يحيى غازي الأميري
الحوار المتمدن-العدد: 4561 - 2014 / 9 / 1 - 11:00
المحور:
الادب والفن
بمحاذاةِ المدنِ
ضربت أوتادَها في الرمالِ أو التراب
أو في المزابلِ والأوحال
خيمٌ حديثةٌ، على امتدادِ البصر
ذات ألوان موحدةٍ
مرصوفةٍ بصفوفٍ هندسيةٍ
إنها مضاربُ الوجعِ الحديثة
هي جزءٌ من هباتِ ما وعدوا به العباد!
بعد سنينَ طويلةٍ رافقتهم فيها سطوةُ الموتِ
ممزوجةً برائحةِ الدمِ والبارود.
إنه الفصلُ الدمويُّ الجديدُ
من دروسِ
المحنِ والشجنِ والخرابِ والاحتراب
التي لم تزلْ تلازمُ المكان
إنه درسٌ من دروسِ التهجيرِ القسريِّ، والتشريد
والفرارِ الجماعي من الموتِ الأكيد.
أمام مدخلِ بوابةِ المخيمِ
وقف رجلٌ تجاوز الخمسينَ يتصببُ عرقاً
وهو يحملُ أمهُ ذاتَ الثمانينَ على ظهرهِ
بعدَ مسيرة يومينِ في طرقٍ وعرةٍ
وهو ينشدُ بصوتٍ عالٍ
ـ أيها السادةُ
إنهُ درسٌ كبيرٌ في الخيانةِ والخذلان
قد لحق بنا في يومٍ ماحقٍ.
فيجيبهُ صوتُ أمهِ واهناً مرتجفاً يرددُ
ــ ليمحق اللهُ من كان السبب
وليلحق به وبذريته العارُ والشنار.
بلمحةِ بصرٍ تجمع حولهما مجموعةٌ من صبيةِ المخيم.
يقدمون لهما قطعاً من أرغفةِ الخبزِ، وأكواباً من الماء
يستقبله صوتُ شيخ كهل يقف على ساقٍ واحدةٍ ،مستنداً على عكاز:
ـ أهلاً وسهلاً بكما في مضاربنا الجديدة ؛ لكن أعلم يا بني
هنا يرافقنا كظلنا الرعبُ و الخوفُ
والحرمانُ والامتهانُ لقيمِ وحقوقِ الإنسان!
يسودُ الصمتُ لحظاتٍ
فيرتفعُ من بابِ إحدى الخيامِ
صوتُ نايٍ حزين.
فيكملُ الشيخُ الكهلُ حديثه مع صوت الناي:
ــ وهنا يتمتع أخوانك واهلك بعهدٍ جديدٍ من الذلِّ والأحزان
للكرامةِ والوجدان.
ويصمتُ لحظةً
ثم يكمل بصوت أنهكه التعبُ
ــ لقد مضى على وجودنا هنا أكثرُ من شهرين
ونحن نجهلُ أين سوف يرسو بنا المصير
واعلم يا بنيَّ
لقد طار منا الأملُ وضاعت الأحلام
وحل اليأس في النفوس
وتضاعفت الأشجان
بعد أن أعلنت أخرُ الأخبار أن
الذئابَ على الأبواب.
هذيان مع الفجر/ مالمو ـ مملكة السويد
1-أيلول- 2014
#يحيى_غازي_الأميري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟