إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1285 - 2005 / 8 / 13 - 08:39
المحور:
كتابات ساخرة
ما إن وصلت إلى أمام باب منزلي بعد عودتي من تأدية واجب تشييع جنازة عميد أسرة مقربة مني ، حتى بدأت أولج- عفويا ً- المفتاح في قفل الباب ، وأنا أجرّ ورائي متاعب أصعب ساعات النهارالقائظ ، حالماً أن أضع رأسي –بهدوء – على وسادتي ،ودون تناول الغداء، كي أغمض عيني ّ،وأسترسل في نوم عميق ، بيد أنني تفجأت أن قفل الباب ، لم يعد يستجيب لمعالجة مفتاحي له ، وهذا يعني أنه خلال غيابي لعدّة ساعات عن البيت ، تم تغيير قفل الباب !.
بثقة كاملة ، ضغطت بسبابتي على جرس الباب ، كي أسمع بعد قليل صوت أحد أولادي من الداخل ،متنمّراً متذمرا ً: جد لنفسك بيتاً آخر ، فقد تمّ انقلاب أبيض عليك خلال فترة غيابك !.
في البداية خلت أن ولدي يمزح ، بيد أن إلحاحي عليه أن يفتح الباب فورا ، ولاوقت لديّ للمزاح ، جعلني أكتشف أنه جاد ، يتحدث بثقة لم أعهدها لدى أي من رعيتي، وما أن سألته عن أسباب هذا الانقلاب السلمي الشائن ضدّي ، حتّى به يقرأ عليّ قائمة من الأسباب التي دعت أفراد الأسرة يجتمعون على تدبيرهذا الإنقلاب عليّ ، والإطاحة بعرشي ..!.
ولعلّ في مطلع هذه الدواعي : استبدادي – ونهبي لميزانية البيت ، وقمعي للحريّات – وكمّي للأفواه ، وعدم إفساحي للرأي والرأي الآخر ، ومنع إصدار الجريدة الحائطية الأسبوعية ، وإلغاء" منتدى الخميس" الذي نجتمع فيه ، على امتداد ساعات،في كل أسبوع، أستمع خلاله لطعنات" النقد الآخر" الهدّام ، وأنا أحترق غضباً لهذا التطاول المشين علي ..!
أشعة الشمس الكاوية ، كانت تجعلني أتصبب عرقاً ، وأحسّ بأنني بدأت أسبح في بحيرة من هذا العرق ! .
بخطا مهزومة توجّهت صوب منزل أحد الأصدقاء ، وأنا ألعق مرارة الموقف الصعب ، مدركاً أن – متابعة الأولاد للأخبارالتلفزيونية، يوميا ً ، جعلتهم يدبّرون هذه المؤامرة التاريخية ضدّي ، دون أن يعلموا أنني لم أعدم الأمل في استعادة ملكي ، وعرشي الضائعين ، إن شاء الله ، ومحاسبة هؤلاء المارقين الحانقين السارقين ، والضرب على أياديهم ، لئلا يكّرروا مثل هذه الجريمة الديمقراطية مرّة أخرى ..!!
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟