|
الثقافة السائدة لتوفير ارضية ارهاب داعش
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4558 - 2014 / 8 / 29 - 15:46
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
اننا نعيش في الشرق المخضب بالدماء منذ الاف السنين، لم ندخل في مرحلة و عصر ما الا و نشهد حدث و حرب و تعدي و صراع دموي . كما كان في المناطق الاخرى في العالم و عبروها الى ما هم عليه الان نتيجة عوامل عدة و اولها الاعتدال النسبي في اديانهم و شخصيتهم مهما حمل التاريخ حوادث دموية مشابهة اولا تقل عنفا و دموية عما حدث و يحدث في الشرق و المنطقة حاليا . استطالت الحال و لازلنا في بدايات عملية التحول نحو التغييرالكلي من كافة جوانب الحياة، و لكن كما نرى نحن نسير وسط بحار من الدماء و مخاض عسير لما نرى في الافق من علامات التحرر و العبوران صدق تنبؤنا . و لكن لماذا التعقيد و الصعوبة في الانتقال و لماذا هذا الكم الهائل من الضغينة و الكره و التعديات و الصراعات التي يمكن ان يتفاداها الفرد و لكنه يتقصد و من دافع ذاتي قبل الموضوعي في الخوض لمثل هكذا طريق معقد اعرج غير معلوم النهاية الا اذا وضعت اوارها من تعب وهلاك الاطراف . اننا نرى العوامل التي تهيء الارضية للتشدد و التقاتل، سواء نفسيا كانت او تاريخيا و من الترسبات العفنة من الماضي واليوتوبيا المسيطرة على العقول و الفكر الشرقي، و ما توارثناه من ما يشبه الاساطير الخيالية لحب الذات و ابراز البطل و همته و مكانته و ما نربيه عليه منذ الطفولة . اننا لم نسمع يوما عن المعارك الا و يدور الحديث عن ابطالها و من كان ماهرا و قويا و ضرب بكل مالديه من اجل دحر الاعداء و انتصر على الاخر، قبل ان نسمع اسباب الخلافات و من كان على الحق، اي التفاخر بالقوة و تهزيم الاخر مهما كنا على الخطا و مجحفين في امرنا. و هكذا نربي اطفالنا على هذه السمة البذيئة، ونحن من ندعوهم دائما الى ان يكونوا هم المنتصرين مهما كانوا على خطا في امرهم، و جاءت هذه الصفة من البداوة الى المدينة نتيجة الصفات التي تتسم بها من الغزوات و الاعتداء على الاخر من اجل الغنائم و السلب و النهب و السبي كما كان منتشرا، بعيدا عن الحضارة و ما تضمن، و لم تصلنا من منجزاتها ثقافيا و تربويا و علميا بشكل عملي على ارض الواقع على الرغم من اثارها البائنة للعيان، و لم نورث ما نفتخر بوجوده في عهد الحضارات و التقدم في مرحلة ما من تاريخنا الشرقي مقارنة بمواقع و مناطق اخرى على البقاع الارضية . اي الارضية التي نعيش فيها هي المبنية على المنتصر و الخاسر و الفاشل و المعتلي بالقوة لا بالحق، و هذا ما توغل في تربيتنا و لم نتمكن الخروج من هذه العقلية الهمجية المتخلفة المتوارثة الينا من البداوات الصحراوية التي لا تملك سوى الاغارة و مناصرة الاخ قبل القريب و القريب قبل الغريب و ان كان ظالما او مظلوما . هذه من الناحية النفسية، اما ما توارثناها نتيجة التاريخ و ما فرضه الدين و فروعه و خلافاته اسوا بكثير . ونحن نسير بخلفية تبريرية عقيدية مستندة على تبرئة ما يعتبر هو الحق و المرضي لله من اي ذنب و يخرج من اطار اي تعدي او تطاول على الاخر من كافة الجوانب الشخصية و المادية . تثبيت و الصاق صفة الكره و الضغينة للاخر و انه على الباطل دائما و ان كان على الحق بشكل مطلق في نفس الفرد الشرقي، فرض الاعتداء و بسط سيطرة الباطل على الحياة في هذه المنطقة بشكل كامل . الغزوات الدينية وما رافقها، الفروقات و التناحرات التي حدثت نتيجة خلاف فقهي بسيط هنا و هناك او نتيجة اجتهاد شخص مصلحي حث المناصرين على التقاتل و افناء الاخر المخالف، ونتجت عنه حروب استنزافية طويلة و كثيرة جعلت المنطقة لهيبا من النار و ما تتسم به من الحقد و الكراهية الناتجة منافرزات تلك الحروب و العدوات و الاعتداءات الكثيرة تاريخيا على البعض، اي الطرف المتمكن على الاخر الضعيف . هذا ما كنا نحن عليه نفسيا و تاريخا منذ القدم، اما في التاريخ الحديث، فلنا ان نقول انه ابخس و اخطر من الماضي لما تخللته حروب و سفك للدماء و التعمق في الخلافات الفقهية و الددينية و المذهبية، و ما تعمقت و اثرت على الحياة الاجتماعية و معيشة العائلة و الفرد و على عمق تفكيرهم و تعاملهم مع الحياة مع تعقيدات الحياة المعيشية، بحيث انتشرت العداوات و الكره اكثر من الاخاء و المحبة، لاسباب كامنة و صادرة من اعتقادات الفروع الدينية و المذهبية المتعددة و ما تواجدت نتيجة فكر شخص ما و اجتهاده و تحليله لنص ما، اضافة للفروقات الموجودة اصلا بين الاديان و الاساطير و المعتقدات، و المنطقة منبع لها . لا يمكن ان ينبت مثل تنظيم ارهابي في مكان و ارضية غير دينية، كما هو داعش و كما هي حال الشرق، و ما نراه من هؤلاء في الدول الاوربية و الامريكية ليسوا الا من الجنس و التربية ذاتها، و هم متولدون و مترعرعون في الشرق و هاجروا او من اولاد و احفاد من كان يحمل لهذه الثقافات البغيضة التي اخذها معه الى الغرب نصا و تطبيقا، او هناك نفر تاثر بهؤلاء و ليس بشكل عام، و لم يكن احد منهم من الاصحاء نفسيا وممن يكبرون في البيئة الصحية الطبيعية، و هم يستغلون الوضع الاجتماعي السياسي من الديموقراطية و القانون و الحياة المعتدلة لاغراض خبيثة . السبب الرئيسي الاخر الذي دعا الى بروز داعش في هذه المنطقة هو اخفات صورة القاعدة و لعب المخابرات و ما تحتاجه في منطقة ما مستغلة البيئة الموجودة في هذه المنطقة، كما هو الحال من نقلهم من افغانستان و باكستان الى العراق و سوريا للضرورة القصوى . اضافة الى المصالح الحكومية و الحزبية والشخصية لحكام المنطقة و الانظمة الموجودة، هذا كدعم اضافي و مسهل لفتح الارضية الموجودة اصلا لانتشار مثل هكذا تنظيم ارهابي بالشكل الموجود و بذات الصفات البذيئة الخطرة على البشرية كلها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يجب ان يعود السيد نوري الى جواد المالكي
-
دعوه، لازال الرجل يحلم
-
تغيير اليات حكم البلدان في المنطقة
-
لماذا التخوف من التظاهرات في اقليم كوردستان
-
مليكة مزان في كفة الميزان
-
سينجح العبادي ان ادار العراق بنفسه فقط
-
على المالكي ان يعيد النظر في حياته السياسية قبل ان ينصح الاخ
...
-
ان كانت حكومة الواقع، ستنجح
-
لماذا يُعتبر تحرك امريكا ضد داعش انتقائية ؟
-
حان الوقت لانهاء داعش ؟
-
الاولوية لما يهم المواطن البسيط
-
هل تعيد داعش احداث التاريخ الاسلامي ؟
-
هل يجرب العراق دور دولة عدم الانحياز في المنطقة
-
هل اصبحت داعش بديلا للقاعدة عالميا من حيث الاهداف المناطة به
...
-
تطبيق الفدرالية الحقيقية هو الحل الجذري لما فيه العراق
-
هل يدوم الدعم الداخلي و الدولي للعبادي
-
هل لدى العبادي من الخلفية الملائمة للتغيير في العراق
-
هل ينجح العبادي في مهمته الصعبة
-
عصارة العقل الجمعي لقيادة كوردستان
-
لماذا ابواب تركيا مشرعة على مصراعيها لمن ينضم لداعش
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|