حسين رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 15:28
المحور:
الادب والفن
احكام الوحشة
حسين رشيد
1
الليل تلويحة يوم مثخن بالدعاء، الذي كان يرد وهو يطالع لافتة معلقة بالجهة اليمنى من السماء "ناسف لعدم تلبية دعائكم". في الجهة اليسرى كان قلب السماء يرتعش من صور مزقتها ريح عاهرة وهي تلف بها بين الارض والسماء. وما بينهما رب .
....
توجعني دقات اليوم ... وهي تضرب لدغات عقارب الساعة... فتبرد روحي حين يعاود الوقت دورته ..... لتكون السماء ساعتها بلون القمر. فالصباح متملق للحزن والبكاء، والنهار ساطع بشمس الموت، والعصر ان الانسان لفي وجع، والمغرب يتلو ايات تائهات، والليل بلون الليل وغراب ينوج مع غبش بلونين ثالثهم رمادي.
....
الفجر مكنسة لاثام الليل ، والليل فسحة لمساء مزدحم، والمساء فرحة لوجع العصر، والعصر بوابة لتعب الظهيرة، والظهيرة ساحة لصبح الامنيات، والصباح صفحة اول من الغبش، والغبش اخر الفجر، والفجر بداية يوم كاذب يمر من بين افخاذنا بهدوء، وهو يقتل حلما مؤجل، ليعود كل يبكى على ليله.
....
الغبش يتسلق اليوم بعكاز مكسور، والصبح يلهث نحوه بجناح مكسور، الظهر يسابق ظله بقدم مكسور، والعصر يمشي الهوينا بخاطر مكسور، والمغرب يعزي الليل بدمع مكسور، والليل الاول ايقظ حزن النهر، والليل الثاني اغتسل بالخمر، واخر الليل احترق بضوء الجمر، ليعود اليوم بعجلة اخرى يدحرجها فجرا لا لون له.
2
الفجر يتموسق بهدؤء "على شواطي دجلة مر"، ويرسم دوائر حيرة توقفها موجات يتبادل جرفا النهر مداعبتها. على مقربة من خيوط الشمس الاولى يخرج عمل المسطر والفلاحين، على صوت مؤذن يسرق تعب الليل، مثلما سرق تعب نهاره ساسه وتجار. في اخر لحظاتها يبدء الصغار نبش اكوام الزبالة.
.....
النهار كدف درويش صوفي يتهجئ اله بفجر مذعور تطارده جملا مبهمات متوعدة بعذاب اليم. يجلس على رصيفه قديس احدب يجمع بقايا اوتار نص مفقود. وعند نهاية وجع اليوم تعود سيدة الحانة الاخيرة بفردة حذاء وقميص شق من دبر. وتنورة مزقته اعين المارة بعد ان ثقبتها اعين واصحاب الخمارة.
....
العصر يدور في اسور المدينة المقطعة، واحياءها المجزرة, وهو يرنو الى لوحة ترسمها الزرايرا الراقصة في سماء المدينة القديمة. على مقربة من نهايته او بعدها تعود الحمائم الى بساتينها ونحن نصرخ "كل فلوس ابوي". الذي كان يشرب شاي العصرية. طبعا هذا حلم الفقراء الكبير. وقبل ان يشد الرحال الى المغرب ترتمي اجساد الفجر، وعيناها تصبو الى المشرق.
....
الليل في بلدي ناي راع مخذول، يعزف انشودة المطر، التي ينوح بها حضيري عند منتصف الوجع، والاوغاد بالمنتصف الاخر يرقصون الهيب هوب على ايقاعات الخشابة المثقوبة بدعاء فجر متوعد. ويرتشفون كؤوسهم على اوتار ربابة النايل والصويحلي التي قطعها صوت منادي الفجر.
#حسين_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟