صوت عليها يضيع بين نعيق و مذبحة تتكرر كل يوم
إذن الغرب هنا هل يؤدي صورة أخرى غيرالتي ارتبطت في ذهن الانسان بالتطير و التشاؤم أم أنه لا يزال يمارس دور المعلم باقتدار للإنسان ؟
هذا ما يجعلنا نتساءل ماهية هذه الأصوات الضائعة بين نعيق و مذبحة ؟
لعله يجيبنا حين يقول ( أطفال يبحثون عن النعاس الرقيق ) و النعاس ليس فيه رقيق من غليظ لكن الصفة لتي ألزمها الشاعر هنا للنعاس تحدد دلالة هذا النعاس انهم يطلبون حتى الغفوة العابرة و كيف يحصلون عليها في ظل نعيق و مذابح
(وغيمة حبلى يمنعها الدم الأسود من ماء يوقظ امرأة تموت ) الصورة المركبة هنا في تقديم و تخير تجعل الدهشة هي الشعور الأول لذي يتلقف القارىء حين يتصور أن االغيمة حبلى و على استعداد لإيقاظ امرأة تموت و بإمكانها أن تنقذها لكن كيف و هذا الدم الأسود يقف حائلا بينها و بين الغيمة فتتركها تموت ... لأسود هنا له دلالة ذت أبعاد متعددة فبإمكاننا أن نلقيه على هذا الوجع و الدمار و الخرب من جهة و من جهة أخرى يمكننا تأويله أنه إشارة ضمنية للراية السوداء التي ترفعها آلة الدمار والتي ستظهرها القصيدة تباعا


جبل سنجار... مهطل الالهة
يترنح تحت أقدام خليفة ولد من أرض الغربان
صبايا / سبايا
تعرت صدورهن في سوق النخاسة..
تترصد مفاتيح الصديد اجسادهن
وهذا خليفة..
يرتل آيات الضمير الملوث بالدم
ورايات السواد ,,,,,,
قيود زمن العبيد تستدرج ما تبقى فينا من انسان
في قصور الملوك والمتسكعين بين تلوث الهواء
وفساد الأرض
هم يرفعون كف الولاء لخليفة من صنع الموت
يهوى الدمار,,,,,,,
هذا المقطع لوحة مكتملة تبدأ من حيث المكان (جبل سنجار ) مهطل الآلهة و حضارة امتدت منذ الألف الثالثة قبل الميلاد و فسر بعض ساكنيه معناه بأنه منذ حمل الماء نوحا و رسى به على الجودى مرت السفينة بالجبل فنطحته فقالوا هذا سن جبل جار علينا فسمي ( سن – جار ) فكم حمل من خطوات االأنبياء و الصالحين و الآن تطأه أقدام ماجنة تحمل من الرايات أسود القلب و الفعل
و القصيدة تمضي في رسم صورة لهذا الدخيل الحامل سيف االخراب
خارطة تحدد نوع ما يحمله من خطر قادم :
فهذا (خليفة ولد من أرض الغربان / يرتل آيات الضمير الملوث بالدم / خليفة من صنع الموت / يهوى الدمار ) يحرك (رايات السواد ) فيرفع (العبيد في قصور الملوك والمتسكعين بين تلوث الهواء وفساد الأرض) له (كف الولاء ) هدفهم (صبايا / سبايا / تعرت صدورهن في سوق النخاسة تترصد مفاتيح الصديد اجسادهن ) هل لنا أن نتصور حجم هذا الخراب الذي حل بسنجار و كم من عِرض انتهك و شرف أهريقت دمائه على يد آلة الدمار و خليفة يحمل الدين سيفا على عنق االجميع
الصور المتعددة التي تقابلنا هنا تجعلنا نقف أمام كثافتها من ناحية و تجددها من ناحية أخرى رغم أنه كالسيل لا تتوقف عن رصد كل ما تقابله
لدينا على سبيل المثال :
( آيت ضمير ملوث بالدم ) تقابل ( تلوث الهواء و فساد الأرض ) و الأولى مقدمة منطقية للثانية فلن تفسد الأرض إلا بفساد الضمائر
( صبايا / سبايا ) و هذا التقابل للغوي و الصوتي يخلق صورة مجسمة أكثر لحجم الكارثة و عودة قميئة مذلة و مهينة لعصور الجواري و أسواق النخاسة و جااءت الصورة الأخيرة هنا (تترصد مفاتيح الصديد اجسادهن) بالغة الدقة في رسم المشهد الذي يعري الضمائر بنفس قدرتعرية أجسادا بريئة لا ذنب لها بل ربما تعري الضمائر أكثر
( أرض الغربان ) تعيدنا لصوت ( نعيق الغراب ) مفتتح القصيدة و عنوانها ثم مدخل القصيدة الذي يمثل أحد أضلاع الحصار لأصوات تستغيث و لا أحد يسمعها ...و أرض الغربان التي أتى منها الخليفة الجديد
هي الأرض التي شهدت أول قتل و أول مذبحة بين قابيل و هابيل و هذا تأكيد جديد من الشاعر على ما يحدث في الحاضر هو صورة معدة مسبقا لما حدث في الماضي

أ يا غراب السماء..
الا ترحم ...
فتدع اصوات الثكالى
تصعق اذان السماء
لترحم.. أم تلد ميت..فتموت.
عودة أخيرة للغراب ونعيقه االمستمر و كأن اللوحة حتى تصير لوحة موت لا يمكنها أن تبتعد عن هذا النعيق فهو ملازم لأرض الخراب
المناجاة هنا لا تتجه مباشرة للسمااء كما اعتدنا في حالة الحزن و الألم أن نتجه مباشرة للسماء و لكنها كانت لغراب السماء .. لماذا تتجه إليه المناجاة ؟ تجيب حروف الشاعر ذاتها حين نرى مضمون المناجاة هنا يتلخص في بعض الرحمة و الصمت و لو قليلا لتستطيع أصوات الثكالى أن تصل لمسامع السماء ... تلك الأصوت التي أشار إليها ضمن الأصوات الضائعة بين نعيق غراب و مذبحة قابيل ، علها تخترق بمواجعها و صرخاتها أذن السماء فترحم ، و هنا نقف أمام بلاغة التركيب لأن الشاعر وجد / أوجد سببا لصمم السماء عن ارسال رحمتها بأنه لا يصلها أصوات الثكالى من كثرة نعيق الغربان فتعيق الصوت أن يصلها و هذه دلالة مشهدية على كثرة ما تحوم حوله من جثث و أشلاء و بقايا أصوات صمتت للأبد
و لعل تعبيره شديد الغضب ( تصعق أذن السماء ) يبين لنا كم يحمل من غضب و حنق و وجع إزاء هذه مشاهد الموت الحي الذي يراه عيانا بيانا و الصورة التي يقدمها لنا هنا كقفلة للقصيدة شديدة الوجع لكونها واقعية حدثت بالفعل فكأن قلم الشاعر هنا عينا ثالثة ترصد حدثا شهدت عليه الأرض أم تلد ميتا فتموت و موتى يلدون موتى و نعيق غراب لا يصمت طالما قابيل يقيم مذابحه على شرف الخليفة
نص راصد لعين تعيش الموت بصنوفه فتؤرخ لكل هذا الوجع باقتدار و بلاغة

عايده بدر
9-9-2014



#عايده_بدر (هاشتاغ)       Ayda_Badr#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنجار
- أنقذوا شرف الإنسان
- رسالة إلى شنكال
- داعش و الأقليات العرقية و الدينية في العراق
- الأمم المتحدة ، منظمات حقوق الانسان ، نطالبكم بانقاذ الأقلية ...
- إذا كانت داعش فتلك مصيبة و إذا كانت غير داعش فالمصيبة أعظم
- في كتاب النبض
- موت ق ق ج / عايده بدر
- قرءة في نص ( الموناليزا ) المبدعة د. عزة رجب / عايده بدر
- قراءة في نص ( رؤية ) للقاص المبدع عبدالله بن بريك / عايده بد ...
- أنت ... أيها الإله
- قراءة في نص - الى امراة توضأت بالطفولة والوجع- جوتيار تمر / ...
- هو ...
- هي ...
- رؤية في قصيدة - عيناك الملطخة بدمائي - للمبدع جوتيار تمر / ع ...
- كي لا تسقط من يدك قصيدة
- في الطريق إلى معبدك ...
- في ثنايا الكلام
- قراءة في نص - المومس المدعية - / للشاعر المبدع جوتيار تمر / ...
- امرأة شهية مثلي


المزيد.....




- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايده بدر - قراءة في قصيدة - نعيق الغراب - / للمبدع جوتيار تمر / عايده بدر