|
حمار يقدم شكوى إلى الرئيس حسني مبارك
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1286 - 2005 / 8 / 14 - 10:22
المحور:
كتابات ساخرة
سيدي الرئيس، لن أطيل عليك لمعرفتي المسبقة بأن وقتَك الثمينَ لم يعد ملكا لك وحدك، فهو موزعٌ ما بين اتصال من الدكتور ماير في ميونيخ للاطمئنان على صحتك، وعلى أن عزرائيل لن يقوم بزيارة مفاجئة إلى شرم الشيخ أو قصر العروبة أو قصر عابدين، وما بين انشغالك في تحديد نسبة نجاحك في الانتخابات ولعلك ترى أن 87% قد تكون مُرْضية للدكتورة كوندي، وما بين زيادة الطلبات من الذين لم ينهبوا من الوطن ما يكفيهم في ربع القرن المنصرم ويريدون بقية الكعكة المصرية، ورهن قناة السويس أو حقول البترول أو احتياطيات الوطن المسكين مما بقي في مصارفه المنهوبة. لكنني واثق أنك ستأخذ بعين الاعتبار تلك الشكوى التي يتعرض لها حمار صابر تحمل ظهرُه آلاف اللسعات من كرباج أشد وأقسى الساديين غلظة، تماما كما يفعل رجالك وكلابك مع المواطنين المصريين الذين يقع حظهم العاثر في قبضة رجال أمنك داخل أحد أقسام الشرطة أو في مظاهرة مناهضة لاستبدادك أو في زنزانة بقبو تحت الأرض في أحد سجونك ومعتقلاتك الممتدة في وادي النيل الخالد .. من حلايب إلى الثغر. لقد تقدمت، سيدي الرئيس، بطلب الترشح للرئاسة، وأستوفيت كل الشروط، وكانت أوراقي سليمة، وليس لدي أي برنامج فأنا لا أختلف عن الحمقى والمغيبين والهُبل والمتخلفين الذين اصطفوا لتسجيل ترشحهم لأهم منصب في مصر، رائدة التقدم في عهدك الميمون كما يقول رؤساء تحرير الصحف القومية في ما نشيتاتهم العريضة التي لا يصدقها إلا حمار أو مجنون.
وقفت في الصف الطويل واستمعت لبعض أولويات المترشحين والمترشحات، وكم كانت سعادتي غامرة لأنني خُلقْتُ حمارا يحترم نفسه ويحافظ على كرامته أفضل من كثير من الذين كانوا أمامي وخلفي ننتظر الطلعة البهية للسيد رئيس لجنة قبول الترشيحات للرئاسة. قال أحدهم بأن أول شيء سيفعله هو اجبار المصريين على ارتداء الطربوش رمز الدولة العثمانية، وقال ثان بأنه عاطل عن العمل لكن مشروعه لمستقبل مصر يهدف إلى أن يجد ابنه عملا عندما يكبر، وقال ثالث بأنه يرشح نفسه للتشرف بالسلام على الرئيس مبارك عندما يكون منافسا له، وقال رابع بأنه في عطلة قصيرة لمصر ويريد أن يقوم بعمل شيء ( كالذي يريد أن يأكل بطاطس محمرة مثلا أو أكلة سمك على البحر )، وسحبت خامسة استمارة الترشح وقيل لها بأن المترشح ينبغي أن لا يقل عمره عن أربعين وهي في الثلاثين فهزت رأسها وقالت: سأتقدم بطلبي في كل الأحوال، وقالت سادسة بأنها ترشح نفسها للتأكد من امكانية وصول المرأة للحكم في مصر، وقالت سابعة بأنها تريد أن تكون رئيسة للجمهورية لأن زميلاتها في العمل يرون أنها تتحدث مع الجميع! استمعت، سيدي الرئيس، لمنافسيك الذين تم الاتفاق معهم سلفا لعمل المسرحية، وازداد اعتزازي وفخري بكوني حمار أكثر رقيا من منافسيك، وتحضرا من هؤلاء البلهاء الذين مثلوا أسخف مسرحية في العصر الحديث، وتكاد تتفوق على حلقاتك الثلاث مع عماد الدين أديب التي حاولوا بها رفعك إلى السماء الرابعة فأنزلوك للأرض الخامسة. بعد نقاش احتدم بيني وبين رئيس اللجنة، قال لي بأنه سيتحدث مع صفوت الشريف وكمال الشاذلي ويوحي لهما برفض طلبي لأنني حمار مجادل وهم يبحثون عن إنسان مطيع. إنني أعلم، سيدي الرئيس، أن الترويكا المكونة من كمال الشاذلي وزكريا عزمي وأسامة الباز وصفوت الشريف وفتحي سرور ويربطهم من رقابهم ابنك السيد الرئيس الشاب جمال مبارك تمسك البلد من نهرها إلى بحرها، لكنني لا أفهم كيف سيقنع رئيسُ اللجنة أحدَ أعضاء الترويكا بأن الحمار أقل شأنا من المترشحين الآخرين؟
سيدي الرئيس، إنني أستطيع أن أكون زعيما مثاليا تصفق له الجماهير، ويمتدحه الإعلام، وتتوقف البلد لدى مرور موكبه المهيب، ثم تتوقف مرة أخرى لدى عودته من نفس الطريق. إنني لا أفهم في الادارة السليمة، ولا أقرأ، ولا أكترث بالآخرين، وأسمع ملايين المصريين يتوجعون ويصرخون ويبكون دما ولا أتحرك قيد شعرة. إنني استطيع أن أمنح اللصوص والنصابين والحيتان صكوكا بملكية الوطن دون أن يرف لي جفن واحد، وأن أظل صامتا، وإذا تحدثت فهراء وخزعبلات يلمعها الإعلام، ويزركشها المنافقون، ويؤهلها لمسامع الحمقى مثقفون متزلفون جبناء. قل لي بشرفك، سيدي الرئيس، هل هناك شيء صعب يقوم به السيد الرئيس أو يحتاج لعبقرية أو ذهن آينشتايني بارع؟ ستقول لي: مشروع توشكى، وكباري القاهرة الكبرى، وفيلات الأغنياء في مارينا، وحفلات التلفزيون ومسلسلاته، وصفقة الغاز مع إسرائيل، ووضع مئات الجنود على حدود رفح، ومزارع يوسف والي التي اخترقت أجساد المصريين كما فعلت البلهارسيا وأمراض الكبد والغلاء والبطالة! إنني ألجأ إليك لتنصفني، وتطلب من السيد كمال الشاذلي الذي يعد نفسه لست سنوات أخريات عن يمينك أن يقنع رئيس اللجنة بقبولي الترشح. أما نصف المليون جنيه المرصودة لحملة الانتخابات فأنا أتنازل عنها، ولا تزال ثقتي بالانتصار لا حدود لها، فشعب مصر العظيم الذي لا يزال عشرات الملايين منهم يفضلون مَنْ أذلهم وأهانهم وفرّغ بلدهم من خيراتها وسَلّط عليهم شياطين الإنس، وبَلّدَ مشاعرهم، وضّخَمَ خوفهم، وعَمّق لذةَ الاستعباد والخنوع في نفوسهم، وجعل الكلمةَ الحاسمةَ والصارخة والفاضحة للاستبداد لا معنى لها، ولا تأثير لآلاف المقالات والتحقيقات والصور والحقائق، هذا الشعب لن يتأخر عن منحي، في حالة قبول ترشحي، أصواتا قد تهدد نجاحك، وتجعل أعضاء الحزب الوطني يبللون سراويلهم من هول المفاجأة. إنني أقدم لك، سيدي الرئيس، شكوى في رسالة مفتوحة، وقد أضطر للجوء لأحد المحامين المتخلفين الذين يرفعون قضايا في أي شيء ضد أي شيء، ليساعدني في الحصول على حقي في المساواة الكاملة والعادلة بيني وبين منافسيك. لو كنت مواطنا مصريا لما لجأت إليك، فأنت لم تنصف أيا من مواطنيك طوال ربع قرن، وأذقتهم الويل وكل عذابات الأرض، وسلطت عليهم من لم يرحمهم، وفتحت لهم جحيم الدنيا، وجعلتهم يلعنون سنوات طويلة تحول الوطن الطيب فيها إلى سرادق عزاء، وانتقمت منهم كأن ثأرا أبديا يجري في جسدك مجرى الدم، لكنني لست منهم، فأنا حمار ألتزم الصمت مهما كان وقع لَسَعات السوط فوق ظهري، إنما إذا أتيحت لي الفرصة، أمتنع مطلقا عن منح صوتي الانتخابي للراكب فوق ظهري، هذا هو الفارق بيني وبينهم! فهل تنصفني؟ محمد عبد المجيد رئيس تحرير طائر الشمال عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين http://www.tearalshmal1984.com [email protected] [email protected] Fax: 0047+ 22492563 أوسلو النرويج
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وقائع محاكمة الرئيس مبارك .. كتاب يبحث عن ناشر
-
حمار يقدم أوراق ترشحه للرئاسة
-
إنقلاب عسكري في مصر .. البيان رقم واحد
-
كلاب السيد الرئيس
-
رسالة من مبارك للمصريين .. سأجعلكم تزحفون على بطونكم
-
الجنسية الخليجية .. الشرف المستحيل
-
هل القوى الوطنية المصرية ترقص مع النظام؟
-
صعاليك الإنترنيت
-
شبابنا وصناعة الجهل .. من المسؤول؟
-
ماذا يحدث في دولة الإمارات؟ قراءة في أسباب الصمت
-
ليبيا .. لا بديل عن العصيان المدني
-
مقاومة رغم أنوفكم .. إرهاب رغم أنوفنا.... نصيحة إبليس للملائ
...
-
دموع أم ربيعُ دمشق .. كلمة أخيرة قبل أن تضيع سوريا
-
حوار بين حمار و .... زعيم عربي
-
رسالة مفتوحة من حمار إلى حركة استمرار
-
رسالة غاضبة من الرئيس مبارك للمصريين .. كرامتكم تحت حذائي
-
خوفي على مصر من الإخوان المسلمين .. رسالة إلى المرشد العام
-
قراءة في أسباب فشل العصيان المدني
-
رسالة عاجلة من الرئيس مبارك.. سأبصق في وجه كل من يعطيني صوته
-
الواحدة ظهرا تحت تمثال رمسيس في يوم شم النسيم يبدأ العصيان ا
...
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|