مكر الله وخداعه وخيانته ما دلالاتها ؟!

عبدالله مطلق القحطاني
باحث ومؤرخ وكاتب
(Abduallh Mtlq Alqhtani)

الحوار المتمدن-العدد: 4555 - 2014 / 8 / 26 - 23:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

وردت في القرآن الكريم آيات بمواضع متعددة ومتفرقة تتحدث عن مكر الله وخداعه بل وخيانته لمن قال القرآن الكريم أنهم فعلوا ذات الفعل !! ولن أتحدث عن مسألة هذه الصفات إن كانت نعوت مدح أو ذم ولا تليق فليس غرضي بحث هذه المسألة من هذا المنظور الآن بل أريد أن أتطرق لجزئية أخرى ولها دلالات على التجسد في الإسلام وفق هذه النصوص ولو بالمعنى والتلميح دون تصريح !! بمعنى كيف يتأتى أن يمكر أو يخدع الخالق تعالى مخلوقه الإنسان إن لم ينزل لمستوى فهمه وعقله وفكره وتدبيره ؟!! فلا أحد يكابر أن الخالق أعظم من كل خلقه من بني البشر ناهيك عن أن هذه النصوص قطعت بوجود عقل للخالق كما له روح وذات أي جسم وجهة وقعود وفق ما قلناه في المقالة السابقة ومقالة الأمس ؛ عبر هذه النصوص وبغض النظر عما قد يفهمه البعض من زعم نقص ومذمة بحق الخالق تعالى إلا أن دلالاتها لا تحتاج لمزيد فهم لتستوعب عند من يعمل عقله بها وبما تعنيه من دلالات واضحات وكاشفات عما قلناه عن تصور تجسد الخالق تعالى ليكون بمستوى مخلوق الإنسان فيكيد له كيدا موازيا ومقاربا لكيده دون أن يكيد فيما لو كان إلها فحينها لا معنى للكيد وجزاء العمل بجنسه بل عقاب شديد وتنتهي المسألة !! لهذا أعتقد أن تجسد الله في الإسلام وفق الآليات التي ذكرتها آنفا ممكنا بل ويتلائم عقلا مع ما ورد من نقل نصوص بهذا الشأن ؛ فمثلا ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ! هنا الآية أثبت مجازاة من يمكر بمكر إلهي مقابله ولا يعنيني مسألة مدح أو ذم كما قلت سابقا بل ما يعنيني أن الآية صرحت بدلالة قاطعة الثبوت وقطعية المعنى أن المكر أيضا من الله لمن يمكر ويمكرون والمكر لا يتأتى إلا بإعمال العقل والتدبير والتفكير وهذا أيضا ما أشرت له قبل قليل في مستهل كلامي فالخالق كما هو روح وهو جسد وهو أيضا له عقل ولا ننسى أن القرآن وبإقرار اهل السنة كلام الله صوتا وحرفا فهو عاقل ناطق وفق ذلك أليس كذلك ؟! بلى ؛ فمكر الله وخداعه لبعض خلقه من البشر وإن كان بسياق الجزاء بذات جنس العمل إلا أنه أيضا يلزمه أن يحل الله بمنزلة قريبة ومتقاربة لبني البشر ليكون عدله كاملا وفق حكمه وعمله بمكره ردا على مكرهم وبخداعهم أيضا ردا على خداعم له أولا قبل المؤمنين به وفق نص آية يخادعون الله والذين آمنوا وفي آية أخرى إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ؛ وآية أخرى فقد خانوا الله من قبل وهلم جر من قبيل هذه الآيات بنسق الجزاء من جنس العمل ولا يتأتى الجزاء مثله إلا بوسيلته وأعني العقل والتدبير !! وسأبسط وجهة نظري أكثر : وفق تلك الآيات الخالق نزل لمستوى بعض خلقه من بني البشر الأشرار !! وقام بفعل مضاد لما قاموا به أو سيقومون به فعمليا عادل نفسه به وأنزل نفسه منزلتهم فكرا وتدبيرا وبشكل يقارب أذهانهم وعقولهم في التدبير والمكر فعمليا وضمنيا الخالق وفق هذا تجسد ومما يعضد هذا نصوص أخرى بسياقات متعددة وتم الإشارة إليها بل إن مفهوم التجسد بالنسبة للخالق تعالى يتحلى بصورة واضحة في أحاديث كثيرة منها رؤية الله عيانا بيانا يوم القيامة بحسب النصوص والرؤية لا تكون إلا لمنظور !! ومنها حديث نزول الله كل ليلة في الثلث الأخير للسماء الدنيا والنزةل يعني النزول ولا تفسير أو وصف آخر له !! كما أن تمثل وتجسد الملائكة بصور شتى ونزولهم للأرض من عالم غير محدود لعالم محدود يعضد ذلك وأيضا الأحاديث القدسية معنى وعبر إثبات صفة الكلام ومخاطبته يدل على ذلك وبلغة المخاطب وقد تغيرت اللغة بين عبرية وعربية وفق النصوص الإسلامية فلغة نبي الله الكريم موسى العبرية وقس بقية من سبقه ولحقه من أنبياء كرام وبمختلف اللغات ومع أن القرآن الكريم قال من وراء حجاب فدل على أن الخالق روح وذات وعقل !! وإلا فما فائدة الحجاب إن كان إلها روحيا غير مرئي وليس بذات ؟؟!!! وحتى لا أطيل الجسم أو الجسد وبشهادة صحاح النصوص الإسلامية أو لنقل التجسد ولو من باب التعبير معنى دون الحرف ممكنا وحاصلا عمليا تبعا لتلك النصوص وهذا يتفق نع الإيمان المسيحي أن الكلمة صار جسدا والله ظهر في الجسد وأخذ صورة ملاك في العهد القديم وصور أخرى !!
نقطة الخلاف الجوهرية في غرض التجسد ليس إلا وهذا مكمن وأصل الاختلاف !! لكن بقية ما قلناه مشتركة بين الإسلام والمسيحية في حقيقة وهيئة الخالق وأنه خلق الإنسان على هيئته وصورته .

#عبدالله_مطلق_القحطاني (هاشتاغ)       Abduallh_Mtlq_Alqhtani#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات