أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق!- الجزء الثالث والاخير















المزيد.....


يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق!- الجزء الثالث والاخير


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 334 - 2002 / 12 / 11 - 15:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق!
(الجزء الثالث والاخير)

اسطورة "ديمقرطة الجيش"!!

ولان الجيش يتمتع بتلك المكانة العزيزة لدى الطبقات الحاكمة، ولان الاحزاب السياسية والمحافل السياسية والمثقفة البرجوازية بتياراتها المتنوعة من قومية واسلامية الى ديمقراطية وليبرالية هي معبرة، بهذه الدرجة او تلك، عن مصالح هذه الطبقات، فان اعتراضاتها على مؤسسة الجيش الحالية لايتعدى نطاق مفاهيم مثل "غياب الديمقراطية في الجيش" و"ضرورة ديمقرطة الجيش". انها تصور المسالة على النحو التالي: ان ديكتاتورية هذه المؤسسة وسيادة الاجواء القسرية والعنيفة الراهنة هي وليدة ديكتاتورية وقسرية نفس نظام صدام الديكتاتوري. ولهذا تخلص للنتيجة التالية: مع اقامة حكومة "ديمقراطية" في العراق، سيزول كل ما علق بهذه "المؤسسة الوطنية" من "مخلفات" نظام صدام!! ان النقد المذكور هو نقد تيارات سياسية معينة. انه ليس انتقاد الجماهير العريضة في العراق الساخطة على نفس وجود هذه المؤسسة. والسؤال هنا الى اي مدى يتمتع هذا النوع من النقد بصحة وحقانية؟!! وما هي النتائج السياسية والعملية التي يترتب عليها مثل هذا النقد؟!

بغض النظر عن منطلقات الكثير من "اصحاب القلم" هؤلاء عند تناولهم هذه المسالة، فانهم عملياً يدافعون صراحة، بوعي او دون وعي، عن هذه المؤسسة وبقائها. يجب تفسير اي ظاهرة اجتماعية او اقتصادية او سياسية معينة وفق منطقها الداخلي، لا وفق الدهاليز الذهنية لهذا المثقف اوذاك. ان كل مؤسسة لها اليتها وديناميتها الخاصة. لا يمكن الحديث عن الصدق في التجارة لان منطق التجارة يستند اساساً، سواء شئنا ام ابينا، على الكذب والخداع، وفي احسن الاحوال على "عدم الصدق". فالتاجر "الماهر" و "الشاطر" هو ذلك الذي يستطيع اقناع الاخرين بمزايا بضاعته عند البيع وبنواقص بضاعة الاخرين عند الشراء. كما لايمكن الحديث عن "سياسي برجوازي صادق"، لان منطق السياسة البرجوازية هو تحميق الجماهير وابعاد انظارهم عن حقيقة الامور. وعلى نفس المنوال، لم يسمع احد يوما ما بـ"العلاقات الديمقراطية" داخل الجيش. ان عصب الجيش هو الاوامر من فوق. ان ظروف ومعيشة الجندي تحدده مسالة ماذا يبتغى من الجندي: قتل "الاعداء" الداخليين والخارجيين دون قيد او شرط، الدفاع عن النظام القائم ومصالحه وغيرها. ان القسوة المتناهية، الطاعة العمياء، الصلافة والشراسة، غياب مكان الاخر، "نفذ ثم ناقش" (ولايعلم احد لماذا يناقش بعد ان كان قد نَفَّذ!!)، المنصبية، المحسوبية، الرشاوي، استغلال الموقع والمكانة المهنية، التنافس والايقاع بالاخرين، ضيق الافق، كره الثقافة والتعلم، كره الحريات والحقوق، عبودية النظرة للانسان، الاستعلائية، الاستهتار بالقيم الانسانية، ان كل هذه هي سمات الجيش، اي جيش. لا يشذ الجيش العراقي عن هذه القواعد. من الممكن  ان يقول احد ما  ان الجيش العراقي لم يكن كذلك. قبل ان يوضح لي هذا الاعتراض اي شيء اخر، فانه يدلل دفاع صاحبنا عن هذه المؤسسة من جهة، وعلى ان سيادة وطغيان مفاهيم "صدام وجرائم صدام" على مجمل تصوره وعقليته السياسية. انه لايرى سوى الجرائم التي ارتكبها صدام عبر هذه المؤسسة فيما يغض النظر عن مجمل التاريخ والدور الاسود لهذه المؤسسة في المجتمع العراقي. وان يكن مؤسسة الجيش هذه قد اتخذت ابعاد اكثر شراسة ووحشية مع النظام الفاشي البعثي. بيد انها لم تخرج عن الاطر العامة التي تسير هذه المؤسسة القمعية. ان الجيش جيش. اداة لقمع الجماهير. اداة، على قول لينين، أُستخدمت وتُستخدم للحروب الداخلية اكثر مما ضد العدو الخارجي. ان دور الجيش في الحروب، الانقلابات العسكرية، اخماد وقمع الانتفاضات، مصادرة الحريات السياسية، فرض قوانين الطواريء والاحكام العرفية  هي جزء حي لا من تاريخ المجتمع العراقي فحسب، بل من تاريخ مجمل البلدان الطبقية، وبالاخص تلك التي تغط في ازمة خانقة.
 
ولكن السؤال المطروح هنا: لماذا يصر هؤلاء على "ديمقرطة الجيش"؟! لماذا لاتكنس هذه المؤسسة الاستبدادية القمعية؟! لماذا لا يُمحى كابوسها من حياة الجماهير؟!  ان فكروا فعلاً بتحرر الجماهير، لماذا لا يحرروا الجماهير باديء ذي بدء منها؟! لماذا يصر على الابقاء على هذه المؤسسة التي لايعني وجودها سوى الابقاء على سيف احد المؤسسات القمعية جاثماً على رقاب الجماهير؟!

ان كان هناك مزية تُسَجَلْ للنظام البعثي الا هي تبيانه بالملموس  لمدى الدور المدمر والماساوي الذي بمقدور هذه المؤسسة ان تلعبه في حياة الجماهير. يجب كنس هذه المؤسسة لا ديمقرطتها.

اسطورة "عدم تسييس الجيش"!!

يتحدث الكثيرون، هذه الايام، عن ضرورة "عودة الجيش للثكنات"، "يجب ان لايتدخل الجيش في الحياة السياسية"، "يجب ان يكون الضباط والجنود خارج الانتماءات الحزبية"، "يجب ان يترفع الجيش عن الاهتمامات السياسية والحزبية الصغيرة امام المهمة الوطنية العظيمة الملقاة على عاتقه"، "يجب ان لايُفسح المجال للضباط بالعمل السياسي الا بعد الاستقالة من الجيش"؟! ان كل هذه العبارات اتت، هذه المرة، على لسان الضباط وطيف واسع من الاحزاب السياسية. ان دلت هذه العبارات على شيء، فانها تدل، قبل اي شيء اخر، على مدى سخط الجماهير من الجيش ومن المؤسسة العسكرية. ان هذه الحقيقة هي التي تجبر الضباط من امثال الياسري وعشرات غيره على التصريح بها، بل وجعلها ضمن برنامجه.

ان مسالة مدى تدخل الجيش في السياسة وفي الاوضاع السياسية لاي بلد، ومن ضمنها نفس مراكز الديمقراطية وحقوق الانسان التي هي قبلة دعاة الديمقراطية في العراق، تحدده عدة عوامل اهمها توازن القوى الطبقي والسياسي في المجتمع. قد يُبعَدْ الجيش من التدخل في الحياة السياسية لبلد ما، بيد انه يبقى سيفاً قائماً "ساعة الحد" على رؤوس الجماهير. ان هتلر وموسوليني قد ظهرا من رحم العالم الديمقراطي ارتباطا باوضاع الازمة الاقتصادية الخانقة التي عمت العالم نهاية القرن العشرين واختلال ميزان القوى لصالح العامل والراديكالية والشيوعية. ان الجيش مؤسسة واداة قمعية بيد الطبقة الحاكمة والهيئة السياسية الحاكمة. فاي هراء عن "عدم سياسية" هذه المؤسسة. انها تاخذ اوامرها في حروبها وقمعها واستبدادها من الهيئة السياسية التي تملي عليها ماذا عليها ان تعمل وماذا عليها ان لاتعمل. ان هذا تصور مرائي تسعى الطبقات الحاكمة من خلاله اقناع الجماهير بان الجيش "فوق الطبقات"، "فوق الصراعات"، "فوق الهموم الحزبية الضيقة"، "همه خير الوطن وسلامته من تطاول الاعداء". ان واقع الحال ليس كذلك.
 
ان الطبقات الحاكمة، البرجوازية، تتحدث عن عدم سياسية الجيش ابان رخائها وازدهارها، ابان اطمئنانها على مصالحها من انها بعيدة عن تطاول العمال ومحرومي المجتمع. ولكن ابان ازمتها السياسية والاقتصادية، ابان نزول الجماهير للشارع واحساسها بالخطر الداهم على مصالحها وبقائها، فان اول قرار تاخذه هو انزال الجيش للشارع لقمع الجماهير و"تاديبها". وإن انفلتت زمام امور الوضع اكثر، ستدفع الطبقات الحاكمة الهيئة الحاكمة "الديمقراطية" و"المؤدبة" الى ان تتفضل جانباً لاقامة حكومة طواري او القيام بانقلاب عسكري. اذ لا وقت للمزاح بعد. ان انقلابات الجيش هي اشارة الطبقة الحاكمة للجيش الذي ترى فيه بديل وحيد لوضع حد للجماهير واعادتها الى منزلها بالسلاح بعد ان عجزت سبل الديماغوجية البرلمانية. انظر الى تاريخ الانقلابات العسكرية  في العالم كله وليس العراق فحسب، سترى في اي سياق واي ظروف اجتماعية- اقتصادية جاء العسكر للسلطة. نفس الانقلابات العسكرية في 1958 (واعلم ان كثيرين سيشيطون غضباً لتسمية محاولة عبد الكريم قاسم بانقلاب!!)، 63، 1968 التي جاءت بنظام صدام للسلطة قد جاءت كلها ارتباطاً باوضاع تازم الطبقة الحاكمة (فوق) وتحرك الشارع (تحت). ( لا اريد ان اطيل في موضوعة الجيش والديمقراطية اكثر لاني اسعى لتناوله باسهاب اكثر في فرصة قريبة).

لقد فات اصحاب هذه الاراء ان يدركوا ان الحكومات العسكرية ليست الشكل الوحيد للاستبداد وان مجيء حكومات مدنية للسلطة لايعني قط ان حيز حريات الجماهير وحقوقها قد اتسعا، و لايعني بحد ذاته اتساع مساهمة الانسان في التدخل في تحديد المصير والمسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد. ان اوضاع عالمنا المعاصر، وبالاخص بلدان ما يسمى بالعالم الثالث حيث سادت الحكومات العسكرية، تدلل، يومياً، وباجلى الاشكال، على هذه الحقيقة.

 وفيما يتعلق بالعراق، يصورون ان اساس بلاء جماهير العراق هو وجود نظام حكم ديكتاتوري عسكري. انه لامر مفهوم ان وجود حكومة عسكرية في العراق يعني تشديد الخناق اكثر واكثر على رقاب الجماهير، بيد ان هذا يجب ان لايحرف انظارنا عن النظام الذي يقف وراء هذه الديكتاتورية العسكرية. ان هذين التناولين المختلفين يوصلنا الى نتائج سياسية وتكتيكية مختلفة جداً، بل ومتعارضة. فالاول يوصلنا الى، ويكتفي بـضرورة ازاحة العسكر من الحياة السياسية وابقاء الامور على حالها، مجيء حكومة تقوم بانتخابات كل اربعة اعوام تسلب من الجماهير اي مشاركة فعلية في تحديد المصير السياسي للجماهير، اما الثاني، فيسعى لازالة الاسس المادية للظلم والاستغلال وسلب الحريات والحقوق. ان اعتراض الاول على شكل ونمط معين من السلطة، اما اعتراض الثاني على المضامين الاجتماعية والسياسية للسلطة لاي سلطة برجوازية ومنها العسكر. 

 بيد ان التصور الذي يرهن حق الاشتراك بالعمل السياسي بمغادرة الجيش فهو اهزل بكثير من هذا. انها ذات اهداف كثيرة.  ان خلفية هذا التصور المغرض تستند الى رهن مسالة الديكتاتورية (الناجمة عن العسكرتارية حسب هذا التصور) بالفرد. كما لو ان الدكتاتورية هي نتاج الافراد الديكتاتوريين!! هؤلاء الافراد الذين غدوا ديكتاتوريين نتيجة نزعات ذاتية وفردية وسلوكية غير سليمة او عقد نقص شخصية. ولهذا يتحول التاريخ من ميدان صراع القوى الاجتماعية حول المسائل الاجتماعية الحية الى ميدان كشف الاسرار والاغوار الشخصية!! ومن السهولة بمكان فهم المصلحة الخاصة للطبقة الحاكمة في مثل هذا النوع من التصوير. اذ تُدفن علل مصائب الجماهير مع دفن الديكتاتور!! فيما تصان رقبة النظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يقف وراء هذه المصائب والذي هو منبع ومصدر هذه الديكتاتورية. ان هدف هذا التصور هو تبرئة ذمة الطبقة البرجوازية واحالت انظار الجماهير نحو فرد (كبش الفداء). ان هذا هو بالضبط مايقوموا به تجاه صدام حسين مثلما قاموا به بالامس تجاه هتلر، موسوليني، بينوشيت، هيلاسي لاسي والعشرات من الديكتاتوريين الذين جلبوا المصائب تلوا المصائب على رؤوس الجماهير.

اي موقف يجب اتخاذه من الجيش؟

نظرا لكل ما ذكرناه حول الطابع القمعي للجيش، يجب النضال من اجل حل الجيش وقوات الحرس وسائر القوات المسلحة الحرفية وكافة المنظمات العسكرية والتجسسية والبوليسية.  ان هذا ما ينبغي ان تقوم به اي حكومة مقبلة في العراق. ينبغي ان تحل مليشيات مجالس الجماهير المبنية على اساس التدريب العسكري العام والمشاركة العمومية في المهام الانضباطية والدفاعية محل الجيش الحرفي المنفصل عن الجماهير.

ولكن طالما بقيت القوات المسلحة، ينبغي الغاء الطاعة العمياء. لكل عسكري الحق في الامتناع عن تنفيذ الاوامر التي يعتقد بمعارضتها لقوانين البلاد او مغايرتها للمباديء الانسانية والوجدانية التي يؤمن بها. كما يحق لكل امرء الامتناع عن المشاركة في الحرب او اية نشاطات عسكرية يعتقد بتناقضها مع مبادئه ومعتقداته. ان من حق الجندي ان يتمتع بحياة عادية سليمة. ان كونه جندي لايمنعه من التمتع بمجمل سمات حياة مدنية مرفهة وانسانية امنة ومؤمنة. يجب ان تلغى مجمل القوانين والتعليمات التي تعمل على ابعاده عن حياته الطبيعية ومحل سكناه (اذ ان هدف ارسال الجنود للمناطق النائية والبعيدة عن اماكن سكناهم لاتتعلق قط بمسالة السعي نحو تعليمه التحمل والصبر!! كما يشيعون. ان هذا كذب محظ. انه مسعى لابعاده الى مناطق "غريبة" حتى لايوجع قلبه ان قام باطلاق النار على "الغرباء" التي لاتعني هنا "غير العراقيين"، بل نفس العراقيين ولكن من سكنة المناطق الاخرى، "الاكراد"، "الشيعة"، "الدليم" ...الخ. اذ تغير البرجوازية المفاهيم والمدلولات العملية بما يناسب مصالحها).
 
يجب السماح لكل منتسبي القوات المسلحة بحرية ممارسة حقهم في النشاط السياسي والانضمام الى الاحزاب السياسية والنقابات بوصفهم افراد في المجتمع. ان منع المنتسب للقوات المسلحة من العمل السياسي هو خرق لاحد حقوقه الاساسية كانسان. ان الطبقات الحاكمة تسعى بكل السبل لابعاده من الحياة السياسية كي تربح ابعاد قسم واسع من اعضاء المجتمع بحجة كونهم عسكريين (لاحظ بعد ان ابعدت نصف المجتمع قبلها، المراة!) من التدخل في الاوضاع السياسية وتقرير المصير والمستقبل السياسي للمجتمع. كما يحق لمجمل الاحزاب السياسية ممارسة نشاطها السياسي في الجيش. لا اقصد من كلامي هذا السماح لمؤسسة الجيش في التدخل في الحياة السياسية. انا اتحدث عن افراد، عن ملايين العمال والكادحين الذين يسلب منهم حق المشاركة في تقرير مصير المجتمع وذلك لكونهم "جنود".

ان هذه هي الخطوط العامة للموقف من الجيش. ولكن تثار هنا اعتراضات كثيرة مثل: كيف يمكن ان يكون بلد بدون جيش؟! كيف يتم رد عدوان على البلد؟! الا يغري ذلك "الاعداء" على مهاجمة البلد؟!. ان المسالة تتعلق بحل الجيش بوصفه مؤسسة قمعية، كسائر الاجهزة الاستبدادية، تستخدم اساساً ضد الجماهير وارهابها (وهذه مهمته الحقيقية والواقعية).  ان موضوعة التصدي لعدوان لهي مسالة تختلف عن مسالة حل الجيش. انهما قضيتين مختلفتين. لايهدف الخلط بينهما هنا الا تضليل الجماهير، الا تبرير الابقاء على مؤسسة الجيش. ان جواب ذلك بسيط. حين تكون السلطة بيد الجماهير المنظمة في مجالسها، عندها بوسع المجالس، ومن ضمن مسعاها اليومي بالاجابة على مسائل المجتمع، ان تقرر، وفي ايام قلائل بل حتى و ساعات، ماذا عليها ان تعمل تجاه مسالة العدوان على دولتها. ان امامنا نموذج حي ومجرب واثبت صحته عملياً الا وهو الجيش الاحمر لروسيا العمالية المنتصرة. لقد نظم العمال المنظمين في مجالسهم والبلاشفة، بوصفها طليعة عمال وكادحي روسيا، المجابهة والتصدي المسلح لاربعة عشر بلد امبريالي ودحرت هجومهم وكسرت الطوق الذي وضع لها من قبل هذه الدول الراسمالية. ان حل الجيش يستعاض عنه بالمليشيات الجماهيرية التي هي ذات اهداف دفاعية بحتة. ان حل الجيش، كمؤسسة قمعية استبدادية تمارس العنف بحق الجماهير قبل اي شيء اخر، لايقلل قط من قدرة الدفاع عن البلد. ان الدفاع عن البلد سيكون قرار واع لجماهير تدافع عن دولتها، جماهير تعلم علم اليقين ان هزيمة دولتها يعني هزيمتها هي، وان الاطاحة بدولتها يعني الاطاحة بها وبرفاهها وبحقها في التحديد اليومي لمصير البلد. على العكس من هذا، ان امكانية دفاع العمال والكادحين عن دولتهم هو اعظم بكثير من دفاع العمال والكادحين انفسهم الذين تسوقهم البرجوازية نحو حرب من اجل مصالحها وسيادتها وهيمنتها التي يذوقوا اسوأ انواع المصائب يومياً في ظلها في اوقات السلم. ان طبيعة دولة العمال والكادحين هي تختلف تماماً عن الدولة الراسمالية التي تنتصب، اساساً، على عرق وكدح واستغلال العمال وذبحهم في حروبها المتتالية. ليست الارباح والتنافس والصراع الاقليمي والظهور كقوة عسكرية وسياسية هي بوصلة دولة العمال والجماهير في العراق. ان حافز هذه الدولة هي رفاه الجماهير، سعادتها، تحقيق مطاليبها واقامة مجتمع يلبي الحاجات الانسانية للبشر. ولهذا، لا مصلحة لها في الحروب، لا مصلحة لها في شن الغزوات التي هي شيمة النظام الراسمالي.

كذلك ان مسالة الحروب مسالة معقدة جداً، مسالة سياسية قبل ان تكون عسكرية. وحين تطرح قضية الحرب امام مجالس العمال والجماهير، ستجد لها الجواب والحل المناسب. ان ظروف وملابسات اللحظة هي التي تقرر سبل التصدي لهذا الامر الطاريء. يصعب اعطاء جواب تفصيلي لمسالة مثل هذه. ان جواب هذه المسالة سيكون متضمناً في نفس الظروف المعطاة في حينها: قدرة المجالس وتنظيمها وتجهيزها، الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها البلد، الدعم الاممي لعمال وتحرري العالم، مجمل الوضعية واللوحة السياسية العالمية وميزان القوى الطبقي والسياسي على الصعيد العالمي....الخ. قد يقول احد ما ان المليشيات ستهزم. ان جوابي على هذا الا يهزم الجيش ايضاً في الحروب رغم انه جيش؟! ان هذا لايصلح ان يكون مبرراً للابقاء على الجيش. ان مسالة الهزيمة واردة في كلا الحالتين. بتصوري، ان قدرة المجالس الجماهيرية هي اكبر بكثير من قدرة الجيش النظامي.

 من جهة اخرى، يتضمن هذا التصور في طياته نظرة خاطئة تماماً الا وهي ان الحروب والاقتتال لهما شيء بديهي في حياة المجتمعات، المجتمعات على العموم. انها من مرتكزات المجتمعات الطبقية. ان هذا تصوير مخادع ومضلل.

ختاماً، يجب اقامة عراق خالي من هذه المؤسسة. يجب كنس هذه المؤسسة وللابد من حياة الناس. بدون هذه المؤسسة، سيغدوا المجتمع اكثر انسانية، ستُسلب احد رؤوس حراب الهجمة على الجماهير.     
                           

 



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة اليوم العالمي الاول لمناهضة -عقوبة- الاعدام: يجب ا ...
- يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق الجزء الثاني اسط ...
- يجب كنس مؤسسة -الجيش- من حياة جماهير العراق! - الجزء الاول
- -مؤتمر بروكسل-.. وكعكة السلطة المغمسة بدماء الابرياء!
- فوز حزب العدالة والتنمية في تركيا، نتاج اية واقعيات!!
- الرجعيون يقاتلون بعضهم
- علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة! رد على شتائميا ...
- علاء اللامي.. والسعي لاحياء شعبوية متهافتة!! رد على شتائمي ...
- ! رد على مقالة جورج منصور -انصار الحزب الشيوعي العمالي يثيرو ...
- افشال ندوة الجلبي.. دروس وعبر!!
- علاء اللامي.. والسعي لبث الروح في شعبوية متهافتة؟! - الجزء ...
- مَنْ ينصح مَنْ؟!! رد على مقال صاحب مهدي الطاهر "رد على مناشد ...
- نص خطاب في مراسيم رحيل منصور حكمت- ستوكهولم
- يجب رفع الحصار فورا ودون قيد او شرط
- ورحل شامخاً!!
- اعلان شيعة العراق.. سيناريو جديد مناهض للجماهير
- قرع امريكا لطبول الحرب سياسة مناهضة لجماهير العراق
- الاوضاع الاخيرة في فلسطين!!
- الاحزاب الشيوعية العربية والاصطفاف في خندق الاسلام السياسي


المزيد.....




- مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا ...
- مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب ...
- الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن ...
- بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما ...
- على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم ...
- فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
- بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت ...
- المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري ...
- سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في ...
- خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فارس محمود - يجب كنس مؤسسة الجيش من حياة جماهير العراق!- الجزء الثالث والاخير