ثلاثية أبعاد الحب

ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 1287 - 2005 / 8 / 15 - 11:11
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    

هناك مثل يقول : (( الحب ليس نظرة متبادلة بين شخصين , بل هو نظرة مشتركة نحو هدف مشترك )) , و هذا المثل ينطبق على الحب و الصداقة . فإذا كان هدف الصداقة هو الصديق ذاته , تأكد أن هذه الصداقة لن تدوم طويلاً . فيجب أن يكون هناك هدف مشترك يربط بين الصديقين . كذلك فى الحب الذى إذا كان فى اتجاه واحد ( من طرف واحد ) لا يمكن أ، نسميه حبا ً . و إن كان فى اتجاهين متقابلين يكون حباً غير مكتمل . و الحب يكتمل حين يلتقى طرفاه على هذف مشترك يجمعهما . الحب هو حقيقة ذات ثلاثة عناصر , و من دونها جميعها لا يحقق الحب معناه الكامل . و العنصر الثالث هذا ضرورى جداً لاستمرارية الحب و خصوبته , و هو قد يتمثل فى وجود طفل أو أطفال , أو فى ابن بالتبنى , أو فى هدف مشترك فى حالة عقم أحد الزوجين . فالحب خصب و إن لم يكن كذلك فسرعان ما يذبل و يتعرض للزوال.
1 - دور الطفل فى تنمية الحب بين الزوجين
لقد ذكرنا أن الحب بين الزوجين فيه تبادل و تكامل يثريانه و يجعلانه خصباً يعطى ثمراً , و ثمرة الحب هى الطفل الذى يتخذ نصف صفاته الجسدية من الأب و النصف الآخر من الأم . الطفل هو حصيلة حب الاثنين , وهذه الحقيقة مطبوعة بطرية مادية فى كل خلية من خلايا جسمه : (( فيصيران كلاهما جسداً واحداً )) (تك 2:24 ) . هذا الجسد الواحد المتمثل فى الطفل الذى يحقق فى جسمه وحدة الأب و الأم . فالطفل هو تجسيد الحب , و هو كيانه على شكل إنسان , و هو الذى ينقذه من الأنانية و التدهور . و نحن نعلم أن الزواج إن استمر فترة طويلة بدون إنجاب , كثيراً ما يكون مهدداً بالانحلال . أن الطفل هو بمثابة الأسمنت الذى يربط بين طرفى الزواج , و هو همزة الوصل بين الرجل و المرأة . و حين تكدر صفو الحياة الزوجية الخلافات و المشاكل , يكون عادة العامل الأساسى الذى يمنع تطور هذه الخلافات إلى انفصال أو طلاق هو الأبناء . فالوالدان يفكران كثيراً فى أمر الأطفال قبل اتخاذ قرار الانفصال , و يطرحان السؤال التالى : من سيهتم بهم ؟ و هما يدركان أنهم سيكونون الضحية الأولى . و مراعاة لهؤلاء الأطفال كثيراً ما يتنازل الطرفان حتى تقلع سفينة الحياة الزوجية مجدداً.
إن وجود الطفل عنصر أساسى فى الزواج لدرجة أنه إذا قرر الزوجان عدم إنجاب أطفال على الرغم من سلامة جسديهما , وإذا ثبت أن هذا القرار قد اتخذ قبل الزواج . المسيحية ( الكنيسة ) تعتبر هذا العق باطلاً و الاسلام ايضاً يقف نفس الموقف . لأن الانجاب هو بعد أساسى من أبعاد الزواج . و حين أسس الله الزواج فى بداية الخلق أشار بالانجاب و أوحى به .
2 _ التبنى
و لكن كيف يستمر الحب فى حالة عدم و جود أطفال , حين يكون أحد ( أو كلا ) الطرفين مصاباً بالعقم , أو حين تتزوج المرأة بعد بلوغها سن اليأس . هنا يظهر التبنى كحل لهذه المشكلة التى قد تهدد الحياة الزوجية . و الكنيسة لا تسمح و حسب , بل تشجع فكرة التبنى . فهناك الكثير من العائلات التى تبنت أطفالاً فىأوروبا و أمريكا , و بينهم عائلة تبنت 12 طفلاً من جنسيات مختلفة . لكن مازالت عملية التبنى محدودة فى مصر و صعبة التحقيق نتيجة لبعض القوانين الموضوعة فى هذا الصدد .
و مع تزايد عدد ضحايا الحروب و الكوارث فى العالم , يتزايد عدد الأطفال المحتاجين إلى أسر تتبناهم بعد أن فقدوا الوالدين . و مع ذلك من النادر جداً أن نرى فى مصر عائلة تفكر فى استضافة أحد هؤلاء الأطفال المحتاجين . و الملاحظ أنه كلما زاد غنى الأسرة أحجمت عن تنفيذ هذه الفكرة . فهناك عائلة فقيرة فى حى شعبى بالاسكندرية لديها عشرة أطفال و تبنت طفلاً آخر , هذا أمر جميل , و يعود بالبركة إلى العائلة . إذا التبنى هو أفضل الحلول فى حالة عقم الآسرة , لكن هناك حلولاً أخرى أقل سمواً .
3 _ وجود هدف مشترك
لو لم يتوفر الأطفال , سواء بالانجاب أم بالتبنى , يجب أن يجد الزوجان هدفاً مشتركاً يجمع بينهما . فيلجأ بعضهم إلى تربية الطيور و الحيوانات , و الاهتمام المفرط بها , و بالطبع هذا هذف رخيص نوعاً ما . و علينا أن نبحث عن أهداف أعلى و أسمى , تستقطب الحب و تجعله يستمر مثل الاهتمامات الاجتماعية و الانسانية و خدمة الملاجىء و إنشاء المستوصفات و المعسكرات الصيفية للشباب ........ إلخ . فعلى سبيل المثال هناك الزوجان اللذان اكتشفا الراديوم ( مارى كورى و زوجها ) و لم يكن لديهما أطفال . لكن أصبح العلم و البحث العلمى هدفاً مشتركاً يجمع بينهما .
الله منحنا طاقة الحب المشترك , و هو ينتظر من الثمرة , و الحب يجب أن يكون خصباً , لأنه إن انغلق على ذاته ذبل و مات.

#ماريو_أنور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات