|
تهافت التهافت
عيسى ب. ربضي
الحوار المتمدن-العدد: 1286 - 2005 / 8 / 14 - 09:47
المحور:
القضية الفلسطينية
منذ أواسط العام 2005، وتحديدا بعد الانتخابات الرئاسية الفلسطينية وشغور عدد كبير من لوحات الإعلانات في محافظات الوطن، احتلت الوكالة الأمريكية هذه المساحات كما احتلت مساحات أخرى من جرائد الوطن، وإذاعات الوطن وعقول الوطن وامتدت لتحتل بعض الفضائيات العربية بإعلانات صارخة عن"الدعم الأمريكي" للشعب الفلسطيني، تارة بالمياه وتارة بالتعليم من منطلق حرص الوكالة على تنقية مياهنا "وفلترة" مناهجنا التعليمية للحصول على ماء نقي وتعليم نظيف!! قد يكون من المضحك أن يهدي الشعب الأمريكي ملايين الدولارات للشعب الفلسطيني، وان يكون الشعب الفلسطيني جاحداً وناكراً للجميل ولا يسارع لنشر إعلانات الشكر والتقدير لهذه اللفتة الكريمة ، فأرادت الوكالة الأمريكية أن تذكرنا بنعم الشعب الأمريكي علينا. وأقول للدقة الأكبر نعم الحكومة الأمريكية علينا، فالشعب الأمريكي يدفع ضرائبه للمجهول ولا يعرف أين تذهب أو كيف توزع، هذا من جهة ومن جهة أخرى فلا بد أن الحكومة الأمريكية والوكالة الأمريكية تعرف تماماً فن تجنيد الأموال كما فعلت بالعراق وأفغانستان ولن يكون مليار أو اثنان بمشكلة أمام إدارة منحت حكومات إسرائيل أكثر من مائتان وخمسون مليار دولار من المساعدات الثابتة عدا عن المساعدات الطارئة والعينية والمؤجلة والمستحقة وخلافه. نحن بالحقيقة لم ننس هذه النعم أبداُ، فالرصاص المصنع أمريكياً والمدفوع ثمنه أمريكياً احتل جزءاً كبيراً من أجسادنا والطيران والمصفحات الأمريكية استولت على جزءاً اكبر من البنية التحية الفلسطينية لا لشيء سوى لأنها بنية متخلفة وقديمة وقد أراد الساسة الأمريكان أن يعيدوا بناءها لنا. الحقيقية أن ألاف الشهداء والأسرى والمصابين لا يدعوننا ننسى أبدا هذه النعم. على كل حال ليس المهم أن نعدد مناقب الأصدقاء الأمريكيين الذين يستهويهم دعم الشعب الفلسطيني، المهم أن نسأل أنفسنا لماذا تتمكن الوكالة الأمريكية- ولن أقول للتنمية- من التسلسل الى ملابسنا وطعامنا وعقول صغارنا ومن الذي يسمح لها أن تقتحم عاداتنا وثقافتنا وتخترق أسوار مدينتنا، من الذي ساعد بهدم أسوار المارد الفلسطيني كما هدم العثمانيون سور القدس كرمى لجلاله إمبراطور ألمانيا. لقد كان للعديد من الهيئات والمؤسسات دوراً محورياً في تمكين الوكالة من توفير كل هذه النعم للشعب الفلسطيني وتعليمه أن نضالنا الوطني والتحرري على مدى عقود ما هو إلا إرهاب قام به بأحسن الأحوال مجموعة من المرتزقة، وكان للأسف لمؤسسات المجتمع المدني نصيب الأسد من هذا الدور, تحت شعارات دمقرطة الشارع الفلسطيني، وتطويره وتثقيفه ورفع التخلف عنه والى ما لانهاية من مصطلحات لا تكاد تستر عورة صاحبها. منذ قدوم الوكالة الأمريكية تهافت العديد من المؤسسات والشخصيات الوطنية أو التي تحسب على التيار الوطني عليها والسبب معروف فكل شخص بنى له مصدراً سهلاً للرزق واشترى لنفسه مقعدا وثيرا كمدير أو رئيس مجلس إدارة أو رئيس هيئه إدارية أو استشاري... وأحدهم اشترى لنفسه اميراطورية مكونة من أكثر من عشرة مؤسسات يقودها بالرموت كنترول وتمولها بالغالب الوكالة الدولية لكن ما يفيض عن كل ذلك هو الدور الحيوي لمؤسسات المجتمع المدني الذي تعرض لطعنات قاتلة وتشوه خلقي عميق بسبب تهافت البعض على أموال ملطخة بالدم، بالرغم من كل عمليات تبيض الأموال وعمليات التجميل والترقيع بقيت هذه الأموال ملطخة، ليس بالدم الفلسطيني فحسب، بل أيضا بتاريخ من النضال لوثه ما يعرف بوثيقة نبذ الإرهاب التي قام بتوقيعها البعض ليقبضوا ثمن نضال شعبهم وتاريخه المشرف دون وجه حق. من منطلق دورنا كمؤسسات مجتمع مدني فلسطيني، نسعى لتنمية حقيقية لمجتمعنا ونهدف الى تعزيز الحكم الصالح والديمقراطية الشعبية في دولتنا العتيدة، فاني أرى لزاماً على جميع المؤسسات الشريفة التكاثف والإعلان جهراً رفض التمويل المشروط سياسيا والذي يربط بين الحق والإرهاب، كون مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية كانت وما زالت رائدة بالنضال الوطني والاجتماعي وما زال أمامها درب طويل من النضال التنموي لبناء المجتمع الفلسطيني القادر على حماية وتكريم أبنائه. فالمطلوب هو إعلان وثيقة شرف وطني مدني تدين الارتزاق من دماء شعبنا وتسعى لتمويل برامج مجتمعيه تنموية قابلة للحياة والاستمرار، ليتم استبدال وثيقة نبذ الارهاب سيئة الصيت بالرغم من التعديلات الصورية التي دخلت عليها بوثيقة شرف وطنية أساسها التعاون والتشبيك بين المؤسسات الوطنية وتفعيل استثمار الموارد المبني على فلسفة استراتيجية واضحة المعالم من منطلق أن أساس أي تنمية حقيقية لن يكون الأمن خلال برنامج وطني متكامل متجذر غير خاضع لإملاءات سياسية ونابع من احتياجات حقيقية للمجتمع الفلسطيني. *عنوان المقال مأخوذ من أسم كتاب للعالم العربي أبو الوليد أبن رشد
#عيسى_ب._ربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|