|
العدوان على غزة كان بمثابة الغربال الذي اسقط زوان العنصرية
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 22:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العدوان على غزة كان بمثابة الغربال الذي اسقط زوان العنصرية تميم منصور
عبر اكثر من مسؤول اسرائيلي واحد عن قلقهم من استفحال حالات تفشي العنصرية بكافة مظاهرها وتبعاتها من العنف ضد المواطنين العرب ووقف التعاون معهم ، خاصة بين طلاب المدارس وابناء الشبيبة وقطاعات كثيرة داخل المجتمع الاسرائيلي . يحاول هؤلاء المسؤولين وفي مقدمتهم وزير التربية والتعليم الراب " شاي بيرون " الذي ينضح بالعنصرية خلق توازن مشبوه ومشوه بوجود تعصب قومي لدى الطرف الثاني من مواطني الدولة وهم المواطنون العرب ، مع ان هذا بعيداً عن الحقيقة لأن كافة المدارس بمختلف مراحلها في الوسط العربي ملتزمة بمناهج التدريس الفارغة من كل المضامين والقيم والانتماءات القومية والوطنية التي تفرض عليها من قبل اجهزة الظلام التي تسيطر على القسم العربي في وزارة المعارف ، وهذه الحقيقة يعرفها وزير التربية الحالي وكافة الوزراء الذين سبقوه في هذا المنصب ، هذا اذا اخذنا بعين الاعتبار ايضا بان غالبية المؤسسات التربوية في الوسط العربي هي غالبا ما تبادر لإقامة فعاليات مختلفة لرفع مداميك التعايش مع الطرف الآخر ، ليس لأنها الطرف الاضعف بسبب سياسة التمييز القومي التي تمارسها وزارة المعارف ، بل بسبب قناعة غالبية مدراء المدارس العربية بأهمية هذا التعايش لأنه جزءاً لا يتجزأ من المواطنة الصالحة، لعل هذه السياسة توقف مد العنصرية وتردع الكثيرين من حليقي الرؤوس الصهاينة وتلامذة الفكر السلفي التكفيري من الربانيم الذين لا يترددون بإصدار الفتاوى التي تدعوا الى ملاحقة المواطنين العرب ونبذهم . ان قلق الوزير بيرون المصطنع هو وغيره وحده لا يكفي، دون اتخاذ خطوات جريئة وعملية لمحاربة ظاهرة ارتفاع منسوب العنصرية التي يقر بها بيرون وغيره داخل صفوف المجتمع اليهودي ، خاصة خلال العدوان البربري على غزة ، وخلال البحث عن الفتيان الثلاثة الذين تم اختطافهم . ان هذا التخوف قد جاء متأخراً ولا يعدوا اكثر من تحذير كاذب ، اعترف هذا الوزير الذي يعتبر وزيراً للسياسة اكثر منه وزيراً للتربية بأنه اوكل معالجة موضوع العنصرية في المدارس الخاصة اليهودية منها الى المدرسين وحدهم لعلاجها مع الطلاب ، واعترف بأن المعلمين لا يملكون الآليات اللازمة والملائمة لمواجهة اوباء العنصرية ، أي ان الوزير يريد محاربة العنصرية دون القضاء على مسبباتها ، وهو يعرف اكثر من غيره بأن التمييز القومي يعتبر من مقومات وجوهر الصهيونية الفكري التي صنعت النكبة ، فالنكبة وما يعانيه ضحاياها من المواطنين العرب الذين واجهوها بالثبات والتمسك بوطنهم هي من تداعيات العنصرية منذ قيام اسرائيل حتى اليوم . ان استفحال ظاهرة العنصرية خاصة في الآونة الاخيرة كانت بمثابة الغربال الذي سقط منه زوان اليمين الفاشي ، في حين تم الكشف عن معدن القوى اليهودية الذين تصدوا لاعتداءات وبطش قوى اليمين المدعومة من جهات امنية مختلفة ، لكن هذا لم يمنعهم من التعبير عن مواقفهم من خلال المظاهرات التي قاموا بها في شوارع تل ابيب وحيفا والقدس ، معبرين عن استنكارهم للعدوان الهمجي على قطاع غزة ، ان موقفهم هذا اذهل الكثيرين وأظهر أن موقفهم هذا اشرف بكثير من قطاعات شعبية بقيت مترهلة خاملة مخدرة في اكثر من دولة عربية واحدة في مقدمتها السعودية وقطر ودوا الخليج الأخرى . لا يمكن مواجهة العنصرية وقطع دابرها بالتمنيات والنوايا – فالنوايا الحسنة قد تؤدي الى جهنم – او بالطرق والاساليب التي يتحدث عنها بيرون وغيره داخل المجتمع الاسرائيلي ، لأنها متجذرة في نفوس غالبية طلاب المدارس اليهودية وفي نفوس غالبية ذويهم ، هنا لا بد من طرح سؤال الى وزير المعارف ، هل بإمكان المعلمين العنصريين من اليهود - وما اكثرهم- محاربة العنصرية ؟ ان فاقد الشيء لا يعطيه ..!! ورافض التسامح والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني العيش في وطنه لا يمكن ان ينعق سوى بالمزيد من العنصرية ..!! هل ينتظر بيرون من المعلمين في المدارس الدينية التابعة لحركة شاس وغيرها من الاحزاب الدينية الأخرى التوقف عن زرع بذور الكراهية للعرب بين طلابهم ؟ هل ينتظر جناب الوزير من المعلمين الذين يعيشون في المستوطنات الكولونيالية محاربة العنصرية وهي بالنسبة لهم تعتبر فصلا من فصول التوراة الاسرائيلية وتأكيداً لتقديس فكرة أرض اسرائيل الكبرى ..؟! يقدسونها ويؤمنون بها فكراً وعملاً . هل ينتظر سيادته من السلك الاكاديمي في " جامعة هرئييل" كما يسمونها محاربة العنصرية وهو يدرك بانها الجامعة الوحيدة في العالم التي اقيمت فوق اراضي محتلة . ان الوزير بيرون معروف بإصراره على اتباع سياسة المزيد من أسرلة المدارس العربية ، كما طالب بوقف تعليم اللغة العربية في المدارس اليهودية . العنصرية والتمييز القومي في اسرائيل مرتبطتان بمكونات الدولة ومؤسساتها ، ومرتبطة ايضاً باستمرار الحروب وغياب أي نوع من الثقافة التي تدعوا للمساواة الحقيقية بين كافة المواطنين دون أي اعتبار لانتماءاتهم الدينية او القومية ، من غير الممكن ان يشعر الاسرائيليون بمرارة العنصرية الا بعد الاكتواء بنيرانها وهذا لا يتم الا باتساع هوة الفوارق الطبقية داخل المجتمع ومن خلال استمرار اليمين الفاشي بالسيطرة على الحكم . اذا كان الوزير بيرون جادا في محاربة العنصرية فان يقظته جاءت متأخرة لأنه من غير الممكن اطفاء نيرانها ما دامت اسرائيل تصر على اعتبار نفسها دولة الشعب اليهودي فقط ، هذه هي العنصرية بكل مقاييسها . السلطات الاسرائيلية مستمرة في محاولاتها لتغييب الهوية العربية وشطب الثقافة والحضارة العربية ، آخر هذه المحاولات المطالبة بإسقاط اللغة العربية وعدم الاعتراف بها كلغة رسمية في مؤسسات الدولة ، وقد سبق ذلك مصادرة هوية جغرافية الوطن وتاريخه ، ومصادرة اسماء نباتاته وطيوره وجباله واوديته واشجاره وزواحفه ، واستعارة اسماء مشوهة مستوردة ،ترفضها الجبال والاودية والاشجار والطيور والزواحف، اذأ كيف يقبلها ابناء الوطن الاصليون .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ديمقراطية الانياب الدموية في وسائل الاعلام الصهيونية
-
ثورات مصنوعة من خيوط واهية سريعة التمزق
-
كذبة اسمها العروبة
-
بين تموز لبنان وتموز غزة السفاح واحد
-
صراع المصالح فوق الجسد الفلسطيني
-
ماركات احتلالية خاصة بالصهيونية
-
النقد البناء كسكين الجراح الذي يجرح ليشفي
-
لكل زمن وموقف دايتون جديد
-
قلة الشغل تعلم مفكر النيتو التطريز
-
عندما يبكي السجان دموع النفاق
-
في انتظار طيور سنونو جديدة قادمة الى اسرائيل
-
بين أنصار المخلوع وانصار المعزول حبل من مسد
-
النقد هو الجانب الآخر للحقيقة
-
قاطرة المفاوضات تبحث عن سكة حديد واضحة
-
تركيا واسرائيل توأم سيامي في قهر الشعوب
-
مصالحة نتنياهو اردوغان سكاكين جديدة فوق الجسد الفلسطيني
-
في حكومة نتنياهو تعددت الضفادع والنقيق واحد
-
طقع حكي بماركة صهيونية
-
اليمين الاسرائيلي يريد انتفاضة ثالثة
-
لكل قديس نزوة
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|