أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان حسين أحمد - الترِكة الثقيلة للمالكي















المزيد.....


الترِكة الثقيلة للمالكي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 11:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تفاءلت شريحة واسعة من العراقيين حينما رأت الابتسامة المتواصلة مرسومة على ملامح وجه الدكتور حيدر العبادي، المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة في مؤتمره الصحفي الأول، لأنهم سئموا من القسمات الصارمة للمالكي، ووجهه المتجهِّم العبوس الذي يقطِّر حِقداً وتخلّفاً وطائفية. كما أنهم ملّوا من أكاذيبه وتصريحاته الرعناء التي تحضّ على زرع الشِقاق بين مكونات الشعب العراقي وأطيافه الكريمة.
لقد نجح المالكي خلال دورتيه المشؤومتين في إعادة قسم كبير من المكوِّن الشيعي الكريم إلى العيش في الماضي البعيد حيث أرجعهم أربعة عشر قرناً إلى الوراء مُكرِّساً الشعائر الدينية التى لا تتلاءم مع روح العصر. كما نجح في مخاطبة غرائزهم المذهبية، وفشل فشلاً ذريعاً في مخاطبة عقولهم وأذهانهم ومشاعرهم الإنسانية الحقيقية التي تميّزنا كبشر عن باقي الكائنات الحية التي تشاركنا نعمة الحياة على وجه البسيطة. وعلى الرغم من وجود من وجود هذه الشعائر الدينية منذ سنوات طويلة إلاّ أنها لم تُكرس بهذه الطريقة الجماهيرية التي يصل فيها عدد الزائرين إلى "العتبات المقدسة" إلى خمسة عشر مليون زائر عراقي أو يزيد إضافة إلى الزوار الأجانب القادمين من إيران ولبنان والبحرين وغيرها من الدول ذات الغالبية الشيعية.
إن أولى التحديات التي سوف تواجهها حكومة العبادي هي استثمار الزمن على أكمل وجه، وعدم تبديده بالعطل الرسمية التي لا يقرّها أي دستور في العالم بحجة المناسبات الدينية قد تصل إلى ربع أيام السنة الواحدة بسبب موت الأئمة والرجال الصالحين الذين يحثُّوننا على العمل عشرات المرات في اليوم الواحد لا أن ننتحب ونلطم على مدى أربعين يوماً لأن بعضاً من آل بين رسول الله (ص) قد واجهوا مصائرهم المحتومة التي يواجهها الجميع، الأخيار منهم والأشرار، على حدٍ سواء. فـ "كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" كما تقول الآية الكريمة من سورة "آل عمران".
إن ما ينص عليه الدستور الذي خرقه المالكي مئات المرات هو تكريس الدولة المدنية التي تتناغم مع التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة وتكون جزءاً فاعلاً فيها، وليس جزءاً منعزلاً ونائياً عن أي شكل من أشكال الحياة المدنية المعاصرة التي نراها في لندن وباريس ونيويورك وسواها من الحواضر العالمية المتألقة التي تنبض بحب الحياة بعيداً عن الخرافات والأساطير والنزعات الغيبية التي عفا عليها الزمن.
وانطلاقاً من اشتراطات الدولة المدنية المعاصرة التي يجب أن تحتكم إلى قانون الدولة ذاتها وليس إلى قوانين المليشيات والعصابات الخارجة على القانون يتوجب على حكومة العبادي أن تستأصل هذه المليشيات برمتها لأنهم شراذم من القتلة، واللصوص، وقطّاع الطرق الذين ترتقي جرائمهم إلى مستوى الحركات والمنظمات الإرهابية للقاعدة أو ما يسمّى بالدولة الإسلامية أو أية منظمة وحشية لا تجد ضيراً في إزهاق النفس البشرية لأسباب طائفية أو عرقية وما إلى ذلك.
لابد لحكومة العبادي أن تضع حداً للفساد الإداري والمالي الذي بلغ ذروته في عهد المالكي حيث بدّد هذا الأخير مئات المليارات من أموال العراقيين حيث تقاسموا الكعكة فيما بينهم متصورين أنهم سوف ينجون من غضب العراقيين وحسابهم العسير لكل سارق نهب من المال العام، ولكل مجرم تلطخت يداه بدماء العراقيين الأبرياء آخذين بنظر الاعتبار أن بعض المختصين العراقيين من رجال القانون قد أخذ على عاتقه مهمة محاكمة المالكي وثلة كبيرة من اللصوص والمجرمين والقتلة الذين أوغلوا بدماء العراقيين في رابعة النهار .
لم يُحرِّك المالكي خلال سنواته الثماني العجاف ملف المياه مع الدول الثلاث المتشاطئة مع العراق حيث حولت إيران كل أنهارها ومنابعها التي تصب في العراق إلى داخل حدودها، كما لزم الصمت على الحكومة التركية المُنتهِكة للقوانين الدولية المتعلقة بالمياه وهي تكمل بناء سدها العملاق "أليسو" الذي سوف يحوِّل العراق إلى أرض بلقع جرداء، كما ترك للحكومة السورية أن تتلاعب بحصتنا المائية من نهر الفرات وتقليلها إلى درجة مروِّعة تنذر بكارثة انسانية وبيئية وخيمة.
يشكِّل الجيش الطائفي الذي أنشأه المالكي معضلة كبيرة لحكومة المالكي، ففي الوقت الذي أهدرت فيه الحكومة العراقية قرابة خمسين مليار دولار لم يصمد هذا الجيش ساعة واحدة أمام هجمة إرهابية لم يجتز فيها عدد المهاجمين عن ألف إرهابي في أبعد تقدير تمكنوا خلال بضعة أيام من الوصول إلى مشارف بغداد. تُرى، هل سيتمكن العبادي من بناء جيش وطني متوازن يضم كل أطياف الشعب العراقي من دون التحيّز لفئة محددة على حساب الفئات الأخرى؟
لم يفوّت المالكي فرصة ليتشدق بالفم الملآن بقيم الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية التي أغدقتها عليه القوات الأميركية المحتلة لكنه لم يحتمل النقد والتعرية وكشف الحقائق المروِّعة فلاغرابة في أن يلتجأ إلى سياسة تكميم الأفواه، وغلق العديد من القنوات الفضائية التي كانت تسلط الأضواء على الطائفيين والفاشلين والفاسدين من أفراد عائلته، وبطانته الحزبية أو أركان حكمه الذي وضع العراق في مقدمة الدول الأكثر فساداً في العالم.
إنَ المعضلة الأكثر خطورة التي ستواجهها حكومة العبادي هي إنصاف الآلاف من السجناء العراقيين الذين زجّ بهم المالكي في السجون السرية والعلنية وغالبيتهم العظمى من المكون السني مع شريحة لا يُستهان بها من مناوئيه الشيعة، وتحديداً من التيار الصدري، الذي هاجمه فيما يسمى بـ "صولة الفرسان" ليس بهدف القضاء على المليشيات وإنما بسبب خطورة هذا التيار الذي كان يقاوم المحتل ويقاتله أمام أنظار العالم.
لا شك في أن التحديات التي تواجه حكومة العبادي كثيرة وربما تضعه في دائرة اليأس لكن الإصلاح الحقيقي للبلد يجب أن يبدأ بخطوات جدية سريعة أولها بناء جيش وطني متوازن يدافع عن حياض الوطن، وإنصاف السجناء والمظلومين الذين انتهكت حرياتهم وكراماتهم الشخصية والأسرية، ومحاسبة المقصرين وسراق المال العام والمفسدين وما أكثرهم في حكومة المالكي الذي يجب أن يمثل قبل غيره أمام العدالة لكي نطهِّر أرض العراق من جرثومة الطائفية المقيتة التي أصاب بها شريحة واسعة من أبناء شعبنا العزيز في بلاد ما بين النهرين.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مخملباف ينتقد العنف الذي يلي سقوط الطغاة
- الفنانة البريطانية مارلو موس ونأيها عن الشهرة
- التزامات الحكومة العراقية الجديدة
- مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الحادية والسبعين
- رحيل المخرج البريطاني ريشارد أتنبره
- رؤية عبد المنعم الأعسم للإصلاح والفكر الإصلاحي في بلد مضطرب
- بليندا باور تفوز بجائزة هاروغيت لأدب الجريمة
- كينغ روبو وحروبة الفنية على الجدران
- متوالية الأقنعة في رواية -أقصى الجنون . . الفراغ يهذي- لوفاء ...
- أنتلجينسيا العراق بين الماضي والمستقبل تحت مجهر سيّار الجميل
- حركة السوبر ستروك ومضامينها الفنية
- الشخصية الأسطورية في الفيلم الوثائقي الإيراني
- تقنية الإبهار في فيلم أمازونيا لتييري راغوبير
- مقبول فدا حسين. . أهدى حبيبته ثمانين لوحة لكنه لم يحظَ بالزو ...
- قراءة نقدية في كتاب سينما الواقع (2-2)
- قراءة في كتاب سينما الواقع لكاظم مرشد السلّوم (1-2)
- الفنانة لويز بورجوا تغرف من سيرتها الذاتية
- أكراد سوريا وثورتهم الصامتة
- المخرج الأميركي جون فافرو يقتبس -كتاب الأدغال-
- ملاعق ليست للأكل وإنما لتشويه الأعضاء الحسّاسة!


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عدنان حسين أحمد - الترِكة الثقيلة للمالكي