أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين المصري - نصر المهزومين وهزيمة المنتصرين














المزيد.....


نصر المهزومين وهزيمة المنتصرين


ياسين المصري

الحوار المتمدن-العدد: 4556 - 2014 / 8 / 27 - 09:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مقال سابق نشر في هذا الموقع المتميز بتاريخ 21.7.2014 أشرت إلى أن السياسة الحقيقية هي فن الممكن بمعنى أن يتكيَّف السياسي البارع مع يتوفر له من إمكانيات سواء كان الحق معه أو مع غريمة ، وقلت أن الحق الذي لا تدعمه قوة وهم وهراء إذ يكون السعي إلى تحقيقه عبارة عن حرث في الماء. وقلت أن السلطة الفلسطينية أدركت هذا الأمر ولم تدركه منظمة حماس في غزة ، وطالبت حماس بتسليم قطاع غزة للفلسطينيين . وهذا ما سيحدث الآن بعدما تحقق نصر مزعوم للمهزومين (حماس) وهزيمة مزعومة - أيضا - للمنتصرين (إسرائيل).
عادة في السياسة عندما يقبل المنتصر ، تحت ضغوط ما ، أن يقدم تنازلات ما للمهزوم ، فإن أشد ما يخشاه هو المعارضين لذلك في الداخل خصوصا في الدول التي تنتهج الأسلوب الديموقراطي في انتقال السلطة ومنها بلا شك دولة إسرائيل. لابد للسلطة المنتخبة ديموقراطيا فيها أن تقنع أكبر عدد ممكن من المعارضين بقبول تقديم هذه التنازلات للطرف المهزوم ، ومن ثم يمكن فيما بعد احتواء القلة الباقية على معارضتها ، وعزلها شعبيا أمام الأغلبية.
كما أن الطرف المهزوم - من ناحيته - لا يمكنه قبول أية تنازلات ما لم يستعيد مواطنيه أولا جزءا من كرامتهم المهدورة وعزتهم المفقودة نتيجة للهزيمة ، خاصة في النظم الديكتاتورية السلطوية التي تعتمد في سياستها - أساسا - على الخداع وتهييج الغوغاء كما هو الحال في جميع دول المنطقة الناطقة بلغة العربان .
وهنا لابد وأن يتم اتفاق غير معلن بين الطرفين من شأنه أن تنشب حرب بينهما تؤدي في النهاية إلى نصر شكلي للمهزوم وهزيمة شكلية - أيضاً - للمنتصر .
وخير مثال على ذلك حرب 1973 التي نسج خيوطها السادات بسرية تامة - حتى أن وزير خارجيته لم يعرف بها مسبقا - مع الإسرائيليين والأمريكيين لتحقيق هذا النصر الصوري لكي يستعيد المصريون جزءا من كرامتهم المهدورة وعزتهم المفقودة مرارا وتكرارا أمام الجيش الإسرائيلي ، وفي نفس الوقت تحقق هذه الهزيمة الصورية لرئيس وزراء إسرائيل (بيجِن) فرصة لإقناع معارضية في الداخل بتسوية ما مع المصريين. فنصر المصريين لم يكن نصرا حاسما وهزيمة الإسرائيليين لم تكن هزيمة قاضية ، وكان الهدف هو تحريك العمل السياسي بين الطرفين في إتجاه الإمكانيات المتوفرة ولا شيء غير ذلك .
الحرب الأخيرة في غزة كانت من هذا النوع من الحروب ، ولو أنها كانت بثمن باهظ جداً للمدنيين الفلسطينيين العزل ، وراح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء وكبار السن. كان هدفها الوحيد هو أن يرى كل طرف "العين الحرة" من الآخر وأن يكتوي بنار لا يبقي ولا تذر ، وذلك كعملية لتليين المواقف وكسر الجمود السياسي ودفعه إلى المسار مرة أخري بما يتوفر من إمكانيات.
الآن، وبعد أن ذاق الإسرائيليون نار الحرب والخوف من الموت (التهويل ضروري هنا من قِبَل جميع وسائل الإعلام والسياسيين والمحللين العسكريين والسياسيين وغيرهم) ، يمكن لأي رئيس وزراء في إسرائيل - سواء كان نتانياهو أو غيره - أن يقول لشعبه أننا لا يمكننا أن تنتصر دائماً وللأبد ، وأن الآخرين يعدون عدتهم في كل جولة قتالية بصورة أفضل من ذي قبل ، لذلك لا بد من تقديم تنازلات لهم من شأنها حل الأزمة في وقت ما. وسوف يجد الكثيرين من المعارضين وقد انضموا بأصواتهم إليه في هذا الاتجاه تحت وطأة الضغط الشعبي والخوف من فقدان نفوذهم السياسية.
كما يمكن الآن للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أن تضع يدها على غزة وتحجم تدريجيا من نفوذ حماس وما يتبعها من جماعات قتالية ، ومن ثم تدخل في حراك سياسي مع الإسرائيليين لحل القضية التي طال أمدها وسئم الكثيرون من الاتجار بها . وهذا ما يفسر تقاعس - بل امتناع - جميع الدول الناطقة بلغة العربان في دعم حماس في هذه الحرب واكتفت بالصمت .
الآن سوف تخف حدة المعارضة الداخلية خاصة في غزة أرض حماس أمام أي رئيس للسلطة الفلسطينية للتفاوض مع إسرائيل بهدف حل الأزمة على أساس الإمكانيات المتوفرة، وسوف يجد بالمثل أغلبية كبيرة من الشعب الفلسطيني تدعم توجهاته السياسية ، حتى وإن لم تحقق لشعبه كل المطالب التي يرنو إليها.
بطبيعة الحال سوف تلعب وسائل الإعلام المغرضة والمضللة كالجزيرة - مثلا - دورا لا بأس به في تضخيم النصر الحمساوي والهزيمة الإسرائيلية متجاهلة الدوافع الحقيقية من ورائه في عملية خداع وإثارة للغوغاء الذين لا شأن لهم بممارسة السياسة الحقيقية.
والسؤال الذي سوف يبقى بلا إجابه ويتعتمد تجاهله جميع المعنيين بالقضية ومعهم وسائل الإعلام المغرضة والمضللة هو: هل كان الحراك السياسي للقضية يتطلب تعنت فصيل حمساوي من البداية بحيث يكون الثمن الذي يدفعه الشعب الفلسطيني كبيرا إلى هذا الحد أم أن الأمر برمته تحكمه دائماً خداع غوغاء وعنتريات حمقاء ؟؟!!



#ياسين_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علَّم الإنسان ما لم يعلم !
- الأسلمة والتأسلم وما حولهما
- متى يقول شيخ الأزهر كلمته الأخيرة؟؟!!
- حماس والجزيرة القطرية تقتلان الأبرياء في غزة
- لماذا لا يستحي المتأسلمون؟؟!!
- صناعة الأبطال وسط الأدغال
- دولة الجهل وجهل الدولة
- لماذا لا يستحي المتأسلمون ؟؟!!
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 11
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 10
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 9
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 8
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 7
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 6
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 5
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 4
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 3
- الخديعة الكبرى العرب بين الحقيقة والوهم 2
- الخديعة الكبري العرب بين الحقيقة والوهم 1
- هل الإسلام جاء من بلاد الفرس؟ 5


المزيد.....




- -العين بالعين-.. كيف سترد الصين على أمريكا بعد فرض ترامب رسو ...
- ساعة رونالد وثمنها بلقطة مع تركي آل الشيخ بحلبة UFC
- دراسة صادمة .. الأرض قد تحتوي على 6 قارات فقط!
- قوانين جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي تدخل حيز التنفيذ في ا ...
- تسع دول تشكل -مجموعة لاهاي لدعم فلسطين-
- وفاة الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر
- مهاجم مدرسة قازان أراد تدميرها بالكامل
- دراسة جديدة تفنّد الفرضيات السابقة حول علاقة صحة الأم باضطرا ...
- من السلطان سليمان إلى أردوغان: تطور الاستخبارات في تركيا
- عصر القطب الواحد انتهى – ماذا ستفعل الولايات المتحدة؟


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين المصري - نصر المهزومين وهزيمة المنتصرين