|
أكسير الصراحة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 21:18
المحور:
كتابات ساخرة
أحد أصدقائي ، صيدلاني مُتقاعِد ، لهُ ولعٌ شديد ، بتجريب " مُستحضراتهِ " التي يتفنَن بإختراعها .. فيُجّرِبها غالباً على نفسهِ ، وأحياناً على أصدقاءه ومعارفهِ " إذا تورَطَ أحدهم ووقع تحتَ رحمتهِ ! " . في مرّةٍ وقبلَ سنواتٍ طويلة ، خلطَ مواد كيماوية ، وقال بأن هذا المُستحضَر ، علاجٌ سريعٌ للصَلَع ، ويُوقِف تساقُط الشعر .. وحيث أنني كنتُ على أعتاب هذهِ الآفة ، فلقد أقنعَني ، مُدّعِياً ، بأن دواءهُ يفيد حتى في حالات الصلع الوراثي .. فأستعملته لبضعة أيام .. ففقدتُ ما كانَ عندي من شَعر ، ولم ينمو لِحَد الآن ! . وكما يبدو ، فأن صديقي .. ومن خلال تعاملهِ وتجريبهِ المتواصِل ، لإختراعاته الغريبة ، على نفسهِ .. فأنهُ فَقَد الكثير من قُدراتهِ العقلية ، كما فقدتُ أنا شَعري . فقبلَ يومَين إتصلَ بي ، وطلبَ مني الحضور فوراً .. لأنهُ جّهَزَ مُستحضراً عجيباً ، سوف يفيدني كثيراً ، في كتابة مقالاتي . ومن باب الفضول فقط ، ذهبتُ . فقال : " .. انظُر ، هذا السائل العجيب ، هو نِتاج سنوات من الجهد المُثابِر . فإذا تناولتَ ملعقة كوب ، منهُ ، فأنكَ شئتَ أم أبيتَ ، سوف تكتُب ، بشئٍ من " الصراحة " ، أما إذا أخذتَ مِلعقة طعام ، فأن ماستكتبهُ ، سيكون في منتهى الصراحة وبلا رتوش ولا نِفاق ! . قلتُ له ساخراً : .. هل ستدعوهُ : شراب الصراحة ؟ يُحفَظ بعيداً عن مُتناوَل المسؤولين ، لأنه خطرٌ عليهم ؟ .. رّدَ بعصبية : .. كفى مزاحاً .. هذا إمتحانٌ لك ، فأنكَ طالما إدعيتَ أمَامَنا ، بأنك في كتاباتك صادق .. إذن جّرِب شَرابي العجيب ، إذا كُنتَ جريئاً وأميناً ، وكُنْ واثقاً أنه ، ليسَ له آثار جانبية ضّارة . أما إذا كُنتَ خائفاً من قَول الحقيقة ، فعليك الإعتراف بذلك !. على الرغم ، من أنني ، كنتُ قد قطعتُ وعداً على نفسي ، أن لا أنجَرَ ثانيةً ، الى تخرُصات صديقي ، منذ حادثة الصَلَع .. إلا أنني قبلتٌ التحّدي ، حتى لا يقول عّني أنني خائف ! . شربتُ ملعقة كوب من هذا الإكسير السحري ، كما أحبَ صديقي أن يُسّميهِ ، وقال لي ان مفعوله يستمر لإثنتَي عشر ساعة . وكنتُ قد كتبتُ مسودات قصيرة عن بعض المواضيع ، قبل ساعات ، فأردتُ دحض إدعاءاته وإثبات ان مُستحضرهُ مُجّرَد هراء ! . فأخرجتُ القصاصات من جيبي ، وقرأتُ الأولى : 1- .. ان السبب " الرئيسي " في أزماتنا المتلاحقة ، هو المؤامرات الخارجية التي تُحاك ضدنا ، من قِبَل دول الجوار والغرب . وبعد ساعةٍ ، أعدتُ الصياغة ، كما يلي : .. ان السبب الرئيسي ، في أزماتنا المتلاحقة ، هو فساد " بعض " المسؤولين ، في حِزبَي السُلطة . ثم بعد ساعاتٍ ، تناولتُ ملعقة طعام كبيرة ، من الشَراب ، وبعدها ، قمتُ بتبديل الجملة ، كما يلي : .. أن السبب الرئيسي ، في أزماتنا المتلاحقة ، هو الفساد المُزمن لحزبَي السُلطة ، ونزعتهما الإحتكارية طيلة العشرين سنة الماضية .. وكذلك الفساد والضُعف الذي يعتري الأحزاب الأخرى ، وقُبولها المُخجِل ، لتهميشها وجعلها مُجّرَد ديكور . إضافةً الى إفتقار أغلبية الناس ، الى الوعي السياسي والإجتماعي ، الصحيح ، القادر على التمييز ، والمتمكن من معاقبة الأحزاب الفاسدة ووقفها عند حدها . الى جانب ، التخلُف المُزري في التعليم والرعاية الصحية ، والإفتقار الى التنمية البشرية المُستدامة . 2- .. ان إنسحابنا من بعض المُدن ، كانَ تكتيكاً ، وذلك شئٌ شائع في كثيرٍ من الصراعات . وبعد ملعقة الكوب : .. ان إنسحابنا من بعض المُدن والمناطق ، كان هروباً . وبعد ملعقة الطعام : .. ان إنسحابنا من بعض المُدن والمناطق ، كانَ هزيمةً مُخزِية ، وتتويجاً لسياسةٍ فاشلة بإمتياز !. 3- .. ان داعش ، وما تقوم بهِ من أفعال .. بعيدٌ كُل البُعد ، عن الإسلام الحقيقي . بعد ملعقة الكوب : .. ان داعش وما تقوم بهِ من أفعال .. هي إنعكاسٌ لبعض التوجهات التكفيرية ، لدى قسمٍ من منظمات الإسلام السياسي ، المتطرفة . بعد ملعقة الطعام : .. ان داعش وما تقوم بهِ من أفعال .. هي تعبيرٌ صادِق ، عن الإسلام ! . ............................. بعد أن قرأتٌ التصليحات الناتجة عن " الصراحة " ، شعرتُ بِمدى خطورة ذلك ، فمزقتُ قصاصات الورق ، وإختطفتُ قنينة الإكسير من يد صديقي ، وسكبتُها على الأرض .. لاعناً أياهُ ولاعناً مُستحضراتهِ ، ولاعناً الذي يُصادقهُ من الآن فصاعداً !! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عُقداء وعُمداء
-
كِتابة أسماءنا بصورةٍ صحيحة
-
معزة الخالة شفيقة .. ورواتب الأقليم
-
هُنالكَ أكثر من - ديمتري - في جَبَلي بعشيقة وسنجار
-
مِنْ أجلِ عنقود عِنَب !
-
حذاري من الإنزلاق !
-
تُوّزَع مجاناً .. ليستْ للبيع
-
قَد تابَ وأنابَ
-
لماذا ولِمَنْ أكتُب ؟
-
شّتانَ بين ، معركة هندرين و ( لا مَعركة ) سنجار !
-
مأثرة ( قاسم ششو ) ورفاقه الأبطال
-
الإيزيديون .. حقيقة في مُنتهى القَسوة
-
إعادة البناء .. الترميم والإصلاح
-
أحزاب : العُمال / الديمقراطي / الإتحاد .. ليست إرهابية
-
من وَحي الكارثة
-
إصابة المالكي ، بإنهيارٍ عصبي
-
تحريرُ - مخمور - ، فاتِحةُ خَير
-
بَطَلَين مِنْ هذا الزَمان
-
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
المزيد.....
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|